يوهانس فلهلم ينسن وسقوط الملك
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 27/1/2017
...................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة رأي اليوم ، لندن ، 27/1/2017
...................
يُعتبَر الأديب الدنماركي يوهانس فلهلم ينسن (
1873_ 1950) أول كاتب دنماركي كبير في القرن العشرين . حصل على جائزة نوبل للآداب
عام 1944 .
اتَّجه في
بداية حياته لدراسة الطب ، لكنه اضطر إلى ترك دراسته بسبب ظروفه المادية الصعبة.
وتوجَّه إلى عالَم الكتابة والأدب . تزوَّجَ عام 1910 ، واستقر في كوبنهاجن لعدة
سنوات ، لكنه كان محباً للسفر ، فزار معظم بلاد العالم ، ونشر عدداً من الروايات
المسلسَلة باسم مستعار ، وعمل مُراسلاً للصحف في إسبانيا وأمريكا .
تُعتبَر
روايته " الدنماركيون " ( 1898 ) أول عمل ينشره باسمه الحقيقي ، وقد
عرَّفت القُرَّاءَ بِه ، وأسَّست لعلاقة متينة بينه وبين مُتابعي الأعمال الأدبية
. ثُمَّ أتبعها في نفس العام برواية " حكاية سكان هيمرلاند " التي تُمثِّل
ميلادَه الأدبي الحقيقي ، وبداية شُهرته العالمية .
وقد كان
ينسن كاتباً غريب الأطوار، ومُثيراً للجدل في الحياة الثقافية الدنماركية ، فهو
مَعروف بجداله المتهور ، وأُطروحاته الفكرية الغريبة ، وأفكاره التي تعتريها
الشكوك والعنصرية ، ومعَ هذا ، فلم يُظهِر أية ميول فاشية أو مُعادية للأجناس
والأعراق .
ولا يزال
ينسن حتى يومنا الحالي ، يُعتبَر الأب الروحي للحداثة الدنماركية ، خصوصاً في مجال
الشِّعر الحديث. فقد كتب قصيدةَ النثر، وعُرف بأسلوبه القائم على استخدام اللغة
الحية والمباشرة، وامتازت أعمالُه الأدبية بتصوير تطور الفرد كجزء من التطور العام
للبشرية والحضارة.
والجديرُ
بالذِّكر أنَّ اسم الكاتب ينسِن يرتبط دائماً بروايته الملحمية العالمية "
سقوط الملِك " ( 1933) التي كانت
السبب الرئيسي لفوزه بجائزة نوبل للآداب . وقد تم اختيار هذه الرواية أفضل رواية
دنماركية في القرن العشرين،وذلك في استفتاء نظَّمته الصحافة الدنماركية عام 1999.
وهذه
الرواية التاريخية تتحدث عن وقائع تاريخية مُتخيَّلة بأسلوب رمزي مُبطَّن ، حيث
تظهر التناقضات الإنسانية ، وتبرز الإشكاليات التاريخية ، وتتكشف تفاصيل الحياة
وطبيعة حركتها في الزمان والمكان . وتظهر الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في كشف
خيوط اللعبة الإنسانية والتاريخية _ إِن جاز التعبير _. والروايةُ تُمثِّل سيرة
تاريخية رمزية ومُتخيَّلة لزمن الملوك والقياصرة، حيث يتمُّ تسليط الضوء على شخصية
الملِك كريستيان الثاني ، أحد ملوك الدنمارك في القرن السادس عشر .
تقوم
الرواية على فكرة المزج بين الواقعية النقدية والواقعية الشاعرية ، وضمن هذا
الخليط الرمزي ، يتَّضح مسارُ حياة هذا الملِك ومصيرُه ، وتظهر مشاعره وأحلامه
وانكساراته ولحظات ضَعفه . كما تتناول الروايةُ أحوال الدنمارك بعد تمرد الشعب
السويدي على الاحتلال الدنماركي في ذلك الوقت .
وهنا يتَّضح
مبدأ التحليل الرمزي ، ومحاولة إسقاطه على تفاصيل الواقع . كما تتَّضح الدلالات
الفلسفية العميقة التي تحكم العلاقات الإنسانية ، وتتحكم بالعلاقات بين الدول
والشعوب. وقد قدَّم الكاتب رؤيته التحليلية للإشكاليات النقدية المتعلقة بثقافة
عصر ما قبل الحداثة ، وصَوَّرَ مراحل التطور الإنساني كجزء من منظومة تطور البشرية
على جميع الأصعدة .
إنَّ هذه
الرواية العالمية تكمن قُوة تأثيرها في الأفكار الكامنة بين السطور ، وصُوَرها
الفنية متعددة الطبقات والدلالات، والأزمات الإنسانية الوجودية ، والعلاقات
الدولية المنكسرة والمتشظية، واستحضار التاريخ ، وإعادة صناعته فلسفياً ورمزياً وخيالياً
، من أجل إثبات حقيقة أن الرموز السُّلطوية تظل باقية في كُل زمان ومكان .
من أبرز أعماله الأدبية : الغابات ( 1904).
قصائد ( 1906) . العالم الجديد ( 1907) . أساطير جديدة ( 1908 ) . روح الشمال (
1911) . الفصول ( 1923) .