الحكومة الأردنية صارت تعشق الشعب !
إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي
لندن ، 26/1/2011م .
إن الفوضى التي تعيشها الحكومات العربية الواقعة تحت صدمة الأحداث الدراماتيكية في العالم العربي على كافة الأصعدة تشير إلى عدم وجود بنية سياسية متماسكة ، فالقرارات تأتي كردود أفعال وقتية وإجراءات ارتجالية دون وعي استباقي أو تخطيط عابر للأزمات . فالحكومات تلهث وراء الأحداث حيث تنتظر وقوع الكوارث ثم تبدأ في البحث عن حلول ، فهي غير مقتنعة بمبدأ " الوقاية خير من العلاج " .
والحكومةُ الأردنية _ باعتبارها جزءاً من حالة الانهيار السياسي العربي _ تعتمد على المكياج السياسي لتلميع وجهها أمام الرأي العام ، كما أنها أضحت تروِّج " المخدرات السياسية " المعتمدة على صناعة مسرحيات العشق والهيام بينها وبين الشعب . فعمدت إلى زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين بواقع 28 دولاراً في الشهر ، وهذا زيادة لا تسمن ولا تغني من جوع ، لكنها تجيء لامتصاص الغضب الشعبي وتخدير الناس وحقنهم بالمسكِّنات . وهذه التمثيلية الكوميدية لا تنطلي على أحد ، لأن السياسة الوطنية ينبغي أن يتم تأسيسها وفق خطط مدروسة تقتلع المشكلات الحياتية المتفاقمة من جذورها ، فالحلول لا تكون على شكل هِبات أو رشى لإسكات الشعب والضحك عليه . فالشعبُ لا يمكن استغفاله أو تمرير البرامج الحكومية الكارثية على حسابه .
أما قيامُ أجهزة الأمن بتوزيع المياه المعدنية والعصير على المتظاهرين ضد رفع الأسعار وغلاء المعيشة والاحتقان السياسي وتزوير الانتخابات ، فهذا العمل لا يوفر للعاطل عن العمل وظيفة ، ولا يجلب عريساً للفتاة العانس ، ولا ينقل البلاد إلى مصاف دول العالم الأول، ولا يؤهل المنتخب لكأس العالم أو نهائي بطولة آسيا . فالمطلوبُ عمل حقيقي على أرض الواقع ، وتشخيص الأزمات المجتمعية واستئصالها ضمن منظومة علاج ناجعة ، وعدم الاكتفاء بعقد المؤتمرات الشكلية أو عقد مناظرة بين الحكومة والمعارضة في التلفاز الحكومي الذي يُطبِّل ويُزمِّر لعبقرية الحكومة والأداء المذهل للسادة الوزراء والتضحيات العظيمة للسادة النواب ! . فكل وزير أو نائب يُقصِّر في عمله ويفشل في أداء متطلبات وظيفته عليه أن يُقدَّم لمحاكمة بتهمة خيانة الأمانة ، وكل من يرى نفسه عاجزاً عن أداء المهمات الحكومية والاجتماعية ينبغي أن يجلس في بيته ، ويريح الناسَ من شرِّه ، ويرتاح الشعبُ من دفع راتبه آخر الشهر .
والسيد سمير الرفاعي رئيس الوزراء لا يملك خبرةً سياسية أو اقتصادية لصياغة مستقبل وطن وشعب،وإذا كان والده السيد زيد الرفاعي _ وهو المتبحر في السياسة والخبير في كواليسها_ لم ينجح في قيادة الاقتصاد الأردني ، وانهار الدينار الأردني في عهده ، فماذا سيفعل الابن الذي لا يملك عُشر خبرة والده ؟! .
لذلك فالحل يكمن في إقالة الحكومة ، والبحث عن حكومة جديدة يتم تشكيلها بإرادة شعبية ، وذلك لا يتأتى إلا بتعديل الدستور ، وحل مجلس النواب الحالي باعتباره غير شرعي ، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة ، وقيام رئيس الكتلة البرلمانية الأكبر بتشكيل الحكومة . أما أن تظل الحكومات الأردنية المتعاقبة تختبئ في عباءة الملك، وتخفي فشلها المتكرر عبر الاختباء وراء مؤسسة القصر ، فهذا من شأنه أن يقود البلاد إلى أزمات حقيقية شاملة ، ويوسِّع الفجوة بين الحاكم والمحكوم .