تحول القصيدة إلى سلوك اجتماعي
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
..................
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
..................
لا يمكن الحصول على الطاقة الشعرية إلا عن
طريق التنقيب في اللغة الرمزية الموازِية للمشروع الثقافي الجمعي، والوصولِ إلى
أقاصي اللغة من أجل اكتشاف العوالم الكامنة وراء اللفظ والمعنى . وهذه العملية
الاكتشافية توفر الأساس الفلسفي لحياة القصيدة وتحولاتها، والديمومةِ الحيوية
للثقافة. مما يؤدي إلى وضع الرموز الشعرية في سياق الوضوح الاجتماعي فتحدث
الإسقاطاتُ على الواقع، ويمتزج الواقع بالخيال ، وهذا يدفع باتجاه تغيير الواقع
إلى الأفضل ، وتحويل الخيال إلى منظومة إبداعية قابلة للتطبيق تحل مشكلات المجتمع
، وترسم السياسات الناجعة على كافة الأصعدة .
ولا يكفي أن تقوم القصيدةُ
بترجمة المعاني الاجتماعية إلى صور فنية ، والغوص في أعماق اللغة الشاعرية ،
والتنقيب في أبجديات الفكر الثقافي ، والقيام بحفريات في جسد الرموز الإنسانية ،
بل عليها أيضاً _ أي القصيدة _ أن تتواصل مع الواقع وتعجنه بالأفكار الواعية ، ولا
تقيم قطيعةً مع العالَم المادي. وهكذا يتحول الفكر الشعري إلى مشروع جماعي تساهم
الجماهير في كتابته ونشره، وجَعْله مشروعَ خلاصٍ عابراً للزمان والمكان . وهذا
يمنح القصيدة شرعيةَ التجاوز ، والقدرة على صناعة التاريخ الإبداعي الخاص الذي يَصُبُّ
في تاريخ البشرية العام . وبالتالي تتجذر عملية صهر المراحل كنواة أساسية في
الحياة الثقافية والاجتماعية ، فَتُولَد الحقيقة الشعرية التي تواصل النمو في
مناخات المعرفة والتقدم .
وهذا الحراك الإبداعي الدؤوب
يؤدي إلى تدعيم المنظور الشعري ، وإحالة البعد العاطفي في القصيدة إلى تطبيقات
اجتماعية ، فتصبح حركة الألفاظ والمعاني سلوكاً إنسانياً محسوساً ، ويتحول الرمز
الشعري إلى كيانات بشرية . لذا ليس من الغريب اعتبار القصيدة كائناً حياً كامل
الحياة انتزعَ حريته بنفْسه ، فأصبح _
أيضاً _ كامل السيادة .