أيُّها العَرْشُ الضائعُ بَيْنَ مُلوكِ
الطوائفِ وأُمَرَاءِ الحُرُوبِ / أَيُّها التَّاجُ المكسورُ بَيْنَ مَلاقِطِ
الغسيلِ ومَلاقِطِ الحواجِبِ / كُلُّ الطُّرُقَاتِ تُؤدِّي إلى المقبرةِ / لَكِنَّ
الحواجِزَ العَسكرِيَّةَ تَفْصِلُ كُرَيَاتِ دَمِي عَن النَّوارِسِ / التي
سَتَعُودُ إلى البَحْرِ في لَيْلِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ /
أيَّتُها الذُّبابةُ الحزينةُ / سَتَأكُلُ
حَبَّاتُ التُّرابِ مِكْيَاجَكِ / ويَأكُلُ دُودُ المقابرِ صَدْرَكِ كَسَرَطَانِ
الثَّدْيِ / وَالقَتيلُ لا يَغارُ مِنَ القَتيلةِ / وَلا خَوْفَ عَلى الأمواتِ
مِنَ الأمواتِ / سَيَظَلُّ دَمي النُّحَاسِيُّ يَحْرُسُ بَوَّابَةَ المقبرةِ
الحديديةِ مِنَ الصَّدأ/ سَيَظَلُّ دَمْعِي حَاجِزًا عَسكرِيًّا بَيْنَ رَائحةِ
اليَاسَمِينِ وَصَوْتِ الرَّصاصِ/سَيَظَلُّ حُزْنُ البَحْرِ جُثَّةً مَجهولةً في
بُرْجِ الحَمَامِ/ وَصَفِيرُ القِطَاراتِ يَخْلَعُ أظافرَ النَّوارِسِ/
صَباحُ
الخيْرِ أيُّها الدُّودُ الذي يَأكُلُ جُثَّتي/ قَبْري المائدةُ / ولَحْمي هُوَ
الطعامُ / سَلامًا يا شُموسَ بلادي الضَّائعةَ / سَلامًا يَا حَفَّارَ قَبْري / تَحْفِرُ
قَبْري بِسُرْعَةٍ / ثُمَّ تَذْهَبُ لاستلامِ الرَّاتِبِ الشَّهْرِيِّ/ وأشجارُ
الصَّنَوْبِرِ تُحِيطُ بأظافري النُّحَاسِيَّةِ وأحلامِ الطفولةِ الضَّائِعَةِ /
سَأَظَلُّ حَيًّا في قَلْبِ الفَراشةِ المَنبوذةِ
/ التي يَكْسِرُ ضَوْءُ القَمرِ أجْنِحَتَهَا في الخريفِ البَعيدِ / صُرَاخُ الرَّاهباتِ
يَخْرُجُ مِن شُقُوقِ حِيطانِ الأديرةِ / وَحَدائقُ الأسمنتِ شَاهِدَةٌ على اغتيالِ
اللبُؤَاتِ الأُرْجُوَانِيَّةِ / وَسُعَالُ أبي يَدُلُّ الحَمَامَ الزَّاجِلَ عَلى
ضَرِيحِ أُمِّي /
هُوَ لَن يَعُودَ يا أُمِّي / سَيَظَلُّ يَبكي في الغُروبِ / وتَتساقطُ جَدائلُ اليَتيماتُ على تِلالِ البَرْقِ / أَدُورُ حَوْلَ رَأْسي المقطوعِ / كَمُصَارِعِ ثِيرانٍ جَاءَتْهُ النَّطْحَةُ المُفَاجِئَةُ في قَلْبِ الذِّكرياتِ / سَقَطْتُ في قَاعِ نَفْسِي/ دَخَلْتُ إلى مَنْجَمِ أشلائي / أُنقِّبُ عَن الفَحْمِ أو الذَّهْبِ / لا فَرْقَ في مَملكة الذِّئابِ العَمْياءِ / تاريخُ رِئتي بَيْنَ قَانونِ الطوارئِ وصَفَّارةِ الإنذارِ / وجُغْرافيا دَمْعي بَيْنَ بُرتقالِ المذابِحِ ودُستورِ الدَّوْلةِ البُوليسِيَّةِ/ وَطني لِبَنَاتِ آوَى/ وأنا لِبَنَاتِ أفكاري / يَتكاثرُ حُزْني كالجُثَثِ المجهولة/ دَمعاتي تَنمو كالأشجارِ الغامضةِ في حَديقةِ الدِّيْرِ المُحَاصَرِ بالضَّبابِ الدَّمَوِيِّ / أنا الحاجِزُ العَسكريُّ بَيْنَ الرُّموشِ والحواجِبِ / لَكِنِّي سَأمُوتُ عاشِقًا/ أنا مَحطةُ قِطاراتٍ باردةٌ بَيْنَ الزَّيْتِ والزَّعْتَرِ / لَكِنِّي سَأمُوتُ جَائِعًا / وَالحُزْنُ ضَبْعٌ أعمى يَأكُلُ جُثماني الكريستالِيَّ / أنا حَارِسُ المقبرةِ/ لَكِنِّي نَسِيتُ دِيكُورَها / هَل المقبرةُ مِنَ السِّيراميكِ أو الرُّخامِ ؟ / هَل المقبرةُ تَحْتَ ضَوْءِ الشَّمْسِ أوْ أشِعَّةِ القَمَرِ ؟ / أنا شَاهِدُ القَبْرِ / لَكِنِّي نَسِيتُ مَلامِحَ المَوْتَى / هَل المَوْتَى مُلُوكٌ أوْ مُتَسَوِّلُون ؟ / هَل المَوْتَى جُنودٌ مَجْهُولُونَ أوْ قادةٌ مَهزُومُون ؟ .