أنا
طِفْلُ المدارسِ المَنْسِيَّةِ تَحْتَ قَصْفِ الطائراتِ / نَسِيتُ دَفْتَرَ
الرِّياضياتِ على الحَاجِزِ العَسكريِّ / وَنَسِيتُ جَدائلَ أُمِّي في حَقيبتي
المدرسيةِ / نَسِيَ الأغرابُ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ على نَوافذِ البُيوتِ /
ونَوافِذُ البُيوتِ مِن عِظامِ الأطفالِ / رُبَّمَا أعُودُ إلى شَاطئِ البَحْرِ
تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ / وأُمَارِسُ هِوَايَةَ الطفولةِ / أن أبْحَثَ عَن
الرَّبيعِ بَيْنَ الجُثَثِ النُّحاسيةِ والرَّصاصِ المطاطِيِّ /
خَبَّأْنَا
البَارُودَ في أكياسِ الطحين / طِفْلٌ يَتيمٌ يَرْكُضُ إلى النَّهْرِ في لَيْلةٍ
بَاردةٍ / وفي الصَّباحِ الماطرِ / تُصْبِحُ جُثةُ الطِّفْلِ حَاجِزًا عَسكريًّا
بَيْنَ الشَّركسياتِ والبُوسنياتِ / جَسَدي طَعامُ الدُّودِ / جَهِّزي الوَلائِمَ
يَا رائحةَ الشَّمْسِ حَوْلَ شَواهِدِ القُبورِ / حُزني شَرَابُ الأيتامِ / وَتَنْشُرُ
الأراملُ الغَسيلَ عَلى سُورِ المقبرةِ / والبَاعةُ المُتَجَوِّلُونَ يَبيعونَ
الأكفانَ المُسْتَوْرَدَةَ في أزِقَّةِ المِيناءِ المهجورِ /
أَضَعُ
جُثتي في حَقيبتي المدرسيةِ / وَأركضُ إلى المدرسةِ يَتيمًا حَافِيًا / يَعْشَقُ
أشِعَّةَ القَمَرِ في ليالي البُكاءِ / أدْرُسُ الرِّياضيات مَعَ الجَرَادِ /
وتَتساقطُ أجنحةُ الجَرَادِ في صَحْنِ السَّلَطَةِ / عَلى طَاولةِ الجِنِرَالِ في
مَوَاسِمِ التَّطْهِيرِ العِرْقِيِّ / وَأُحَلِّلُ العَناصرَ الكيميائِيَّةَ في
دِمَاءِ البَحْرِ / كَي أحْسُبَ عَدَدَ الجُثَثِ المَنْسِيَّةِ في طُرُقَاتِ
المرفأ الغريقِ / أَسْمَعُ صُرَاخَ رَاهِبَةٍ مُغْتَصَبَةٍ في دَيْرٍ بَعيدٍ /
لَكِنَّ الثلجَ يَفْصِلُ شَراييني عَن صَفَّاراتِ الإِنذارِ / في مُدُنِ الكُوليرا
والانقلاباتِ العَسكريةِ /
الحكومةُ
عَشيقتي الخائنةُ / وأنا أخُونُ قَلْبي مَعَ قَلْبي / كُلُّنا خَائِنُونَ في
مَدينةِ الوَدَاعِ / والجُثَثُ لا تَزالُ تَحْتَ الأنقاضِ / والأيتامُ يَلْعَبُونَ
بِكُرَياتِ دَمِهِم في طُرُقَاتِ الصَّقيعِ / والطريقُ إلى الدَّيْرِ مُعَبَّدٌ
بأغشيةِ البَكارةِ للرَّاهباتِ المُغْتَصَبَاتِ / وَدَمُ الحَيْضِ عَلى الصُّلْبان
/ الجماجمُ الكريستاليةُ مُعَلَّقةٌ عَلى حَبْلِ الغسيلِ فَوْقَ سَطْحِ بَيْتِنا
المهجورِ / أسْمَعُ بُكاءَ أُمِّي في لَيالي الشِّتاءِ الطويلِ / رَنِينُ دَمْعِها
يَكْسِرُ مَساميرَ نَعْشي/ ولا أعْرِفُ هَل مَاتَ أبي أَمْ لَمْ يَمُتْ/ والأيتامُ
يَنتظِرُونَ أمامَ الحواجِزِ العَسكريةِ / كَي يَسْتَلِمُوا جُثَثَ آبَائِهِم/
تقاعدَ حَفَّارُ القُبورِ/ والرُّفَاتُ يُهَنِّئُ الأمواتَ /