قال الرملُ لزوجته : (( لا أقدر أن أَعدكِ بحضور ليلة الدُّخلة )) . يقودون جميعات الدفاع عن حقوق الإنسان لكنهم يحترمون الكلابَ البوليسية . عندما لا أكون مكتئباً أكون مكتئباً . يجب أن أُسرق لأتأكد أنني في وطني ويجب أن أضيع لأعرف معنى انتمائي الوطني . الدنيا شرعيةُ الكابوس العميق. حزني كائن بدائي، وقرفي وحيدُ الخلية. أحلامي يعيشها الآخرون، ويَتركون لي كوابيسهم. دهشةُ انتظار العميان لحافلات النقل العمومي. دودةٌ تحمل بطيخةً ، وما زال النملُ يبحث عن السكين. كُنْ احتضاري لأتشرف بلقاء زوجات حفاري القبور. قال صُوفِيٌّ للأحزان : (( كُوني مَوْتي لأتشرف بلقاء مَلَك الموت )). سأقطعُ حبلَ أفكاري الرومانسية وأذهب إلى المشرحة كي أتأكد من وجود جثتي ثم أعود لنكمل السهرة .
عندما يكفُّ العالَمُ عن معاملة المرأة كسلعة كممسحة كجسد كرطل لحم وتتزوج الراهباتُ ، قد أفكر في مسألة زواجي . وعندما يكف الملوكُ عن بيع بناتهم للإقطاعيين قد أفكر في رفض اللجوء السياسي . وطني أجملُ مقبرة كريستالية في شرايين البجع . سيذوب مكياجُ العناصر ، فاستعدِّي للصدمة أيتها الصدمة . هذا العالَم ينطفئ شيئاً شيئاً . أجسادُ بشر بلا لمعان. دائماً أذهب ولا أعود . الإنسان هو وحدةُ الكيانات القتيلة . في ثيابي شرارة البرق ، ورأسي مانعةُ صواعق . وأيامي مثل طوفان نوح لكنني لم أجد سفينةً أركبها . وأدتُ رئتي مثلما تئد راهباتُ الفرنسيسكان حفلاتِ زفافهن إلى عتمة الدَّير البعيد .
حتى الإمبراطورة باعت بناتها لرجال الأعمال . وداعاً أيها الكوكب الأعمى . يا تفاصيل أرشيف الثلج ، خذ النيرانَ في صدري ، واترك للضرائب أن تَشرب نخبَ انتصار حكومة الرميم على الرفات الطازج . خذوا شموعَ عيد الفراشات ، واتركوا لي ضوءاً في آخر النفق ، ولكن للأسف لا نفقٌ أمامي ولا ضوءٌ .
ومثلما تدخل حيطانُ غرفتي في البيات الشتوي ، تدخل أصابعي في الاكتئاب الخريفي . سأُقبِّل يدَ الشفق لأني ممنوعة من دخول كوكب الأرض . سامحيني يا صحراء اللازورد ، لن أقدر على شرب الشمبانيا معكِ هذا المساء ، لأني أرشد ضباطَ المخابرات إلى موقع جثتي في حفر المجاري .
لقد جعلنا برميلَ النفط لعنةً تحرق حلمَنا . في نخاع عظمي رائحة الكاوتشوك المحروق . ولا يكون الحاكمُ شريفاً إلا إذا كان لصاً . توسدتُ المرايا المكسورة . شعبي يغرق في الانتخابات المزوَّرة . مددتُ يدي إليه فقطعها وعانق ضياعَه . كل خصلات شَعْري أكواخٌ للبجع المنفيِّ .
فلنعترف أمام مرايا غرف نومنا أنَّا بِعنا نساءنا للذي دفع أكثر . كيف أهرب منكَ يا حزني وصراخُ دمكَ يقرع بواباتِ أعصابي في مساءات الأرق ؟ . أَبْعِدوا عني بندقيةَ الصيد لئلا أُكرِّر جنون همنغواي . لا زوجةٌ تنام إلى جانبي لتمسح دموعي التي تحفر الوسادةَ. إن الضياع هو الشيء الوحيد في حياتي الذي لا يضيع .
عشتُ ضائعاً مثل كل الملكات القتيلات ، مثل كل المكانس الكهربائية ، مثل كل حراس كنائس القرون الوسطى . إنني العُرس والعريس والعروس ، لكن المدعُوِّين لم يَحضروا . فيزياءُ احتضاري فلسفةُ اغتيالي عيدُ ميلادي في إسطبلات الإمبراطورة .
الموتُ أفضلُ حراسي الشخصيين . اسرقوني يا إخواني فوطنُ اللصوص لا يحترم إلا اللصوص . دائماً يصل الموتى إلى المقبرة متأخرين ، فقد صار موعدُ دفني لقاءً عابراً بين المراهِقين العُشَّاق . فشكراً يا لاعبي التنس الأرضي الذين لا يُحضِرون صديقاتهم للتشجيع في ملاعب التطهير العِرقي. يا كهوفاً تدخل في حُلقوم الكاهنة ، لستُ بروازاً يُعلَّق على خاصرة الهاوية .
يا وطن المرتزقة فلتمتْ ، ذكرياتُ أصنامكَ انتهتْ ، وسامحيني يا دلافين الرعد. لم أحضر حفلَ تتويج الإمبراطورة لأني كنتُ أنزع الخبزَ من حنجرة الضباب. نمشي على الجثث ، لكن أرض الموتى يُغطِّيها المكياج . الدنيا جيفةٌ وطُلابها كلابٌ .
وتدخل في ليلة الدخلة حضاراتُ الإبادة . ما فائدةُ الذهاب إلى الكنيسة يوم الأحد وكلُّ القساوسة والراهبات صَلَبَهم البلاشفةُ يَوْمَ السبت ؟ . ملوكُ الأرض صاروا تحت الأرض . مسدسي هو الهندي الأحمر الوحيد الذي نسي الرَّجلُ الأبيضُ أن يقتله . كلما مشيتَ في المكان الذي اغتالوكَ فيه بَكَتْ ذكرياتُ الشجر. والناسُ يَدْخلون في ليلة الدُّخلة أمَّا أنا فَأَخرج . وُلدتُ ومِتُّ ولم أتأقلم مع هذه الحياة . الدنيا هي تعاطي مخدرات كَلِماتية . شعوري يُشبِه شعورَ الحسين حين عَلِمَ بخيانة أهل الكوفة .
إن ليلة الدخلة هي الحربُ التي أخاف أن أخوضها . امرأة زُفَّت إلى قاتلها، وعُشَّاقُها يرقصون فرحاً في إسطبلات الإمبراطور على ضوء الشموع . دماءُ القطط على زجاج عيون الخيول . وأجراسُ المطر معلَّقة في سقف حَلْقي . وطنٌ لكل العاهرات في الفنادق الراقية ، ونزيفٌ لكل الحواجز الأمنية ، وجلودٌ مرتعشة لكل قصور الخليفة . إن الإنسان هو الوهم المعلَّب .
اقتلوا كريستينا أوناسيس ثم احتفلوا بعيد ميلادها . أنا ما زلتُ في انتظار قطار الموتى ، لكن حفاري القبور مشغولون بمغازلة السائحات .
وأنهض من منامي صارخاً في أفلاك العَدَم: (( لن يصبح عنبُ الجزائر نبيذاً فرنسياً ، فلا تتركوا يا إخواني أميراتِ موناكو يتناولنَ دمي مع الكافيار )) . صرتُ مَلَفَّاً مُغْبَرَّاً في أرشيف الحريم . وجهُ الإسفلت مزرعةُ أصنام ، فاستمر يا أبا جهل في التنسيق مع محاكم التفتيش ، فقد أتناول العَشاءَ مع جثة الأم تيريزا ! .
ابنُ تاجر المخدرات يتزوج ابنةَ تاجر الرقيق الأبيض في عُرس تاجر الأسلحة ، فشكراً لكَ يا وطن السماسرة والنساء اللواتي يتحولنَ إلى صفقات فاشلة بكل رومانسية الحوت الأشقر . قَلِقٌ كأن حفلةَ إعدامٍ ترقص على سطوح بطيخة تصير حُمْرَتُها أحمرَ شفاه لقطتي العاشقة . زوجةُ إبليس حامل ، فلترقص كلابُ الصيد المحيطة بالموكب الإمبراطوري. اجتماعٌ سياسي إستراتيجي بين رعاة الغنم ورعاة البقر .
أخاف أن أستيقظ من النوم . كن يزيدَ لترقص خيول حاشيتكَ على جسد الريح. سأذهب لتهنئة العشب بمناسبة طلاقه . أحبُّ كلَّ شيء فِيَّ إلا أنا. قد صار جسدي محطةً لتوليد الطاقة الكهربائية لأعدائي . أجمل الموتى ذلك الذي لم يمت بعد.
سيظل صوتُ المشنوق العالي أعلى . أورشليم ، يا قاتلة الحلم ، ماذا أبقيتِ لبنات بني إسرائيل وقد رأينَ جباه آبائهن ملطخة بدم الأنبياء ؟. إن شعوب الانطفاء تحب أن تخترع أصناماً لتطوف حولها . أخاف يا أحزاني أن أفرح احتراماً لمشاعركِ . أخاف أن أبتسم أخاف أن أعيش .
لقد نسيتُ أن أحيا مثل باقي الطباشير على سبورة الحشائش . وعندما تحتويني الستائرُ الرمادية في ليالي الخريف أُدرك قيمةَ الرجال الذين أضعتهم من بين يديَّ . لكني أرقب جلوس الأمهات عند النوافذ منتظرات قدوم موكب نعوش أبنائهن الجنود .
إن الحوت الأزرق خلف أشجار الذاكرة ، وإسطبلَ الذباب في حنجرتي الورقية. امرأة تتزين لحائط غرفة نومها وتُحدِّق في جثة زوجها . صورةُ الذاكرة في مرايا الزهايمر . تذهب جثتي المحنَّطةُ بملح الدموع إلى حفار قبري كما تذهب الإمبراطورة إلى عشيقها . حتى جدرانُ غرفتي تنتحب شَوْكاً ، وتنتخب قاتِلي . إنني أتجسس على نفسي لصالح وسادتي . هل رأيتَ عريساً يتجول بين قبور أُسرته في ليلة الدُّخلة ؟ . إن ذكورة حبل المشنقة ضوءٌ يُرتِّب في حُلقومي شواهدَ القبور .