سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

10‏/02‏/2014

إعادة تعريف آل البيت

إعادة تعريف آل البيت 

من كتاب/ قضايا تهم كل مسلم

تأليف: إبراهيم أبو عواد .

.............................

     إن هناك أشخاصاً يَنسبون أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون وجه حق ، أو هُم من آل البيت حقيقةً، ولكن من جهة النّسب فقط لا غَيْر ، وهذا لا يُعَوّل عليه مُطْلقاً ، ولا أهمية له بالمرة. وهي شرعية واهية لا دليل عليها . فالشرعية الحقيقية هي الالتزام التام بالكتاب والسُّنة الصحيحة، وإذا كان بعد ذلك من أهل البيت، فيكون قد جمع المجدَ من أطرافه. أمَّا أن يكون من آل البيت ، ولكن سلوكه مخالف للإسلام ، فلن يستفيد شيئاً مِن نَسَبه ، وسيكون نَسَبُه حُجَّةً عليه لا له . ومحاولته العابثة لنيل الشرعية اعتماداً على النَّسَب فقط ، إنما هي محاولة فاشلة ، وحيلةٌ ساذجة لا تنطلي إلا على السُّذج .
     وقد قال اللهُ تعالى : } يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ { [ الأحزاب : 32].
     إذن ، فالفضيلة مرتبطةٌ بالتقوى ، ولَيْست مرتبطة بالحسَب والنَّسب ، والمكانةِ الاجتماعية .
     قال القرطبي في تفسيره ( 14/ 157) : (( } إِنِ اتَّقَيْتُنَّ { ، أي خِفْتُنَّ اللهَ . فَبَيَّن أن الفضيلة إنما تتم لهنَّ بشرط التقوى لِمَا منحهنَّ اللهُ مِن صُحبة الرَّسول ، وعظيم المحل منه ، ونزول القرآن في حقهنَّ ))اهـ .
     أي إن الأفضليةَ للتقوى ، وليست لأنهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المعلوم بالضرورة أن زوجَتَيْ نوح ولوط _ عليهما الصلاة والسلام _ كانتا كافرتَيْن . فشرط الأفضلية هو التقوى، وليس النَّسَب. فلا تغتر بكون الشخص من الأشراف أو السادة ، فهذا ليس فضلاً بحد ذاته ، وإنما الفضل للتقوى وفق الكتاب والسُّنة الصحيحة ، فإن رأيتَه تقياً ومن آل البيت ، فقد جمع المجدَ من طرفيه ، وأما إن رأيتَه مخالفاً للإسلام ، وحتى لو كان من آل البيت ، فلا فائدة من نسبه مُطْلقاً حتى لو كان ابن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً . وسيكون حسابه أشد وأكثر تدقيقاً من الإنسان العادي، فقد قال اللهُ تعالى : } يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ {[ الأحزاب : 30] .
     وهذا بسبب مكانتهنَّ السامية وعُلُو درجتهنَّ ، ووضعهنَّ الاجتماعي المميَّز كزوجات للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمهاتٍ للمؤمنين، وكونهنَّ في مهبط الوحي. فإذا جاءت إحداهنَّ بكبيرة واضحة قُبحها، فإن العذاب يُضاعَف لها ضِعْفَيْن . أي إنها تُعذَّب مِثْلَي عذاب غيرها من النساء إذا جاءت بِمِثل تلك الكبيرة. إذ إن وقوعَ ذلك من نساء بَيت النُّبوَّة يقتضي شيئاً أكبر من الفاحشة، وهو أذى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الأمرُ يؤثر سلباً على الدعوة الإسلامية ، ويُزَلْزِل إيمانَ الناس ، ويَبعث الشكوكَ في قلوبهم .
     قال القرطبي في تفسيره ( 3/ 40 ) : (( وذلك لشرف منزلتهنَّ ، وإلا فلا يُتصوَّر إتيان منهنَّ صيانةً لزوجهنَّ المكرَّم المعظَّم )) اهـ .
     إن التشديد عليهن مُضاعَف في حال إتيان الفاحشة لِسُمُو رُتبتهن . وعلى هذا فالتدقيق على الأنبياء والعلماء والأغنياء وأصحاب المكانة أكثر من باقي الناس .
     ولم يقل أحدٌ من العلماء أن ذرية الأنبياء معصومة أو أنها من أهل الجنَّة ، فابنُ النبي نوح صلى الله عليه وسلم كان كافراً ، فقد قال تعالى : } قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ { [ هود : 46] . وهكذا ترى نبياً كريماً من أُولي العَزم ، وفي أعلى درجات الجنة ، وابنه المباشِر خالداً في جهنم. فالإسلام ليس دِيناً إقطاعياً ، وليس نظاماً مَلكياً يَفترض أن ابن الْمَلِك سيكون مَلِكاً بعد أبيه . التقوى هي المحك الأول ، فإن صَلحت أضف إليها النَّسب الشريف الطاهر ، أما إن فسدتْ فلا فائدة من النَّسب ، بل سيكون حُجَّةً على صاحبه ، وعبئاً عليه في الدَّارين .
     وكلنا يَعلم مَن هو أبو لهب ( عَم النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وهو عبد العُزى بن عبد المطلب القرشي الهاشمي صاحب النَّسب الشريف، وهو خالدٌ في النار، ولَعَنَه اللهُ تعالى في القرآن، ويُتلَى لعنُه والحُكم بهلاكه وخسرانه المبين حتى قيام الساعة : } تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ { [ المسد : 1] ، بينما الإسلام رَفعَ بلالاً الحبشي العبد الأسود الذي كان لا يجد ما يأكله ، وهذا مثال واضح على أن التقوى هي الأساس قبل النَّسب ، ويدل على عَظَمة الإسلام الذي ألغى النظامَ الإقطاعي الجاهلي . إنه الإسلام ذلك الدِّين الذي لا يُشْرَى بالمال أو الجاه، ولا يوجد فيه صكوك غفران، مَن يَدفع يَحجز له موقعاً في الجنة . أو من كان ذا نسب شريف أو مال عريض أو إمكانيات مادية بِوسعه شراء الجنة. فلا بد للجميع أن يعملوا بِجِد لكي ينالوا شرف رضا الله تعالى ، ثم الدخول في الجنة .
     وفي صحيح مسلم ( 1/ 191): أن رَجلاً قال: يا رسول الله، أين أبي ؟، قال: (( في النار )) ، فلمَّا قفى دعاه ، فقال : (( إن أبي وأباك في النار )) .
     وفي صحيح مسلم ( 2/ 671 ) : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استأذنتُ ربي أن أستغفر لأُمي ، فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أَزور قبرها فأذنَ لي )) .    
     وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( وأيمُ الله ، لو أن فاطمة بنت مُحمَّد سَرقتْ لَقطعتُ يدها )) [(1)] .
     وهذه الأحاديث الشريفة دليلٌ ساطع على أن الإسلام ليس دِيناً إقطاعياً ، ونظاماً وراثياً استغلالياً أو استبدادياً، فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم ليس نبياً، لما قال هذا الكلام، بل تستَّر على حال أبويه ، وكان تجاوز عن ابنته في حال ارتكابها خطيئة، ولكن المسألة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم نفْسه ، فهي تطبيق لأوامر الخالق تعالى. وها نحن نجد أن نَسب السيدة فاطمة الزهراء_ عليها السلام_ لن يَشفع لها إذا قامت بِفِعل السرقة_وحاشاها_، كما أن والدَي النبي صلى الله عليه وسلم في النار ، وليس كما يقول البعض إنهما من أهل الفترة . قال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 3/ 79) : (( من مات على الكفر فهو في النار ، ولا تنفعه قرابة المقرَّبين . وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن  هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم ، وغَيْره من الأنبياء ، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم )) اهـ.  
     إذن ، فالمحور هو التقوى قبل كل شيء ، وإذا لم يخضع النَّسب للتقوى ، فلا أهمية للنَّسب مُطْلقاً، بل سيكون عبئاً ثقيلاً على صاحبه ، ووبالاً عليه . لذلك جاء التوضيح النبوي الدقيق في الحديث الذي روى مسلم في صحيحه ( 4/ 2074 ): (( وَمَن بَطَّأ به عَملُه لَم يُسرِع به نَسبُه )).
     يعني : مَن أخَّره عملُه القبيحُ ، أو إضاعته للعمل الصالح ، لم ينتفع في الآخرة بشرف نَسبه ، أو مكانته الاجتماعية الرفيعة . وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 17/ 22 ) : (( معناه من كان عمله ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغي أن لايتَّكل على شرف النسب، وفضيلة الآباء، ويُقصِّر في العمل ))اهـ.
     وعن أبي هُرَيْرة_ رضي الله عنه_ قال: قام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين أَنزل اللهُ : } وَأَنذِرْ عَشيرتكَ الأقربين { [ الشُّعراء : 214] ، قال : (( يَا مَعشر قُرَيْش _ أو كلمة نَحْوها _ اشْتَرُوا أنفسكم ، لا أُغني عنكم من الله شيئاً، يا بَني عبد مناف، لا أُغني عَنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أُغني عنكَ من الله شيئاً ، ويا صفية عَمَّة رسول الله ، لا أُغني عنكِ من الله شيئاً ، ويا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، سَلِيني مَا شِئتِ مِن مالي ، لا أُغني عنكِ من الله شيئاً )) [(2)] .
     وشراءُ النَّفْسِ يكون بتخليصها من النار ، وذلك باعتناق الإسلام الذي فيه السلامة والنجاة . والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَملك الجنَّةَ ولا النارَ . فلا يَقْدر على إدخال الناس الجنَّة أو إخراجهم من النار . فلا فائدة من الاتكال على قَرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ليس له من الأمر شيء . وذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هؤلاء لشدَّة قرابتهم. فإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُغني عن قَرابته من الله شيئاً ، ولا يَقْدر على إنقاذهم ، فهذا يَعني أنه لا يُغني عن الناس من الله شيئاً.ومَن كان لا يَقدر على مساعدة قَريبه ، فطبعاً لن يُساعدَ البعيدَ عنه.
عَلَيْكَ بِتقوى اللهِ في كُلِّ  حَـــالةٍ           ولا تَترك  التقوى اتكالاً على النَّسب
فقد رَفع الإسلامُ سَلمانَ فـــارس           وقد وَضع الكفرُ الشريفَ أبا لَـهب
     وقد لعن النبيُّ صلى الله عليه وسلم عِدَّةَ أصناف مِن بَيْنهم : (( والمستحل مِن عِترتي ما حرَّم اللهُ ))[(3)].
     يعني : مَن فَعَلَ مِن أقارب النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز ، وارتكبَ المعاصي ، وانتهكَ حُرماتِ الله تعالى .
     وهذه أدلة ساطعة على ما ذهبنا إليه من تحليل ثنائية التقوى والنَّسب ، والتي صارت إشكاليةً ملتبِسة في أذهان البعض ، بسبب انحصار تفكيرهم في ظواهر الأشياء، والتعويل على أفكار غير منضبطة بالشرع الحنيف . وقد قال الله تعالى : ] إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ [ [ آل عمران : 68] . ولم يقل تعالى إن أولى الناس بإبراهيم آل بيته أو صحابته ، فالاتِّباع هو الذي يُعَوَّل عليه ، وكلما كان الإنسان حريصاً على المتابعة كان قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا أعرض عن الاتباع كان بعيداً مطروداً حتى لو كان من آل بيته أو من صحابته. فآل البيت منهجٌ لا نَسَب. وهذا المبدأ يقودنا إلى معانٍ جديدة لآل البيت وَقَفَ عليها المحقِّقون.
     فقد قال الحافظ في الفتح ( 11/ 160 ) : (( وقيل : المراد بالآل جميع الأُمَّة أُمة الإجابة ، وقال ابن العربي: مالَ إلى ذلك مالك، واختاره الأزهري، وحكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الشافعية، ورجَّحه النووي في شرح مسلم، وقيَّده القاضي حسين والراغب بالأتقياء منهم . وعَلَيْه يُحمَل كلام مَن أَطلق. ويؤيده قوله تعالى: ] إنْ أولياؤه إلا المتقون [ [الأنفال: 34]. وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن أوليائي مِنكم المتقون ))[(4)]. وفي نوادر أبي العيناء أنه غَضَّ من بعض الهاشميين ، فقال له : أتغض مني وأنت تصلي عليَّ في كل صلاة في قولك اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد ؟! ، فقال : إني أريد الطيبين الطاهرين، ولستَ منهم )) اهـ .
     وهذا يدل على أن الأتقياء هُم آل البَيْت الحقيقيون ، بغضِّ النظر عن كَوْنهم هاشميين أو غير هاشميين . فالعِبرةُ هي بالتقوى ( رابطة الدِّين ) ، وليس بالنَّسَب ( رابطة الدَّم ) .
     وعن عمرو بن العاص قال : سَمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جِهاراً غير سِر ، يقول : (( ألا إِنَّ آل أبي ( يَعني فلاناً ) ليسوا لي بأولياء ، إِنَّما وَلِيِّ اللهُ ، وصالِحُ المؤمنين )) [(5)].
     إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَجعل التقوى هي معيار القُرب أو البُعد . فالصالحُ قريبٌ من النبي صلى الله عليه وسلم حتى لو كان نَسَبُه بعيداً ، وغيرُ الصالحِ بعيدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى لو كان نَسبُه قريباً.
     وينبغي أن ننتبه إلى مسألة هامة ، وهي أن آل بيت أي نبي _ عليه الصلاة والسلام_ لهم احترام واعتبار لأنهم البيئة الحاضنة لهذا النبي ، فالطعن فيهم طعنٌ ضمني في النبي ، لكن الذين يَحملون الرسالة _ أساساً _ هم أصحاب الأنبياء لا آل بيتهم، فالاستقراء يؤيد هذا ، ولو اطلعْتَ على سِيَر الأنبياء لعرفتَ هذا الأمر بكل وضوح دون جهد في البحث . وهذا يدحض خرافة حصر التلقي بعلي بن أبي طالب ، وخرافةِ عِصمة الأئمة المأخوذة من الميثولوجيا الإنجيلية التي تزعم أن الرُّوحَ القُدُس اختار أربعة رجالٍ ( متَّى ، مرقس ، لوقا ، يوحنا ) وأوحى إليهم.لذلك قال الخميني كلاماً كُفْرياً في كتابه الحكومة الإسلامية ( ص 52/طبعة إيران ): (( وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه مَلَك مقرَّب ولا نبي مُرسَل )) اهـ .  
     وللتأكيد على أن صحابة أي نبي هم حملة الرسالة لا آل بَيْته ، أورد الإمام مسلم في صحيحه ( 1/ 69 ) : عن عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَا مِن نبيٍّ بَعثه اللهُ في أُمَّة قَبْلي إلا كان له مِن أُمَّته حَواريون وأصحاب يأخذون بِسُنَّته ويَقتدون بأمره )) .
     والأمرُ ليس محصوراً في الأنبياء_عليهم الصلاة والسلام_، بل إن كل مفكِّر أو مصلِح أو شيخ أو إمام، أصحابه هم الذين يَحملون أفكاره لا أهل بَيْته . وانظر إلى الخميني شخصياً ، فإن أصحابه هم الذين حَملوا دعوته ، وليس أهل بَيْته . وهذه القاعدة ثابتة عقلياً وتاريخياً ، وعامة بلا استثناء.
     وفي الغالب الأعم يكون أزهدُ الناسِ في العالِم أهلَ بَيْته . وقد قِيل : زَامرُ الحيِّ لا يُطرِب .
     وقد قال الشاعرُ :
لا عَيْبَ لِي غَيْر أني مِن دِيارهم           وزَامِرُ الحَيِّ  لا تُطرِب مَزامِرُه
     ويجب أن نفرِّق بين شيعة عليٍّ الذين قاتلوا إلى جانبه ضد الفئة الباغية ( معاوية وعمرو ) أو الخوارج ، وهؤلاء الشيعة كثيرٌ منهم من الصحابة ، ونحن يُشرِّفنا أن نكون منهم لأنهم نصروا الحق الساطع الذي كان في صَف عليٍّ _ رضي الله عنه _ ، وبين الذين بدَّلوا بعد ذلك من الجهال والعوام وأصحاب الأغراض غير الشرعية من أعداء الإسلام ، وركَّبوا عقائد زائغة منها شتم الصحابة ورميهم بالنفاق وإخراجهم من الإسلام،واغتصاب الخلافة...إلخ .
     إذن ، نخلص إلى القول بأن التشيع نوعان: محمود ومذموم.التشيع المحمود هو التشيع لآل البيت ونصرتهم بالحق، والتشيع للصحابة_رضوان الله عليهم_ أعظم أُناسٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فنحن من شيعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين ، سَلَمٌ لمن سالمهم ، وعدوٌّ لمن عاداهم . 
     لكن الانحراف المبني على استغلال فضائل أئمة آلبيت_ عليهم السلام_ أدَّى إلى الحصول على عقائد منحرفة إلى حد التماهي مع الهذيان المدهش . مما يدل على وجود أيدي خفية تلعب بعقائد الناس مستغلةً حبهم لآل البيت_ عليهم السَّلام_، وهذي الأيدي تنتمي إلى اليهودية، وكذلك تنتمي إلى النزعة الفارسية المجوسية ، فالعرب تدين بالحرية ، وعدم النظر إلى الْمُلْك نظرة قداسة بعكس الفُرْس الذين يدينون بالْمُلك وبالوراثة في البيت المالك . وهذه النزعة الفارسية المبنية على انهيار قيم العقيدة، وتسييسِ الدِّين لأغراض مصلحية شخصية منسوبة زوراً إلى أئمة آل البيت تعكس حجم المؤامرة الحقيقية التي لعبت بعقول الكثيرين.فبدافع حب آل البيت أَخْرَجوا الناسَ من الإسلام ، أو سكبوا في عقائدهم الانحرافاتِ الشديدة . وهذا استدراج عن طريق استخدام وسائل محبَّبة إلى نفوس الناس .
................/الحاشية/....................
[(1)] متفق عليه. البخاري ( 3/ 1282 )برقم ( 3288 )، ومسلم ( 3/ 1315 ) برقم ( 1688).
[(2)] متفق عليه. واللفط للبخاري( 4/ 1787)برقم( 4493) . ومسلم ( 1/ 192) برقم ( 206).
[(3)] رواه الحاكم في المستدرك ( 1/ 91) برقم ( 102) وصحَّحه ، ووافقه الذهبي .
[(4)] رواه الحاكم في المستدرك ( 2/ 358 ) وصحَّحه ، ووافقه الذهبي . والنص الكامل للحديث : عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جَدِّه قال : جَمَعَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم قُرَيْشاً ، فقال : (( مَن غَيْركم ؟ )) ، قالوا : فِينا ابن أختنا ، وفِينا حَليفنا ، وفِينا مَولانا ، فقال : (( حَليفنا مِنَّا ، وابن أختنا مِنَّا ، ومَولانا مِنَّا ، إن أوليائي مِنكم المتقون )) .  

[(5)] متفق عليه.واللفظ لمسلم( 1/ 197) برقم ( 215). والبخاري ( 5/2233) برقم ( 5644) . وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 3/ 87) : (( هذه الكناية بِقَوْله : يَعني فلاناً ، هي مِن بعض الرواة ، خَشِيَ أن يُسمِّيه فيترتب عليه مفسدة وفتنة ، إمَّا في حَق نفْسه ، وإمَّا في حقه وحق غَيره فكنَّى عنه )) .
facebook.com/abuawwad1982