سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

31‏/07‏/2011

سبايا على السجاد الأحمر ( 3 _ 6 )

سبايا على السجاد الأحمر ( 3 _ 6 )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .

أنا تافهة لأني أعطيتُ قلبي لشاطئ خائن مثلكَ . مثلما تُسَلِّم المرأةُ الفاشلة نفسَها لعشيقها أُسلِّم نفسي لمشانق الورد وأعوادِ الكبريت الطازج . إنني فلسفة العار ، وفيلسوفة الخديعة . أحمرُ شفاه للكلاب البوليسية . كل شيء في لحمي يقود إلى اللاشيء في لحدي .

يا طوبَ المدخنة ، وَحْدي أُهَرْوِلُ على سطوح أسنان التمساح حافية كالزوبعة . أنا أكرهكَ يا اسمي وأعشق عبقريتكَ . يا من تحبين أن تظلي ممسحة لحذاء زوجك العاجز مشاعرياً القوي جنسياً . ستملأ الفيضاناتُ فراغي العاطفي بالقش المعدَّل وراثياً ، وسأملأ العدمَ بوقود أحزاني خارج نطاق أسعار الحكومة . تحت إبطي أسماك قِرش تكتب كلماتِ أغنية عاطفية. عيناي بطيختان تتقطع عليهما كل سكاكين النزيف . يا أيها الجسدُ العربي في الأحضان الأجنبية . ما مدارات المكياج على وجوه بنات موسكو الأرستقراطيات ؟. أجبني أيها العدم . تَكَلَّم يا رمل الشفق . يا حامل لواء الفحولة المشلولة في منافي أجساد النساء الخشنة ، ارسمْ خريطةً ترشد الشفقَ إلى جثث الفتيات المغتصَبات في سلال القمامة . يا من تُوزِّعين حليبكِ على زيجات المتعة ، إن أعواد المشانق هي زواج مُتعتي . منسوبُ الكلور السام في عَرَقي يتناقص مثلما تتناقص تنورةُ لاعبة التنس الأرضي .

يا أيها المجرمون الذين يُحاكِمون المجرمين . أنتم تبنون على الوهم، وتؤسسون للفراغ . إن القرد في عين أمه غزال ، ولا قردٌ ولا غزال . إنني أُمِّي ، لأن أُمي ليست سوى صورة أبي الوهمية خلف السراب . يا من تبيع العلكة على الإشارات الضوئية، لا تحلم بكاميليا الفايد ، واحلم بزهرة الكاميليا .

رُبَّ امرئ حتفه فيما تمنَّاه . كم امرأة ركضتْ وراء رَجُل ، ولم تعلم أنه سيكون سجانها وجلادها وحفار قبرها ؟ . وكم رجلٍ لهث وراء امرأة ، ولم يعلم أنها زهرة مسمومة ستقتله لا محالة في ليلة تقاعد رجال الطوارئ ؟ .

يا هذه الجدران الأسمنتية العالية ، حيث نقاط التفتيش ، وكلاب الحراسة ، كم أنثى تبكي وراءكِ ؟. واحديةُ وجودي في انهيار سدودي ، حيث باع آبائي أوطانَ الحلم لكي تزداد الأرامل الشابات بكاءً . أنا مثل الثقوب السوداء عند حافة الكون ، أمتص ضوءَ السنابل ، ولا ينبعث مني ضوء ، وكلُّ رَجُلٍ يدخل في مداراتي يُحْرَق حتى التلاشي . زواجي يهدد الأمن القومي لذباب أجفاني .

لن تبكيَ عليَّ أنهارُ الذاكرة ، ولستُ أدري هل تشعر القرودُ في غابات حزني بألمي أم لا. آخيتُ بين حطامي وأنقاضي . عشيقَ انكساري ، جهِّز مرايا صحراء سيبيريا لتجمع شظاياي . سأستخدم كلَّ ذكائي لاكتشاف غبائي . أنا القربانُ الفضي ذاكرةُ القش أحزانُ الخريف الهش المستقبلُ الماضي ذبابةُ الدماء أسمنتُ الأبنية المتساقطة كأعلام القبائل الموالية للشيطان، فادخلْ يا أرشيف الطين إلى مذبح الجسد مذبحةِ الروح . تعرضتُ للخيانة أكثر من تعرض الأميرة ديانا لها .

إذا حوصرتَ بين الملكة فكتوريا وماري أنطوانيت ، فلتختر صلاةَ العشاء . وأنا سأبني قلعتي المهجورة على بقايا عظام الكوليرا. يا كل مكياج عرائس الكنائس ، أين هي ماما الفاتيكان ليتحرر الغرب من مجتمع تقديس الذكورة ووأد الأنوثة ؟ . هناك مليون رجل يهربون من نسائهم إليَّ ، وأنا أهرب مني إلى اللاأين، فلا الآخرون يعثرون عليَّ ولا أنا أعثر على نفسي ولا المكان يعثر عليَّ. أنادي عليكِ يا نهايتي في ليالي السعال ، وقشعريرة المدى غير المنظور . تحملين كلَّ تفاصيل الدم الوحشي في عروقكِ المصلوبة، تحلمين أن تنجبي ولي العهد، وأنا أحلم أنا أنجب حبلَ المشنقة ، أو حبال الغسيل على سطوح الأرامل. (( ارحموا عزيزَ قوم ذَل ، وعالِماً ضاع بين جهال )) . بلادي طفلةٌ جميلة عمياء زوَّجوها لعجوز ثري .

أنا متُّ عاطفياً قبل عدة قرون، وهذه فرصتكَ الأخيرة يا احتضاري لكي تحييني ، فأرجوكَ لا تخذلْني مثلما خذلوني . أفكُّ شيفرةَ فلسفة الطوفان ليسهل على اعتقالات النهر تحليلُ قطرات المطر على مساحات شاهد قبري المجهول . أسيرُ إلى ظِل البلوط بلا ظِل ، لأني أُشكِّك في نزاهة الحطب.

إنها أحزان المرعى تعض كلابَ القرميد. الآن يا أعشاب المسلخ أعلن أمامكِ استقالتي من أفراح التراب . حليبُ البحيرة السام . سآخذ إجازةً طويلة لقضاء فترة انتحاري في أحد منتجعات التطهير العِرقي . زيجاتٌ أم صفقات ؟. يا امرأة تضحك في حفلة إعدامها، وتسمي صَكَّ بيعها عقدَ زواج ، وانتحارَها عُرساً للحمَام ، باعوكِ لمن دفع أكثر ، وما زلتِ تبتسمين واثقة من عتبات مذبحكِ . لا داعي أن تذهبي إلى سويسرا للتزلج وأكل الشوكولاتة ، لأن دمي في أزقة الطاعون صالة تزلج ، وكبدي الملقى على الأرصفة القذرة شوكولاتة محلية الصنع . تصوَّر انقطاع الكهرباء في صالة الرقص ، ما حجم الاكتئاب الذي ستعاني منه بنات الإقطاعيين ؟. جثثٌ مجهولة الهوية، لكن جثتي معروفة لجميع السناجب . فيا صديقتي الفقمة التي تبني في بلعومي مفاعلاً نووياً للأغراض العسكرية ، احفظي ذكرى العابرات في احمرار إشارات المرور .

أمريكا تسبب لنا الاكتئاب ، وتصنع لنا مضادات الاكتئاب . لماذا أشعر أن في شراييني دماءَ الغزاة ؟. لماذا أحس أن أوتاري الصوتية أجنبية ؟. لماذا أتخيل وجهي جيشاً من المرتزقة ؟ . إن عمودي الفقري هو الاستثناء وليس القاعدة ، وحنجرتي هي القاعدة وليست الاستثناء، وحواجبي هي صدام حضارات واثق من صدامه . لم يعلم العشاقُ الخائنون ما الذي ينتظرهم لما وزَّعوا الضحكات على براميل النفط في أزقة الميناء المدمَّر جراء القصف .

يكفيني نِصْفُ حبكَ لكي أحتل عالم خيالات أحصنة الفحم ، فكيف إذا حصلتُ على حبكَ كاملاً ؟! . سوف تحتل إسطبلَ الخيانات الزوجية أجفانُ الماعز ، ولن يتذكرنا سوى جباة الضرائب الذين يمتصون لحمَ البراري .

لا بابا الفاتيكان أبي ولا الأم تيريزا أمي . سأذهب إلى ميلانو للتفتيش عن حب جديد أو مجزرة جديدة . لا فرق بين الأضداد إذا كان رأسُكَ مقصلةً مستوردَة ، وجسدُكَ يستحوذ على ثلج ساخن يختزل المرأةَ في بؤرة الجنس . كأن امتزاج الويسكي بالنبيذ المغشوش دستورُ البعوض .

يا من تسجنون المطرَ وتمنحون اللصوص الأوسمةَ . كلُّ مراكب العشاق تتكسر على صخرتي، وفي زحمة الفراغ وجدوى العدم فقدتُ صخرتي . هي ناقلات النفط تصطدم بوشاحي . أنا خرافةٌ لكنني لستُ خرافة الهولوكوست .

كأن التراب الفضي يبحث عن الحب تارة، ويبحث عن الكراهية تارة أخرى . لاعب كرة قدم مغمور يحب فتاة لا تاريخ لها غير أظافر عائلتها على طبقة أوحال المرفأ. يهودية في جامعة كامبردج ترمي زجاجة الويسكي الفارغة في صحراء رموشها ، هل تشعرين بحركة الرمل في الزجاج على ارتعاشة جسد الحائض ؟ . أباطرة يضاجعون عشيقاتهم ضاحكين ، وشعوب تُحتضر وتفتش عن الطعام تحت أحذية رجال البوليس السري . النعنع البري صار برمائياً بعد تلوث البراري بالبقع النفطية . مثلما يشتري عماد الفايد الجواري بأموال أبيه ، ويفتح بنكاً للجنس حيث تتكدس النساء كالنعال في متجر هارودز .

إن الأسمنت في حيطان الذاكرة أقوى من مكياج الأقنعة. أتحدى أي مذيعة أن تظهر بدون مكياج ، وإن كانت جميلة فسأهديها كل سيارات المرسيدس في ضريحي ، وسأحرق مؤلفاتي ، وسأذهب إلى رعي الأغنام في قيعان البراكين . ديمقراطيةُ رعيان الغنم ، وديمقراطيةُ قَتَلة الحسين ، وديمقراطيةُ البدو الرُّحَّل .

البطةُ العرجاء وليلةُ الدخلة الخالية من الداخلين والكلابُ المندهشة أمام زنازين التعذيب والمحاكمُ العسكرية التي تقتل ضوءَ الشموع في أعياد الإسطبل . تلكَ امرأةٌ تنتحر في الشفق ، فلتنظرْ إلى وجهها الخائن في المرايا المنكسرة. أنا رومانسية ولكن لا تقتلوني كما قتلتُم عماد الفايد. ما أصعب أن تكون مسجوناً ومنفياً في صحراء سيبيريا ، وتتلقى خبر زواج خطيبتكَ من ضابط المخابرات الذين كان يُحقِّق معكَ .

لا تعترف بحبكَ لامرأة متزوجة ، اعترفْ بحبكَ لدببة الباندا في أحضان الريح العاتية . ولا داعي أن تفتحي قفصكِ الصدري للأغراب يا دودة القز التي تُقدِّم الحريرَ وتظل عاريةً . هو العُري ذاكرةُ القرود وتاريخُ الضفادع وجغرافيةُ الأشباح العظمية . إنه تاريخ النساء المقرفات كومة من الغباء والأرصدةِ البنكية وصالاتِ الرقص وسياراتِ المرسيدس التي تُستعمَل لوأد الأنوثة . اخرجْ من ذاتية وجود العَدَس خارج مطبخ الأرملة التي لم تملك أجرةَ المستنقع، وعِشْ في مركزية استدارة الفلافل ، فربما تنمو في أمعائك السنابل . فلا تسألني لماذا يبصق الزبدُ على نفسه . إن العائش في حُفر المجاري سيُحارِب الشمسَ .

قُبْلةُ الذئب المسمومة. عندما كنتُ أصغر من حبل الغسيل داهمني إحساس غريب بأني كل الناس سوايَ ، وعندما صرتُ حبل الغسيل على سطوح المنافي عَلَّق الناسُ غربتهم عليَّ، وفي كلا الحالتين لم أجدني . إنني صديقتان التقيتا على قارعة الطريق وافترقتا منذ البداية لأن زوج كل واحدة أحب صديقة زوجته .

جَمَلٌ أحول يتشمس قرب بئر نفط يشرب حوله الغزاةُ أنخاب التيفوئيد . عروسٌ ترقص في مأتمها المغلَّف بقطع الشوكولاتة الفاخرة ، وتسمي احتضارها عُرساً للقنافذ . في وقت فراغ المشنوقين يلعبون كرة القدم في شرايين الكوليرا. كلما مشيتُ سقطتْ على الأرصفة أوردتي . ما أصعب أن يفهم الطفلُ خيانةَ أمه لأبيه . أشعر بفراغ عاطفي وفراغ سياسي وفراغ مفرَّغ من الفراغ . إن حذائي نظامٌ جمهوري انقلبتُ عليه ، وأسقطتُ دستور جواربي ، كأن كريات دمي أسرةٌ حاكمة فَقدتْ عرشَها تحت ظلال البارود . إخوتي بنات آوى ، لقد وأدت جاهليةُ الرمل بناتِ أفكاري ، وضاع الوطنُ لأن راقصات الباليه كتبنَ دستورَ الوحدة الوطنية .

كم مرةً ينبغي أن يُقتَل عماد الفايد لكي تتمكن ابنةُ القيصر من وضع المكياج على تجاعيد وجهها الذاوي ؟ . في تلك المزرعة تتدرب لاعبة التنس الأرضي الصربية على أكل لحوم الأطفال ، أرجوك لا تتذكري آلاف المسلمات المغتصَبات في البوسنة لئلا يتعكر مزاجكِ وأنتِ تستعملين مزيل العَرَق . يا أيتها العدالة التي تفرج عن المغتصِب وتعاقب الفتاة المغتصَبة ، سيظل بلعومي وكراً للزواحف .

كم من خادمة أجمل من سيدتها ! . سأبيع بقرتي الوحيدة ، وأرهن شرياني الأبهر عند الريح لكي أحصل عليكَ ثم أرميكَ. أكتبُ قصيدةَ رثاء في حمار البحيرة الذي يحمل على ظهره أدغالَ البكاء. أيتها المهاجرة على سطوح الدمع من قميص النوم الأزرق إلى الفستان الأحمر ، أنا المهاجرة الأبدية من أكفاني البيضاء إلى نعشي الرمادي . أميرة وحيدة لا تجد من يراقصها في قاعة الإعدام ذات التدفئة المركزية. فرنسية لم تقدر على نسيان عشيقها النازي حتى أثناء احتلال باريس. نساء قبيلة الضفادع سائرات في جنازتي يقرأن كتب الطبخ. إنها المعركة الكَوْنية الأفقية العمودية الحاسمة النهائية الفضائية الشاملة الشعبية الرسمية العُرفية بين روضة أطفال في غَزَّة وبين جامعة هارفارد ، بين الزعتر والكافيار ، بين لحم الضأن ولحم الخنزير ، بين اللبن والشمبانيا ، بين راهبات الفرنسيسكان وأميرات موناكو ، بين الشركسيات وبنات القياصرة .

حرامٌ أن يذوب عنفوانُ الأنوثة في سراديب الأديرة المنفية . ابتعدْ عني لأتعلم البكاء عليكَ . أعلم أيها الزلزال أن زوجتكَ الشابة ماتت بسرطان الثدي ، وأنك تحتفظ بملابسها ، وتشمُّها كل مساء قبل أن تدخل في طقوس النحيب . وحيداً كالمطر عارياً كالريح حزيناً كوشاح أمي واثقاً كالإعصار غامضاً كالضباب متمرداً كزيت الزيتون مخلصاً كالعاشق الميت . كأن عذاب الحب أجمل من الحب .

كل حياتي مثل اعتزال راقصة باليه أوكرانية أعاق الحيضُ رقصتها ، أو احتضار لاعبة جمباز روسية يتحرش مدربها بها جنسياً. ذلك الصليب على صدر الإيطالية الشابة التي تسير على شواطئ الإسكندرية لا بد أن ينطفئ ، سينطفئ يا صغيرتي لا محالة .

كلُّ جيوش الفرنجة لا تقدر على خلع حذائي المطاطي ، لأني ببساطة حافيةٌ أبدية . هذا هو الماعز الأحول الذي يتدرب على قيادة الطائرات الحربية . أجرى الحطبُ عملية جراحية في جسد النار اللازوردي، وأجرت الحمى عمليةَ قلب مفتوح . أُحرِّر أنثى الرماد من حليبها المسموم . أنا المصلوبة الأبدية . أنا الراحلة المنبوذة الشريدة الطريدة المهرولة إلى اللاشيء في وقت اللاشيء وفي مكان اللاشيء. أنا الثقوب السوداء عند حافة الكون حيث الضوء يصير اللاضوء، لأن كوكب الأرض ضريح بلا شاهد ، أو جثةٌ مجهولة الهوية . نتحرك في الفراغ ونؤسس للهستيريا بلا ماضٍ ولا حاضرٍ ولا مستقبل .

والأميراتُ يدرسنَ في المسابح المختلَطة علمَ الاجتماع السياسي بينما الشعب يشحذ في الطرقات، ويبحث عن ماء المجاري للشرب. أتحرك في أفلاك غراب أبيض بلا مستقبل ، وتاريخي صار زمناً افتراضياً وهمياً ، هكذا أظل أدور حول أشجار المستحيل في الحدائق الافتراضية .

لا تخذل امرأةً مخذولة . لا تترك امرأةً تحبكَ يشويها المطرُ الصاعق. اجعلها تشعر أن هناك رجالاً محترمين ما زالوا يعيشون بيننا . إن بيتي المهدوم يرقص تحت مخدتي ، وأظل كالسيف الباحث عن غمد، لأن الموتى الراكضين في الشارع يحسون بدفء مياه المجاري . عظامي نقالةٌ للبحر المريض. أركض إلى وهمي لأن نافذتي تقفز من شدة الألم . وعطري قلبُه يؤلمه فأضحى بلا قلب مثلي . في رئتي جَمَلٌ مشلول . فيا كل الأسماك العائشة في صحارينا ، اقذفي فينا الحطبَ المشتعِل لأنسى من نَسِيَنا .

إذا أحببتُ رجلاً هربتُ من عالمه ، وإذا أحبني رجلٌ هربتُ من عالمه، أنا الهاربة من الحب نحو اللاهدف ، حيث القطارات تضل طريقها ، وسائقو سيارات الأجرة لا يميزون بين اللون الأحمر في إشارة المرور، ولون دمي الأحمر . كل الأضداد ذاكرة للنساء المخدَّرات عند الكوافير ، والمتسولاتُ يرددنَ الأناشيد الوطنية في طرقات الحصار . ذهب أَهْلي إلى العُرس ، وتركوني أنصب أعواد المشانق للقطط الضالة . وَحْدَكَ أيها العشبُ المعاق من تحتفل بيوم ميلادي الذي نسيته في زحمة قرون احتضاري . وَحْدَكِ يا جرذان القبو التي تضيء الشموع في كعكة عيد جثماني . إنسان مجهول الهوية، ووطن مجهول الهوية، وقبر مجهول الهوية، وجثة مجهولة الهوية .

في حنجرتي تلعب الطحالبُ النرد لأن الشمبانزي هو شاهد العيان الوحيد على جريمة قتلي في غابة الديناميت. غيومٌ مدفونة تحت التراب ، والقطة اليتيمة في أحضان الأميرة اليتيمة . إنني ملجأ الأيتام الذي قصفه النازيون . إذا كان رملُ البحر خليفة عماد الفايد ، فهل ستكون أشباحي خليفة ديانا ؟ .

28‏/07‏/2011

سبايا على السجاد الأحمر ( 2 _ 6 )

سبايا على السجاد الأحمر ( 2 _ 6 )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .

أيها النمل الدبلوماسي الموغل في الرومانسية والباذنجان ، إن الشعب في طحالي قِسْمان : شحَّاذٌ وسجين. يُخيَّل إلي أنني لا أنتمي لكوكب الأرض، بل أنتمي لشيء غامض يَكْتشف جُرحي، ويحرق دمي بشموع عيد ميلاد الغابات . دَافَعْنا عن الحيوانات بكل إخلاص ، وقَتَلْنا الإنسانَ بكل إخلاص . ها هي الخياناتُ تطلع من كل الجهات وتحاصرني .

لكن أعوادَ المشانق ومجازرَ الورد تُشجِّعني. صباحُ الحزن يا هلوسة شراييني ، ومساءُ المقصلة يا نحيبي . هي أظافري شواهد قبور للطيور في موسم الهجرة الأبدي. من كثرة أحزاني صرتُ دائمة الضحك ، ولا يرى ضحكتي غير المرايا الخشنة.

سأشتري فُرْشَاتَيْ أسنان: واحدة لقاتِلي ، وواحدة لحفار قبري. أما أنا فسأخلع أسناني لأوفر على حكومة اللصوص استيراد معجون الأسنان . إن عروقي تقطر كبريتاً ، ورقبتي مستودع لغاز ثاني أكسيد الكربون . أنتظر عرباتِ نقل الموتى كما تنتظر البناتُ الصغيراتُ باصَ المدرسة .

كلُّ الراقصين لا يعرفون لماذا يرقصون . ورقصتي على جناح بنفسجة هي رقصتي الأخيرة قبل الطوفان الحتمي. اخرجْ من كل أجزاء ذاكرة المطر، وكن مطراً حمضياً لأحرق تربةَ رئتي النحاسية.

كلُّ الناس يمشون في جنازتي إلا أصدقائي . مقتولةٌ أنتِ في كل الأحوال ، فلا تضيعي وقتكِ في التجول في سراديب محاكم التفتيش . كوني مطمئنةً لأن المقصلة ناعمة ورومانسية وديمقراطية . والأغرابُ يُزيِّنون شجرةَ عيد الميلاد بالباركنسون وعِظام الشَّفق .

صورتي الخشبيةُ في جواز السَّفر بلا ملامح . إنني المسافرة دائماً في وطن قتيل بلا ملامح . لقد قضيتُ حياتي في تصحيح أخطاء والدَيَّ، ولم أملك الوقت الكافي لأُحدِّق في الثلوج على مدخنة كوخي. ماء مخلوط بالكلور، أم كلور مخلوط بالماء. أيهما سيشربني في صحاري الصقيع . لمن سأتعطر ؟! ، لا أحد يهتم برائحتي غير الكلاب البوليسية . وحينما يختفي الفرق بين المشنقة والمقصلة ، يختفي الفرق بين ضابط المخابرات وراقصة الباليه . فَعَلِّمْ قططَ الشوارع الفرقَ بين ليلة الدخلة ودائرة المخابرات .

هل تستطيع أن تتخيل مشاعر الصرصار المسحوق تحت أقدام الجنود ؟ . هذا الموج يفرض سُلْطته على جسدي منزوع السيادة . عشتُ أم متُّ ، لن يعبأ بي أحد . لن يستطيع المغنِّي أن يخترع أغنيةً عني، ولن تُضرِب الأميراتُ عن التهام الكافيار حِداداً على إعدامي، ولن تقوم هوليود بتجسيد شخصيتي في أحد الأفلام .

أشعر بالرعد والوحدة أكثر من أي جرح مضى . ها أنا ذا أنشودة تم استهلاكها عاطفياً ، وتفريغها وجدانياً . خُذ نَفَساً عميقاً قبل أن تُعدَم ، ولا تقلقْ على زوجتكَ ، فسوف تجد رجلاً مناسباً غيركَ . يا أيها الإمبراطور الذي يملك أسطولاً من الحريم ، إن الغزاة على الحدود ، وأنت على حدود أعضاء نسائكَ . أنا والنارُ نتقاسم أكسجين رئتي وغابات المذبحة الشاسعة . لا تقلقْ على زوجاتكَ يا رملَ البحر ، فأسماكُ القِرش تعامل السَّبايا باحترام .

لا داعي أن تتاجري بثدييك على شاشات الزرنيخ . لا داعي أن تعرضي أعضاءك التناسلية في السوق السوداء التي يسميها الشيطان حضارةً . اخلعي أقنعةَ عولمة الجنس، وعانقي شرفَ النوارس عند حدود الشمس . البصلُ الأخضر ، وابتساماتُ تاجرة السلاح ، والعرائسُ اللواتي يُبَعْنَ على المذبح لمن يدفع أكثر . أنا العروس التي أضاعت موعدَ عُرسها للأبد . أنطفئ مثلما تنطفئ لاعبة التنس الأرضي تدريجياً .

البرتقالُ في موسم احتضار التفاح . هي أحزان الزوجات الخائنات العائدات إلى كوليرا غرف نومهن بعد يوم طويل بلا صيد ولا زبائن . عَذِّبوني في سراديب محاكم التفتيش حتى الموت ، ثم ادفعوا تعويضاً مالياً لعائلتي على شكل صكوك غفران . موسمُ الهجرة إلى اللاهجرة . وبعد موت شعوب النيازك في سجون التعذيب ستقوم الفئرانُ المثقَّفة بكتابة مذكراتنا . والريحُ أَسقطتْ جنينها مع سبق الإصرار والترصد .

تَوَحَّدْتُ مع ذباب الكبريت الأحمر . إن الطائرة التي أركبها تقع دائماً . يا أيها النمل الذي يحرث شوارعَ بنكرياسي ، هل أنا مزرعة خيول للكرادلة أو حديقة ديناميت لجيوش الإمبراطور العاجز جنسياً التي لا تُحارِب إلا في أحضان النساء ؟. كأن جفوني أعواد الثقاب ، وجبهتي مزارعُ التبغ الوحشي . والمدخِّنون يتخذون من ماءِ عيوني مقهىً شعبياً .

مُذ عرفتُ المؤهلاتِ الدراسية لفقرات عمودي الفقري أدمنتُ الندم . ليتني كنتُ مقودَ سيارتكَ يا زوجي الافتراضي لتضع يَدَيْكَ عليَّ . مَن أنتَ يا مَن أحرقتَ شهادة الدكتوراة في الفيزياء النووية من هارفارد وذهبتَ لترعى الماعز الجبلي في خدودي ؟ . يا كل بقع النفط العالقة على جدار معدتي، إن ليلة الدخلة هي ليلة خروج الموتى من القبور. لا أعرف أين يقع مطبخ بيتي، لأني مطبخ كبدي يحرقني دائماً ، ولا أعرف حركةَ عقارب الساعة ، لأن العقارب تنشد تراتيلَ المذبحة في بُلعومي . نحن نموت لكي يُركِّز هؤلاء في الغطس بين أفخاذ نسائهم . يا مَن تغرس شظايا جسدكَ في أجساد الزوجات الخائنات ، وتظن نفسك الإمام الغزالي . أنتَ لا شيء حتى لو اشترى لك أبوكَ كلَّ شيء . إن زواجي اختراقٌ أمني ، ونزيفي حضارةُ العمى .

تحت أظافري، تحت معطف الفيضان، تحت عيون امرأة تحب زوجَها مع أنه يضربها كل ليلة ، تحت بلاط غرف التعذيب ، تحت معاطف الفرو لسيدات المجتمع المخملي في سان بطرسبرغ ، تحت سكة الحديد التي انتحرت عليها أنَّا كارنينا، تحت فلسفة العشب النهائية، تحت الأرجل الصناعية لضحايا الألغام الأرضية، تحت دهشة البنات اللواتي يَبعنَ العلكةَ على إشارات المرور في الغيوم الركامية ، تحت كل تحت .

وبين ذقني ورقبتي تلعب الديناصورات العاطفيةُ الشطرنج بلا مربعات سوداء أو بيضاء. رائحةُ أسنان ذاكرة القش تنسيني اسم خادمتنا في منزلنا على ظهر حوت منقرِض . كم أود أن أنساكَ ليتركني الأرقُ في ليالي الشتاء الباردة ، مع احترامي لتاريخ العاهرات النضالي ! .

أنا لستُ أنا ، ولستُ غَيْري . وأحياناً يكون غَيْري أنا ، وأنا غَيْري . ولستُ أدري على وجه الدقة هل أنا موجودة في هذا العالَم أم لا. هل ينقصني عضو في جسدي أم جسدي كامل ؟ . قد أكون غَيْري وقد لا أكون . وإذا لم تفهم ما قلتُه فهذا يعني أنكَ غَيْركَ . لم أقبض ثمنَ شَعْري إلا عندما اكتشف الرعدُ في طحالي بئر نفط . لن أكون أول امرأة مسحوقة في هذا العالم ، ولا آخر امرأة . كلُّ فأرة لها ليلة دُخلة خاصة بها .

وأطفالُ أنابيب المجاري يبيعون العلكة للجرذان الرومانسية . وقلوبُ العوانس الوحيدات في طرقات الأمومة المتخيَّلة. استنسختُ جداراً جديداً لسِجْني. جِلْدي يمطر خيولاً وبنادق وحكوماتِ تزوير الانتخابات . أَجِنَّةٌ في بطون أمهاتهم يخططون لانقلاب عسكري في رئتي ، ويطلبون اللجوءَ السياسي في الأرض الرابعة . تُوصِل السيداتُ أبناءهنَّ إلى المدرسة بالسيارة الفارهة ، وأُوصِل جمجمتي إلى حفلة رقص الخفافيش بسيارة الإسعاف . يُرسل الأثرياءُ أبناءهم إلى المدارس الأجنبية ليرضعوا تاريخَ الغزاة ، وأُرسل أبناءَ الضباب إلى المعركة لحفر الخنادق .

مفاوضاتٌ مصيرية حول الأجرة بين المومس والزبون . أشعر أني معاصرة لكليوبترا رغم أني قتلتُ مسمومة في الحرب الأهلية بين قلبي ودماغي ، وأعيش في مجرة غير مكتشَفة حتى الآن . وَحْدَه الزهايمر الأنيق مَن سَيَدُلُّ المخبرِين على أوراق رئتي السِّرية . وَحْدَها الكوليرا من سترشد النوارسَ الخارجة من بياتها الصيفي إلى قبور البشر المرقَّمة كالزنازين الرومانسية .

يا مَن تُبدِّل عشيقاتكَ كالأحذية ، وتقود جمعياتِ الدفاع عن حقوق المرأة ، قل لي لماذا أُعجِب عماد الفايد بديانا ؟ . مَن سيتذكر عاملاتِ النظافة في قاع البحر . أعشقُ نَفْسي لدرجة احتقارها. دموعُ النساء خلف الزجاج الأسود لسيارات المرسيدس ، وبواباتُ القلاع النائية . رسائلُ مجهولة إلى امرأة مجهولة من رجل مجهول ينقلها ساعي بريد مجهول في وطن مجهول . هذه البنت الوحيدة التي تمشي في شارع السل تُفتِّش عن صديق هي ضريح سنبلة موؤدة . أرجوكَ أيها الموج العاشق لا تحبني لأني لا أحبُّ نفسي ، ولو كنتُ غَيْري لما تمنيتُ أن أكون أنا .

أنتِ أيتها المثقَّفة الذبابية المغرورة المتعجرفة ، يا من تبيعين ذكرياتِ أعضائكِ الحساسة لتزرعي أطنانَ المكياج الكيميائي على وجهكِ الذابل ، وتظنين نفسك رابعة العدوية . كلُّ الراتب الشهري يضيع على المكياج ، ماذا بقي لشراء قماش أكفانكِ أيتها العانسُ ؟ .

ارحلْ عني أيها الشفق لأعتنق الندمَ الحاسم عن سبق الإصرار والترصد . عندما أتجول في قاع المحيط الهادي أتخيل عيونَ الديناصورات كأنها شواهد قبور كلسية . لم أحضر حفلَ زفاف ابنة القرصان لأني كنتُ أنظم مفاوضات سلام بين أبي وأمي بعد حرب دامت عدة قرون . هكذا تُدهَن الأجسادُ العارية للرضيعات بدماء الخفافيش . مثل النمش على وجه مراهق غربي يمسح أحذية الجنود ، وينتظر ماري أنطوانيت كي تلهث وراءه . لك المجدُ يا نهر الذكريات تُعطي ظهركَ للملكات ، وتعلن سقوطَ نمور التاميل مكياجاً للخادمات السريلانكيات .

إلى متى سأظل أبكي عليكَ ؟ . أُترجم لحدي إلى لغة يفهمها بلاطُ غرفتي ولا يفهمها المخبِرون. هذا الأرقُ جغرافية لحمي لأن قميص نومي من السيانيد . من مراهقات ريو دي جانيرو حتى نساء العائلات الإمبراطورية . ومن نساء الأسكيمو حتى الزوجات الخائنات في سِيدني ، كل نساء كوكب الأرض مسحوقات ، لأن كوكبنا ضريح يتسع للجميع . نحن نتحرك في فوهة شواهد القبور داخل قبر بركاني مُزركَش يتَّسع نزيفاً مُزَخْرَفاً . كلُّ العالَم ينظر للمرأة على أنها دمية لأن العالَم مسرح للعرائس المحنَّطات في حُفَر المجاري .

ضَيَّعَني أبي صغيرةً ، وحمَّلني دَمَه كبيرةً ، ولم أَرِثْ منه غير حبال الغسيل على سطوح الحزن الميكانيكي . وبعد إعدامي سيقوم ابن عمي بتسديد كامل ديوني. زوجي الحطبُ ، وعُرسي الرمادُ. هكذا يزور الرملُ الطبيبةَ النفسية ، لأنه خائفٌ أن تتزوج أرملتُه من قاتِله . يا من تهتف في المظاهرات بكل حماسة لتُعجَب بِكَ ابنةُ الجيران . أيها القاتِلُ القتيل من سيصنع نعشكَ بعد إعدام النجارين ؟. ما هي العناصر الكيميائية في ملح دموع الراقصة بعد فشل رقصتها ؟ .

إنني تابوتٌ متجول بين التوابيت الشاعرية . والسناجبُ المثقفة تدرس تراثَ الحزن في مكتبة عُنقي . لم أرقص في ذكرى ميلاد الشيطان، لأن أعواد المشانق كانت تتعلم الرقص الشرقي في غرب نزيفي. شراييني مجردة من جنسية الأكسجين ، لأن قلبي انقسم نصفين : نصف موالٍ لحكومة المستنقعات، ونصف مُعارِض . وأنا شخصياً لا أعترف بدولة قلبي ، ولا بدستور عروقي ، ولا أُؤمن بشرعية وجودي خارج ثورتي . لقد حقنوني بالأساطير فصرتُ أسطورةً عيونها مفتوحة ولا ترى ، ضائعةٌ في الضياع ، غاطسةٌ في الشكوك وانكسار الذكريات في القطب المتجمد في الجهات الأربع .

خدودي الصحراوية أنشأ فيها النهرُ استراحةً لسائقي الشاحنات . اسمحْ لي يا نعشي أن أكره نَفْسي . رقصنا بما فيه الكفاية، وأضحت صالةُ الرقص فارغة مثل كل شيء لأننا نؤسس للفراغ . أجريتُ للشاطئ المغلق عملية قلب مفتوح ، لكن قلبي ظل مفتوحاً على سُيول الوديان. اكرهني بسرعة لكي أنساكَ بسرعة. عمودي الفقري سوق سوداء لبيع الأسلحة النووية . تزوجتُ نفسي وأنجبتُ احتضاري فحدث الطلاقُ ، فأنا مُعلَّقة بين الموت والحياة . ومنذ زواج أعضائي بالفراغ أعاني انفصاماً في شخصية أعشاب قفصي الصدري . هل كانت أنَّا كارنينا ترتعش من البرد حينما انتحرتْ ؟ .

أَلْقِ نزيفي في معركة الخيال وانسَ مُخيِّلتي . سنبيع الوطنَ في السوق البيضاء لنكتشف منحدراتِ قلوبنا السوداء . وبعد تصفيتي جسدياً سيبيعون سريري في المزاد العلني . ما أصعب أن تبكيَ يا قلب الليل ، ولا تجد أحداً يمسح دموعكَ غير السعال . وعلى ثياب النار دبٌّ قطبي يرعى قطيعاً من الضفادع . يا كوكبنا الذي صار أجملَ الأضرحة المزركَشة . أنا إليكَ ، لكنني لا أنتمي إليكَ . إن حبل المشنقة يفتخر بي . مراهقةٌ تساق إلى المقصلة لكنها مندمجة مع أغنيات المراعي . أسمع قرقعةَ بساطير الجنود وهم يحاصرون بيتي . بيننا المرايا يا احتضار القش في الضباب الهش . إن الموت هو الحب الحقيقي الذي يجمعنا . عُشُّ جنوني خارج سجوني. أثق بكل الناس سوى حراسي الشخصيين. إن لحمي قطبان ، ورئتي الأولى موجبٌ والثانية سالب ، فأنجذب إلى نفسي الوحشية . أشتاق إلى انتحاري أكثر من شوق الموظف إلى الراتب الشهري . إن الجنس ورقةٌ محروقة في محرقة جبيني ، سأبحث عن شيء أكثر عمقاً .

لماذا نحب أن نقتل الحبَّ ؟ . ميزانية دولة جروحي ملايين الأحزان وآلافُ أعواد المشانق ومئاتُ حُفر المجاري . وبعد إعدامي سيصنعُ الرمادُ من حيطان رئتي معاطف فرو للأرستقراطيات . كم عدد قلوب الفتيات الكسيرة المختبئة خلف شرفات القصور العالية ؟ . إنه العشق احتراقٌ خارج نطاق نظريات الكيمياء . لا الإمام الغزالي خطيبي ولا أرسطو ابن عمي ، لا أنا أنا ولا حزني حزني . كأن الأميرات ينتظرن حافلاتِ النقل العام تحت المطر الأخضر .

سَأَنْصُبُ خيمتي في شمال عَرَق البجع ، وأرعى قطيعَ الحيتان الزرقاء في صحراء الربع الخالي . أصعب شيء على رابعة العدوية أن تُرْمَى في وسط بغايا شيكاغو المحترِفات . إن إحساسها في تلك اللحظة يماثل إحساسي في هذه اللحظة . صداعي يدور بعكس عقارب الساعة كبوصلة الزوجات الخائنات . انكسرَ ظلي برتقالتين . أصطاد عقاربَ الساعة ، وأمصُّ السمَّ في حركة دورانها .

على منصة الإعدام ، وحيدةً كالسنديان ، تلقيتُ نبأ زواج جارنا الذي أحببتُه من خادمتي . هذا فراشي قطيع من الصحاري الجليدية ، حيث تابوت البطريق الوحيد، ودماءُ القطط التي دهستها عرباتُ الضباب على أكوام محاصيل الجنون . فتاةٌ تنتظر نمو ثدييها على أحر من الجمر لكي تتاجر بهما على شاشات التلفاز . شَرِبْنا نخبَ المقصلة بينما كانت الإمبراطورةُ تبحث في براميل النفط عن عشيق . دَعْني لِوَحْدي ، أنا لحدي ، والحزن مجدي .

يا أيها الوهم الحائر بين كاميليا الفايد وباريس هيلتون، إن ضوء مجزرتي آخر نفق الطوفان سيرشدكَ إلى اسمي . تدخل الأرضُ في جاهلية العَوْلمة في هلوسة الجنس. فَرسٌ عمياء تركب على حصان خشبي أحول. كل هذا البريق البعيد المخادِع ، حيث النعوشُ تصير إشاراتِ مرور على الجسور المدمَّرة . لماذا يبيع القياصرةُ الباذبجانَ على أرصفة السوق ؟ .

27‏/07‏/2011

هل توجد دولة في الأردن ؟!

هل توجد دولة في الأردن ؟!
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي
لندن ، 25/7/2011

لا يخفى أن وعود الإصلاح في الأردن هي كلام في الهواء لذر الرماد في العيون وكسب الوقت. فلا توجد إرادة سياسية لبدء عملية الإصلاح ومكافحة الفساد ، وذلك لأن الفاسدين يسيطرون على مفاصل النظام السياسي، ويتحكمون بمصير البلاد من الألف إلى الياء . وهؤلاء المتنفذون فوق القانون ، فلا يمكن أن تطالهم يد العدالة أو يتعرضوا للمساءلة والمحاسبة . وحتى لو أراد الملكُ أن يقود الإصلاح فعلياً ، فهو لا يستطيع تنفيذه على أرض الواقع، لأنه _ حينئذ _ سيصطدم بالحرس القديم الذين حَوَّلوا البلد إلى مزارع شخصية لهم ، وسيُدافعون عن مراكز نفوذهم حتى الرمق الأخير ، إذ إنهم يعتمدون على وزن عشائرهم ، أو قوة رأس المال ، أو علاقاتهم المتشابكة مع مراكز صنع القرار . لذا فإن الإصلاح خطرٌ حقيقي على هؤلاء الحيتان المستعدين للتضحية بالأردن _ من الرأس حتى القاعدة _ من أجل الحفاظ على أرصدتهم البنكية ونفوذهم الأخطبوطي . فولاؤهم لمقدار أرباحهم ، وانتماؤهم لسُلطتهم المتشعبة . وإذا شعروا بأي خطر عليهم فسيكشفون وجوههم الحقيقية ، وتسقط الأقنعة ، وتذوب الأغاني الوطنية ، وتختفي هتافات الولاء التي يتشدقون بها .

وهذه الحفنةُ ما كانت لتظهر لو كان في الأردن دولةٌ قادرة على بسط نفوذها على الكبير والصغير ، واحتضان أبنائها من شتى الأصول والمنابت . فالنظامُ السياسي فشل في صناعة الدولة ، إذ إن شرعية وجوده واستمراره مستمدة من تحالف القبائل الكبرى معه لقاء منافع متبادلة. ومثل هذه التحالفات البدائية لعبٌ بالنار، لأنها تتكون بدافع المصلحة لا الانتماء، وبدافع بسط سيادة القبيلة وتحقيق مكاسب لأبنائها لا تكريس الدولة كسُلطة عليا ذات سيادة وتتمتع بالديمومة .

إن عدم وجود دولة في الأردن أدى إلى ظهور مراكز قوى مدعومة بالميليشيات الأمنية البوليسية المستعدة لقمع المطالبين بالإصلاح ، ووأد نشاطاتهم السلمية . وهذا سيؤدي إلى عودة الأفراد إلى قواعدهم العشائرية لكي تدافع عنهم . فالفردُ حينما لا يجد دولةً تدافع عنه ، فسوف يعود إلى قبيلته ( النواة الاجتماعية الأولى ) لتُوفِّر له الأمان . وهذه عملية بالغة الخطورة ، فغيابُ الدولة من أذهان المواطنين سوف يقضي على روح الولاء ، واختفاءُ الحاضنة الشعبية الكبرى ( الدولة ) سيجعل كل قبيلة دولةً مستقلة بذاتها ، وهذا يشكل تهديداً للسِّلم الأهلي والوحدة الوطنية .

والنظامُ الأردني يتخبط طيلة عقود طويلة دون بوصلة ، وعاجز عن الاستجابة لعملية الإصلاح ، تماماً مثل شخص يعيش في كهف مدة طويلة ، فإذا أراد الخروج من عزلته فإن نور الشمس سوف يصعقه . وبسبب تغلغل الأمراض في جسد الدولة الأردنية الوهمية لفترة زمنية طويلة _ شأنها شأن باقي الدول العربية _ فإن استجابتها للدواء غير مضمونة . لذلك فمهمةُ الإصلاح شاقة للغاية ، وبحاجة إلى جهود مخلصة من شرفاء الأردن وليس أزلام الحكومات الفاسدة المتعاقبة .

ومن هنا تنبع أهمية تكوين حكومة إنقاذ وطني تتكون من أبرز الكفاءات الأردنية القادرة على انتشال البلاد من المستنقع العميق . فمن غير المعقول عدم وجود عقول خارقة في الإدارة والتنمية من بين ستة ملايين أردني . وإذا رفض النظامُ السياسي هذا الإجراء فينبغي تأسيس حكومة ظل من أجل الدفع باتجاه الإصلاح . أما أن تظل البلاد تغرق دون طوق نجاة، ونواصل الضحك على أنفسنا بهيئات حوار شكلية لا وزن لها ، قد فَصَّلها أزلامُ النظام السياسي على مقاسهم ، فهذا لعبٌ في الوقت الضائع . وإن الوقت الذي نستغرقه لتبرير أخطائنا والكذب على الشعب يكفي لإصلاح الأخطاء وإنقاذ الشعب . ومن العبث انتظار الإصلاح من هذه الحكومات المتعاقبة، فهي لا تملك من أمرها شيئاً ، ولا تعرف ما هو خط سيرها . وكما قيل: لا يذهب بعيداً من لا يعرف إلى أين هو ذاهب .

26‏/07‏/2011

الرؤية عبر مجهر القصيدة

الرؤية عبر مجهر القصيدة
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .
جريدة العرب اللندنية 25/7/2011

تتجلى أهمية القصيدة في كَوْنها استثماراً في جسد اللغة الحي والحركةِ الطبيعية للتاريخ. وبالتالي فإن الكتابة الشعرية تخترع تاريخاً جديداً للعناصر . مما يدفع باتجاه تعميق الدلالة الواعية للبناء الاجتماعي الذي يسبر أغوارَ المجتمع الذي يعيش فينا على شكل أفكار وقصائد وتجارب فلسفية وجدانية تأخذ بأيدينا نحو الضفة الأخرى للحلم، حيث تقيم ثقافةُ الأسئلة مملكتها الكبرى.

ومن خلال ترسيخ الفكر الشِّعري كحالة معرفية عمومية فإن مبدأ التجاوز سوف يتجذر في الجسد القصائدي ، أي إن تدفق القصيدة السلس والعارم سيجعل تقنياتِ النص الشعري تتجاوز ذاتها نحو شكل ثقافي أكثر تأججاً . وهذه الشكل القصائدي الذي يلد نفسَه باستمرار ضمانةٌ حقيقية للخلود والديمومة، لأنه عملية تكاثر مستمرة لا تتوقف . فالكتابةُ الشعرية هي خلايا فكرية مشتعلة تواصل لمعانها بفعل تراكمها وانقسامها . وهذا الانقسام لا يعني تشتت الفكر الشِّعري وضياعه ، وإنما يعني كثرة الولادات وتزايد الفروع التي تنتهي إلى أصل واحد ( القصيدة ) .

إن البنية الفكرية المرتبطة بتأثير القصيدة في الزمان والمكان نابعة من ثنائية ( الحِراك/ التحريك )، أي صناعة حِراك اجتماعي فعال وقادر على احتضان الجميع بلا إقصاء ، وتحريك الماء الراكد في المجتمع عبر كسر الجمود والملل الوظيفي. فالمجتمعُ المشلول بحاجة إلى الصدمة الكهربائية( القصيدة) التي تعيد الحياة إلى الخلايا الاجتماعية الميتة . وهنا تبرز أهمية الجرعات الشِّعرية في صعق الجسد المريض لإحيائه .

ومن خلال هذا الدور الثقافي الفعال في الإطار الاجتماعي تتضح أهمية الأبجدية الشعرية التي تقاتل على كل الجبهات. فالشِّعرُ أبجديةٌ تلد نفسَها لتعيد الحياة إلى مجتمعها ، وهذا الالتصاق الوثيق بالحياة يُعطي الشرعيةَ لكل الأشكال الثقافية الطامحة إلى تحرير الجماعة البشرية من الخوف والوهم.

وكلما بحثنا عن أدوار اجتماعية للنص الشِّعري اكتشفنا نقاط القوة في كيان المجتمع . فكثيرٌ من المجتمعات تظن نفسها ضعيفة مع أنها عكس ذلك . وهنا يتجلى دور القصيدة في رؤية ما لا تراه العينُ المجرَّدة . وبالتالي فإن النص الشعري _ في حقيقة الأمر _ عبارة عن مجهر يكشف لنا العناصرَ غير الواضحة للعيان . مما يقود إلى اكتشاف رموز جديدة لتاريخ الحلم الاجتماعي ، وتكوين تفسيرات جديدة للسلوك الشِّعري وارتباطه بالحلم الإنساني الطامح إلى التغيير .

25‏/07‏/2011

سبايا على السجاد الأحمر ( 1 _ 6 )

سبايا على السجاد الأحمر ( 1 _ 6 )
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .

أَصِلُ إلى مِقصلتي متأخرةً مثلما تصل البناتُ إلى مدرسة الاحتضار متأخرات . رِجالٌ لا ينظرون إلى وجوه نسائهم إلا أثناء الجِماع . وضعتُ نظرياتِ انتحاري بمساعدة سناجب الحزن. سأقترح على خالتي أن تبنيَ مفاعلاً نووياً في مطبخ بيتها . أَجَّرْتُ ضميري لحفاري القبور المتقاعدين . أعضائي لصوصُ حُلْمي . أنظرُ إلى عيون الخوف بلا خوف . أحتفظُ بالحيوانات المنوية في رَحِمي، لكني لستُ حديقةَ حيواناتٍ . أيتها المرأةُ الوحيدة في الممرات الباردة ، إن النوافذ تطلُّ على الفيضان البنفسجي . ما أحاسيسُ ضابطِ المخابرات في ليلة الدُّخلة ؟ .

وراءَ عُزلةِ ثلوجِ المرتفعات مُقاتِلةٌ في منظمة إِيتا مُصابةٌ بسرطان الثدي . مكياجٌ ثقيل على وجوه بنات رجال المافيا كما تضع عشيقاتُ رئيس الدولة سياساتِ الوحدة الوطنية . إن ابنة تاجر المخدرات تدرس الفيزياء في هارفارد . دعوني أُمارسْ تمارين روتينية على إعداد جنازة الأدغال .

استسلمتُ لتداعيات الرماد . لا المعْبَدُ الذي يبكي فيه الغبارُ طريقٌ للسنونو ، ولا مجزرة خدودي العارية من القُبَل اسمُ الرصيف . كل طرقاتي مزروعة بالكلاب البوليسية . فلا تنتظرني يا خطيبي الوهمي على أرصفة الميناء التي يضع قراصنةُ بلادي عليها الذهبَ الأسود والرقيقَ الأبيض ، ولا تُصدِّق أنني سَأُقبِّل يَدَيْكَ لئلا تتركني . اتركني أو لا تتركني . لقد تركتُ نفسي .

كلُّ المتسوِّلين يصطادون السمكَ في دمي المتخثر . كالخريف الراكض على طلاء أظافر السيدات اللواتي ينتظرن صكوكَ الغفران في محطة القطارات الفارغة . والإضراباتُ تدخل سنتها الضوئية العشرين . أدسُّ في دم الشجرة سمومَ النحيب وخواطرَ رياح الخماسين. تعودتُ أن أقمع قلبي بإزميل الانطفاء . معتادةٌ على قمع أعضائي، فأنا دكتاتورة داخل جسمي ، أحكمُ حواسي بالحديد والنار والحزن وأخشاب المذبح . أنا دكتاتورة على قلبي ، أمارسُ تطهيراً عِرْقياً في كريات دمي لكي أنساكَ يا حبيَ الوحيد يا احتضاريَ اللذيذ .

أظل أعلنُ مَوْتي لأكتشف امتدادَ رموشي . رجاءً يا ذئب الرصاص ، العب بمشاعري بتابوتي بالجنون . وسعالُ الشجر أتعاطاه لكي أنسى دموع أمي عندما يضربها أبي . عظامي لغةُ الليل ، لكن ظلامي أخرس . عولمةُ أجساد الكلاب، ورجالُ المافيا الذين يضعون بناتهم في المدارس الراقية. إن القصيدة ماءٌ يسير في غابة الأشباح وأمكنةِ اللامعنى . أحرث المستحيلَ فتحرثني الثقوبُ السوداء عند حافة الكون، كما تنكسر عيون الفقراء أمام سيارات المرسيدس لصاحبات الدماء الزرقاء. (( يا بنتُ أهلوك قد جعلوا جمالك سلعةً ، وباع بنو أبي أوطاني )) .

شمعةٌ تلد حائطاً يلد كآبةً تلد رصيفاً يلد ثلجاً . انتحاري وَضْعُ أعراس جسدي الباكية في أقصى مدى الاحتراق . إن لمكياج الزوجة الخائنة طَعْمَ الرُّفات . سأُجري لقطتي تنفساً صناعياً . أنا أكرهكَ من كل قلبي لأني أحبكَ من كل قلبي . أخونُ القصيدةَ مع القصيدة . لا يُشرِّفني أن أنتميَ إلى رفات قلبي . ليلةُ الدخلة سِفْر خروجي من المنفى إلى المنفى شبحي الأحولُ كابوسي سِفْرُ رؤياي الأعمى تعاليمُ عظامي التي صارت حطباً للموقدة . أخاف من الفعل الجنسي ، ولستُ مستوعبة حتى الآن كيف يجرأ الزوجان على ممارسة الجنس .

ومعجونُ أسناني مزرعة يورانيوم وحجارةٌ برمائية . كلُّ أنثى هي دموية الشجر وأرشيفُ الفراشة . أَنْفي مَخْفرٌ تحط الخفافيشُ على سطحه .

لو رأيتُ رجلاً عارياً تماماً يقف إلى جانب حائط ، فإنني سأنجذب إلى الحائط . أهدابي صنَّفت بَطْني كمنظمة إرهابية . آلهةٌ من الخشب المحترِق . إنها الحزن النقي . لماذا تضيع وقتكَ في انتظار جارتكَ التي تنشر الغسيلَ وهي بقميص النوم الشفاف ؟ . إنها تقضي شهر العسل في المقابر الخشبية . هذه جوارحي طيورٌ جارحة .

الأمازون يصبُّ في دِجلة ، ودجلةُ يصب في دمي ، ودمي يصب في حفر المجاري. إن العالم صار سوق نخاسة، والمرأة هي الضحية لأنها القاتلة . أرفض الصليبَ لأنني مصلوبة إلى الأبد . ونَخْبُ شواهد القبور أشربه كاليانسون المخلوط بالسيليكون . دمي مفتوح ، فادخلْ أيها الدود الرومانسي . كل الموتى يتشابهون إذا كنتَ تنظر إلى الموت من مرايا جارتكَ . أنتَ جسد الشطآن، وخدودكَ منجنيق . إنني بركان أنوثة ، لكن الأمواجُ المسمومة تحاول منعي من قذف حممي على هذه الأرض اليباب، (( جئتُ لأُلقيَ على الأرض ناراً فكم أُريد أن تكون قد اشتعلتْ ؟ ))، حيث القبرُ يدخل في القبر فأُولَد أنا . وعلى رموشي تهرول براميلُ النفط . لستُ حُبلى لكنني في حالة إجهاض دائمة . سأخرج من كينونة عشب النيازك ، وأعيش في حلقات زُحَل . أرجوكِ يا شمس بلاد اللصوص ، اكرهيني من كل قلبكِ . قميصُ نومي من النيتروجين السام . ماري أنطوانيت لسعها العقربُ لأنها من مواليد برج العقرب . لقد أخذتُ حصتي كاملةً من الاكتئاب والصدمات العاطفية . اكرهني لكي أعرف كم كنتُ غبيةً حينما علقتُ قلبي الوحيد على جسدِ الرَّعد . أظل أرتدي نظارات سوداء لكيلا يرى الناسُ دموعي المتيبسة في قلاع عيوني .

النسكافيه المخلوطة بالبلوتونيوم وأمراءُ الحرب . سأبني في شمال شاهد قبري مصنعاً لتكرير الملح في دموع العشاق . كثرةُ الصدمات العاطفية في حياتي جعلتني أخاف من الرجال ، حتى من أبي .

سأهرب منكَ لكي أُعلِّم حواسي الندمَ على فراقكَ . خَدِّي الأيمنُ عِلْمُ الفيزياء ، وخَدِّي الأيسرُ عِلْمُ الكيمياء ، فهل ما زال زوجُكِ يضربكِ يا مُعلِّمة الرياضيات ؟. لماذا يحوِّل الغزاةُ نساءهم إلى أحذية ؟. لا تعطي قلبَكِ لغريب لأنه سينساه مع فرشاة أسنانه في حقيبة السَّفر . لم أكن أعرف أن الرمل سيلعبُ بقلبي اليتيم . سأحرق جوازَ سَفري لأن عيونكَ جواز سفري تحرقان قشَّ إسطبلاتي ، وسأتنازل عن جنسية الرماد لأن المجرة هي جنسيتي . أنتحل شخصيةَ الحطب لأظل أحترق في مواقد الحزن . وجوهُ الموتى تقرأ اسمي تلالاً للعشاق الخائنين ، وأظل أقرأ شواهد القبور لعلي ألمح جغرافيةَ أجساد النوارس المهاجرة أبداً إلى كينونة اللاغيم واللافضاء .

رقبتي هي الحزن الأكثر نمواً في أسواق النخاسة . وسرطانُ الثدي الذي يفترس صدري أضحى اسم عائلتي المنفية خارج المنفى . لا تسألني لماذا أُربِّي في فتحة أنفي دببةَ الباندا . إن اكتئابي مبنيٌّ للمجهول لأني أنا الموتُ المبني للمعلوم الواضح ملء الغموض . اكرهْني وابتعدْ عني ، فأنا لا ينقصني صدماتٌ عاطفية جديدة ، وأحزانُ البدو الرُّحَّل ، وأشواقُ البحَّارة الذين لا يَرجعون .

مليونُ رَجُلٍ يرسمون موتهم على رئتي ، لكنني أرسم حياتي على سبورة اكتئابي . وكلُّ الموتى يُراهِنون عليَّ ، وأراهنُ على حفار قبري . مومسٌ مثقفة ، ووطنٌ لكل المرتزقة لكل الراقصات لكل المشانق الناعمة لكل السجون الباردة لكل النساء المسحوقات لكل الرجال المشنوقين لكل اللصوص الأنيقين لكل الكلاب البوليسية ، مثلما يتحرش الحطبُ بأخشاب حزن العشب جنسياً . سَأُروِّضُ اكتئابي الشرس بشَعْر الخيول المنهَكة . قال الرمل : (( جسدُ المرأة لم يعد يستفزني ))، وقالت النار : (( جسدُ الرَّجل لم يعد يحرقني )) .

حزنٌ منزوع الدسم . فليعاد تكريره لتنسجم هندسة شاهد قبري مع تابوت المطر . أنا وأنتَ يا قلبي زميلان في الغباء ، لأننا نحمل صليبَ ابن الزُّبير معنا في شهر العسل . عُمُرٌ واحد لا يكفي لتحقيق كل انتحاراتي . هذه أنا وهمٌ متكرر كالحزن النازل من مزاريب الأزقة القذرة. لا أحبُّ أن يرى دموعي سوى مرآتي . عمودي الفقريُّ المؤقَّتُ هو حارس النهر الإلكتروني.

إنني مقبرةٌ متنقلة ، فيا كل حفاري القبور اسكنوا فيَّ ريثما تبني لكم الحكومةُ مساكن شعبية في حفر المجاري . فقدتُ شغفي بالأشياء . أرى الشمس مثل القمر . أرى الرجل مثل المرأة . أرى الحي مثل الميت . أرى الدولة مثل اللادولة . أنظر إلى المرآة فلا أرى شيئاً . أضعتُ عنوان بيتي . نسيتُ موقع جفوني . لم يعد يعرفني في هذا الضياع غير القطط الضائعة التي ترصد حبي الضائع. قارورة عطري ليس فيها سوى اليورانيوم . جدائلي لا تحتوي إلا على المبيدات الحشرية . إن مستقبلي وراء عمودي الفقري ، وراء كل وراء .

وفي ليالي الشتاء ، حيث الموقدة المطفأة تمشي على قدمين، والشاي بارد كأطراف أصابع حفاري القبور، لا أجد من يحضنني غيركَ يا رصيف التشريح . هناك ، في أعماق جواربي الرقيقة تبني السناجبُ المنبوذةُ مفاعلاً نووياً للأغراض العسكرية .

كلُّ جدران غرفتي أُصيبت بذبحة صدرية. كلُّ البراويز على جدران مقبرتي أُصيبت بالكوليرا ، ووحدي أسير في الشوارع بلا حواسي . نسيتُ رئتي على مَقعد غامض في محطة قطارات وهمية . أكتشف الحالةَ الرومانسية للبطيخ لكي يكتشفَ ستائرَ جنازتي الغرباءُ المارون بين أصابعي البلاستيكية. وَحْدَه الموجُ من غسَّلني حيةً وميتة ، متُّ قبل أن يُولَد موتُ السنابل ، إنني شبحُ المرايا البعيدة ومساميرُ أرشيف النبيلات اللواتي يعتبرن الخيانةَ الزوجية مكياجاً لا غنى عنه .

أكتب احتضاراتِ البجع على سبورة خدودي لئلا أزور الطبيبَ النفسي. نسيتُ مفتاح قلبي عند خشبة المذبح . هل ستنقذني رومانسيةُ سيلين ديون إذا ذهبتُ إلى جهنم ؟ . لقد ذاب مكياجُ الأميرة ديانا إلى الأبد .

سلاماً أيتها الصحراء الجليدية المحاصَرة بين جفني والرموش . كلُّ ما حَوْلي يخونني يغتالني ، لكنني الخائنةُ الأولى لروحي المشطوبة في دفتر فيزياء لمراهِقة تكره نفسَها وتحب ابنَ الجيران . انظرْ إلى ما وراء مكياج الطحالب ، انظرْ إلى أحافير قناع البنفسج . اشنقْ طيفي وسأهديكَ سيارة مرسيدس وَرِثْتُها عن دودة القَز . مطرٌ ناعم على جِلْدِ البحيرة الخشن . للفيضان الجالس على رموشي تبرعتُ بأكسجين رئتي . دمي الأحمر على السجاد الأحمر . من سيصبغ زنابقَ احتضاري بالأخضر ؟ . أتحرك كالمستنقعات على رقعة الشطرنج بلا ماضٍ ولا مستقبل. ويختلط دمُ الراهبات الملوَّث بالأجراس بسدود الحليب .

في دولة الهستيريا ، حيث جثثُ الفتيات المغتصبات في حُفَر المجاري ، ودمُ الحيض على أرصفة النبيذ القذرة ، وأغشيةُ البكارة ترصف بلاطَ المسابح المختلَطة . هناك ، يصبح رجالُ المخابرات أكثر عدداً من الشعب ، ويصبح الشعب بلا شعب . الدموعُ تقرع نوافذَ شتاء الأرامل الشابات كالدبابيس في ثياب الطوفان . ويتكرر موتُ الأزهار خمسين ألف مرة ويمشي على أظافر البنات واثقاً من موته . أدخلُ في عزلة الجنون تمساحاً يعزف على البيانو، وضفدعةُ الذاكرة يتدلى الصليبُ بين ثدييها المصلوبين على رخام الأكذوبة .

ارحميني يا أخشابَ صليب ابن الزبير ، هاجري من منامي إلى الأبد . يا كل الزوجات الخائنات في شمال الأرق ، لا تصدقنَ صفيرَ القطارات البخارية ، وهي تَعْبر على تنورة الرصاصة . آخيتُ بين الماءِ والنار . ثلوجُ الظمأ ولوحاتُ السيارات الدبلوماسية ، والتوابيتُ الأنيقة ، والمرأةُ التي تُنقِّب في خدودها عن منجم للفحم أو المكياج ، وبداياتُ الصقيع العاصف ، ورجفةُ آينشتاين في القبو أو مختبَر الوحدة ، وطباشيرُ مُعلِّمتي الإنجليزية وهي تمسك السيجارة بين السبابة والوسطى، واليتيماتُ على إشارات المرور اللواتي يمسحنَ سياراتِ سيدات المجتمع المخملي، والفتاةُ الفقيرة التي لعب الأميرُ الشاب بعواطفها، ثم رماها لأصدقائه الذئاب ، والبغايا المتقاعدات مبكراً لتربية أطفالهن تربية حسنة ، وطالبةٌ جامعية تنتظر جلادها في الكافتيريا ، والمذيعاتُ اللواتي يكشفنَ أثداءهن المسرطَنة ، ويفرحنَ لأنهنَّ دُمى في مسرح للعرائس ، ومُهرِّجاتٌ في سيرك محترِق حتى الثمالة . وخلف ضباب الستائر المخملية ، حيث يغتصب رَجُلٌ تافه زوجته التافهةَ التي تكرهه ، مثلما يتحرش مدراءُ المكاتب بالسكرتيرات في ناطحات السحاب، حيث البرق أقرب ما يكون، والرعد أشد ما يكون ، والشرف أبعد ما يكون .

كلُّ بنات الجيران مصلوبات على أعمدة الكهرباء الأنيقة ، لكن الكهرباء مقطوعة. وَحْدَها الشحناتُ الكهربائية في دماغي من ستنير أسوارَ المدفن . كان طموحُ مناجم الفحم أن تبكيَ على كتف زوجها. وفي هذه البلاد التي يتحدث أهلها اللغة الجنسية بطلاقة، كان حُلْمي أن أجد امرأة مخلصة لزوجها . لا أحد سيتذكر مناديلَ الفِراق على أرصفة الميناء ، ولا كلاب الحراسة ستفهم لغةَ عيوني . ها هو الثلج الساخن باردٌ جنسياً . أرعى قطعانَ الصدمات العاطفية في أدغال هلوسة كُحلي .

سَيِّدي الموت الشقيق ، أرجوكَ ، تعال إليَّ مسرعاً . عَرَقُ الملكات ، وربطاتُ العنق للمرتزقة ، وجواربُ اللصوص الممزَّقة ، والتطهيرُ العِرقي في شراييني العاشقة . اقتلوني في أسرع وقت ممكن لتتعزز مسيرة الرومانسية في ظل الوحدة الوطنية . تأخرتْ عروقي عن المقصلة كما تأخرت الراقصةُ عن موعد رقصتها الأخيرة . بدأتُ أفقد شغفي بالأشياء، وجودي كعدمي ، وقَاتِلُ الحب كالمقتول من أجل الحب . تساوتْ في عيوني الأضدادُ . لم أعد أشعر بحركة أعضائي الأسمنتية . يُخيَّل إلي أنني أعيش على هذه الأرض قبل طوفان نوح ، وأنني إذا فتحتُ بابَ حُجرتي فسأجد مَلَكَ الموت ليقبض روحي . لكنني متُّ منذ مدة بعيدة ، وما تبقى مني هو هياكل الحلم الفاني . نحو اللاشيء تسير أشيائي اللاشيئية . لا تبكِ عليَّ عندما يغتالني الصدى ، ويقيم الصوتُ مملكته في أكسجين رئتي . ما فائدة أن أعيش وكلُّ شيء حَوْلي يموت ؟ . لا أصدق أن كائنات حديقة الحيوانات وَحْدَها تهتم بمشاعري . لا تدخلي عليَّ يا ممرضتي والصليبُ على صدركِ لئلا يزداد مرضي . سأترك للموتى أن يُحدِّدوا عددَ أمتار أكفانهم . كانت حياةُ العشب أشبه برجل يخطب امرأة من زوجها. تلتقي النظاراتُ السوداء ، لكن عيوننا لا تلتقي أبداً . وكلما مشيتُ تساقطتْ أعضائي على الإسفلت .

24‏/07‏/2011

يوميات زوجة ضابط المخابرات

يوميات زوجة ضابط المخابرات
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .

سأعيدُ هندسةَ الحزن لأرى أعضائي من جديد خارج سِفر الرؤيا. معدتي مقبرة الحريم، لأن البشر الذين لا يعرفون سوى ممارسة الجنس يتكدَّسون على سطح كُوخي المحروق . إنني ضريحٌ سائر بسرعة الضوء نحو انطفاء الضوء .

أُنصِّب جمجمتي ملكةً على الزجاج الملوَّن . أنتخبُ انتحاري ، وينتخبني الصدى . ما فائدة أن تتعطر القتيلةُ أمام سماسرة صكوك الغفران ؟ . رجالٌ كالجرذان الخشبية لا يحلمون إلا بأغشية البكارة للنساء المتبرِّجات . أنطفئ مثلما ينطفئ لاعب كرة القدم تدريجياً . صوتُ نبضات قلبي يزعجني ويُؤرِّقني .

من الماريجوانا حتى الإجهاض مروراً بالشمبانيا ، هذا هو تاريخ القتيلات الجالسات على شرفات مسامات جِلدي الملوَّث . الكابوسُ أن تمنحكَ امرأةٌ ما قلبَها ثم تكتشفُ بينكَ وبين نفسكَ أنك وغد ، أو أن تمنح امرأةً ما قلبكَ ثم تكتشف أنها من المافيا . مُدمنٌ عَظْمي على الانقلابات . حزينةٌ أنا حد التماهي مع المطر . خجولةٌ أنا حد التماهي مع الجنون . أحببتُكَ من كل قلبي ، ولم ألعب بعواطفكَ .

إن كل حواسي هاجرتْ باتجاه عينيكَ . ولكنني كلما أحببتكَ أكثر ازددتُ تعاطياً لمضادات الاكتئاب . كلما تذكرتُ وجهكَ تذكرتُ موعدي عند الطبيب النفسي . يُحوِّلني الزنبقُ إلى وهم خشبي . سجائرُ مبتلة . أمهاتٌ يشرحنَ لبناتهن اللواتي تم بيعهن تفاصيلَ ليلة الدخلة ، وكيف تكون المرأة حذاءً لزوجها السمسار الجسدي الذي اشتراها بالتقسيط الممل نعلاً للنخاس لحفار القبور للمقامِر لرجل المافيا الأنيق لمن يدفع أكثر .

هل تستطيع الراقصةُ نسيانَ أسلوبها في الرقص ؟ . هل تستطيع الفتاة المراهقةُ نسيانَ وجه مغتصِبها ؟ . هل يستطيع السجينُ نسيانَ وجه سجانه ؟ . هل يستطيع حفارُ القبور نسيانَ وجه الميت ؟ . هل تستطيع حكومةُ الزهايمر التي تسرق كل الكائنات نسيانَ وجوه الشعب المتسوِّل ؟ .

هل تستطيع الساقطةُ نسيانَ وجه زوجها الذي تخونه في عيد زواجهما ؟ . هل تستطيع الخادمةُ نسيانَ وجه سَيِّدها الذي لعب بعواطفها لأنها فقيرة ثم تزوج ابنةَ عمه المليونيرة ؟ . هل يستطيع بيل كلينتون نسيانَ وجه مونيكا ؟ . هل يستطيع الصليبُ نسيانَ الجسد المعلَّق عليه ؟ . هل تستطيع الموؤدةُ نسيان وجه أبيها الذي دفنها ؟ . هل يستطيع قلبي نسيانَ وجه الشَّاعر الذي أحببتُه ؟ . هل يستطيع بلاطُ صالة الرقص نسيانَ أقدام ماري أنطوانيت ؟ .

ما الفرقُ بين بنات الإمبراطور وعاملات النظافة في أزقة التيفوئيد ؟. يا جارتي ذات الأحاسيس غير الشفافة، لماذا تنشرين الغسيل وأنت ترتدين قميص النوم الشفاف؟.

رئيسة الجمهورية ترفع تنورتها شيئاً فشيئاً . طموحي أن أُفرِّق بين مقابر القياصرة ومقابر اللصوص . طموحي أن أكتشف الكبتَ الجنسي في أجساد مراهقات سان بطرسبرغ. اضربْ زوجتكَ ثم ضاجعها ليتحقق العدل والمساواة في دولة القانون والمؤسسات . لو أن ممثلات هوليود ينفقن على الفقيرات عشر ميزانية ملابسهن الداخلية، لما ارتفع تمثالُ الحرية على أصابع الأطفال المذهولين زَبَداً . ما المادة الأولى في دستور دولة اللصوص ؟ .

يا سَيِّدنا المسيح ، أأنت قلت للكرادلة أن يتحرشوا جنسياً بالراهبات في الأديرة المتوحشة ؟ . أيتها السيدة العذراء ، أأنت قلت لماريا شارابوفا أن ترتديَ تنورة فوق الركبتين وتضع الصليب بين ثدييها المكشوفين ؟ . وَحْدي أركض في برميل الجنون كأظافر بنات أورشليم وهن ينتظرن آباءهن العائدين من قتل الأنبياء .

لا اسمي ظلال البنفسج ولا رئتي مزرعة خشخاش للجنود المصابين بالاكتئاب جراء الهزيمة . أنتَ موتي لأن جثةَ هذا المدى مُضرَّجةٌ بالأوسمة الملكية . إن الأنثى هي دَمويةُ كُلِّ المحيطات . دمُ الولادة الأولى ودمُ الحيض ودمُ الولادات ودمُ الدموع ودمُ حرارة أجساد النساء المغتصَبات . هل بغايا هافانا سائراتٌ على خطى تشي غيفارا ؟ .

لو أني ألعب القمار مع أميرات أوروبا في جزر الكناري لصرتُ من سيدات المجتمع المخملي . لو أني أنتقل من فراش رجل إلى أحضان رجل آخر لصرتُ جديرةً باللقاءات الصحفية . لو أني أبيع لحمي على فضائيات الفيديو كليب لصرتُ متصدرة المجالس في السهرات الاجتماعية . لو أني بعتُ فلسطين لأشتريَ خاتمَ سوليتير لصرتُ محاضرةً في جامعة أكسفورد.لو أني أشتم الإسلامَ ليلاً نهاراً لصرتُ جديرةً بجائزة نوبل للآداب . لو أني أتجسس على الشعب المظلوم لصرتُ مستحقةً لوسام جمهوري. لو أني خنتُ جارتي المشلولة لصرتُ زميلة كاترين زيتا جونز في حفل جوائز الأوسكار. لو أني بعتُ أحزان الراهبات واشتريتُ سيارة مرسيدس لصرتُ فارسةً في صالات الرقص .

بين أصابعي ترقص إسطبلاتُ الإمبراطور ، وجبهتي صارت أدغالَ بكتيريا. كم مرةً يجب أن أموت لأشعر أنني على قيد الحياة ؟ . جارتي تفكِّر في خيانة زوجها . شيء مؤسف أن يكون هناك رجل وامرأة لا يجمعهما سوى الفِراش . الرومانسيةُ أن تجلس مع زوجتكَ في ليلة شاتية أمام الموقدة وتخططا لقلب نظام الحكم في قلب القطة الجالسة معكما. إذا ضللتَ طريقك سوف تجدني.

لكن جارتي الأرمنية ستنتخب كَلْبَتَها التي تهدد باعتزال الحياة السياسية . وأرعى الغنمَ في سفوح هذه البلاد التي تشنقني لأني أنثى . لا ظلالُ رَجُلٍ على جسدي اليابس ولا دهشةُ الدجاج الذي يسوقه الغيمُ إلى الذبح .

مثلما ينهمرُ عَرَقي في حفر المجاري. إنني حارسة ذكريات كل العشاق الفاشلين. مشنوقةٌ أنا مَرَّتَيْن ، مرة عندما أحببتُكَ ومرةً حينما افترقنا . قرفتُ من قصص الحب الفاشلة والنساءِ الدُّمى والرجالِ المرتزقة كما قرفتْ هند بنت النعمان من الحجَّاج . أنا عروس بدون ليلة الدخلة . تتسلحين بدفتر الشيكات وأتسلح باكتئابي . أمي الخيالية وزوجي الافتراضي وحدهما اللذات يريان دموعي .

يا راهبات الفرنسيسكان ، اقرأنَ سِفْرَ الرؤيا على أرشيف العُميان . نباتاتُ الملل ، وحبلُ الغسيل الطويل ، والمعبدُ المهجور ، والديرُ المحاصَر بالسيول . اكتئابُ الراقصات غير المحترِفات بعد رقصة فاشلة . مَن المهرِّجُ سعيد الحظ الذي أَحْبَبْتِه يا مراهقةً مصلوبةً على أزقة سان بطرسبرغ ، وأهلك سيبيعونكِ له بالدولار ؟ . قرودُ حكومة القش يمارسون دورهم في تعزيز الوحدة الوطنية .

إن دستور دولة الهذيان مصممٌ لكي يسرق الأغنياء الفقراء في وضح النهار . سأقضي شهرَ العسل في حلقات البطيخ. قضيتُ حياتي باحثةً عن الحب، وحينما وجدتُه دفنتُه بيدي . أنا أي شيء إلا أنا . الوطن الآخر والشعب الآخر والحلم الآخر. مُذْ عرفتُكَ عرفتُ معنى النحيب . كلما نظرتُ إلى طفلة الصدى رأيتُها خلف مرايا نهايات الخريف شيخوخةً ترتدي أقنعةَ الموتى ، وتسير على عكازتين نحو الانطفاء الحاسم . يا قلبي انْسَ وجوههم ، اعتبرهم قد ماتوا لترتاح من عدوى الذكريات . أظل على مقاعد صالة الانتظار في المطار جالسةً بلا جواز سفر، حيث لا أحد ينتظرني ولا أنتظر أحداً .