" احجزْ نسختكَ من صكوك الغفران ذات الحجم العائلي " . وطلبتُ من الأسماك مساعدتي بعد إيهامهم أنني أحملُ لعب أطفالٍ لتوزيعها على أبناء البِطْريق. والذكرياتُ تتفجر في عضلاتي ، ودخل عشبُ القلوب إلى المسرح الكبيرِ . تلاميذُ رَوْضةٍ لن أذكر اسمها لأسبابٍ أمنيةٍ يقودون تمرداً عسكرياً على جيش السُّيول . وضعتُ دمائي التي تم توقيتها في أمكنةٍ تَبتلع أزمنتي .
وَضَعوني على خشبةِ الإعدامِ ، وحينها فقط أدركتُ معنى الديمقراطية. ولما سرقوا أراضي الشمس عرفتُ معنى الأخوة البشرية . وعندما عَرَفَ الطوفانُ أن خطيبته من الاستخبارات العسكرية فَهِمَ معنى الحب الأول .
قصائدي ، إِنْ بلغكِ نبأُ وفاتي فاستمري كما كنتِ كوكباً منفصلاً عن فوهات المدافع . لَمْلِمي مطراً للفجر ، عُودي إلى الغسقِ ولؤلؤِ ارتباكي. منثورةٌ سِحنتي في أغوارِ لُعابِ الرعد. هو ذا يجيء من سُحُبٍ أهزوجةً . ليتَ ظلَّ السماواتِ الفسيحةِ يتعرفُ على قاتلي . هؤلاء الضاحكون في خاصرتي سَيَرْكَبون هزائمَ البحرِ الأخيرةَ . ضَحِكْنا وكُنَّا للبكاءِ فُوهةً زفرةً ليلةً من الدمعات الإلكترونيةِ أُمسيةً مُرتعشةً عَشاءً مع صحونٍ فارغةٍ ابتساماتٍ من نحاسٍ .
وَأَدَعُ حَفَّارَ قبري في هدأة احتمالاتِ عودةِ فاقد الذاكرةِ إلى بناته. هَاتِفَاً بوبر الجَمَل وبصحراء غريبة تأتي من شظياتِ المرمر تشتهيني. أتعرفين تاريخَ أول مَصَّةٍ من ضِرْعِ النَّعجةِ، والعِطاشُ مُلْقَوْنَ خَلْفي يتجاذبون أطرافَ الظمأ ؟ . ماتوا وفي أعينهم أضرحةٌ ملكيةٌ ، ماتوا فاقدي الجنسية . وتذكرتْ رجفاتُ البساتين _ عند موتهم _ أن تصدرَ لهم شهاداتِ ميلادٍ، والموتُ ميلادٌ . وأنا الميِّتُ المولودُ لا المولودُ الميِّت . تواريخُ الإبادةِ الجماعيةِ تلاحقني من قصيدة إلى قصيدةٍ . وما وجدَ اللاجئون غير صناديقِ الاقتراعِ في دويلات الهذيان لكي يَحْتموا فيها من القصفِ الجوي .
رُبَّ حُكْمٍ بالإعدامِ ينالُكَ ، صَادَقوا عَلَيْه وأنتَ في دَوْرة المياه . المشنوقون هم وَحْدَهم الذين يحتفلون بذكرى ميلادي. وشعوري شعورُ حَجَرِ صُوَّانٍ تآمروا على اختزاله في أعوادِ كبريتٍ.
واقترحت الأقفاصُ أن يجعلوا رأسي المقطوعةَ مانعةَ صواعق. كلما اقتبست صلابةُ النظراتِ أقوالَ الجليدِ تباعدتْ عَيْنايَ أكثر وأكثر . هذا أنا لم أُدَنِّسْ وجهي بالانحناء للتيجان ، ولم أنتظر على أعتاب الأكاسرة لأني لا أعترفُ بالأكاسرة .
قررتُ أن أُوَفِّر على الشعراء مشقةَ رثائي، فرثيتُ نفسي. طَرَدني بَيْتي من قلبي، فما لمستُ سوى كرسيٍّ في قاعة الانتظار في المطارات لأنه ليس لي رصيدٌ في البنكِ يُغَطِّي بُؤسَ الفقراء أو أريكةٌ في منزل يقفز عليها أطفالٌ ينادونني " أبي "، ولا زوجةٌ تناديني"حبيبي". كَوَّنْتُ أُسْرَةً من قُضبان الحبسِ وحِبالِ المشانق . ولكي تُخَفِّفَ عني خيوطُ الحصيرِ في خيمتي نَادَتْني " حبيبي " .
سأتركُ تجارةَ العلاقات الزوجيةِ لبناتِ الخليفة اللاشرعي اللواتي أكملنَ الدراسة في أسنان تماسيح الأمازون، يَحْبلنَ ويلدنَ أُمراءَ وأمراءَ وأمراء. ولكن انتبهنَ إلى الريجيمِ واستهلاكِ الأجساد التافهة وتنظيم الحمل والشعبِ اليابسِ كالاعتقالاتِ المتتابعةِ أجفاناً لبنات آوى . واجعلنَ علماءَ البلاطِ يُفتون بجوازِ تحديد النسل .
وفي ألمي غثيانٌ، وابنُ الزبير واقفٌ غيرُ شاعرٍ بالدُّوار . مطرٌ أمامَ عيادةِ الطبيبِ النفسي فَيَصِلُ النعنعُ مُبْتلاً . عَدمُ انتظامِ دَقَّاتِ قلبِ العاصفة . وموتُنا قادمٌ . غَسِّلوني بماء زَمْزَم . ظَلَّ جُثماني طَوَّافاً على الحدودِ المغلَقة ، فلم تَقْبل أيُّ دولةٍ أن أُدفَن فيها .
مَكاني على أرجوحةٍ منكمشةٍ في كلمةٍ في قصيدةٍِ مجهولة كتاريخ النسور . يومياتُ الأغبرةِ مسرحيةٌ من فصلين وخَمس جماجم . شَيَّدت المساءاتُ مطعماً مخصصاً للأفيالِ العاملة في تنقيةِ الأحزان من الوديان . عندي حمارٌ وحشيٌّ أتحاورُ معه حول أهمية الباذنجان في الثورة على عروشِ الحمَّى .
وتلك الطلقةُ التي وَجَّهُوهَا إليَّ أغلى ثمناً من ثيابي . امرأةُ العصفِ تدورُ على المحامين لعلهم يُنهون اعتقالَ زوجها . من أين سَتُحْضِرُ أتعابَ المحامين ورسومَ المحاكم ؟ . اخْتَرَعوا قانونَ إبادة الهنود الحمر لتصدير انطفاءاتِ البشر إلى السماسرة . والبلدُ مُتفرِّغٌ لرفع الشعارات الانتخابية .
تَعَهَّدَ الثلجُ بتقديمِ الدعم اللوجستي حينما أبدأ تنفيذ القصائدِ في صنوبرِ الأضرحة . لَيْتني أجدُ نهاراً ينتشلني من الكآبةِ . كُلُّ حزنٍ حفارُ وجوهٍ يُنَقِّبُ في رُفاتي عن الكافيارِ . وفي الحبس يَتَّحدُ الليلُ والنهارُ لهيباً من الخزامى تتصدعُ منه خرائطُ الغدِ في ليلةِ الزِّفافِ .
لم أُبَايِعْ . وذلك صدري فيه كل أمجاد الرعد . كم نخلةً عُلِّقَتْ على الكستناء الملتهبةِ لأنها لم تُبايِعْ ؟ . ليس أنا الذي يمنحُ صوته للحطامِ . لن تجد في شجرةِ نسبي خادمَ أكاسرة . وبناتُ حَيِّنا لَسْنَ مُغَنِّياتٍ . لا تُبايِعْ. لستُ مذيعةً تفتحُ ثدييها للمشاهدين وتبتسمُ كالممسحةِ، لستُ أنا. لن أُبايِع. إن أردتَ رَجُلاً وَجَدْتَنِي ، وإنْ أردتَ طَبَّاخاً للحاكم العسكري وَجَدْتَني ماحياً . هذا أنا . لم أُبايِع. جثامينُ الزبرجدِ أطيافُ نعنعٍ لم يُمْحَ من التهاباتِ البوصلة . وطلاءُ السجنِ ليلةُ عُرْسي. لا تُبايِع، وإنْ مَضَغَ حياةَ القُبُّراتِ شريطٌ سينمائي منقوع في تواريخ دم مُتعَبةٍ. حَرِّرْني أَجِدْ اسمي. املأني ثورةً أَنْثُرْ جسمي. وكانت المادةُ الدمويةُ في صوتِ العنكبوتِ صمغاً لرقائق كمبيوتر يُستخدَمُ لمراقبتي . أتداخلُ مع مشاعرِ البناتِ المغتصَباتِ. أقضمُ انهياري، وأنتفضُ صومعةَ حُبُوب، كأنما أنا بركانٌ يُوَزِّعه الشمالُ على الجنوبِ . لن أُبايِع .
تريدونني أَن أُغَنِّيَ في الحفلاتِ الراقصةِ في القصرِ ، أن أَتَبَرَّكَ بفضلاتِ السُّلطانةِ ، أن تصيرَ رقبتي عتبةَ كوخٍ شتويٍّ تقضي فيه عائلةُ الجنرال الإجازاتِ ، أن أُقَدِّمَ بُؤبؤ الريح في كؤوس الخمر لضيفاتِ امرأة الوزير ، أن أمد يدي مستجدياً ذلك القَيْصر ، أن أَكْذبَ على نفسي حتى أتقلدَ المناصبَ العُليا . إنكم لا تعرفونني .
وامتنعت النسورُ عن وضع البيض احتجاجاً على أَسْرِي . مبيداتٌ حشريةٌ برائحةِ الليمونِ . لا دفتري سجنُ الباستيلِ ولا صَيْفي شتاءٌ للمتزلِّجين . أَحْضَرُوا رَاحَتَيْكَ يا أنا نقَّالةً للحكومات المحتضرةِ التي فتحت في قبري سَفارةً للقصدير .
كم كَذَبوا عليك يا سَيِّدنا المسيح. غَرِّدي أيتها الأحجارُ وَدَعِي الريحَ للريح. إنه عائدٌ إلينا . سأذهبُ في الشفقِ وعلى الأرضِ أُبَشِّرُ بقدومكَ وأنتَ مُصَدِّقٌ لسَيِّد الخلقِ مُحَمَّدٍ فَجْرِ كُلِّ فجرٍ. إِنَّ الأعرابَ أطيافُ صخرةٍ في اليبابِ البابويِّ . عاشوا في التصفيق لقاتليهم. أَوَ تظنون أن ملامحي قطيعٌ يُساقُ حيث تُريدون ؟. عَذَّبَتْنِي روابي قسمات وجهي في النجومِ. كتفي شاهدُ قبرٍ لليمامِ. أضحتْ بسمتي مركزاً صِحِّياً للفَرَاشِ. لن تسمحَ النَّحلاتُ لقاتلي بأن يُنَظِّمَ لي جنازةً مهيبةً . ساجدٌ في كَنَفِ لفظِ الجلالةِ . هل الْتَفَتَّ حَوْلَكَ فلم تجد غير عينيكَ المشنوقتين وَجَدِّكَ شهيداً، وكلُّ ميراثه لا يشتري واقياً ضِدَّ الرَّصاصِ ؟ .
لكنَّ البحرَ دافئٌ جثثٌ جديدةٌ للنَّمْلِ . كدتُ أنسى مواقيتَ إعدامي والبحرَ الذي خانني ، فرفعتُ رمشَ ضَبْعٍ يبرقُ غابةً ويورقُ أسىً ممزوجاً بمياه المحيطات المتَّسعة في عروقي. ترجوني أفواهُ رُمحي أن أسكنَ في طنجةَ. أُصَلِّي الفجرَ في الجامع ثم أذهب للسباحة في المحيط الأطلسيِّ. وعندما أموتُ أُدفَن في القاعِ إلى جانب قبور تلميذاتي السمكاتِ. دموعي أحدُ أسبابِ دفء الماء . وقُبَيْلَ شروقِ الشمسِ يُشرقُ قلبي وينفضُ عنه الموجُ أواخرَ فصل الربيعِ الدامعِ، فأغسلُ يديَّ بِعَبَرَاتي .
مُبْتَسِماتٍ على ألواح النحاسِ التي تتلعثمُ حين تتكلم عن عناقنا تَعْدُو إناثُ البلوطِ في ملابسي المهجورةِ على الشاطئ الوحيدِ . وسمكةُ قِرْشٍ تنتظرُ ابنها الجنديَّ الذي قاتلَ نيابةً عن السَّادة النَّائمين مع الجواري . انقطعت أخبارُه سِلْكاً من الوجنات المثقوبة على نقطة تفتيشٍ. متى تخدعني أجهزةُ الحاسوب المزوَّدة بالمشاعر الآلية ؟. متى يخونني بَياضُ لبنِ النِّعاج ؟. يُعيدُ الفجرُ خيامَنا للخَيَّاطِ العجوز ، وترتحلُ الذكرياتُ إلى انكماشاتِ القماشِ في الأكفان القديمة . وُلِدَ الشهيدُ لكي يرفضَ القياصرةَ ، فهو حَيٌّ لا يموت . وراءَ كُلِّ وراءٍ فتاةٌ تنتظرُ فارساً مذبوحاً يخطبها. وأمامَ كل أمامٍ شوقٌ إلى ليالينا الحبيبةِ والجزُرِ الغريبةِ .
اندلعت أحكامُ شنقي على أوتادٍ كئيبة مشدودةٍ بأوتارِ الصَّدى . وَلَفَّ دُلْفينٌ مُرَاهِقٌ حَبْلَ المشنقة حولَ أعناقِ مَوْقدتي . وكان الجمهورُ المدعُوُّ إلى مَصْرَعي يظن أننا في مباراة كرة قدمٍ . وقَدِمَتْ نخلةُ الصدى والصوتِ من كوكبٍ قريبٍ ، وشَقَّتْ صفوفَ الموجات المتجمعة . وأمسكتْ فَرَسِي حبلَ مشنقتي بأناملها الصغيرة وأزاحته عني .
لا أريدُ القولَ أني أُحِبُّكِ لكيلا تتعلَّقي بميتٍ ولكنني أُحبكِ . قَدَرِي أن يبقى فِراشي بارداً وإصبعي خالٍ من خاتِمِ الزَّواج كالممرات الخالية من صيحات الأطفال الذين يلعبون فوق نعوش أمهاتهم . دَمعتْ آباري فرحاً فأسندتُ رأسي من كثرةِ الدمع على عَلَمِ منفايَ ومِتُّ . لم نتمكن من إنشاءِ أُسْرَةٍ وابتكارِ لقاءٍ وجهاً لوجهٍ ، إذن فليكن وجهاً لقبرٍ .
صَوِّر اللغمَ العالقَ في فؤادي _ يا جوادَ الغيمِ الأحمرِ _ لوكالات الأنباء المحلية . أذكركَ وأنتَ طفلٌ على صهوةِ العنبِ وتحتنا البلاط المشتاق تمسك بدميةٍ وأهدابِ مستقبلٍ لم تتوقع أن يُنَسِّقَ مقتلي . هذا زمنٌ تُرفرفُ فيه أعلامُ المنافي والمجازرُ . وقتلةُ الحسينِ يُتاجرون بالحِدادِ عليه، وأهل الكوفة يتكررون في رُكامهم لأنهم باعوه لقاءَ دراهمِ السُّلطانِ .
لا تَخُنْ حتى ولو خَدَشَتْكَ ألوانُ نحلةٍ تُحِبُّكَ ولكنها أُجْبِرَتْ على قتلكَ . لا تخن حتى ولو ألفيتَ أباكَ جسداً بلا روحٍ ، جسداً وضعه القرصانُ رايةً للسفينة الغارقة . لا تخن حتى ولو خَلَعوا رموشَ طفلكَ وغَرَسوا مكانها خناجرَ . لا تخن حتى ولو ترك الوخزُ قواربَه في حَبْسِكَ . لا تخن حتى ولو وَقَّعَت ليلةٌ مطيرةٌ على حُفَرِ إبطكَ . لا تَخُنْ حتى ولو قَطَّعَ سريرُ غرفةٍ في المستشفى إذناً بالدخول على رعشتكَ . أرواحُنا سَرْمَدِيَّةٌ وأنا لا شيءٌ . وقلبي رئيسُ مجلسِ إدارة شراييني .
من بلداتٍ تنتصبُ في ردائي حافلاتٍ مُعطَّلةً وميادينَ لِجُباةِ الضَّرائب ، تتدفقُ صُفْرَةُ التراب الحاوي لبقايا فُرسانِ الإمبراطورةِ . ركضوا من أجلِ انتماءٍ إلى البلاطِ والعَتَباتِ السوداء عاراً . وساروا والخرابُ يُغَنِّي لهم ليناموا في حوافر خيلِ اليبابِ . كانت الإمبراطورةُ تُجَهِّزُ من يخلفها على العرشِ ، وكان الشَّعبُ يدور في سلالِ القُمامة باحثاً عن أرغفة خبزٍ أو أي شيءٍ يشبه الخبزَ . ومضى الفرسانُ يتساقطون جراثيمَ أَثْقَلَ فجواتِها إِسفلتٌ تعيسٌ تناثرت أشرعتُه تحت حذاءِ كليوبترا . حضارةٌ أم إمبراطورية أم جُمهوريةٌ ؟ . كلها تَغُذُّ السَّيرَ إلى مقبرةٍ من البلاتين المعالَجِ كيماوياً باستخدامِ أحدثِ الأكاذيبِ . تاجٌ أخيرٌ على العرشِ الفارغِ والزَّعيمُ جالسٌ في المرحاضِ . شذوذٌ جنسيٌّ في الأديرة . دَع الموتى يَدْفِنوا مَوْتاهم .
ظَلَّ المطرُ المضيء ماشياً في دماغي فَعَثَرَ على كتاباتٍ واضحةٍ على صخرة الرعدِ المجدِّفة في حياتي.كان في جفوني فتىً أحصت الكلابُ القذائفَ السامة الساكنةَ في خلاياه فَوَجَدَتْها ستة أحزان فَنَزَعَتْهَا وَسَكَبَتْهَا في رُتَبِ الجنرالِ وأزرارِ بَزَّته . تقدَّم الصحفيون إلى الثقوبِ المتروكةِ وأَرْسَلوا تقاريرَهم إلى جلادي الإسفلت المخنوق كي يطمئنوا أن الجريمة تمت بنجاحٍ في وقتٍ تجاهلته كُلُّ إذاعات السيول . على جَفْنِه مساءٌ يزحفُ بمساعدة عكازاتِ تستخدمها القنابلُ دروعاً بشرية تحميها من الوجوه الجارحة .
لحومُ بَشَرٍ مُكدَّسةٌ مُطَعَّمةٌ بالصَّدفِ البَشَرِي . حُوصِرَ طيفُه في فتحاتِ التهويةِ للنهارِ الغارقِ في لَيْله . أَيُّ أرضٍ بعد صدر أُمِّكَ المحروقِ ستحتويكَ ؟. قُذِفَتْ أغراضُ بيتنا في شرارةِ الصاعقة المبتدئةِ من السماء ، والمنتهية في سُعالي . أي ابتسامةٍ بعد قدومِ أبيكَ ستعترفُ بكَ ؟. والليمونُ ينادي بملء دمه يا منبوذُ. وبين العواصفِ والطريقِ زَمالةٌ من القصدير الأصلي. لا تُخبئ رأسَكَ في الحقيبة كالحقائبِ التي أضاعتها بحورُ الشِّعْرِ في مخيلتي فصرتُ شاعراً أجني ملايين الجِراحِ وقلمي مرهونٌ . أظن أن الرئةَ العالقةَ في شِباكِ النجمِ الصَّيادِ هي رئتي . أظن أن منبعَ النهرِ هو العقلُ المدبرُ لخطفي من الشفقِ الرَّاحلِ .
سيأتي عُقابٌ عندما تُوَلِّدُ أسناني لهجةً للأدغالِ ، ويُلَحِّنُ اللازَوَرْدُ رعشاتي في الأوكارِ مخافةَ أن تقبضَ عليها قُوى الأمن بتهمة إساءة معاملة الفاصولياء . والعُقبانُ تطبخُ المعكرونةَ في جُمجمتي عند الساعة العاشرةِ مساءً حيث يتبادلُ الخليفةُ النِّكات الإباحية مع جواريه . والقبطانُ يُوَجِّه الدَّفةَ المهتزةَ إلى الأوحالِ الأميريةِ . سأصنعُ قصيدةً بدون حروفٍ أُولَدُ فيها وأموتُ، ولن أحقدَ على الطيورِ التي طَرَدَتْني مِنِّي وَرَثَتْنِي .
على طيورٍ مُشَرَّحَةٍ تسدُّ المدخنةَ أقامت السَّوسنةُ مسرحَها . أخذ الطيرُ المحاطُ بالموتِ إجازةً من المذبحةِ المتوقفة قليلاً ليتزوجَ في أقواسِ جاذبيةِ الأحزان . فراشتان قَبَّلَتَا مراوحَ الصَّعقِ عند الثُّرَيَّا الحريريةِ قُبيلَ الارتقاءِ إلى سيوفِ بني أُمَيَّةَ . أُنَقِّي الغبارَ من الغبارِ فأكتسي دروبَ جراحاتٍ تطرقُ اتساعاتِ المجرَّة . البغايا أكثرُ نقاءً من السلاطين لأن البَغِيَّ تُقَدِّمُ جسدَها أما السلطان فيقدم أجسادَ شعوبٍ بأسرها .
مجرةٌ تُواسي اليَنبوعَ الجاف صادقةً في وجدانها الكربوني. خرجت الطحالبُ من أغمادِ الحِبرِ السائلِ على مُسَطَّحاتِ نشوةِ زجاجاتِ العصيرِ التي شربها الأطفالُ في الروضةِ المحاصَرة بالمدافِع . للمساءِ أُذُنٌ من البلوطِ المجوَّف تأتي إلى جذرها تَجْمعُ الهجراتِ . اندهشتِ الليالي واقشعر بدنُها الكالح نتيجة منظري وأنا أتفقدَ بقايايَ المبعثرةَ في الهودج على سنام مزمار الراعي. امتطى النخلُ ناقةَ الطيفِ في فصولٍ تحوي شتاءً خالياً من الغُزاة . ماذا أعددتَ للثلجِ يومَ تَنَزَّهَتْ يَدَايَ عليه ؟. امتصاصُ مُخاطِ الكواكبِ حِرفةُ الزَّعْتَرِ . ودخولي قَبْو الإعداماتِ خُطوةٌ لملاقاة مَلِكِ الملوكِ .
كان في المراعي الفسفوريةِ مَلِكٌ أحمقُ خسر حِرابَه في المعركة ، فآوى إلى بَيْته ، وقال : (( خسرتُ نفوذي ولم أعد أملكُ غيرَ جسد امرأتي . إذن سأستعيدُ مملكتي بدءاً من زوجتي )) . فرأى مُلْكَهُ يسيرُ رويداً رويداً على رُفاتِ زوجته .
في حُزْنٍ برونزيٍّ يُصْنَعُ من جلودِ الأكذوبة ، سالت حصةُ الكيمياء في أذهانِ البجعِ والإجاصِ المتقلِّبِ في استقرار حَربةٍ في شبكية العَيْنِ . منظرُ العاصفةِ وهي تنتزعُ من البابونجِ وصاياه جَعَلَتْني أَلُمُّ إغفاءاتِ الصدأ وأقذفها على سَبُّورةٍ متركزة على ضغط الدم في أنوف البراكين . أصبُّ أفكارَ الجزَرِ في زَوْرق . أنتفضُ زُقاقاً تفيضُ مني أدغالٌ مجبورةٌ على تضييعي. للجزيرةِ القائمة على سوائل قُرحتي كُنيةٌ من العقيق تُغرقُني في وِحْدَةِ الشَّذى .
سيموتُ الموتُ وأنا في اللانهاية . كوكبٌ بحاجةٍ إلى تعذيبي كي يَتَطَهَّرَ. نبضةُ قلبٍ مريضٍ مَدْرَجُ طائراتٍ. بَايَعَتْني المزروعاتُ، فَتسلَّمْتُ إمرةَ الحقولِ . أَسَّسْتُ قبيلةً من حبالِ الشنقِ المستهلَكة وطوبِ المذبحِ الورديِّ وأشياء لم أعد أذكرها . يُبَدِّدُ وحشتي لَمعةُ عَظْمي .
السَّلامُ عليكنَّ يا فارسياتٍ جِئْنَ من أَشْواكي لزيارة بقايايَ في رمالِ الأنهار المشتَّتةِ . السلامُ عليكنَّ يا شركسياتٍ صَوَّرْنَ أحداثَ صَلْبِي بالهواتف النقالةِ المزوَّدة بالكاميراتِ. السلامُ عليكَ يا غَدِي وأنت تُخَبِّئني من لافتاتِ القبض عليَّ . أَمْسَكَني حُلْمٌ صغيرٌ مُتَلَبِّسَاً بجنازتي، والحبسُ يُصدرُ شهادةَ وفاتي كشاعرٍ يُولَدُ . أطرافي ممسحةٌ لثياب الصغيراتِ وَهُنَّ يقطفنَ المزارعَ في أجفاني. فاتورةٌ لونُ عَرَقِي ستدفعها بلوطةٌ مُعجبةٌ بانكسارِ وجوه المرايا في شفتي .
تَتَشَرَّبُ قِطعةُ رُخامٍ حُمرتَها من لسانِ العاصفةِ . وَقْتي مُخَصَّصٌ لاسترجاع الأندلسِ لا عشقِ الإسبانياتِ ولا شيءَ اسمه إسبانيا . عندما تُصابُ ملاقطُ الغسيلِ بالحمى تشنُّ الزنابقُ حملةَ إعداد الضَّماداتِ الباردة . محرقتي مباراةُ كرة طائرة بلا جُمهورٍ . مجزرتي ألهمت المفكِّرين . إنني أُذْبَحُ وغيري يُدَوِّنُ مأساتي فيصبحُ كاتباً مشهوراً وأنا قُرباناً مشهوراً . تدخلُ الغيبوبةُ إلى التُّوتِ وتُراوغُني. إنَّ ما تَبَقَّى من وجهي أَحَبَّ امرأةً وقَرَّرَ خِطْبتها ثم عَلِمَ أنها متزوجةٌ ، فلم يَخُنْ ولم يَحْزن ، فقلبي مُعتادٌ على الانكساراتِ كما البِحَار .
أدعوكِ يا فَرَسِي إلى العَشاء في الساعة الثانية بعد منتصف صَعقي، أي قُبيل تقطيعي وسرقة أحلامي. كنتُ شريفاً في الحب والحربِ. لعل طلاءَ أظافرِ الصاعقةِ أُسُودٌ، والنزيفُ أَسْودُ سار فينا فلم يَجِدْنا . لتكن الآنَ خِطْبَةٌ وبعد تخرُّجي من الحرائقِ والمسلخِ وغرفِ التحقيقِ نتزوَّجُ . رَاسِلْني على عناوين ذبحي الدائمةِ . الضحكُ من كثرةِ البكاءِ ، والزنبقُ مشروعُ أَرمل . لن أهدأَ حتى أرى رأسي مقطوعةً موضوعةً على بوابات سراييفو ، وأطرافي مفروشةً في غرناطة ، وبطني مَبْقوراً في غروزني ، وصدري مُفتَّتاً في رمالِ الرُّبْعِ الخالي التي تراودني عن نَفْسي .
إلى السَّجانين الذين يَقْذِفون دببةَ عيونهم في العدسات اللاصقةِ تجري أسيافُ العَتمةِ . وفي سُعالٍ ينهشني ، يختفي الفرقُ بين الفعلِ الماضي والمضارعِ، وعندها أخافُ أن تتجسسَ عليَّ مَخدتي المبلَّلة من عَبَرَاتِ آخرِ الصَّيف . يُنَظِّفُ الثَّعلبُ نظارته الرَّماديةَ بِعَظْمي الذي يَطْردني . إن هطولَ الملحِ المائي من عيوني أحال الوسادةَ إلى بئرٍ تنشرُ نقاطَ ضَعْفي على حِبال الغسيل .
عَبَّأْتُ شفاهَ الرياح المثقوبةَ بالكبريتِ، ورُحتُ أبكي. عَظْمي صابونٌ تستحمُ به الملكاتُ . دعوةٌ لحضورِ حفلِ تنصيبي مشنوقاً . اقْبَلُوا مِقْصلتي قطعةَ قماش تمسح نِعالَ نساء سراييفو في حفلات زفافهنَّ . فلتختاروا لي حبلَ مشنقة من نوعية رخيصة الثمن لكيلا تختل الميزانيةُ .
أقترح أن تشنقوني فوراً ، فجسمي نحيلٌ لا يحتملُ التعذيب ، أو أن تدسوا السُّمَّ في طعامي كما فَعَلْتُم بالحسن السِّبطِ، ولكنْ لا زوجةٌ لي تُقنعونها بتسميمي . إذن حَرِّضوا أقربَ تلاميذي على خيانتي ، مثلما خان يهوذا الإسخريوطي سَيِّدَنا المسيحَ ، واتركوا بَغِيَّاً ترقصْ حاملةً رأسي مثلما فعلتم بالسَّيِّد الحصور يحيى . فليستمتعْ عِليةُ القومِ ونساءُ الخليفةِ المشغولاتُ بالرِّيجيمِ . رعشت جنازيرُ أَسْري فندقاً يقضي الحمَامُ فيه شهرَ العسلِ ، وتُصْنَعُ في قَبْوه البوظةُ النارية . كنتُ الغريبَ الوحيدَ الذي يُساقُ إلى أسياف المذبحِ ضاحكاً . غُرفةُ نومكِ يا إمبراطورةَ اليَبابِ ، أخشابُها منصوبةٌ على رُفاتي . والخيانةُ كلبٌ لُعابُه عصيرُ النار .
أطمحُ أن أخط قصيدةً لا يفهمها السحابُ فيأتِيَ إلى عُشِّي في الغسقِ يسألُني عنها . قطعتُ الكهرباءَ عن الحشائشِ فانطفأتُ. وحينما تُفْتَحُ نوافذُ الذكريات لا تضمنُ أن تظل الأبواب موصدةً . الرَّجُلُ عندما يُحِبُّ يحترقُ وحيداً والذَّكَرُ عندما يُحب يزداد ضحكاً مع رفاقه . وبينما كان المراهقون يُلاحقون بناتِ المدارسِ كنتُ أُلَحِّنُ نشيدَ تابوتي تحت جسور سراييفو فَتَعْلَقُ قُمصاني على شبابيكِ قصر الحمراء ، وتغفو أكفاني في تاج محل ، وتغورُ ألواني على رموشِ البتراء وتأتي أُمِّي من زاوية ما في رأسي لكي تغسلَ كَفَني . ويدشن الغزاةُ في ذكرى ميلادي مشروعَ اغتيالي .