تناول الديمقراطية على الغداء / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
................
حَمَلَ اللصوصُ الحمَّى في عُروقِهم إِلى سَواحِلِ الماريجوانا / كَي
يُزيِّنوا الغاباتِ المحروقةَ بِدَمِ الحيْضِ / وَدِنَانُ الخمرِ يَأْخذونها
بَعْدَ شَنقِ العِنبِ عَلى الطائراتِ الوَرقيةِ / لَم يُفَرِّقوا بَيْنَ دِماءِ
الأطفالِ وَلَوْنِ الخمور / دِيمقراطيةٌ تَركضُ عَلى نباتاتٍ مَزروعةٍ في الجماجمِ
/ أَشْعَلوا الخشبَ الذي يُظَلِّلُ صَمْتَ المرضى والعجائزِ/ نَصَبوا على قِممِ
السَّرابِ نِقاطَ تَفتيشٍ لِقَوافلِ العَصافيرِ/ قَسَموا ظِلَّ النَّرْجسِ إلى
نِصْفَيْن متساويَيْن / عَلَّموا الأيتامَ رَقصةَ التانغو على القبورِ وبُطونِ
الحواملِ / دَمَّروا قَواربَ الصَّيادين المضيئةَ / صَنعوا مِنْها صُلباناً
صَبَغوا بِها جُثثَ الأَسْرى / سَرَقوا حِجارةَ المسْجدِ لِيُقيموا مَعَابِد
لِسَماسرةِ الحروبِ / خَطَفوا أَساورَ اليَتيماتِ / واشْتَرَوْا مَزرعةَ خَشْخاش
للقَوَّادِين / وَقَالوا : (( هَذا تَارِيخُنا العَريقُ وهذه أرضُ أجدادِنا )) /
رَفَعوا لَهم رَاياتٍ مِن دِماءِ الملايين/ وأَخْبَرُوا الصَّحفيين أن هذا عِيدُ
استقلالهم / حَفَروا الصُّلبانَ الخشنةَ على أعينِ السَّناجبِ / زَرعوا محاكمَ
التَّفتيشِ في عُشِّ بُلْبُلٍ مَذْبوحٍ / وَلَمَّا سَمِعُوا الشَّمسَ تَقولُ
الحقيقةَ / دَفَنوا أجنحةَ الفَراشاتِ لِكَيْلا تَعْرفَ الشمسَ /
يَا بُحَيْراتِ الشَّمْعِ / رَفضتِ
الصَّليبَ فَصَلبوكِ / يَا زَيْتَ الزَّيتونِ الموْلُودَ فِي شَمسِ الأندلسِ /
أجدادي زَرعوا أَجفانَ العَصافيرِ في خُدودِ قُرْطبة / وَقُطاعُ الطريقِ قَطفوا
تفاحةَ التاريخِ/ يَخلعُ المساءُ رِئةَ قَوْسِ قُزَحَ/ يَجلسُ العشاقُ الجددُ على
ضَوءِ الهاويةِ / وأَدْخلُ مُخْتالاً إِلى المقبرةِ الملوَّنةِ في ثِيابي/
والزَّبدُ يَغْرسُ الأُغنياتِ في رُموشِ ابْنةِ القُرصانِ لِكَي تَنامَ بهدوء /
وَالضَّبابُ يَرْمي أصابعَه في أحضانِ السَّرابِ / تَدورُ الذِّكرياتُ أحجاراً
غَيْرَ كَريمةٍ / وَعُيونُ السُّجناءِ بَيْنَ أدغالِ الظمأ وأنيابِ الأساطيرِ /
الرِّيحُ تَدْهَنُ جَدائِلَها بِسُعالِ القَتلى / وَالزَّيتونُ يَكتبُ وَصِيَّته
عَلى لحمي / الذي يَطْبُخُهُ صَوْتُ الرَّعْدِ / وَالزوابعُ تَكتبُ أسرارَها عَلى
تَجاعيدِ الغُروبِ / فانتظِرِيني يا رِمَالَ البَحْرِ / حِينَ يَختلِطُ صَوْتُ
الرَّصاصِ بِرَنِينِ خَلاخيلِ النِّساءِ /
عَلى شَواطئِ الكُوليرا العُراةُ
والشَّواذُّ جِنْسياً / مِن الشُّموعِ السَّوداءِ التي تتحدثُ الجِنسَ بِطلاقةٍ /
يَتسرَّبُ انتحارُ الغُزاةِ / مِن النِّساءِ اللواتي أَخَذَ الفِرنجةُ ثيابهنَّ
أشرعةً لِسُفنٍ يُحطِّمها جَبَلُ طارق / تأتي الخِياناتُ الزَّوْجيةُ /
بَعْدَ انتهاءِ الْحُرُوبِ في الأرضِ
الخرابِ / سَيَظَلُّ صَوْتُ الرَّصاصِ في ثُقوبِ جِلْدي / سَتَظَلُّ رَائحةُ
الْجُثَثِ الْمُتَفَحِّمَةِ في أعصابي / سَتَظَلُّ أشلائي هُدنةً بَيْنَ أُمَرَاءِ
الْحُرُوبِ وشُيوخِ القَبائلِ .