ذاكرة بين الشفق والقبور / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..............
لا
أَجِدُ مَا أُفْطِرُ عَلَيْه / أَعْطاني الشَّفقُ سَبْعَ تَمراتٍ / طِرْتُ فَرَحاً
كأجفانِ الكَهْرمان / ذَهبتُ إلى المقبرةِ كَالوَرْدةِ التي شَنَقتْ عِطْرَها /
وَجَلَسْتُ بَيْنَ القُبور / انتظرتُ المطرَ كَي يُفْطِرَ مَعي لكنه لَم يَأْتِ/
وانتظرتُ أَبي لكني تذكرتُ أنه ماتَ/
كُلُّ الفَتَياتِ
اللواتي أحببتهنَّ تَزَوَّجْنَ غَيْري/ وَذَهَبْنَ إلى شُققِ الأحياءِ الرَّاقيةِ
/ وأنا أمسحُ القُبورَ مِن ياقوتِ المذابحِ/ وأُنظِّفُ الغبارَ مِن عَرَقِ
الأعشابِ السَّامةِ / أُحِبُّ الموْتى وَهُم يُحِبُّونني / أَعْرفُ أبجديةَ
الأمواتِ / ولا أَعْرفُ أبجديةَ الأحياءِ /
وفي عِيدِ الأحزانِ /
يَأْتي الأغنياءُ على أجنحةِ الفراشاتِ / أراهم مِن بَعيدٍ / ولا أقتربُ مِنهم
لِكَيْلا يظنوني شحَّاذاً / لا أَمْلِكُ إلا ثَوْباً واحداً / وعِندما يتَّسخُ
أَغْسِلُه بماءٍ مَلِيء بِدَمْعي/ وَخَالٍ مِن الصَّابونِ / أَضَعُه على حَائطِ
المنفى / وأختبئُ في القَشِّ/ لَسْتُ نَعَامةً / كان الأطفالُ يَأْتون مَعَ
أَهْلهم/ وَيَلْعبون بِكُرياتِ دَمي الخضراءِ/ يَرْكبون على ظَهْري/ ويقولون: ((
امْشِ أيها الحصانُ )) / ويَرْحلون / لَهُم أَهْلٌ / وَلَيْسَ لِي أهلٌ إلا
الأموات / حَتَّى الأحصنةُ لها إِسطبلاتٌ تَعيشُ فيها /
لا تَقْتليني / إِنَّكِ
قَتَلْتِنِي ولم تَدْفعي دِيَتِي/رُموشي قَوافلُ مِن البَدْوِ الرُّحَّلِ/
التُّرابُ المشرَّدُ وَدُموعي / وَعُمَّالٌ يَموتون وَهُم يَحْفِرون قَناةَ السُّويسِ
/ بَوَارِجُ تمرُّ مِنها لِتَحْرِقَ الجوامعَ / وَتَخْطُفَ خُبزي وَكُوفِيَّةَ
أبي/ لا تقتليني / عَيْناكِ تَرْسمان في لَيْمونةِ نزيفي ظِلالاً للرُّمْحِ
اليتيمِ / الأنينُ القادمُ مِن أهدابكِ يُكَهْرِبُني / اقْرَئي الفاتحةَ على
جُثماني / وَالسَّلامُ عَلَيْنا / انظري إلى دُبِّ الباندا/ يُحاوِلُ مُواساتي
وَهُوَ في القَفَصِ / وكِلانا في القَفَصِ / تَذْهبين مَعَ الصُّخورِ المذهَّبةِ
إلى نَشيدِ اللوْزِ / كُوني مُخْلِصَةً لَهُ /
كِتاباتُ الصَّبايا على أعقابِ البَنادِقِ /
يَا صَاحِبِي / أَنْتَ أَجْمَلُ مِنْ رُسُومَاتِ الضَّبَابِ عَلَى أَجْفَانِ
الْخَنْجَرِ / النِّصَالُ تَأْكُلُ السُّطُورَ فِي دَفْتَرِ الرِّيَاضِيَّاتِ /
لِلضَّوْءِ عَشِيرَتُهُ / أَخْرِجْنِي مِنْ حِسَابَاتِ الدُّمُوعِ الْبَرِّيةِ /
وَخُيُولِ الدَّوْلَةِ الْبُولِيسِيَّةِ / لأُمْسِكَ شَكْلَ اسْمِي فِي مَرَايَا
الْوُجُوهِ السَّرِيعَةِ / حِينَ تَعْبُرُ ازْدِحَامَ الْقَتْلَى الْمَارِّينَ فِي
الأَسْوَاقِ /