الرعد يدفن جثماني في مكان سري / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..............
هَل يَعْرِفُ الصَّيادُ ذِكْرَياتِ الفَريسةِ
؟ / هَل تَعْرِفُ الفَرِيسةُ أبناءَ الصَّيادِ الجائعين ؟ / البَحْرُ يُضَيِّعُ وَقْتَهُ
في إِطلاقِ الرَّصاصِ عَلى جُثةِ النَّهْرِ / مَاتَ النَّهْرُ بِلا وَصِيَّةٍ ولا
زَوْجَةٍ / والرِّيحُ وَصِيَّةُ الغريبِ / والزَّوبعةُ وِصَايَةُ الصَّيادِ عَلى
الفَريسةِ /
مَاتت البُحَيرةُ رَمْيَاً بالرَّصاصِ / وَشَجَرُ المقابرِ يَسألُ ضَوْءَ
القَمَرِ / عَن عَدَدِ الرَّصاصاتِ في جِسْمِها / سَتَظَلُّ الرَّصاصاتُ في الليلةِ
البَاردةِ تِذْكاراً لأحزانِ الطفولةِ / النِّسْوَةُ في المقابرِ بِدُونِ نُونِ
النِّسْوَةِ / وَدِمَائي أبجديةٌ جَديدةٌ تأتي مِنْ صَوْتِ المطرِ / رَاحِلٌ أنا
في لَيْلِ الشِّتاءِ / بِلا ضَفائرِ أُمِّي ولا عُكَّازةِ أبي / يَدْخُلُ ضَوْءُ
القَمَرِ في شَرَاييني/ وأركضُ إلى البَحْرِ/ وَتَظَلُّ جُثتي عَلى رَصيفِ المِيناءِ/صَوْتُ
الرَّصاصِ يَكْسِرُ صَوْتَ البيانو في ليالي الخريفِ/وأكفانُ أبي تُغَطِّي أثاثَ بَيْتِنا
القديمِ/ وأكفاني البَيضاءُ رَايةٌ بَيضاءُ في أحلامِ الطفولةِ / والأمطارُ هُدْنةٌ
بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمي البَيْضَاءِ والحمراءِ/
أنا السَّرابُ / فأيْنَ الصَّحراءُ ؟ / أنا الْمَرْفَأُ / فأيْنَ البَحْرُ
؟ / زَرَعَ مَطَرُ الخريفِ السَّنابلَ في الصُّدورِ الْمُحْتَرِقَةِ بالْحُبِّ /
لَكِنَّ سَرَطَانَ الثَّدْيِ هُوَ الحاصِدُ / سَتَمُوتِينَ وَحْدَكِ أيَّتُها الفَراشةُ
/ فِرَاشُ الْمَوْتِ ضَوْءٌ يُولَدُ مِن قَطَرَاتِ المطَرِ أوْ قَطَرَاتِ الحِبْرِ
/
قَمِيصُ النَّوْمِ في خِزَانةِ المطبخِ / ورُؤوسُ النِّساءِ في صُحُونِ
المطبخِ / أيْنَ العَشَاءُ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ يا بَنَاتِ آوَى ؟ / لا أَبْحَثُ
عَن السَّجَّادِ الأحمرِ / لأنَّني أعيشُ تَحْتَ الأرضِ/ لا أَبْحَثُ عَن الْمُعْجَبَاتِ/
لأنَّ الْحُبَّ في قَلْبي مَات/ أَضَاعَت السَّبايا طِلاءَ الأظافِرِ بَيْنَ الذِّكرياتِ
والْمُسَدَّسَاتِ / وَأَضَعْتُ قَارُورةَ الحِبْرِ بَيْنَ قَارُورةِ العِطْرِ وَقَارُورةِ
السُّمِّ/ وَالسَّنابلُ تَنْمُو في ثُقوبِ جِلْدي كأخشابِ التَّوابيتِ / وأخشابُ
السُّفُنِ الْمُحَطَّمَةِ تَصِيرُ نُعُوشَاً لِمَناديلِ الوَداعِ / التي نَسِيَتْهَا
أراملُ البَحَّارةِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / وَسَوْفَ يُلْقِي البَحْرُ نَظْرَةَ
الوَداعِ عَلى جَثَامِينِ البَحَّارةِ الغَرْقى /
امْشِ أيُّها النَّهْرُ الْمُحْتَرِقُ بالذِّكرياتِ في الجِنازةِ العَسكرِيَّةِ/
النَّعْشُ مَلْفُوفٌ بِوَرَقِ الشُّوكولاتةِ/ والنِّساءُ يَرْتَدِينَ قُمصانَ النَّوْمِ
/ وَيَمْشِينَ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / والأعلامُ مُنَكَّسَةٌ / وَالأغاني الوَطَنِيَّةُ
سَقَطَتْ في عَصيرِ البُرتقالِ / سَقَطَت الرُّومانسِيَّةُ بَيْنَ جُثتي وَعِطْرِ
الذبابةِ / سَقَطَ الكِفَاحُ الْمُسَلَّحُ بَيْنَ مِرْآةِ الأمطارِ والأسمنتِ الْمُسَلَّحِ
/ فَيَا أيُّها القَلْبُ العَاشِقُ المصلوبُ عَلى جَسَدِ الرَّجُلِ الآلِيِّ / سَتَنْقُلُ
الشُّطآنُ جُثمانَ البَحْرِ بَحْرَاً / وَيُدْفَنُ في مَسْقَطِ رَأْسِهِ كالنَّسْرِ
المشلولِ .