صديقي الذي لم أبكِ عليه حين مات / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
................
اختلطَ المطرُ وَالدَّمْعُ
عَلى سُطوحِ المرايا الخشِنَةِ / نَسِيَت النِّساءُ الخِيَاناتِ الزَّوْجيةَ بَيْنَ
الزَّيتِ والزَّعترِ / كُونِي رُومانسِيَّةً أيَّتُها البُحَيرةُ في لَيْلةِ
الانقلابِ العَسكريِّ / يَقْتَلِعُ ضَوْءُ القَمَرِ عُرُوقَ الضَّحايا/ والدَّمُ
الأخضرُ يُضِيءُ الليلَ الطويلَ/ فَيَا حَارِسي الشَّخْصِيَّ / بِعْ جُثماني في الْمَزَادِ
العَلَنِيِّ بَعْدَ اغتيالي / وَخُذْ رَاتِبَكَ الشَّهْرِيَّ/ وَادْفَعْ أُجْرَةَ
حَفَّارِ القُبورِ / وَتَصَدَّقْ عَلى بَاعَةِ الذِّكرياتِ في مَحطةِ القِطَاراتِ/
واشْتَرِ العِلْكَةَ مِنَ اليَتيماتِ عِندَ إشاراتِ الْمُرُورِ / وَالجنودُ العَاطِلُونَ عَنِ العَمَلِ/ يُمَارِسُونَ الجِنسَ
تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ/ وَكُرَيَاتُ دَمي قَطيعٌ تَحْتَ بُنْدُقِيَّةِ القَنَّاصِ
الأَحْوَلِ/ وَدُودةُ القَزِّ خَسِرَتْ زَوْجَهَا في القِمَارِ/ وأظافرُ الرَّاهباتِ
اللامعةُ تُضِيءُ للفِئْرَانِ سَرَادِيبَ مَحَاكِمِ التَّفتيشِ / وَتُعَلِّقُ نِسَاءُ
القَبائلِ السَّاعاتِ الرَّمْلِيَّةَ عَلى نُهُودِهِنَّ المقطوعةِ / وُلِدْتُ مَحْكُوماً
بالإعدامِ / والعَدُّ التَّنَازُلِيُّ قَدْ بَدَأَ / وَتَطْفُو جَمَاجِمُ العُشَّاقِ
عَلى عَصيرِ الليْمُونِ / وتَطْفُو النُّعوشُ عَلى مِيَاهِ المجاري /
زَرَعَت الشَّمْسُ في لَحْمِي جِينَاتِ المِقْصَلةِ / فَكَيْفَ أَهْرُبُ
مِن زُهورِ الهاويةِ ؟ / الهاويةُ في جَسَدي / وأنا الهاويةُ / الحواجزُ الأمْنِيَّةُ
بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمي / فَكَيْفَ يَصِلُ دَمي إلى ذَاكرةِ الشَّفَقِ ؟ / تعتني
النِّساءُ بِمِكْيَاجِهِنَّ في مِيناءِ الطاعونِ والجِنازةِ العَسكريَّةِ/ والتَّوابيتُ
مَصْفُوفةٌ عَلى مَسْرَحِ العَرَائِسِ/
الفُقَرَاءُ يَعِيشُونَ
تَحْتَ الأرضِ / وَرَائحةُ الْمُلُوخِيَّةِ في أيَّامِ الشِّتاءِ الحزينِ / تَنْبُتُ الجماجمُ في حَديقةِ الضَّبابِ بُرتقالاً
وَذِكْرَياتٍ / وَتَبْقَى جُثَثُ الأطفالِ عَلى الأراجيحِ/ وَالْخُلَفَاءُ يَزْرَعُونَ
أقواسَ النَّصْرِ في فُرُوجِ الإِمَاءِ / وَدَمُ الحيْضِ يَغْسِلُ زُجاجَ النَّظاراتِ
السَّوداءِ / فَلا تَقْلَقْ عَلى مُسْتَقْبَلِكَ يَا سَجَّاني/ سَتُصْبِحُ
أجفانُكَ حَاجِزَاً عَسكرِيَّاً / في الطريقِ الفَاصِلِ بَيْنَ اللذَّةِ
والاحتضارِ / وَضَعْنا نُعوشَ الجنودِ في أكياسِ الْخُضارِ / وَعَصيرُ البُرتقالِ
في المطعمِ الفَارغِ بَارِدٌ كَجُثةِ العاشقِ الأخيرِ / سَوْفَ تَرِثُني الطيورُ
الجارحةُ/ وَجَوَارِحي شَوَاهِدُ القُبورِ/لَكِنِّي أُولَدُ في قَلْبِ الموْتِ/
فَكُوني كالموْتِ/ وَالْتَهِمِي عِظَامي بِلا مَوْعِدٍ / وَأَطْلِقِي رَصاصةَ الرَّحمةِ
عَلى الذِّكرياتِ أَو المزهرِيَّاتِ / كَيْفَ مَاتَ الْحُبُّ في قَلْبي ؟ / كَيْفَ
سَقَطَت الحضَارةُ في الفَخِّ ؟ / كَيْفَ وَقَعَت الفِئرانُ في المِصْيَدةِ ؟ /
صَارَت أغشيةُ
البَكَارَةِ أعلاماً للقَبائلِ / نَحْنُ والفِئرانُ عِشْنَا تَحْتَ الأرضِ / أنا
الْمَلِكُ العَاطِلُ عَنِ العَمَلِ/ الْمُتَوَّجُ عَلى رَمْلِ البَحْرِ/ الحاكِمُ
عَلى قَطيعِ الأغنامِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاعي في صَوْتِ النَّاي / تَصيرُ أوتارُ
الكَمَانِ خُيُوطاً لأغشيةِ البَكَارَةِ / في مَملكةِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ /
وَعُيُونُ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ تَلْمَعُ عِندَ الحواجِزِ العَسكرِيَّةِ .