فارسية في موسم الحج / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
............
رَاحِلَةٌ أنتِ إلى الضَّوْءِ/ لا طَرِيقَ
إلا الطريقُ / فَاعْرِفي طَرِيقَكِ قَبْلَ أن يَعْرِفَ الاحتضارُ طَرِيقَهُ إِلَيْكِ
/ عَرَفْتُ طَرِيقي/ وَمَشَيْتُ إلى البَحْرِ في الليلةِ الحزينةِ / وَكَانَ
دَمْعي حَاجِزَاً عَسكرِيَّاً بَيْنَ الشَّرْكَسِيَّاتِ والفَارِسِيَّاتِ/
تَسْتَثْمِرِينَ في الجسَدِ / وأسْتَثْمِرُ في التَّاريخِ / ولا تاريخَ لِي سِوى
دُموعِ اليَمامِ /
جَسَدِي الحرامُ في
المسجدِ الحرامِ / أمشي إلى النُّورِ / وتَلْمَعُ أظافري على شَاطَئِ الأمطارِ /
وأشِعَّةُ القَمَرِ عَلى الرُّخامِ / سَيَغْسِلُ ضَوْءُ الشُّموعِ ذاكرةَ المساءِ
/ والذِّكرياتُ مَغْسُولةٌ بِمِلْحِ الدُّموعِ / وَقَلبي شَاطِئٌ لِطُيورِ
البَحْرِ / التي عَادَتْ إلى ذَاكرةِ الأمواجِ في الليلِ الْمُضِيءِ /
أكفاني مَغسولةٌ بِمَاءِ
زَمْزَم/والمصابيحُ تُنيرُ عِظَامي في الطريقِ الطويلِ/وَحْدي أنا مَعَ
الذِّكرياتِ/ هَجَمَ المساءُ على الهياكلِ العَظْمِيَّةِ للعَاشِقِين / أموتُ في
الحياةِ لأحيا / والخلودُ قَريبٌ مِنِّي / وحَبَّاتُ الكَرَزِ تَصْعَدُ مِن ثُقوبِ
جِلْدي /
العَباءةُ السَّوداءُ في
الليلةِ الْمُقْمِرَةِ / مَطَرٌ يَغْسِلُ أعصابي / وأسيرُ وَحْدي إلى أرواحِ الغرباءِ
/ وأنا الغريبُ في دَمْعِ الْحَمَامِ / رأيتُ دَمي يَتَوَهَّجُ تَحْتَ صَوْتِ
الرَّعْدِ / أمشي إلى الضَّوْءِ في آخِرِ النَّفَقِ / أنا السَّائرُ في الطريقِ/
أنا السَّائرُ والطريقُ/ كُلَّمَا مَشَيْتُ إلى ذَاكرةِ الأنهارِ مَشَيْتُ إلى ذَاتِي
/ أبتعِدُ عَن قَلبي فَأجِدُ قَلْبي / أُسَافِرُ بِاتِّجاهِ رُموشي / لأرى وَجهي
في مَرايا الغروبِ / لا أعْرِفُ هُوِيَّةَ الحاصِدِ ولا مَوْعِدَ الحصادِ / لَكِنِّي
أعْرِفُ مَوْعِدَ الشُّروقِ / تَغِيبُ الشَّمْسُ / لَكِنَّ شَمْسَ قَلْبي لا تَغِيبُ
/
دَمِي يَلْمَعُ في ضَوْءِ
القَمَرِ / سَيَأتي الغُرباءُ كَي يُكَفِّنُوا طُيورَ البَحْرِ بأوراقِ الخريفِ /
فَلا تَسْألي عَن مَوْتي أيَّتُها التِّلالُ / أنا حَفَّارُ القُبورِ وَشَاهِدُ
القَبْرِ / ومَقْبَرتي في كُلِّ القُلوبِ / حُزْني مَنْبَعُ النَّهْرِ / وأشلائي هِيَ
الرَّوَافِدُ / وَدَمْعي يَنْبُعُ مِن ذِكرياتِ الرَّعْدِ / وَيَصُبُّ في أغصانِ
المساءِ .