سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

18‏/10‏/2012

الشخصية النبوية

الشخصية النبوية

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد


     لا يخفى أن شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي المحور المركزي في التعامل مع الناس . وذلك راجع إلى كون النبي زعيماً اجتماعياً صاحب علاقات اجتماعية واسعة لأن النبوة تتطلب اتصالاً بالجماهير ، واطلاعاً على أحوالهم في سبيل دعوتهم وإرشادهم . ومن هنا تنبع أهمية الشخصية في استقطاب الأتباع المؤمنين بالرسالة النبوية .
     وكما أن الانطباع الأول عن الأشخاص مهم للغاية في الحياة الاجتماعية، فإن الأهمية تتضاعف في حال الأنبياء_ عليهم الصلاة والسلام_ لأنهم لا يتكلمون باسمهم، بل باسم الله تعالى ، ويحملون كلمته. وهذا مهم للغاية في انتشال البشر من مستنقع الصدود والجحود، وتوجيههم في طريق الله تعالى . وهذا يجعل الشخصية النبوية بالغة الأهمية في إقناع الناس ، ونيل قبولهم وإيمانهم . فالناس  _ بطبيعتهم _ يُجذَبون إلى أصحاب الشخصية المركزية اللطيفة الواثقة المحبّبة للنفوس التي تتعامل بإشراق ومحبة وفكر صاف ، وينفرون من أصحاب الشخصية المضطربة التي لا تتمتع بالتألق والجمال . وهذه هي طبائع البشر في شتى الأزمان ، ومن شتى الملل والنحل . لذلك اختار اللهُ تعالى أنبياءه _ عليهم الصلاة والسلام_ أصحاب شخصيات جذابة وواعية ومكتملة الخِلْقة والأخلاق ، لتكون الدعوة أشد تأثيراً في النفوس ، وأعمق أثراً على المدى القريب والبعيد .
     قال الله تعالى : (( فبما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ولو كنتَ فظاً غليظَ القلب لانفضوا من حَوْلك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمتَ فتوكلْ على الله إن الله يحب المتوكلين )) [ آل عمران: 159] .
     وهذه الآية توضح معالم هامة في طريق السلوك النبوي المستقيم الواعي الذي يجذب الأتباع ، ليس لتحقيق غرض شخصي أو منفعة دونية آنية ، بل لتحقيق مبدأ الإنقاذ البشري الكَوْني ، وتخليص الناس من عبء خطاياهم ، ومنحهم النعيم الأبدي في الآخرة مع الحياة الطيبة في الدنيا .
     فرحمة الله تعالى جعلت من النبي صلى الله عليه وسلم لَيّناً سهلاً بلا تعقيدات أو إجراءات بيروقراطية للوصول إليه، أو مدير مكتب يقف كعازل بينه وبين الناس . فاللينُ في طبعه صلى الله عليه وسلم صفة محبّبة جاذبة للآخرين ، لأن الناس بحاجة إلى شخص يسهل التعامل معه دون تواضع مصطنع أو تكبر متغطرس، فأساس العلاقات الاجتماعية هو التعامل البنّاء والتواصل الفعال بين الأطراف الإنسانية المختلفة في عقولها ومكانتها .
     قال ابن كثير في تفسيره ( 1/ 556 ) : (( يقول تعالى مخاطباً رسوله ممتناً عليه وعلى المؤمنين
فيما ألان به قلبه على أمته المتبعين لأمره التاركين لزجره ، وأطاب لهم لفظه : [ فبما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ] ، أي : أي شيء جعلك لهم لَيناً لولا رحمة الله بك وبهم ... وقال الحسن البصري : هذا خُلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به )) اهـ .
     فبرحمةٍ من الله تعالى لانَ النبي صلى الله عليه وسلم للناس ، وصار ليّن الجانب . وهذا يدل على أهمية الأخلاق التي تشكِّل الإطارَ العام للشخصية ، وتعطي الشرعيةَ الجاذبة للذات البشرية في تعاملها مع المخلوقات بشكل عام .
     وفي تفسير ابن كثير ( 1/ 556 ) : (( [ ولو كنتَ فظاً غليظَ القلب لانفضوا من حَوْلك ] ، والفظ الغليظ . والمراد به ههنا غليظ الكلام لقوله بعد ذلك [ غليظ القلب ] ، أي : لو كنتَ سيء الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك، ولكن الله جمعهم عليك ، وألان جانبك لهم تأليفاً لقلوبهم )) اهـ .  
     وفي الشفا للقاضي عياض ( 1/ 24 ) : (( قال السمرقندي : ذكّرهم الله مِنّته أنه جعل رسوله رحيماً بالمؤمنين ، رؤوفاً ، لين الجانب . ولو كان فظاً خشناً في القول لتفرقوا من حوله ، ولكن جعله الله تعالى سمحاً سهلا طلقاً براً لطيفاً . هكذا قاله الضحاك )) اهـ . 
     وبالقطع فإن الفظاظة وغلظة القلب تتنافيان تماماً مع ماهية النبوة ، وإشفاق النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ، وحرصه على إيمانهم وإنقاذهم من النار . كما أن الصفات القبيحة تساهم بشكل أساسي في تنفير الناس وطردهم وإبعادهم ، وأحياناً يترافق وجود الحق على لسان شخص فظ ، مما يشوِّش على معنى الحق ، ويعطي انطباعاً سلبياً عنه . وهذا يضر بمصلحة الدعوة والهداية والرشاد . لذا كانت شخصية النبي صلى الله عليه وسلم هي المفتاح لشخصيات الناس ، إذ إنها الشمس التي تدور حولها الكواكب. وأي خلل في الشخصية سيجعلها تؤدي دوراً عكسياً ، فبدلاً من جذب المؤمنين ستنفِّرهم . وهذا محال في حق النبوة لأنه ضد مراد الله تعالى .
     وفي صحيح البخاري ( 2/ 747 ): عن عطاء بن يسار قال : لقيتُ عبد الله بن عمرو ابن العاص _ رضي الله عنهما _ قلتُ: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، قال : (( أجل ، ... ، ليس بفظ، ولا غليظ ، ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر )).
     وهذه الصفات عبارة عن ركائز أساسية في طريق تثبيت الفاعلية الذاتية للشخصية البشرية ، وانعكاسها على الأفراد من أجل كسب قلوبهم واقتناعهم بجدوى الإيمان والالتزام بمنهاج النبوة
واحترام المبعوثين من قِبَل الله تعالى . فالفرد لا يمكن أن يحترم شخصاً منفِّراً  ،  أو يقتنع بكلامه
ويأخذه على محمل الجد .
     وعن سعد بن أبي وقاص قال : استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من  قريش  يكلمنه ويستكثرنه  ،  عالية أصواتهن على صوته  ،  فلما استأذن عمر بن الخطاب، قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ، فقال عمر: أضحك الله سِنك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( عجبتُ من هؤلاء اللاتي كُن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب)) . فقال عمر : فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله ، ثم قال عمر : يا عدوات أنفسهن ، أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟،فقلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[متفق عليه واللفظ للبخاري( 3/ 1347 )برقم(3480 ).ومسلم ( 4/ 1863 ) برقم ( 2396).].
     ومن هنا يظهر تميز النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه بأنه صاحب القلب الواسع ، والأخلاق الحميدة في أقصى مداها البشري. لكن البعض قد يستشكل ألفاظ الحديث مثل " أفظ " و" أغلظ "، فيظن أن النبي صلى الله عليه وسلم فظ وغليظ ، لكن بدرجة أقل من أصحابه        _ رضي الله عنهم _ ، عملاً بظاهر الحديث الذي يدل للوهلة الأولى على المفاضلة والاشتراك في الصفة . لكن الأمر بحاجة إلى تعميق أسس الاستنباط والاستدلال ضمن المفهوم السياقي اللغوي . فقد قال الحافظ في الفتح ( 1/ 168 ) : (( وقوله أنت أفظ وأغلظ ليس المراد به المفاضلة ، بل بمعنى فظ وغليظ )) اهـ .
     وقال الحافظ في الفتح ( 7/ 47 ) : (( أنت أفظ وأغلظ بالمعجمتين ، بصيغة أفعل التفضيل من الفظاظة والغلظة، وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل ، ويعارضه قوله تعالى : [ ولو كنتَ فظاً غليظَ القلب لانفضوا من حَوْلك ] ، فإنه يقتضي أنه لم يكن فظاً ولا غليظاً . والجواب أن الذي في الآية يقتضي نفي وجود ذلك له صفة لازمة، فلا يستلزم ما في الحديث ذلك ، بل مجرد وجود الصفة له في بعض الأحوال وهو عند إنكار المنكر مثلاً والله أعلم ... وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحداً بما يكره إلا في حق من حقوق الله ، وكان عمر يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقاً ، وطلب المندوبات، فلهذا قال النسوة له ذلك )) اهـ .
     وقال السيوطي في شرحه على صحيح مسلم ( 5/ 381 ) : (( ويستكثرونه ، أي يطلبن كثيراً من كلامه وجوابه لحوائجهن وفتاويهن.أنت أغلظ وأفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست أفعل هنا للمفاضلة ، بل هي بمعنى فظ غليظ . قال القاضي : وقد يصح حملها على المفاضلة ، وأن القَدْر الذي منها في النبي صلى الله عليه وسلم ما كان من إغلاظه على الكافرين والمنافقين ، كما قال الله تعالى : [ جَاهِد الكفارَ والمنافقين واغلظْ عليهم ] [ التوبة : 73] . وكما كان يغضب ويغلظ عند انتهاك حرمات الله تعالى )) اهـ .
     أما قوله تعالى : (( فاعف عنهم واستغفر لهم )) فيعكس الارتباط الوثيق والعلاقة الاجتماعية الإيمانية المتينة بين النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، من حيث العفو عنهم الذي سيكون له بالغ الأثر في ازدياد إيمانهم به ، والتفافهم حوله ، وثقتهم به . وهذا كله يعزز الوشائج بين المعلم والتلاميذ . ويأتي الاستغفار لهم ليدل على استحالة تخلي النبي صلى الله عليه وسلم عن أتباعه في السراء والضراء ، إذ إنه مهتم بهم لدرجة أنه يستغفر لهم من ذنوبهم لكي يخلِّصهم من عبء الذنوب، وهذا كله يعطيهم ثقةً بالنفس، ودفعةً إلى الأمام من أجل بناء مجتمع متماسك غير مهزوز.   
     وتأتي المشورة (( وشاوِرهم في الأمر )) لتؤسس معنىً سامياً في تحمل المسؤولية بشكل جماعي . فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي يأتيه وحي السماء المعصوم لا يحتاج إلى أية مساعدة بشرية ، أو آراء إنسانية من هنا وهناك . ومع هذا فإن مبدأ الشورى يوحِّد كلمةَ الأُمة ، فيشعر الجميع بأنهم معنيون بأمر الدعوة الإسلامية وبناء المجتمع الطاهر وتنمية الموارد البشرية والمادية عن طريق إعمار الأرض تحقيقاً لمفهوم الخلافة . فهذه ليست قضية النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، بل قضية كل المؤمنين المسؤولين عن حمل أمانة الدين بكل تطبيقاته . مما يجعل الأفراد ينظرون إلى أنفسهم نظرة أهمية ، حيث يؤخذ رأيهم في المسائل الحساسة، وليسوا مجرد تحصيل حاصل أو ببغاوات يرددون ما يسمعون دون إعمال عقولهم . وهذا يزيد ثقتهم الحاملة لأعباء المسؤولية ، حيث يجعلهم ينظرون إلى أنفسهم نظرة صناع الحدث ، وليس مجرد المتفرجين عن بعد . وهذا له أبعد الأثر في بناء شخصية الصحابة_ رضي الله عنهم _ وفق مبادئ الدفء الاجتماعي والمسؤولية السياسية الأخلاقية ، فتغدو قلوبهم شاعرةً بدفء العلاقة الاجتماعية ، وتصير عقولهم شعلة تفكير في اختيار المنهاج الأكثر نجاعةً للتصرف إزاء المواقف الصعبة . وأيضاً لكي يقتديَ حكام المسلمين في كل الأزمنة والأمكنة بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم بتطبيق مبدأ الشورى ، وأن لا يستبدوا برأيهم ، أو يأخذهم الاعتداد بالنفس المبالغ فيه الذي يمنع تطبيق الشورى بزعم أن الحاكم رأيه هو الصواب الذي لا يحتمل الخطأ ، ولا يُستدرَك عليه .  
     وجاء مبدأ الشورى مطبّقاً عملياً لا شعاراً مفرغاً من المعنى أمام وسائل الإعلام لخداع الرأي العام . فالشورى حياةٌ ، ومنهج تطبيقي على أرض الواقع أرسى دعائمه النبي صلى الله عليه وسلم واقعاً ملموساً في مواقف بالغة الحساسية ، ولخظات مفصلية في تاريخ الأمة الإسلامية .  
     فحدثت المشورة يوم بدر ، وهي لحظة مفصلية تتضمن حرباً شرسة في بدايات الدعوة الإسلامي .
     ففي صحيح مسلم( 3/ 1403): (( عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان. قال : فتكلم أبو بكر ، فأعرض عنه . ثم تكلم عمر، فأعرض عنه. فقام سعد بن عبادة، فقال إيانا تريد ؟ ، يا رسول الله ، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها _ يعني الخيل_، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد_اسم مكان _ لفعلنا )) .  
     قال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 12/ 124 ) : (( قال العلماء : إنما قصد صلى الله عليه وسلم اختبار الأنصار لأنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو ، وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده . فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان أراد أن يعلم أنهم يوافقون على ذلك ، فأجابوه أحسن جواب بالموافقة التامة في هذه المرة وغيرها ، وفيه استشارة الأصحاب وأهل الرأي والخبرة )) اهـ .
     وشاوَرهم يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين . مما يدل على أهمية المشورة في فقه التعامل مع الأعداء عند الأزمات .
     ففي صحيح البخاري ( 4/ 1531) : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أشيروا أيها الناس علي ، أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت ، فإن يأتونا كان الله _عز وجل _ قد قطع عيناً من المشركين ، وإلا تركناهم محروبين _ مسلوبين _ )) ، قال أبو بكر : يا رسول الله ، خرجتَ عامداً لهذا البيت لا تريد قتل أحد ، ولا حرب أحد ، فتوجه له ، فمن صَدنا عنه قاتلناه .  
     وشاور النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك حيث تم اتهام السيدة عائشة _ رضي الله عنها_ بالزنا . فعن عائشة _ رضي الله عنها _قالت: لما ذُكر من شأني الذي ذُكر ، وما علمت به ، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً ، فتشهد فحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : (( أما بعد ، أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي _ يعني : اتهموهم وذكروهم بسوء _ )).
[متفق عليه. البخاري ( 4/ 1780 ) برقم ( 4479 )، ومسلم ( 4/ 2129 ) برقم ( 2770 ).].
     واستشار النبي صلى الله عليه وسلم علياً وأسامة في فراق عائشة _ رضي الله عنها _ . حيث دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد_رضي الله عنهما_ حين استلبث الوحي ( أبطأ ) يسألهما ، وهو يستشيرهما في فراق أهله.
[متفق عليه. البخاري ( 6/ 2682 ) برقم ( 6935 )، ومسلم ( 4/ 2129 ) برقم ( 2770 ).].
     وهذه مشورة في أدق تفاصيل الحياة العائلية بين الرجل وزوجته، علماً بأن العلاقة بين الزوجين خاصةٌ للغاية ، وتجري خلف ستائر موصدة .
     قال ابن كثير في تفسيره ( 1/ 556 ) : (( وشَاوَرهم أيضاً أين يكون المنزل ، حتى أشار المنذر بن عمرو المعنق .. بالتقدم إلى أمام القوم . وشاوَرهم في أُحد في أن يقعد في المدينة ، أو يخرج إلى العدو  ، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم ، فخرج إليهم . وشاوَرهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ ، فأبى ذلك عليه السعدان : سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، فترك ذلك )) اهـ .
     وهذه المنهجية الشاملة من الشورى في الأمور الحربية العسكرية ، والعلاقاتِ الاجتماعية ، والمصالحِ التجارية ، تدل _بدون أدنى شك _ على شمولية مبدأ الشورى ، وعدم اقتصاره على مجال دون آخر. وبالطبع فإن المشورة إنما تؤخذ من أهل الخبرة والكفاءة والاختصاص، كل حسب مجاله .
     وقد يؤيد الوحي رأيَ أحد الصحابة ويعتمده إذا أصاب مرادَ الله تعالى . وهذا يدل على أهمية رأي الصحابة ومشورتهم التي أدّت إلى إعمال عقولهم وفكرهم في خدمة الدعوة ، وأن لا يكونوا في موقف المتفرج عن بعد ، وإنما يشاركون في صناعة الأحداث ، وإبداء أحكامهم في المسائل المختلفة . فالإسلامُ ليس سُلطةً قمعية يجبر مُعتنقيه على الاتباع الأعمى ، بل يحثهم على التفكير والنقد الاجتماعي ، ودعم الخير ، ودحض الباطل .
     فقد قال عمر بن الخطاب_ رضي الله عنه _ : (( وافقت ربي في ثلاث ، فقلت يا رسول الله : لو اتخذنا من مقام إبراهيم مُصلى فأُنزلت : [ واتخِذوا من مقام إبراهيم مصلى ][البقرة: 125]. وآية الحجاب، قلت يا رسول الله: لو أمرتَ نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البَر والفاجر، فنزلت آية الحجاب . واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه ، فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن ، فأُنزلت هذه الآية )).
[رواه البخاري ( 1/ 157 ) برقم ( 393 ) واللفظ له ، ومسلم ( 4/ 1865 ) برقم ( 2399 ) بلفظ " وافقتُ ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر " .].
     قال الحافظ في الفتح ( 13/ 292 ) : (( ذكر ابن بطال أمثلة مما عمل فيه صلى الله عليه وسلم بالرأي من أمر الحرب ، وتنفيذ الجيوش ، وإعطاء المؤلفة ، وأخذ الفداء من أسارى بدر ... قال : ولا تكون المشورة إلا فيما لا نص فيه )) اهـ .
     وهذه قاعدة جليلة ، فلا يُعقَل أن الله تعالى يوحي للنبي صلى الله عليه وسلم بفعل شيء ما ، ثم يترك النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ ربه تعالى ، ويذهب لأخذ رأي الصحابة ، ومشورتهم ، والوقوف على كلامهم . فالشورى محكومة فيما لا نص فيه . أما إن نزل الوحي بأمر ما ، فعندئذ لا خيرة للمؤمنين من أمرهم .
     وهناك صفات أخرى تساهم بشكل فعال في صياغة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بصورة فعالة وجذابة لما لها من أبعاد أخلاقية حاسمة في نقل المجتمع من حالة الانكسار إلى حياة التماسك والأمل . ونقل الأفراد من أطوار اللاجدوى إلى واقعية الحلم والحياة الفضلى .
     قال الله تعالى : (( الذين يتبعون الرسولَ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) [ الأعراف : 157 ] .
     ويأتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبارهما جناحين لإصلاح الفرد والمجتمع ، وتجذير الأخلاق السامية التي تدفع عجلةَ التقدم إلى الأمام وفق المعايير الواعية المشيّدة على قواعد إنقاذ الناس لا استغلالهم ، ومد يد العون للجميع خصوصاً الطبقات الاجتماعية المتدنية التي لا تقدر على فرض وجودها بسبب الفقر أو الجهل . وهكذا يغيب الشطط الطبقي ، وتتأسس العدالة الاجتماعية في كل فئات المجتمع . 
     قال الطبري في تفسيره ( 6/ 82 ) : (( [ ويحل لهم الطيبات ] ، وذلك ما كانت الجاهلية تحرمه من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي . [ ويحرم عليهم الخبائث ]، وذلك لحم الخنازير والربا وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله )) اهـ .
     وثنائية التحليل والتحريم جاءت لترد الأمور إلى نصابها الصحيح ، ولمساعدة الآخرين عبر انتهاج طريق الطيبات والابتعاد عن طريق الخبائث ، مما يؤثر إيجاباً على حياتهم وسلوكهم وقواهم. وأيضاً فالتحليل والتحريم هو حق لله تعالى من أجل صلاح المخلوقات ، وهو أعلم بها لأنه خالقها ، ويعلم ما ينفعها وما يضرها. وليست المسألة خاضعةً للعقل البشري ، لأن العقول متفاوتة وقاصرة لا يمكنها أن تلم بالمسألة من كل جوانبها الخفية والظاهرة ، وآثارها قريبة المدى وبعيدة المدى ، لأن العلم البشري محدود . وقد رأينا على مدار التاريخ تناقضات " النظريات العلمية " ، وسقوط كثير منها في ظل تقدم العلم والأدوات التجريبية . وهذا يجعل العلوم البشرية الناقصة عاجزة عن مستوى الوحي المعصوم الذي لا يُنقَد ولا يُنقَض مهما تقدمت البشرية .
     قال الطبري في تفسيره( 6/ 82 ): (( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن         ( الإصر) هو العهد ... وأن معنى الكلام: ويضع النبي الأمي العهدَ الذي كان الله أخذه على بني إسرائيل من إقامة التوراة ، والعمل بما فيها من الأعمال الشديدة كقطع الجلد من البول ، وتحريم الغنائم ، ونحو ذلك من الأعمال التي كانت عليهم مفروضة فنسخها حُكم القرآن )) اهـ .
     وهذا يدل على أن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم تمتاز بالرفق واللين في تقديم أوامر الله تعالى ، والتخفيف على الناس ، وعدم التشديد عليهم . وفي ذلك مصلحتهم ، وازدياد قناعتهم بأهمية النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء لمد يد العون لهم ، وفتح نافذة الأمل لهم، وهذا ما كان ليتحقق لولا الشخصية المحورية التي تكسب ود الآخرين ، وتقنعهم بجدوى منهاج النبوة ، وفائدة تطبيقه في الحياة العملية ، وآثاره الطيبة في الدنيا والآخرة .
     فأبعاد الشخصية الدعوية ليست محصورةً في أسلوب الخطاب ، فهي تتعلق_ أيضاً _ بالصفات الفردية ، والمواهبِ الشخصية ، والأخلاق العامة المحيطة بالشخص . فالناس لا يسمعون كلاماً مجرّداً ، بل يحيطون هذا الكلام بالطبيعة الشخصية للإنسان الذي يتحدث، لذلك يخرج الكلام محاطاً بتعابير الوجه ، وخلفية المتحدّث الحياتية ، ومرجعيته الفكرية . ومن خلال هذا المنطلق كانت شخصيات الأنبياء متميزة بالصفات الجليلة ، والمواهبِ العظيمة ، والفصاحة القادرة على إيصال المعنى لكل طبقات المجتمع من رأس الهرم الاجتماعي حتى القاعدة .
     ولنأخذ جانباً من التشديد على الأمم السابقة نتيجة قسوتهم . فعن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( إن بني إسرائيل كان إذا أصاب أحدَهم البولُ قرضه بالمقراض)).
[رواه الحاكم ( 3/ 528 ) برقم ( 5964 ) مرفوعاً وصححه ، ووافقه الذهبي . ورواه البخاري ( 1/ 90 ) برقم ( 224) موقوفاً على أبي موسى الأشعري ، وكذلك مسلم ( 1/ 228) برقم       ( 273 ) .].
     وعن أنس بن مالك _ رضي الله عنه _ : (( أن اليهودَ كانوا إذا حاضَت المرأةُ فيهم لم يُؤاكلوها )).
[رواه مسلم( 1/ 246 )برقم ( 302 ) .].
     وكما هو معلوم فليست وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون عبئاً على قومه ، وحِملاً ثقيلاً يحلمون بالتخلص منه . بل وظيفته التخفيف على الناس ، وإعطاؤهم فرصةً ذهبية للحصول على النعيم السرمدي ، والحياةِ السعيدة . فالله تعالى لم يرسل الأنبياءَ _ عليهم الصلاة والسلام_ ليقضيَ على مستقبل المخلوقات ، ويجعل الحياة جحيماً لا يطاق ، ويعذِّب الناسَ . وإنما أرسلهم لتحصل لهم النجاة من النار ، وهذا من رحمة الله تعالى بمخلوقاته .
     وهكذا كان منهج التيسير والتخفيف أحد أهم ركائز النبوة المحمدية لما في ذلك من بالغ الأثر في جذب الأتباع وفق نور الحق والحقيقة . والتخفيف لا يعني بأية حال من حال تمييعَ الدين ، أو لوي أعناق النصوص لتتناسب مع الهوى والشهوات الغريزية ، أو الهروبَ من تحمل المسؤولية . وإنما يعني السير في المنهج الوسطي بلا إفراط أو تفريط. فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً وأبا موسى حين بعثهما إلى اليمن قائلاً: (( يَسرا ولا تعَسرا ، وَبَشرا ولا تنَفرا ، وتطاوعا ولا تختلفا )).
[متفق عليه. البخاري ( 3/ 1104 ) برقم ( 2873 )، ومسلم ( 3/ 1359 ) برقم ( 1733 ).].
     أما الأغلال التي كانت على الأقوام الغابرة فهي التشديد عليهم، ومنها وجوب قتل بني إسرائيل لبعضهم بعضاً حتى ينالوا التوبة بسبب عبادتهم للعجل. قال الله تعالى : (( فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم )) [ البقرة : 54] .
     وتتجذر بشرية النبي صلى الله عليه وسلم المحدودة التي لها مقام معيّن لا يمكن تجاوزه ، لأنه صلى الله عليه وسلم يتصرف وفق مراد الوحي الإلهي ، وليس من تلقاء نفسه . لذلك جاء التنبيه على بشرية النبي صلى الله عليه وسلم الخاضعة لله تعالى وعلمه اللامحدود . فقال تعالى : (( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير وما مَسنِيَ السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون )) [ الأعراف : 188 ] .
     قال القرطبي في تفسيره ( 7/ 294 ) : (( أي لا أملك أن أجلب إلى نفسي خيراً ، ولا أدفع عنها شراً ... إلا ما شاء الله أن يُملكني ويمكنني منه )) اهـ .
     وهذا درس كبير لخضوع الأنبياء لله تعالى. فهو مالكهم ومالك ما ملّكَهم . ولا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يستبد برأيه ، أو يقيم حكماً ذاتياً منفصلاً عن إرادة الله الذي أرسله . وأيضاً هناك تنبيه إلى بشرية النبي صلى الله عليه وسلم التي لا ترقى إلى الألوهية ، لأن النبي لو كان إلهاً لما عجز عن جلب النفع أو دفع الضر . ومن هنا تتحدد محدودية مقام النبوة كما أرادها الله تعالى .
     فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف _ رضي الله عنه_ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن زرارة ، وبه الشوكة ، فلما دخل عليه قال : (( بئس الميت هذا اليهود يقولون : لولا دفع عنه . ولا أملك له ولا أملك لنفسي شيئاً )) .
[رواه الحاكم في المستدرك ( 4/ 238 ) برقم ( 7495 ) وصححه ، ووافقه الذهبي .].
     ومعرفة الغيب منفية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه لو كان يعلم الغيب لعرف مواطن النعيم فنال منه أكبر قسط ، وعرف مواطن الألم فابتعد عنه . وهنا إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يتلقى الأوامر الإلهية ، فلا يضعها من عقله وخبرته ، فهو عاجز عن معرفة الغيب إلا إذا كشف اللهُ له بعض الغيبيات ، ومن كانت هذه حاله فلا بد أن يكون خاضعاً بإرادته ورغماً عنه لعلم الله تعالى الذي أحاط بكل شيء .
     والنبي صلى الله عليه وسلم هو نذير وبشير . فالإنذار والبشارة هما قسما النبوة لأنهما يشتملان على الترهيب والترغيب ، وهذان الجانبان يناسبان كل أنواع البشر ، ولا يمكن لإنسان إلا أن يخضع للترهيب أو الترغيب حسب حالته النفسية وإمكانياته وقدراته العقلية والبدنية . وتتواصل الكشوفات الفكرية والأخلاقية المرتبطة بالشخصية النبوية ، مما يعكس أهمية دورها في تجذير الدعوة ، وترسيخ معالمها في مجتمع بدائي متخلف . قال الله تعالى : (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) [ التوبة : 128 ] .
     هذه الآية الشريفة منهاج متكامل يكشف طبيعةَ المستوى الأخلاقي للنبي صلى الله عليه وسلم. فهو لم يأت من كوكب آخر ، بل جاء من قلب بيئته وقومه ، يعرفونه تماماً ، ويدركون نسبَه وأخلاقه وتفاصيل حياته. فالنبي صلى الله عليه وسلم هو ابن بيئته، وهذا يجعله أعلم بتفاصيلها وطبيعةِ حياة قومه ، وصفاتهم، ونقاط قوتهم وضعفهم . وهذا يساهم بفاعلية أكبر في تحقيق مراد النبوة . وهو صلى الله عليه وسلم حريص على هداية الناس لعلمه المسبق بالجاهلية الشرسة التي تحتوي قومه ، وتجعلهم كائناتٍ لا وزن لها ، هائمة في الصحراء ، بلا تاريخ أو مستقبل . وهذه الدعوة تستلزم الرأفة والرحمة بهم لأنهم نتاج مجتمع قَبَلي صحراوي جاهلي متخلف ، وليسوا خريجي الجامعات أو المدارس النظامية التي تمنحهم جزءاً من الوعي وفهم العالَم .
     قال الثعالبي في تفسيره ( 2/ 167 ): ((وقوله عز وجل: [لقد جاءكم رسول من أنفسكم ] الآية . مخاطبة للعرب في قول الجمهور ، وهذا على جهة تعديد النعمة عليهم ، إذ جاءهم بلسانهم وبما يفهمونه من الأغراض والفصاحة ، وشرفوا به غابر الدهر، وقوله :  [من أنفسكم ] يقتضي مدحاً لنسبه صلى الله عليه وسلم ، وأنه من صميم العرب وشرفها ... وقوله :[ ما عنتم ] معناه : عنتكم . فما مصدرية ، والعنت المشقة . وهي هنا لفظة عامة ، أي عزيز عليه ما شق عليكم من قتل  وإسار ، وامتحان بحسب الحق )) اهـ .
     وفي كتاب معاني القرآن ( 3/ 270 ) : (( قال أهل اللغة  : يجوز أن يكون المعنى (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم )) أي بشر كما أنكم بشر فأنتم تفقهون عنه ، ويجوز أن يكون المعنى أنه من العرب فهو منكم )) اهـ .
     وفي تحفة الأحوذي ( 8/ 409 ) : (( أي من جنسكم في كونه عربياً قرشياً مثلكم ، تعرفون نسبه وحسبه ، وأنه من ولد إسماعيل ، لا من العجم ولا من الجن ولا من الْمَلك )) اهـ .
     وهنا تظهر حكمة الله تعالى في اختيار الأنبياء من بني البشر ، فلو أتى جني لدعوة البشر لهربوا منه لاختلاف الطبائع والخِلْقة ، فالجن من النار . وكذلك لو جاء مَلَكٌ لدعوة الناس لما قدروا على التواصل معه ، أو النظر إليه ، لأن مخلوق من النور . وهذا كله سوف يعيق النبوة ، ويلغي شرعيةَ وجودها وجدواها . وقد تجلت حكمة الله تعالى في اختيار الأنبياء من جنس البشر، ليكونوا شركاء في الخِلْقة والعقل والتركيب الجسماني والشهواني وتفاصيل الحياة الدقيقة . مما سيمنح النبوة حاضنةً بشرية ، وقبولاً في أوساط الناس .
     وتظل مسألة أُمّية النبي صلى الله عليه وسلم إعجازاً فريداً من نوعه وفق حكمة ربانية باهرة . فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم متعلّماً لقال الكفار إنه ألّف القرآن من بنات أفكاره بعد تجميع المعلومات من هنا وهناك بحكم تعلمه ومعرفته بالعلوم المختلفة وقراءة الكتب السابقة. أما في ظل أمية النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تظل حُجة للمعارِضين حول سماوية القرآن الكريم ، وأن مصدره إلهي لا بشري . فكيف يأتي أُمّي بهذه الكلام المعجِز الذي تحدى كلّ فصحاء العرب العاجزين عن الإتيان بمثله ؟. وبالطبع فالأمر ينقلنا إلى المصدرية الإلهية للقرآن فوق مستوى البشر.
     وقد قال الله تعالى : (( وما كنتَ تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون )) [ العنكبوت : 48] .
     وفي مختصر تفسير ابن كثير ( 3/ 50 ) : (( أي قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتيَ بهذا القرآن عمراً ، لا تقرأ كتاباً ، ولا تحسن الكتابة ، بل كل أحد من قومك وغيرهم يعرف أنك رجل أُمي ، لا تقرأ ولا تكتب ، وهكذا صفته في الكتب المتقدمة )) اهـ .
     إن صفة الأُمية ثابتة في التوراة والإنجيل كما هي ثابتة في القرآن الكريم . قال الله تعالى :      (( الذين يتبعون الرسولَ النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ))  [الأعراف: 157].
     وعن ابن عمر _ رضي الله عنهما _ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إِنا أُمة أُمِية ، لا نكتب ، ولا نحسب الشهر ، هكذا هكذا )) .
[متفق عليه . البخاري ( 2/ 675 ) برقم ( 1814 ) ، ومسلم ( 2/ 759 ) برقم ( 1080 ) .]. يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين .
     قال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 7/ 192و193 ) : (( قال العلماء : أُمية باقون على ما ولدتنا عليه الأمهات، لا نكتب ولا نحسب . ومنه النبي الأُمي ، وقيل : هو نسبة إلى الأم
وصفتها ، لأن هذه صفة النساء غالباً )) اهـ .
     وتتوالى الصفات النبوية التي تقود مسيرة الدعوة الإسلامية بكل اقتدار وتأثير في العقول والأبدان . وبالقطع فإن معالم الشخصية النبوية لها جذور واعية ، ومنطق علمي يحترم العقلَ ، ويخاطب الناس حسب تفكيرهم . وهذا كله وفق أسس ثابتة تحدد قواعد التعامل بين بني البشر، وعلاقتهم بخالقهم تعالى ورسله _ عليهم الصلاة والسلام_ . فالخالق تعالى لم يخلق الناس عبثاً ، ولم يسكنهم في الأرض ليلعبوا ، ويضيعوا وقتهم كلاً حسب هواه وشهواته . فهناك مسار وهدف وحقوق وواجبات . قال الله تعالى : (( فلذلك فادع واستقم كما أُمرتَ ولا تتبع أهواءهم ))       [ الشورى : 15] .
     وهذه الآية الشريفة حدّدت أركانَ معنى النبوة بشكل تام ، ويمكننا أن نوردها وفق جذرَيْن أساسيين :
     1) الدعوة والاستقامة : أي إرشاد الناس إلى الحق ، ودعوتهم إلى الإيمان بالله تعالى وحده وشرائعه . ولكي تكون الدعوة ذات تأثير في النفوس لا بد أن ترافقها الاستقامة لتعطيَ المثل الرائع للقدوة. فلا يصح أن يدعوَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأخلاق وهو لا يتحلى بها. أو يدعو إلى التماسك الأسري وأسرته مفككة . أو يدعو إلى التقوى وهو لا يعرفها.لذلك كانت الشخصية النبوية هي القدوة الكاملة في القول والفعل. فمحالٌ أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بفعل ولا يأتيه ، أو أن ينهى عن فعل ويأتيه ، لأن ذلك سيكسر القدوةَ في أذهان الناس، فيفقدون ثقتهم بالشخصية الدعوية . فالقرآن الكريم الذي هو دستور الدولة الإسلامية التي أسّسها النبي صلى الله عليه وسلم ، تم تطبيقه كاملاً على أرض الواقع من قِبَل قائد هذه الدولة صلى الله عليه وسلم ، مما أقنع الناس بأن الإسلام دين واقعي وعملي لا مجموعة فلسفات مثالية في عالم الأحلام لا يمكن تطبيقها إلا على الورق .
     ففي صحيح مسلم ( 1/ 512 ) أن السيدة عائشة_ رضي الله عنها _ قالت : (( فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن )) .
     إن مقام النبوة هو مقام أخلاقي مستقيم . وهذه الاستقامة الخُلقية ضرورية لتثبيت المرجعية الإيمانية الواضحة التي يعود إليها الأتباع واثقين بها ، ومسترشدين بمنهجها، حيث يرسمون خطواتهم الحياتية على ضوئها . فالنبي صلى الله عليه وسلم قد التزم المنهجَ القرآني، فصارت حياته نابعةً من الأخلاق القرآنية الجليلة ، حيث تثبيت الفضيلة ، ورفض الرذيلة .
     قال ابن كثير في تفسيره ( 4/ 514 ) : (( ومعنى هذا أنه _ عليه الصلاة والسلام _ صار
امتثال القرآن أمراً ونهياً سجية له ، وخُلقاً تطبعه ، وترك طبعه الجِبِلي . فمهما أمره القرآن فعله ، ومهما نهاه عنه تركه ، هذا مع ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة
والصفح والحِلم وكل خلق جميل )) .
     وعن أنس بن مالك_ رضي الله عنه_ قال : (( خدمتُ النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي أُف، ولا لم صنعت ؟ ، ولا ألا صنعت )).
[رواه البخاري ( 5/ 2245 ) برقم ( 5691 ) ، ومسلم ( 4/ 1804 ) برقم ( 2309 ) .].
     وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عظمة السيد الذي لا يستخدم سلطاته لاستعباد الآخرين ، وممارسة الاستبداد عليهم ، مستغلاً ضعفهم . فالنبي صلى الله عليه وسلم حينما يتعامل مع الخادم برفق ، فهو ينطلق من مقام القوة لا مقام الضعف أو قلة الحيلة . لكن مقام القوة النبوية محاط بالأخلاق اللينة ، والرحمة بالمخلوقات ، والأخذ بأيدي الضعفاء ، ومساعدة الفقراء ، وتقدير مشاعرهم وظروفهم الحياتية الصعبة .
     ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتطاول على البسطاء مستغلاً اسم عائلته الشريفة القوية . ولم يستعرض عضلاته أمام الضعفاء ليمارس عليهم دكتاتورية السيد المطلق . ولم يستعمل فصاحته ليلفت انتباه الآخرين ، ويتعالى عليهم بما لديه من مقدرة لغوية .
     ومما لا شك فيه أن هذا التواضع النابع من موضع القوة والقدرة والسلطة يعكس الشخصية المتكاملة الفريدة للنبي صلى الله عليه وسلم .
     وفي صحيح مسلم ( 4/ 1814 ) : عن عائشة قالت : (( ما ضرب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ، ولا امرأة ، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله _عز وجل _ )) .
     وهذه الأخلاق الفاضلة المركزية في مسيرة الدعوة لها وقعٌ بالغ التأثير في نفوس الجماهير ، لأنها تجعل من الإيمان واقعاً ملموساً ذا تطبيق فعلي لا مجرد حِبر على ورق. ولا يخفى دور الأخلاق الفاضلة في تقوية دعائم الأسرة التي هي نواة المجتمع، فتصبح العلاقات الاجتماعية أكثر ترابطاً ، وهذا يتيح للمجتمع أن يبدع في كل المجالات لأن الأخلاق الفاضلة في الأُسر هي الركيزة في الانطلاق نحو صناعة مجتمع الفضيلة والتقدم والحضارة بكل فروعها الروحية والمادية .
     وعن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق)).
[رواه الحاكم في المستدرك ( 2/ 670 ) برقم ( 4221 ) وصحّحه ، ووافقه الذهبي .].
     وهذا يدل _ بلا شك _ على أهمية الأخلاق في صناعة الحضارات ، وازدهارِ الأمم . فكل حضارة لا أخلاقية قد وضعت قدمها على سلم العد التنازلي، والانهيارِ المريع، والانحدار إلى الهاوية. فلا يغتر الإنسان بالرقي المادي إن لم يصاحبه رقي أخلاقي. فالآلة لا يمكن أن تحل مكان الإنسان من ناحية التفكير ، واتخاذِ القرارات، وإعمارِ الأرض، والمستوى الشعوري الوجداني الأخلاقي، والطاقةِ الروحية الخلاقة . فالآلة الميكانيكية لا يمكن أن تحقق مراد الله تعالى في إعمار الأرض ، وتصير خليفةً له، فالإنسان هو خليفة الله في الأرض ، الحامل لعبء الأمانة الإلهية .
     وقد كانت الأخلاق هي الركيزة الحقيقية الداعمة لصمود المجتمعات في وجه التحديات الاجتماعية المختلفة ، إذ إن مستوى الوعي البشري بأهمية الصفات الحميدة يشكِّل ضمانةً فاعلة لاستمرار قدرة المجتمع على التحرك في خط مستقيم ، وبشكل مضاد لاحتراف الانحراف . فلا يمكن للطاقة المادية _ وحدها _ أن تصنع مجتمعَ المحبة والتماسك والعدالة الاجتماعية. فالقيم الروحية الأخلاقية ذات التماس المباشر مع جوهر الإنسانية هي التي توفِّر شرعيةَ وجود التجمعات البشرية ، وتضمن ديمومةَ الإنتاج والازدهار . وكما قال الشاعر :
إنما الأممُ الأخلاق ما بقيــت        
فإن  همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
     ومن الركائز الأساسية في الشخصية النبوية عدم اتباع أهواء الناس . فالحق أحق أن يُتّبع . وأهواء الناس متباينة حسب مصالحهم الشخصية الآنية الاستهلاكية ، ووفق عقولهم القاصرة ، ونظراتهم المحدّدة في زوايا ضيقة لا يمكن أن تشمل الموضوع من كل جوانبه . لذلك كان اتباع الهوى قاتلاً للإنسان ، لأنه يبعده عن طريق الحق ، ويجعل منه عبداً لشهواته وطمعه وحبه لحطام الدنيا .
     ولا يمكن أن يُقام المجد الإنساني إلا على الحق الناصع سواءٌ كان في مصلحة الفرد أو ضد مصلحته _ كما يتصور _ . ومن غير المعقول أن تصير أهواء الناس المتضاربة هي المحرِّك الفاعل في مسار المجتمعات ، والحضاراتِ ، والأمم ، لأن هذا من شأنه بناء الشخصية الإنسانية على الظنون، والشهوات، والشبهات ، والباطل . وما بني على باطل فهو باطل . فالحق هو المنطق الفعلي للحضارة ، سواءٌ حكم لنا أو حكم علينا .
     والمسار العملي للنبوة واضح المعالم ثابت الأركان . قال تعالى : (( فَذَكرْ إنما أنتَ مُذَكر ))   [ الغاشية : 21] . أي ذكرْهم بنعم الله تعالى وشريعته ومنهاجه في الأرض الذي جاء لإسعاد البشرية . فالله تعالى أرسل الأنبياء _ عليهم الصلاة والسلام _ رحمةً بالخلق لإنقاذهم من العذاب . ولو عذّب اللهُ تعالى كل المخلوقات بما فيها الأنبياء والملائكة ، فلا يمكن أن يُستدرَك على حكمه ، أو يُراجَع في قراراته. فأحكام الله تعالى لا تُنقَد ولا تُنقَض. ولكن رحمة الله تعالى الشاملة لكل شيء، جعلت من الأنبياء أصحاب مكانة سامية في الدارين ، والملائكة عباد الله المقربين .
     ويأتي التذكير لتحريك العناصر الإيمانية في القلوب المتوارية تحت ركام الذنوب والغفلة والشهوات والضعف البشري المعلوم . ومن شأن عملية التذكير إحياء القلوب الميتة ، وإضاءة شعلة الحق المنطفئة في القلوب ، وزيادة المؤمنين إيماناً وتثبيتاً ودعماً معنوياً للاستمرار في طريق الإيمان ، والثبات عليه . فليست الذكرى مقتصرة على الكفار أو الفساق، بل إن المؤمنين يحتاجون إليها لإعادة شحن طاقتهم الإيمانية ، وإزالة الشوائب على قلوبهم وأرواحهم .
     وهناك قاعدة متينة في العمل الدعوي النبوي: (( لستَ عليهم بمصيطر )) [الغاشية: 22]. 
[قال بعض أهل العلم بأن هذه الآية منسوخة بآية السيف . راجع الناسخ والمنسوخ لابن حزم   ( 1/ 65) ، والناسخ والمنسوخ للكرمي ( 1/ 224) ، وناسخ القرآن العزيز ومنسوخه لابن البازري ( 1/ 58 ). لكن هذا الكلام فيه نظر. إذ إن هناك آياتٍ لا يمكن نسخها لما تتضمنه من أحكام ثابتة . فقد قال ابن الجوزي في مصفى الناسخ والمنسوخ ( 1/ 59 ) : (( قيل نُسِخت بآية السيف . وقيل معناها لست عليهم بمسلط فتكرههم على الإيمان ، فعلى هذا لا نسخ )) اهـ . والذي يدحض فرضيةَ نَسْخها ما رواه الحاكم في المستدرك( 2/ 568)وصححه ووافقه الذهبي: عن جابر  _ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا لحقها، وحسابهم على الله )) ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( [ لستَ عليهم بمصيطر. إلا من تولى وكفر. فيعذبه الله العذاب الأكبر ] )). قلتُ: هناك أمران في المسألة ، الأول _ إن القتال في الإسلام يكون بضوابط تحددها الشريعة ، ولا يُجبَر أحدٌ على اعتناق الإسلام . أما الكفار المحارِبون والذين يحولون دون وصول الدعوة فهؤلاء يُقاتَلون . والثاني _ إن سياق الحديث يفيد بأن الحساب على الله تعالى، وحمل الأمور على الظاهر دون السيطرة على الخلق والتجبر عليهم، وإكراههم على الإيمان. فلو كانت [ لستَ عليهم بمصيطر ] منسوخة، فما فائدة أن يوردها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يتحدث عن القتال وامتلاك الله وحده لسُلْطة الحساب ؟. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يقول إنه ينفذ تعاليم الله تعالى في القتال المنضبط لا العبثي الهمجي ، ومع هذا فهو ليس مسيطراً على الخلق ، لأن حسابهم بيد الله وحده ، ودور النبي صلى الله عليه وسلم هو إقامة الشعائر وفق الظاهر لأنه لا يملك السيطرة على قلوب الناس وبواطنهم .].
     قال الصابوني في صفوة التفاسير ( 20/ 53 ) : (( أي لستَ بمتسلط عليهم ، ولا قاهر لهم ، حتى تجبرهم على الإيمان )) اهـ .
     وهذه القاعدة الجليلة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم داعيةٌ إلى الله تعالى ، لا يملك السلطة على إكراه الناس على الدخول في الإيمان. وليس لديه القدرة على حساب الناس، وإرسالهم إلى الجنة أو النار، لأن هذه الأعمال اختصها الله تعالى لنفسه . فالدعوة النبوية إرشادية تخرج الناس من الظلمات إلى النور. وعند هذه النقطة تنتهي صلاحياتُ النبي صلى الله عليه وسلم. وسواءٌ آمن الشخص أم كفر، فإنه يتحمل تبعات اختياره أمام الله تعالى مالك أمور الخلائق ، والذي بيده الجنة والنار . حتى النبي صلى الله عليه وسلم شخصياً لا يقدر أن يدخل الجنة بأعماله وإخلاصه إلا أن يتغمده الله تعالى بالرحمة . وهذا يعكس القصور الإنساني ، والحاجة إلى الله تعالى في السراء والضراء . 
     فعن أبي هريرة_ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لن ينجيَ أحداً منكم عملُه )).قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟، قال: (( ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة )).
[متفق عليه.البخاري( 5/ 2373 ) برقم ( 6098 )، ومسلم( 4/ 2169)برقم ( 2816 ).].
http://www.facebook.com/abuawwad1982