الجيش السوري ينسى الجولان ويحرر درعا !
إبراهيم أبو عواد
جريدة القدس العربي
لندن ، 29/4/2011م .
يبدو أن الجيوش العربية ما زالت محصورة في عقليتها القمعية البدائية ، فهي تستقوي على أبناء جِلدتها العُزَّل من السلاح في حين أن الأراضي العربية واقعة تحت الاحتلال الأجنبي دون أن يفكر أي نظام حاكم في تحريرها . وقد رأينا في تاريخنا العربي المعاصر نماذج سيئة توضع فيها الجيوش في غير موضعها . فالجيش العراقي احتل الكويت بكل قوة وسرعة ولم يفكر في التحرك لإنقاذ فلسطين . والجيش الأردني أرسل الدبابات وحاصر مدينة معان التي تبعد أكثر من 200 كم جنوب العاصمة عمَّان، ولم يفكر في تحرير القدس التي تبعد عن عمَّان 80 كم فقط . والجيش المصري في عهد مبارك كان يحاصر غزة بكل كفاءة بدلاً من مساعدتها على الصمود والمقاومة . والجيش المغربي يصول ويجول أمام عيون الصحراويين ، ولم يتخذ أي إجراء لتحرير سبتة ومليلية الواقعتين تحت الاحتلال الإسباني. والجيش السوري يستعرض عضلاته في درعا ضد المدنيين ويقوم بعمليات إبادة وفوضى وترويع للمواطنين في حين أن الجولان هادئ تماماً لم تُطلق فيه رصاصة طيلة عقود ، وأعصاب اليهود مرتاحة . ومخابراتُ النظام السوري تعتقل الناس من بيوتهم ، وتزج بهم في سجون التعذيب دون محاكمة أو احترام لحقوق الناس ، لكن هذه المخابرات لم تقدر على حماية القائد عماد مغنية الذي تم اغتياله في كَفر سوسة قرب العاصمة دمشق، وأُغلق الملف بطريقة مشبوهة دون القيام بأي تحقيق في اغتيال هذا الزعيم العسكري.
والجيوش العربية ينطبق عليها قول القائل : (( أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة )) . وهذه الميليشيات العسكرية المهزومة الحارسة لفساد الحكام والمفتقدة لشرف العسكرية والتحرير ، هي انعكاس لحالة التخلف المتجذر في عقلية الأنظمة الحاكمة التي هُزمت أمام إسرائيل في عدة أيام . ومع هذا فهي تمثِّل _ طيلة عقود _ في مسرحية الحرية والمجد والانتصار، وهي تنتقل من هزيمة إلى هزيمة . فهذه الجيوشُ البائسة التي تحرس عروش الاستبداد خسرت في الحرب ، وخسرت في السلام ، وفقدت احترام شعوبها ، وخسرت الرأي العام العالمي. فظهرها إلى الحائط ، وهي تقاتل أبناء جِلدتها بدافع الحقد والحفاظ على منافعها الشخصية ، وليس بدافع حفظ الأمن ومنع الفوضى وحماية حاضر الشعوب ومستقبلها .
ونحن نرى أن النظام السوري ما زال يعيش في عقلية الاتحاد السوفييتي البوليسية ، حيث القبضة الأمنية متجذرة في كل مفاصل الدولة وأوصال المجتمع. لكن المنظِّرين لفلسفة قمع الشعوب ينبغي أن يُدركوا أن ممارسة إرهاب الدولة المنظم ضد المواطنين سيكون مسماراً في نعش النظام الحاكم _ عاجلاً أو آجلاً _. وأمامنا قصص حياة ستالين( الاتحاد السوفييتي ) وهتلر( ألمانيا ) وموسوليني ( إيطاليا )وفرانكو ( إسبانيا ) وبينوشيه ( التشيلي ). وفي الفترة الأخيرة رأينا بأم أعيننا ما حدث للزعماء المستبدين في عالمنا العربي . والذي لا يستفيد من دروس التاريخ ، فإن التاريخ سيقضي عليه ويتجاوزه .