سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

18‏/03‏/2012

نقد الأيديولوجية الشيعية الرافضية فلسفياً ( 1_ 6 )

نقد الأيديولوجية الشِّيعية الرافضية فلسفياً ( 1_ 6 )

للمفكر/ إبراهيم أبو عواد

لستُ معنياً في هذا الصدد أن أرد على عقائد الشيعة الروافض بالتفصيل لأن الردود موجودة في آلاف المجلدات عبر تاريخ المسلمين كله ، وكل عقائدهم تمت غربلتها اعتماداً على منهجية علمية قوية جداً على يد كبار العلماء القدماء والمحدَثين المتخصصين في عقائد القوم . ولن أكون أفضل منهم بأية حال من الأحوال، لكنها مقالة سريعة تعتمد تياراً فلسفياً شخصياً من أجل تسليط الضوء على بعض الجوانب العَقَدية من وجهة نظري. فالأمر أشبه ما يكون بغربلة فلسفية، والغوص في فلسفة تكونات هذا المذهب المنحرِف عن الجادة . ولستُ أدَّعي كمالاً في هذا الزخم الفكري إلا أنها خواطر فلسفية تحليلية نابعة من أفكاري وتصوراتي المعتمدة على قراءاتي واستنتاجاتي . وقد تم الرد على عقائد الشيعة الروافض بشكل شرعي تفصيلي وفق الأدلة المعتمدة سواءٌ عند أهل السنة والجماعة أم عندهم ، وأنا هنا لا أود تكرار ما قيل ، إلا أنني أحاول تأصيل منحى فلسفي تشريحي تفتيتي لهذا المذهب، وفق صورة سريعة موجزة تعتمد على إصابة الهدف .

بدايةً ينبغي أن ندرك أن لفظة " الشيعة" نطلقها على الروافض مجازاً لأنهم عُرِفوا بها ، فصارت لفظةً دالة عليهم يمتازون بها ، ولكن هذه اللفظة في واقع الأمر خاطئة إذا ما التصقت بالروافض ، لأن الشيعة الحقيقيين هم أهل السُّنة والجماعة الذين شايعوا آل البيت_عليهم السلام_ وصاهروهم ودافعوا عنهم ، وعرفوا قَدْرهم بدون اختراع الأكاذيب والأساطير حولهم . أما الروافض فكان ديدنهم طوال الفترات التاريخية المتعاقبة هي خيانة آل البيت عبر تسليمهم لأعدائهم ، واختراع الأكاذيب ونسبتها إليهم، ولنتذكر ما فعله أهل الكوفة الخونة الذين خانوا علياً والحسين _ عليهما السَّلام_ ، وباعوا ضمائرهم من أجل الدرهم والدينار ، ومع هذا يقدمون أنفسهم على أنهم شيعة آل البيت ، ومناصروهم ، وحماة أفكارهم ومدرستهم . وهؤلاء الشيعة الذين قتلوا أئمةَ آل البيت ثم بكوا عليهم، هم تماماً مثل الذين خانوا المسيحَ ، ثم صاروا ينتظرون قدومَ المسيح المخلِّص آخر الزمان .

قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه الغُنية لطالبي طريق الحق ( 1/ 86و87 ) : (( وأما الشيعة فلهم أسامٍ منها الشيعة والرافضة والغالية والطيارة ، وإنما قيل لها الشيعة لأنها شايعت علياً _ رضي الله عنه _ ، وفضَّلوه على سائر الصحابة ، وقيل لها الرافضة لرفضهم أكثر الصحابة ، وإمامةِ أبي بكر وعمر _ رضي الله عنهما _ ، وقيل سُمُّوا الروافض لرفضهم زيد بن علي لما تولى أبا بكر وعمر _ رضي الله عنهما _ وقال بإمامتهما ، وقال زيد : رفضوني . فسُموا رافضة )) .

ولكن البعض قد يقول إن هناك مسلمين قتلوا عظماء من آل البيت ، فنقول إن هذا صحيحٌ ، ولكن من قال لك إن هؤلاء القتلة يُمثِّلون أهلَ السُّنة والجماعة ، ومن قال لك إن أئمة آل البيت يُمثِّلون الشيعة الروافض . إن أعداء آل البيت يُمَثِّلون أنفسهم بشكل فردي محض ، وإذا كانوا نواصب فهذه مشكلتهم لا مشكلة أهل السنة والجماعة . أما خيانة الروافض فكانت جماعية مُنظَّمة عبر خياناتهم المتكررة لآل البيت ، وحياكة الأساطير ونسبتها إليهم ، وهذا سيأتي تفصيله لاحقاً _إن شاء الله_. وبالتأكيد فإن النواصب والشيعة الروافض وجهان لعملة واحدة اسمها خيانة آل البيت بكل تطرف ، فكل واحدٍ فعلٌ وردُّ فعلٍ في آن معاً ، وكلاهما غارق في الوهم الأيديولوجي المنفي عن قيمه الوجودية .

وهؤلاء القوم يسمون أنفسهم بالشيعة ليوهموا الناس أنهم متبعون لآل البيت ، وهذا اللفظ إنما جاء في أذهانهم وفق أفكارهم النسقية المبنية على مبدأ الاقتران . فالشيء الذي يقترن بشيء محبَّب للنفوس يصير محبَّباً للنفوس هو أيضاً ، وكل المسلمين مجمِعون على حب آل البيت ، وفكرة اقتران طائفة ضالة بهم ، وانتسابهم إليهم ، سيعطيهم شرعيةً في أذهان العوام وأصحاب العقول البدائية الخالية من المنهجية العلمية المتينة . وهذا الاقتران الأيديولوجي يعكس التشويشَ الحاصل في قدرة النَّص الدِّيني الرافضي على إعادة تكوين نفسه من خلال الارتباط بأمور خارجة عنه . أي إن الارتباط في عقائد القوم يتخذ طابعاً حياتياً خارجياً لتحقيق مكاسب سياسية معتمدة على أدلجة منزوعة السيادة على مكوِّناتها التركيبية .

وبما أن نشأة العناصر الوهمية في طبيعة زمانيات التراكب العَقَدي الرافضي هي شعورية وهم السيطرة على تأويل التاريخ الذاتي ، واحتكارِ متواليات الشعور القامع للحرية ، فإن بناء النص الدِّيني على تتابع الوهم الأيديولوجي أدَّى إلى بروز تيارات فوضوية تستند في تكوين أنساقها الهلامية إلى منظورات استثمار الخرافة لصالح تدعيم الأسطورة . أي إن التناظر الوجودي في هالة الارتداد غير التلقائي في حياكة صورة المتخيَّل الوظيفي الدال على متوازِيات انهيار الأفكار الأُحادية حصر توثيق التأثير العبثي في زوايا النص المتطرف، وذلك عائد إلى قيمة المصلحة السياسية التي تعلو على الفكر الدِّيني من أجل نشر أوهام الذاكرة الجزئية لتكوِّن عقائد التطرف الرافضي .

فغياب التجانسية في تتابع البناء الزمكاني ( الزماني _ المكاني) في معمارية التوالي الفكري ما هو إلا ارتداد طبيعي لحالة التخبط التي يحياها النَّص الدِّيني في ظل غياب أي قيمة لوعي الجزيئات بقدرة المرتكَزات الكلية على جمعنة سياسة النَّص . فالاعتماد على حالة تغييب الوعي عن مساحات تحديد مسارات المتمركِزات المعنوية جعل اللفظ يرتطم بالمعنى في حركة دورانية قتلت روحَ النَّص ، وسلَّطت عليه تجاربَ السلوكيات المنحرِفة على الحلول في بؤرة مركزية الأحداث الجدلية . فالتوازي الشرس مع لامنطقية المتقابِلات الكلماتية نزع من قدرات المعنى استمراريةَ البناء على الواقع ، فحدث الشرخ العنيف بين واقعية صورة النَّص الوهمي الرافضي، وبين تكوينات الاتجاه العام لأنساق المعرفة الدِّينية المبنية على احتكار تأويل إفرازات تاريخٍ يُقرَأ بشكل متطرف مغرِض حاملاً في ذهنه الجمعي فكرةً مسبقة يجب إثباتها بالحق أو بالباطل. والإشكالية الوجودية الحقيقية التي لا يقدر الروافض على التخلص منها ، والتي سبَّبت لهم كثيراً من الاضطراب والتناقض هي القراءة المتطرفة للتاريخ ، فهم أكثر تطرفاً في قراءة التاريخ من الماركسيين. فإذا ارتكب سيدنا علي _ رضي الله عنه _ خطأ ما ، فلا خطأ عليه لأنه إمام معصوم من وجهة نظرهم ، أما إذا ارتكب سيدنا عثمان _ رضي الله عنه _ خطأ، فعلى الفور يتم تكفيره ، وإخراجه من الملة لأنه أُمويٌّ ، وتبدأ حكايات ألف ليلة وليلة عن عداوة الأمويين للهاشميين ، وتبدأ القصص البوليسية التي لا تنتهي . وإذا أخطأت السيدة فاطمة _ رضي الله عنها _ في مسألة ، فهذا غير مقبول لأنها معصومة لا تخطأ نهائياً _من وجهة نظر الروافض _، أما إذا أخطأت السيدة عائشة_ رضي الله عنها _ ، فعلى الفور يضعونها في النار برفقة أم جميل زوجة أبي لهب ، لا لشيء إلا لأنها ابنة سيدنا أبي بكر الصديق _ رضي الله عنه _ ، وتبدأ مغامرات اغتصاب الخلافة المشوِّقة ! .

وهذه الحالة الموغلة في إرهاصات التطرف متماهية مع المسار الماركسي في إثبات أوهامه عن طريق نشر أوهامه ، وإسقاطها على الواقع المتخيَّل في الذهن القاصر ، فيبدأ العقلُ في قراءة الوهم الذي يُغلِّف الصورةَ ، وينسى الصورةَ الحقيقية . وهذا المبدأ الأحادي المنحرِف أُسميه مبدأ قراءة واقعية الذهن التحطيمي لا قراءة واقعية الواقع . فمثلاً أنا أفترض أن جارنا لص مع أنه رجل شريف، وأُسقِط عليه صفاتِ اللصوص، وبعدها يبدأ عقلي بواسطة التقاط التناظر الطبيعي للمشهد في قراءة الصفة التي صبغتُ جارنا بها وهي اللصوصية ، فيستنتج عقلي أنه لص بحكم الظاهر له من الصفات التي أسقطتُها عليه. وقد جاء التحذير شديداً تجاه هذه الحالة الحاملة للأفكار المسبقة ومحاولة إثباتها بالحق والباطل. فقال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ )) [ البقرة: 6] . ونحن هنا لا نُكفِّر الشيعةَ الروافض إلا في حالة إنكار معلوم من الدِّين بالضرورة ، وانتفاء الموانع عبر إقامة الحجة ، وإزالة الشبهاتِ . لكن المبدأ الذي تتحدث عنه الآية هو مبدأ الفكرة المسبقة عن الكفار الذين لا يُغيِّرون عقائدهم سواءٌ تم إنذارهم أم لا، لأنهم حاملون لفكرة الوهم ، ويتخندقون حولها، وهي مثبتة في أذهانهم تلقائياً بشكل هلامي تفتيتي سواءٌ تم نفيها أو إثباتها ، وفي هذه الحالة لا يستطيع الإنسان تمييز الخيرَ من الشر ، لأنه ليس صادقاً في بحثه عن الحقيقة واعتناقها حتى لو خالفتْ موروثَه الذي نشأ وتربَّى عليه طوال حياته التي قضاها قامعاً مقموعاً .

وتظل السلوكيات الرمزية تُوَظَّف لصالح تكريس هيمنة أُحادية المنظور التصويري على تناقضات التوازي الفوضوي في الموروث الدِّيني المسيَّس من أجل تثبيت دعائم الانهيار التكاثري في زمكانيات القراءة المتطرفة للتاريخ التي يقوم بها الرافضة ، إذ إن تغييب إشارات احتضار المعنى في الذات الوهمية الدالة على شرعية المتخيَّل الوسواسي يهدف بالأساس إلى تثبيت الألفاظ على خارطة شرعية الأسطورة، لتحل الكلمات المؤدلَجة محل المعاني المحدَّدة. وفي هذه الحالة يحدث الخلط الرهيب بين تقاطعات العناصر المنبوذة في الذات الذهنية لتصورات انحراف الشيعة العَقَدي . وهذا الخلط المقصود يخدم المصلحة السياسية للروافض عن طريق توظيف وهمية الدلالة ، وصبغها بمنطقية الصورة الوظيفية للشعائر المؤدلَجة خرافياً ضمن وحدة التماهي التوظيفي مع الموروث الشعبي العابث مثل إحياء يوم عاشوراء باللطم والضرب وتمزيق الثياب ، إلخ هذه الشعائر الأسطورية التي هي بالأساس موروث شعبي خرافي لا أساس له من الناحية الدينية، بل هو يسير باتجاه مضاد للدِّين.

لكن أدلجة الموروث الشعبي وصبه رغماً عنه في قالب الأيديولوجية الشِّيعية ينقله في أذهان الأتباع العوام من مخيالية السلوك الاجتماعي الانهياري إلى بؤرة التدخل اللامنطقي الأيديولوجي. وبما أن أوهام الانحراف العقدي تتخذ من ذاتها المتوازِية مع قيمة الوهم الموظَّف سياسياً نَصَّاً دينياً معصوماً ، كان لزاماً على المنحى الشعوري للوجدان الناقد أن ينقض أدواتِ الصياغة ذات التنوع المسيطر عليه من قبل ثقل انحرافات احتكار تأويل النص التاريخي لصالح بروز طبقات وهمية من أدلجة افتراق الرؤية عن الرائي . وهذا التلازم الشرس إنما جاء من حاجة الفرد للخروج من التناقض إلى التأسيس الفكري المنطقي ، ولأن الطريق خاطئة تم الخروج من اللاوعي الانتكاسي إلى حطام الذاكرة الإنسانية للمعنى . وبالتأكيد فإن انحرافاً بهذه الشراسة محاطاً بثقل تعويم تعريفات العناصر المخيالية الأفقية والعمودية من شأنه إعادة توليد مصطلحات متطرفة تقيم قطيعةً مع عقائد

أهل السنة والجماعة الذين هم الحراس الحقيقيون للدِّين النقي .

فإقامة قطيعة مع جيل الصحابة لأهداف سياسية ومصالح دنيوية بحتة ، وإسناد هذه القطيعة إلى أئمة آل البيت تعكس متواليات التلاشي في طبيعة أنساق النص التاريخي الشخصي الذي تتم أدلجته لترسيخ بروز تيارات التطرف ، وتجزئةِ الانهيار الأنثروبولوجي في قيمة الوعي الداخلي في أذهان الذين يعتنقون الخرافةَ عقيدةً لازمة . ومن هنا تبرز أهمية فصل المدلول الثقافي الأُسطوري المندمج مع العقيدة عن تكوينات الذاكرة الجزئية لتفتيت أنساق التفاعلات الهلامية بين تسييس عقائد احتراف الانحراف أُسطورياً، وبين التاريخ الشخصي القابع في الذِّهن بشكل هلامي خرافي. فإصدار الأحكام على تاريخ شخصي مأخوذ من واقعية النص التاريخي الكلي ، ومُفَرَّغ من قيمة الحقيقة ، إنما هو من أجل منح الشرعية التأسيسية لمنظورات السلسلة الأسطورية في الداخل الدِّيني الشيعي . حيث تظهرُ الماهيات القاتلة في أنوية التكوين التاريخي المسيَّس لقيم التخييل الساذج ، وتتركزُ على بؤرة سيادة الخرافة على تتابع الدلالات المتوارية خلف سلطة كهنوتية شيعية موغلة في تقديس الأصنام البشرية الذين يُسَمُّون أنفسهم " آيات الله" .

فمثلاً " ولاية الفقيه " هي عقيدة متماهية مع سلطة بابا الفاتيكان المقدَّسة غير القابلة للنقد أو الطعن، تماماً كما كان يحدث في حقبة كنائس القرون الوسطى ، حيث يتخذ الإنسان أخاه الإنسان إلهاً حاكماً على العناصر والتكوينات . وللأسف فهذه الجاهلية الاستغلالية عادت بشكل أكثر شراسة في " ولاية الفقيه " ، فالفقيه الذي يتخذ نفسَه صنماً إلهاً في أعلى هرم السلطة السياسية يصبح فوق مستوى النقد ، والمناقشة، والاستدراك عليه ، والتعقيب على كلامه وأفعاله. أضف إلى هذا العمق الفلسفي لتجذير مبدأ المتاجرة بالنَّسب إلى آل البيت على الصعيدَيْن : المادي والروحي.

وبالتأكيد فالفقيه سيكون سعيداً بهذه السلطة الوهمية التي يعرف في قرارة نفسه أنها تحايل وتطفل واضطهاد للآخرين وعلو بالباطل، حيث بساطير رجاله فوق رقاب الشعب المسحوق الذي تم تدجينه بعدما أَقنعوه بأن انكساره وذله هو جزءٌ لا يتجزأ من الدِّين الذي يمثله الفقيه صاحب أعلى سلطة سياسية في هذا المشروع العالي على رقاب الشعب المطحون. وهكذا يُحصَر حق الحكم بالصواب أو الخطأ في يد شخص يُنظَر إليه على أنه إله معصوم ، ويتم إلحاقه تلقائياً بأئمة آل البيت المعصومين ، وبعد جيل أو جيلين يصبح الشعبُ كله معصوماً ، وتستمر هذه الأدلجة الجنونية من فعل العصمة ورد الفعل والعصمة المضادة من أجل منح شرعية الخرافة للعقائد الأسطورية ، واختزال الدِّين في رَجُل واحد يُصَنَّف على أنه من طينة خاصة. ومن أجل ضمان ديمومة هذا المنصب الإلهي المتجسد في وحدانية شخص واحد ، تُنقَل كل تفاصيل منهجية التسييس إلى الدِّين ، فيصير الفقيه والدِّين شيئاً واحداً لا ينفصلان . فنقد الفقيه هو نقدٌ للدِّين ، ونقد الدِّين هو نقدٌ للفقيه الذي يحتكر سلطةَ تأويل الدِّين ، وإصدار الأحكام نفياً وإيجاباً . وهكذا يرجع الإنسان إلى الجاهلية الأولى ، حيث كان الناس يصنعون آلهتهم بأيديهم ، ثم يأكلونها حينما يجوعون ، وهذا هو الحاصل في هذه الجاهلية المعاصرة .

وكما أن الأيديولوجية الشيعية متماهية مع التقديس النصراني للبابوات والكرادلة ومن هم دونهم ، فهي أيضاً متماهية بشكل صاعق مع المشروع اليهودي العَقَدي . فقد قال الإمام الشَّعبي : (( محبة الروافض محبة اليهود ، قالت اليهود : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من آل داود ، وقالت الرافضة : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من ولد علي بن أبي طالب ، وقالت اليهود : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال ، وينزل بسبب من السماء ، وقالت الروافض : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي منادٍ من السماء ، وتؤخر اليهود صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم ، وكذلك الروافض يؤخرونها ، واليهود تزول عن القبلة شيئاً، وكذلك الرافضة ، واليهود تنوّر في الصلاة ، وكذلك الرافضة، واليهود تسدل أبوابها في الصلاة، وكذلك الروافض ، واليهود تستحل دم مسلم ، وكذلك الروافض ، واليهود لا ترى على النساء عِدَّة ، وكذلك الرافضة ، واليهود لا ترى في الطلاق الثلاث شيئاً ، وكذلك الروافض ، واليهود حرَّفت التوراةَ ، وكذلك الرافضة حرَّفوا القرآنَ، لأنهم قالوا القرآن غُيِّر وبُدِّل، وخولف بين نظمه وترتيبه، وأُحيل عما أُنزل عليه، وقُرئ على وجوه غير ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه قد نقص منه وزيد فيه ، واليهود يبغضون جبريل _ عليه السلام _ ويقولون هو عدونا من الملائكة ، وكذلك صنف من الروافض يقولون غلط جبريل _ عليه السلام _ بالوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنما بُعِث إلى عليٍّ _ رضي الله عنه_، كذبوا تباً لهم إلى آخر الدهر )) [الغُنية لطالبي طريق الحق (1/ 90 ) ] .

وهذا التشابه المرعِب يشير بدون شك إلى التماهي الجزئي والكلي مع مشروع الكيانات اليهودية ، وهكذا تمت إدخال عناصر صهينة التواجد النَّصي الرافضي في عمق أيديولوجية الفتات المرتكِز إلى تكرارات الوهم المغلَّف بزيف احتكار الصيغ الوجودية للتاريخ . لكن دينامية الحراك الشيعي لا تنبع من حيوية الحلم التاريخي ، بل من تدفقات انهيار الثلوج النَّفسية العالقة في بؤر التمركز غير الطبيعي في مشاعر العلاقة مع تاريخٍ يُصبَغ بهالة الالتباس ذهنياً . أي إن المسير إلى اتجاهات التصادم النَّصي مع حالة الإغراق الهستيري في حقن التاريخ الذهني بالقراءة المتعصبة ، يأخذ منحى دائراً في أفلاك فارغة إلا من أدوات التحليل المغرِض المتناقض مع قيمة المسار التاريخي للفكر الاجتماعي العام . فاللهاث وراء الإمساك بمحورية تضاد الجزيئات في العقل التصوري يفرز تياراً انتكاسياً في طبيعة البناء الذهني على تاريخ أيديولوجي مسيَّس يُغطِّي التاريخَ الواقعي للحدث اللغوي الاجتماعي . وتغطية التاريخ بالإفرازات التشعبية ذات التأطير السياسي الرامي إلى أدلجة صور الأسطورة على جدران أدمغة العوام ليست عمليةً ساذجة ، أو محتويةً على حسن نية، بل هي تركيب مصدري لإيقاع اجتماعي يظل يدور في حركة وضعية نافية لذاتها عن طريق إثبات قيمة النفي ، فإثبات النَّفي نفيٌ ، وفي ظل ازدحام الدلالة التعبيرية عن العقيدة يُصار إلى استحضار روح الموروث العقدي وتجسيده في زوايا الحقد العِرْقي داخل مجتمع الكراهية ، لأن تحديد متواليات معيارية النسق التاريخي وفق تصورات المخيال التشعبي المسبق من شأنه أن ينقل إمكانيات العقل الجمعي ذي النزعة التحليلية من الوعي بالمحيطات إلى محيطات اللاوعي أو محطيات وعي الصورة غير الواقعية المحالة إلى تأسيس فكري ملموس من أجل تنفيذ مشاريع أدلجة الصورة وفق صوت الفوضى الخلاقة .

وبالطبع فإن تشابهات التماهي التشخيصي مع إفرازات اليهودية التصورية يشير إلى واحدية الاختراق الاختزالي التي تعرضت له العقيدة الشِّيعية ضمن إطار مغلق من تكدسات تساقط الوعي المؤدلَج في مدارات دائرة تطرف طبقات أنثروبولوجيا النص المعياري المتكسر على صخرة التسييس الغرضي . أي إننا أمام حالة مخيالية سوسيولوجية تمت هندستها في تأطير ذاكرة الوهم ، ومن ثم الخروج من متوازِيات موروث الاستبعاد الإقصائي داخل النَّص العقدي من أجل توظيف احتراف الانحراف كعقيدة واقعية مدعومة من قبل اتجاه المخيِّلة الكلامية.لكن توارث نتائج الابتزاز التناظري أوقع الموروث الشِّيعي في مصيدة متوالية التكرار الوهمي لتاريخ وهمي محاصَر ذهنياً بشكل متكاثر كمعاني تنظيم الفوضى .

إلا أن الفوضى الحسية ليست موجودة في قيمة النَّص الديني الشيعي كتأويل أيديولوجي فحسب ، بل هي موزَّعة في متكاثرات الالتصاق غير المنطقي مع احتكار تأويل المخيال الوظيفي الذي يتم إسقاطه على الآيات القرآنية ، فالتفسير الشِّيعي الرافضي لآيات القرآن هو إسقاط هلامي بعيد كل البعد عن الفهم الحقيقي للآية القرآنية ، إذ إن مُفَسِّري الشيعة يقومون بتفسير أوهامهم الذهنية ، ومن ثم محاولة إسقاطها وتركيبها بكل عجائبية على الآيات القرآنية ، وهذا تحريفٌ معنوي للقرآن الكريم ، فالتفسير يجب أن يكون منضبطاً بأسباب النزول ، ولغةِ العرب ، والظروف التاريخية التي نزلت فيها الآيات ، أما أن نخترع واقعية عجائبية بعد استخدام الآيات القرآنية كداعم للوهم الذهني ، فهذا عدم احترام لكتاب الله تعالى . والذي قاد إلى هذه العبثية الفجة في تفسير الآيات هو سيطرة فكرة " المسْبَق" على مستويات البناء الذهني للإنسان السائر باتجاه مضاد لتاريخية إنسانيته ، لأن رموز الإشارات في عقلية الكلية التجزيئية لا تملك إلا أن تقوم بتأكيد فلسفة انحراف عقلية الألفاظ الشخصية عن المعاني المعرفية الواضحة . وهذا التعاكس التطبيقي نتيجة طبيعية لمحرِّكات إشارة الأسطورة كوحدة دلالة مركزية في محيطات مضطربة إلى حد الاندماج مع صور الخرافة ، وتكسير أدوات تأسيس مستويات لغة التخاطب بين تقاطعات الموروث ، لأن فكرة تعويم مصطلحات التجاوز في تداخلات الموروث المبني وفق أسس غير منطقية هي عبارة عن مجموعة رموز تعمل على تحديد مسافة زمكانية بين الرؤية والرائي ، فيبدأ الانهيار في تنسيق مواقف دينية لا رابط بينها سوى التسييس الشَّيئي.فالبناء على متمركِزات الظروف التاريخية المعدَّلة في الذهن الجزئي للكيان المغرِض هو بناءٌ على واحدية منظور جزئي يُسَوِّق نفسَه على أنه دينامية كلية في المنحى الفكري ، وهذه الإحالة الطبيعية لمسار التعادل الصوري بين ذوات الكيان النَّصي تفتقد إلى قيمة الحقيقة كاتجاه ضروري لفهم المسار المعرفي الحقيقي للدِّين .

إن مستوى الرموز المتماثلة في صيغ استدعاء الموروث الذي يتم إسقاطه على واقعيةِ هلاميةِ الأسطورة الداخلية يعتمد في ديمومة أنساقه البدائية على سلطوية الإمساك بخيوط المجتمع الشِّيعي الخاضع قسرياً لسلطة أُناس ينسبون أنفسهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون وجه حق ، أو هم من آل البيت حقيقةً، ولكن من جهة النَّسب فقط لا غير ، وهذا لا يُعَوَّل عليه مطلقاً ، ولا أهمية له بالمرة . وهي شرعية واهية لا دليل عليها . فالشرعية الحقيقية هي الالتزام التام بالكتاب والسنة الصحيحة، وإذا كان بعد ذلك من أهل البيت، فيكون قد جمع المجدَ من أطرافه. أما أن يكون من آل البيت ، ولكن سلوكه مخالف للإسلام ، كأن يكون شيعياً رافضياً أو صاحب فسق ومعصية، فلن يستفيد شيئاً من نسبه ، وسيكون نسبه حجة عليه لا حجة له ، ومحاولته العابثة لنيل الشرعية اعتماداً على النسب فقط لا غير إنما هي محاولة فاشلة ، وحيلةٌ ساذجة لا تنطلي إلا على السذج.

وقد قال تعالى : (( يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ )) [ الأحزاب : 32] .

قال القرطبي ( 14/ 177) : ((فبيَّن أن الفضيلة إنما تتم لهن بشرط التقوى )) اهـ .

أي إن الأفضلية للتقوى ، وليست لأنهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المعلوم بالضرورة أن زوجَتَيْ نوح ولوط_عليهما الصلاة والسلام_ كانتا كافرتَيْن. فشرط الأفضلية هو التقوى، وليس النسب. فلا تغتر بكون الشخص من الأشراف أو السادة ، فهذا ليس فضلاً بحد ذاته ، وإنما الفضل للتقوى وفق الكتاب والسنة الصحيحة ، فإن رأيتَه تقياً ومن آل البيت ، فقد جمع المجدَ من طرفيه ، وأما إن رأيتَه مخالفاً للإسلام ، وحتى لو كان من آل البيت ، فلا فائدة من نسبه مُطْلقاً حتى لو كان ابن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً . وسيكون حسابه أشد وأكثر تدقيقاً من الإنسان العادي ، فقد قال تعالى : (( يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ )) [ الأحزاب : 30] .

قال القرطبي ( 3/ 48 ) : (( وذلك لشرف منزلتهن ، وإلا فلا يُتصوَّر إتيان منهن صيانةً لزوجهن المكرَّم المعظَّم )) اهـ .

لاحظ أن التشديد عليهن مضاعَف في حال إتيان الفاحشة لسمو رتبتهن . وعلى هذا فالتدقيق على الأنبياء والعلماء والأغنياء وأصحاب المكانة أكثر من باقي الناس . ولم يقل أحدٌ من العلماء أن ذرية الأنبياء معصومة أو أنها من الجنة ، فابن سيدنا نوح صلى الله عليه وسلم كان كافراً ، فقد قال تعالى : (( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )) [ هود : 46]. وهكذا ترى نبياً كريماً من أولي العزم ، وفي أعلى درجات الجنة ، وابنه المباشِر خالداً في جهنم. فالإسلام ليس ديناً إقطاعياً ، وليس نظاماً ملكياً يفترض أن ابن الملك سيكون ملكاً بعد أبيه . التقوى هي المحك الأول ، فإن صلحت أضف إليها النَّسب الشريف الطاهر ، أما إن فسدتْ فلا فائدة من النَّسب ، بل سيكون حجةً على صاحبه ، وعبئاً عليه في الدَّارين .

وكلنا يعلم من هو أبو لهب ( عم النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وهو عبد العُزى بن عبد المطلب القرشي الهاشمي صاحب النسب الشريف، وهو خالدٌ في النار ولعنه الله تعالى في القرآن ، ويُتلَى لعنُه والحكم بهلاكه وخسرانه المبين حتى قيام الساعة : (( تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ )) [ المسد : 1] ، بينما الإسلام رفع سيدنا بلالاً الحبشي العبد الأسود الذي كان لا يجد ما يأكله ، وهذا مثال واضح على أن التقوى هي الأساس قبل النَّسب . ويدل على عظمة الإسلام الذي ألغى النظامَ الإقطاعي الجاهلي ، إنه الإسلام ذلك الدِّين الذي لا يُشْرَى بالمال أو الجاه ، ولا يوجد فيه صكوك غفران ، من يدفع يحجز له موقعاً في الجنة . أو من كان ذا نسب شريف أو مال عريض أو إمكانيات مادية بوسعه شراء الجنة. فلا بد للجميع أن يعملوا بجد لكي ينالوا شرف رضا الله تعالى، ومن ثم الدخول في الجنة .

وفي صحيح مسلم ( 1/ 191): أن رجلاً قال: يا رسول الله، أين أبي ؟، قال: (( في النار )) ، فلما قفى دعاه ، فقال : (( إن أبي وأباك في النار )) .

وفي صحيح مسلم ( 2/ 671) ، ومستدرك الحاكم ( 1/ 531) وصحَّحه : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استأذنتُ ربي أن أستغفر لأمي ، فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي )) .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( وأيم الله ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها )) [متفق عليه. البخاري ( 3/ 1282 )برقم ( 3288 )، ومسلم ( 3/ 1315 ) برقم ( 1688)] .

وهذه الأحاديث الشريفة دليلٌ ساطع على أن الإسلام ليس ديناً إقطاعياً ، ونظاماً وراثياً استغلالياً أو استبدادياً ، فلو كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس نبياً، لما قال هذا الكلام، بل تستَّر على حال أبويه ، وكان تجاوز عن ابنته في حال ارتكابها خطيئة، ولكن المسألة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، فهي تطبيق لأوامر الخالق تعالى. وها نحن نجد أن نسب السيدة فاطمة الزهراء_ عليها السلام_ لن يشفع لها إذا قامت بفعل السرقة_وحاشاها_، كما أن والدَي النبي صلى الله عليه وسلم في النار ، وليس كما يقول البعض إنهما من أهل الفترة . قال النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 3/ 79) : (( من مات على الكفر فهو في النار ، ولا تنفعه قرابة المقرَّبين . وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم ، وغيره من الأنبياء،صلوات الله تعالى وسلامه عليهم )) اهـ.

إذاً، فالمحور هو التقوى قبل كل شيء، وإذا لم يخضع النَّسب للتقوى، فلا أهمية للنسب مطلقاً ، بل سيكون عبئاً ثقيلاً على صاحبه ووبالاً على صاحبه. لذلك جاء التوضيح النبوي الدقيق في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم ( 4/ 2074 ) : (( ومن بطأ به عملُه لم يسرع به نسبُه )) .

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 17/ 22 ) : (( معناه من كان عمله ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لايتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل )) اهـ.

وفي صحيح مسلم ( 1/ 192) : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يا فاطمة أَنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً ، غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها )) .

وقد لعن النبيُّ صلى الله عليه وسلم عدة أصناف من بينهم: (( والمستحل من عترتي ما حرَّم اللهُ )) [ رواه الحاكم في المستدرك ( 1/ 91) برقم ( 102) وصحَّحه ، ووافقه الذهبي ، وصحَّحه ابن حبان ( 13/ 60) برقم ( 5749 ) . والترمذي ( 4/ 457 ) برقم ( 2154 ) ، والطبراني في الأوسط( 2/ 186 ) برقم ( 1667 ) ، وقال : (( لم يرو هذا الحديث متصل الإسناد عن عبيد الله إلا ابن أبي الموال )) اهـ. وقال الهيثمي في المجمع ( 7/ 205):(( رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات)) ] .

وهذه أدلة ساطعة على ما ذهبنا إليه من تحليل ثنائية التقوى والنَّسب ، والتي صارت إشكاليةً ملتبِسة في أذهان البعض ، بسبب انحصار تفكيرهم في ظواهر الأشياء، والتعويل على أفكار غير منضبطة بالشرع الحنيف . وقد قال الله تعالى : (( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ )) [ آل عمران : 68] . ولم يقل تعالى إن أولى الناس بإبراهيم آل بيته أو صحابته ، فالاتباع هو الذي يُعَوَّل عليه ، وكلما كان الإنسان حريصاً على المتابعة كان قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا أعرض عن الاتباع كان بعيداً مطروداً حتى لو كان من آل بيته أو من صحابته. فآل البيت منهجٌ لا نَسَب. وهذا المبدأ يقودنا إلى معانٍ جديدة لآل البيت وقف عليها المحقِّقون.

فقد قال الحافظ في الفتح ( 11/ 160 ) : (( وقيل المراد بالآل جميع الأمة أمة الإجابة ، وقال ابن العربي: مال إلى ذلك مالك، واختاره الأزهري، وحكاه أبو الطيب الطبري عن بعض الشافعية، ورجَّحه النووي في شرح مسلم، وقيَّده القاضي حسين والراغب بالأتقياء منهم . وعليه يحمل كلام من أطلق . ويؤيده قوله تعالى : (( إنْ أولياؤه إلا المتقون )) [ الأنفال : 34] . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن أوليائي منكم المتقون )) [رواه الحاكم في المستدرك ( 2/ 358 ) وصحَّحه ، ووافقه الذهبي . والنص الكامل للحديث : عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فقال: (( من غيركم ؟ )) ، قالوا : فينا ابن أختنا ، وفينا حليفنا ، وفينا مولانا ، فقال : (( حليفنا منا ، وابن أختنا منا ، ومولانا منا ، إن أوليائي منكم المتقون )) ] . وفي نوادر أبي العيناء أنه غض من بعض الهاشميين ، فقال له : أتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة في قولك اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ؟! ، فقال : إني أريد الطيبين الطاهرين، ولستَ منهم )) اهـ .

وينبغي أن ننتبه إلى مسألة هامة ، وهي أن آل بيت أي نبي لهم احترام واعتبار لأنهم البيئة الحاضنة لهذا النبي ، فالطعن فيهم طعنٌ ضمني في النبي ، لكن الذين يحملون الرسالة _ أساساً _ هم أصحاب الأنبياء لا آل بيتهم ، فالاستقراء يؤيد هذا ، ولو اطلعْتَ على سير الأنبياء لعرفتَ هذا الأمر بكل وضوح دون جهد في البحث . وهذا يدحض خرافاتِ الشيعة الروافض حول حصر التلقي بعلي بن أبي طالب ، وخرافةِ عصمة الأئمة المأخوذة من الميثولوجيا الإنجيلية التي تزعم أن الرُّوحَ القُدُس اختار أربعة رجالٍ ( متَّى ، مرقس ، لوقا ، يوحنا ) وأوحى إليهم . لذلك قال الخميني كلاماً كُفْرياً في كتابه الحكومة الإسلامية ( ص 52/طبعة إيران ) : (( وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه مَلَك مقرَّب ولا نبي مُرسَل )) اهـ .

وللتأكيد على أن صحابة أي نبي هم حملة الرسالة لا آل بيته ، أورد الإمام مسلم في صحيحه ( 1/ 69) : عن عبدالله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من نبي بعثه الله في أُمَّة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره )) .

ويجب أن نفرِّق بين شيعة عليٍّ الذين قاتلوا إلى جانبه ضد الفئة الباغية مثل معاوية وعمرو ، أو الخوارج ، وهؤلاء الشيعة كثيرٌ منهم من الصحابة ، ونحن يُشرِّفنا أن نكون منهم لأنهم نصروا الحق الساطع الذي كان في صف عليٍّ ، وبين الذين بدَّلوا بعد ذلك من الجهال والعوام وأصحاب الأغراض غير الشرعية من أعداء الإسلام ، وركَّبوا عقائد زائغة منها شتم الصحابة ورميهم بالنفاق وإخراجهم من الإسلام،واغتصاب الخلافة...إلخ . فهذه الفئة الضالة لا تستحق أن تُسمَّى بالشيعة، لكننا ندعوهم كذلك مجازاً ، لأنهم معروفون بهذا .

إذاً ، نخلص إلى القول بأن التشيع نوعان: محمود ومذموم.التشيع المحمود هو التشيع لآل البيت ونصرتهم بالحق، والتشيع للصحابة_ رضوان الله عليهم _ أعظم أُناسٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فنحن من شيعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن والحسين ، سَلَمٌ لمن سالمهم ، وعدوٌّ لمن عاداهم .

لكن الانحراف المبني على استغلال فضائل أئمة آلبيت_ عليهم السلام_ أدَّى إلى الحصول على عقائد شيعية منحرفة إلى حد التماهي مع الهذيان المدهش . مما يدل على وجود أيدي خفية تلعب بعقائد الناس مستغلةً حبهم لآل البيت_ عليهم السَّلام_، وهذي الأيدي تنتمي إلى اليهودية، وكذلك تنتمي إلى النزعة الفارسية المجوسية ، فالعرب تدين بالحرية ، وعدم النظر إلى الْمُلْك نظرة قداسة بعكس الفُرْس الذين يدينون بالملك وبالوراثة في البيت المالك . وهذه النزعة الفارسية المبنية على انهيار قيم العقيدة، وتسييسِ الدِّين لأغراض مصلحية شخصية منسوبة زوراً إلى أئمة آل البيت تعكس حجم المؤامرة الحقيقية التي لعبت بعقول الكثيرين.فبدافع حب آل البيت أَخْرَجوا الناسَ من الإسلام ، أو سكبوا في عقائدهم الانحرافاتِ الشديدة . وهذا استدراج عن استخدام وسائل محبَّبة إلى نفوس الناس .

والنزعة الفارسية المجوسية المتطرفة متجذرة في الموروث الشيعي الرافضي ، فحتى هذه اللحظة تُسَمِّي إيران الخليجَ العربي بالخليج الفارسي ، وهذا تطرفٌ مصادم للتاريخ يعكس نزعة توسعية إرهابية في المنطقة تستغل الدِّين للحصول على أكبر قدر من الابتزاز والتوسع والسيطرة . وأيضاً يتم الاحتفال بعيد النيروز بصورة أكبر بكثير من الاحتفال بعيدَي الفطر والأضحى . كما أن كراهية سيدنا عمر _ رضي الله عنه _ إنما تنبع من تحطيمه لدولة فارس التي ينظرون إليها على أنها ذات حضارة لا تُجارَى ، وأن هؤلاء الأعراب البدائيين قد حطَّموا هذه الحضارة المزدهرة ، وهذا النظرة المضادة للحقيقة متجذرة بشكل صاعق في النص الشِّيعي الرافضي العَقَدي . وهذه النزعة الشعوبية الرافضة للعرب إنما تنبع من النظرة الدونية للعرب على أساس أنهم لا يملكون حضارة ، وأن الفرس هم أصحاب الحضارة التي لم يأتِ مثلها . وهذا سبب التمييز العنصري ، واضطهاد العرب في إيران وتهميشهم واحتقارهم، واستبعادهم من وظائف الدولة ، والمناصب المهمة . واتسع هذا الأمر لينال أهل السنة كلهم في إيران ، والذين يشكلون ثلثَ سكان البلاد . فطهران هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها أي مسجد للسُّنة . حتى عاصمة الكيان الصهيوني فيها مساجد للسُّنة ، وحتى روما عاصمة الصليب فيها مساجد للسُّنة. كما أنهم يسوقون الإمامة في أولاد الحسين دون الحسن _ عليهما السلام_ ، لأن زوجة الحسين هي السيدة شهربانو بنت يزدجرد، وهي فارسية . أي إن أولاد الحسين أخوالهم الفُرْس ، وهذا لا يتوفر في أبناء الحسن، مما أدَّى إلى استبعاد أبنائه وإقصائهم وتهميشهم من وجهة نظر الروافض . ويأتي تعظيمهم المتطرف ، والمغالاةُ في تقديس سيدنا سلمان الفارسي_ رضي الله عنه _ دون باقي الصحابة فقط لأنه فارسي.

وهذه النزعة الفارسية المجوسية الضاربة جذورها في مسار الموروث الدِّيني الشِّيعي تتحدد وفق تصادم مسارات التفكير البنائي الذي يعجز عن تشييد تصور فكري واعٍ للمسار التاريخي العمومي الدقيق . فعمليات ترقيع المنظور المجزَّأ في تداخلات الموروث الدِّيني الرافضي لا تجدي نفعاً لأن انحسار قيم الوعي يضرب بشدة في معقولية المتمركزات البؤرية الراسخة في تقاطعات بناء الأساطير على متخيَّلات ظواهر الأنظمة الملموسة انهيارياً.وهكذا يتكرس النص الشعبوي الذي يركز على تعميق الوهم الأيديولوجي عبر تسييس مناحي البؤر المتمركزة حول أنوية الانهيار الوظيفي لذوات النَّص المقدَّس هلامياً .

وبما أن سوسيولوجيا تأريخ النزعة الفارسية تنبثق من عبثية التأطير الذهني الذي يصير عِلَّةً وجودية لانكسار متوازِيات المنهجيات المتعاكسة في مركزية ولادة الأساطير الشِّيعية،تكرَّست حالة التنافر الوجودي بين مفردات الذاكرة البدائية لتوليد أنساق دينية مشوَّشة هي في الحقيقة تياراتٌ تسييسية عضوية في جسد كلاسيكية الاختلاف الفكري في الذات التبعيضية للأنا النَّصية . إذ إن متواليات تقييد المنحى الفكري بالهالة الإعلامية الشرسة المعزَّزة بقراءة تاريخية متطرفة أنتجَ مساحةً من الانتكاسة المعرفية في عوالم الشعور الدِّيني في داخل الحوزات ، الأمر الذي جعل كلام الفقيه فوق النَّص ، فالخميني مثلاً الذي قادَ الانقلاب لتحقيق مكاسب شخصية ، وتثبيت نفسه إماماً معصوماً كلامُه يُقدَّم على القرآن الكريم، ويُقدَّم على كلام الإمام جعفر الصادق_رضي الله عنه _ شخصياً . وفي ظل هذا العبث المريع ليس غريباً أن يتم اختراع لقب من قبيل " آية الله العظمى " ، وهو لقبٌ دعائي لا معنى له . وللأسف فهو يُطلَق على أُناس يفتقدون الحسَّ الدِّيني المستقيم ، وتنقصهم المعارفُ الدينية اللازمة، فهؤلاء الذين يحملون هذه الألقاب ضعافٌ في مستوى التحصيل العلمي. وصارت مسألة إعطاء الألقاب مثل الواسطة في المؤسسات الحكومية ، لأن مؤسسة التشيع الرافضي الدينية تتنافس عليه قوتان : عربية وفارسية ، عربية متمثلة في النجف ، وفارسية متمثلة في قُمْ، وهذا التنافس في الباطل جعل الألقاب تبدو جزءاً من الصراع العنيف بين هاتين المؤسستَيْن، مما أدَّى إلى فقدان هذه الألقاب لمعناها ، حيث أضحى كل من يحفظ عدة سور من القرآن الكريم ، أو يحفظ عدة صفحات من الكافي فقيهاً لا يُستدرَك عليه، وآية من آيات الله العظمى ، وهذه كلها محاولاتٌ يائسة لذر الرماد في العيون ، وخداع العامة الذين لا يملكون مستوى علمياً دينياً فتراهم يتشبَّثون بكل صاحب عمامة ظناً منه أنه من أئمة آل البيت _ عليهم السَّلام _ ، وهذا مرفوضٌ جملة وتفصيلاً، لأن الروافض ضد منهجية أئمة آل البيت ، حتى لو انتسبوا إليهم ظاهرياً ، فالنَّسبُ المجرَّد من الاستقامة لا قيمة له البتة .

والصراع على احتكار إشكاليات النَّص الشِّيعي بين هاتين المدرستين سَيُدْخِل رموزَ الحالة المعرفية الفكرية في نزاع متوقَّع مع واحدية جسدية التأسيس التأطيري في مساحات انكماش الوعي المتزامن مع غياب عقلانية تنظيم المستويات المعرفية في جزيئات المسار العقدي ، وكلياتِ انبثاق لغة الخطاب السلوكية . لذا نجد أن التاريخ المتصوَّر في ذهن العناصر الفوضوية المؤدلَجة كوعي مفكَّك هو كيان جدلي محدود التبعيض الجزئي والكلي ، ومسيطر عليه من قبل خصائص موغلة في البناء العدمي الملتصق بتكدسات طبقات متسلسلات الهدم.

لكن أدلجة فرضيات الصراع بين تواجدات الحالة الاجتماعية ليس جديداً ، بل هو يُستخدَم بتكثيف أيديولوجي صِدامي غير منطقي في بؤرة التجريد الذهني. فمثلاً نحن نجد أن علماء الروافض يدرسون حالة قتل الأمويين لأئمة آل البيت _ عليهم السَّلام_ على أنها استمرار للصراع التاريخي بين الهاشميين والأمويين ، وتُسوَّق هذه الأفكار على أنها صراع تاريخي بين أُسْرتَيْن . لكن هذه الأصوات اختفت عندما قتل العباسيون أئمة آل البيت،لأن العباسيين هم هاشميون ومن آل البيت، فلم نسمع أحداً من علماء الروافض قال إنه الصراع بين الهاشميين والهاشميين ، وإن آل البيت يَقتلون آلَ البيت ، لأن التركيب الأيديولوجي الشِّيعي المتماهي مع القراءة الماركسية المتطرفة للتاريخ يحاول استثمار أية لحظة صراع تاريخي ، والعمل على أدلجتها بشكل فوضوي لتحقيق مكاسب سياسية . فمثلاً سَيدنا عبد الله بن الزُّبير_ رضي الله عنهما _ لم يكن من آل البيت ، ومع هذا تم قتله وصلبه بطريقة وحشية على يد رجال الخليفة الأموي اللاشرعي عبد الملك بن مروان.

فبطش الأمويين والعباسيين لم يكن مُوَجَّهاً ضد آل البيت لأنهم آل البيت، بل كان مُوَجَّهاً ضد المعارِضين الخارجين على نظامهما السياسي ، فلو خرج عليهم أي شخص لقاموا بقتله دون النظر إلى كونه علوياً أو حتى أموياً أو عباسياً. فهؤلاء يريدون تثبيت حكمهم بأي ثمن حتى لو قتلوا الصحابة أنفسهم . وقد قتل بعض خلفاء بني أُمية بعض الصحابة بكل خيانة دنيئة ، فقد قتل معاويةُ بن أبي سفيان الصحابيَّ الجليلَ حُجْرَ بن عدي _ رضي الله عنه_ ، وهذا مشهور ، وسيأتي تفصيله بإذن الله. كما قتل يزيدُ بن معاوية أحدَ سادات الصحابة الإمام الحسين _ رضي الله عنه_، وقتل عبدُ الملك بن مروان الصحابي الجليل عبد الله بن الزُّبير _ رضي الله عنهما _ . فالمسألة هي قتل المعارِضين للحكم بغض النظر عن انتمائه العائلي . وكما هو معلومٌ فإن أئمة آل البيت قضوا حياتَهم ثواراً ضد الظلم الأموي والعباسي ، وهذه هي منهجيتهم في الخروج على الحاكم الظالم ، وهي نفس منهجية بعض علماء الأمة من خارج مدرسة آل البيت البريئة من الشيعة الروافض . فنحن عندما نقول مدرسة أئمة آل البيت نقصد العلماء الأفذاذ المتقدِّمين وبعض اللاحقين، وكل الأئمة الأثبات من آل البيت هم تلقائياً من أئمة أهل السنة والجماعة ، فعلي أو الحسين أو محمد الباقر أو جعفر الصادق ليسوا من الشِّيعة الروافض ، بل هم من أئمة أهل السنة والجماعة ، كيف لا وهم ملتزمون بالكتاب والسنة الصحيحة ، أما المنحرِفون الذين ينسبون أنفسهم إلى آل البيت ، فهذه دعوى واهية لا دليل عليها ، مثل اليهود الذين ينسبون أنفسهم إلى سيدنا موسى صلى الله عليه وسلم وهو منهم بريء ، أو مثل النصارى الذين ينسبون أنفسهم لسيدنا المسيح صلى الله عليه وسلم وهم أعداؤه . فالشِّيعة الروافض الذين بدَّلوا وغيَّروا وانحرفوا هؤلاء أشد أعداء آل البيت _ عليهم السَّلام _ ، حتى لو سموا أنفسهم بالشيعة ، وبكوا عند أضرحة أئمة آل البيت ، ولطموا وضربوا أنفسهم . فهذه ليست بأكثر من دموع التماسيح ، فأهل الكوفة الذين كان يسمون أنفسهم شيعة آل البيت هم الذين خانوا علياً والحسين ، فلا تنخدع بالمظاهر الفارغة . فالدعاوى بلا بَيِّنات لا وزن لها ، فالكلام سهل ، لكن التمحيص هو النتائج على أرض الواقع. فمبدأ " قلوبنا معك وسيوفنا عليك " الذي اخترعه الشيعة الروافض هو نتاج طبيعي لطبائعهم النَّفسية بعد أن باعوا آل البيت نتيجة التلويح بالمال والعصا، وقتلوهم بكل وحشية . ففي صحيح البخاري ( 5/ 2234 ) : عن بن أبي نعم قال : كنتُ شاهداً لابن عمر ، وسأله رجل عن دم البعوض ، فقال : (( ممن أنتَ ؟ ))، فقال : من أهل العراق ، قال : (( انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابنَ النبي صلى الله عليه وسلم )) .