سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

15‏/07‏/2019

المومياوات أثناء الرقصة الأخيرة / قصيدة

المومياوات أثناء الرقصة الأخيرة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

  دَوْلةُ الجِراحِ تَوغَّلتْ في احتضارها / المساءُ وَجَعٌ لا تَحتمله الزَّنابقُ / وسَنابلُ الدُّخانِ هِيَ إِعلانُ وَفاةِ الدَّوْلةِ / جَهَّزْتُ لِدَوْلةِ الهوَسِ قَبْراً / وأَخذتُ إِجازةً مِن أخاديدِ دَمي وارتحلتُ / الملِكاتُ يَتَسَوَّلْنَ على إشاراتِ المرورِ / كَي يَحْصُلْنَ عَلى المصْروفِ اليَوميِّ / بَيْتي عَلى كَوْكبِ زُحَل / وأشلائي في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحي /
     شُهداءُ / لا تتَّصلوا بِي لأنَّ هَاتِفي مُرَاقَبٌ / تتجمَّعُ شَقائقُ النُّعمان في عُيونِ الرَّاقصاتِ لِتَكتبَ قَوانينَ الطوارئ / إِنها بِلادُ مَا وَراءَ الدُّموعِ البَنفسجيةِ/ هَل بِعْناها أَم باعتنا ؟! / تَوابيتُ المراهِقاتِ عَلى طَوَابعِ البَريدِ / مَشَانِقُ خَمْسُ نُجومٍ / مَحاكمُ عَسكريةٌ للفراشاتِ المولودةِ قَبْلَ الأوانِ / حُقولُ الضَّوءِ المخنوقِ / ولا أحدَ يُحاكِمُ الصَّدى الذي تآمَرَ على الصَّوْتِ /
     افْرَحْ أيها الضبابُ الأطرشُ/ لأنكَ مِتَّ قَبْلَ أن تَموتَ أحلامُكَ/ أيها الغريبُ / سَتُصبحُ الحشراتُ عَشيرتكَ الجديدةَ / تَحْمَرُّ خُدودُ الجاريةِ أمامَ سَيِّدها / وَيُولَدُ في أزهارِ الحِقْدِ النَّمْلُ المزَيَّنُ بالأوسمةِ / أَحْضَرَ النِّسيانُ للفَراشةِ السَّجينةِ  طَبيباً / فأَوْصَى بإِعدامها ثَلاثَ مَرَّاتٍ يَوْمياً / أَغلقتُ كَبِدي أمامَ السَّائحاتِ / وَاكْتَشَفْنا مَحَاكِمَ التَّفتيشِ في قِطَعِ الشُّوكولاتةِ / فَواتيرُ الدَّمِ في مَطاعِمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / والأرقُ الأزرقُ كَدِمَاءِ الأرستقراطياتِ / فَيَا ضَريحَ اللازَوَرْد / احْجُزْ نُسختكَ مِن صُكوكِ الغُفران ذَاتِ الحجمِ العائليِّ / أطفالُ الخِيَامِ يَقُودون تَمَرُّداً عَسْكرياً ضِدَّ الذِّكرياتِ / وَدِمائي تَمَّ تَوْقيتها في أمكنةٍ تَبتلعُ أزمنتي / والرَّعدُ يُفخِّخُ دُموعي في عِيدِ الجوعِ /
     عِندما زَرَعني البَرْقوقُ على خَشَبةِ الإعدامِ / عَرَفْتُ مَعنى الدِّيمقراطيةِ / وعِندما سَرَقوا ذَاكرةَ الرِّيحِ / عَرَفْتُ مَعنى الأُخوةِ البَشريةِ / وعِندما اكتشفَ الطوفانُ أنَّ خَطيبته مِن الاستخباراتِ العَسْكريةِ / عَرَفَ مَعنى الحبِّ الأوَّلِ /    
     السَّبايا العائداتُ مِن طُرْوادة / الذاهباتُ إلى الدِّيسكو / نَسِيتُ الرِّماحَ على فِراشِ الموْتِ / وأَقضي وَقْتَ فَراغي في تَرقيمِ الجثثِ المجهولةِ / وَحِسابِ أعدادِ الضَّحايا / المرايا المنقوعةُ في دَمِ القِطَطِ / والأشجارُ تَكتبُ القَصائدَ عَلى فُوَّهاتِ المدافِعِ / المطرُ يَقْتلعُ جِلْدَ التاريخِ / مَنثورةٌ سِحْنتي في لُعابِ البُرتقالِ / لَيْتَ ظِلَّ الغيماتِ يَتعرَّفُ على قَاتلي / زَوْجةُ القُبطان تُزيِّنُ هزائمَ البَحرِ الأخيرةَ / ضَحِكْنا / وكُنَّا للبُكاءِ فُوَّهةً / الدَّمْعاتُ الإلكترونيةُ / والليالي المرتَعِشةُ / عَشاءٌ على ضَوْءِ الشُّموعِ / لَكِنَّ الصُّحونَ فارغةٌ / وخُدودُ الصَّبايا مِن النُّحاسِ / وَلَدْتُ نَفْسي / وَقَتَلْتُ نَفْسي / وَبَكَيْتُ عَلى نَفْسي / لَكني لَم أَجِدْ نَفْسي / أُوَدِّعُ جِرْذانَ قَرْيتي / أُصِيبت البِئْرُ بالزَّهايمر / وَفَقَدَ الوَحْلُ ذَاكرته فَلَمْ يَعْرِفْني / أَركضُ في أزقةِ الضَّبابِ وَحيداً كَشَظايا المرْمَرِ التي تَشْتهيني / مَاتَت السَّنابلُ وفي عُيونها أضرحةٌ مَلَكيةٌ/ أُسْقِطَت الجِنسيةُ عَن الفَراشةِ/ لَيْسَ لها شَهادةُ مِيلادٍ/ والموْتُ مِيلادٌ / وَأنا الميْتُ الموْلودُ لا الموْلودُ الميْتُ / تاريخُ الإبادةِ الجماعيةِ يُلاحِقني مِن قَصيدةٍ إلى قَصيدةٍ / وَمَا وَجَدَ اللاجئون غَيْرَ صَناديقِ الاقتراعِ / لِكَي يَحْتموا فِيها مِن القَصْفِ الجويِّ / سَيُوَقِّعُ الشَّجرُ حُكْمَ إِعدامِكَ / وأنتَ في دَوْرةِ المِياه / وَحْدَهم المشْنوقون يَحْتَفلون بِذِكْرى مِيلادي / سَتُصبحُ أطلالُ قَرْيتي أعْوادَ مَشانِقَ أو أعوادَ كِبْريت / وَالقَبائلُ المتناحِرةُ اتَّفقتْ على اقْتسامِ جُثتي / وذلكَ الألَمُ لَهُ صَوْتُ الفَجرِ وصَدى التِّلالِ /
     أيتها الغريبةُ / تَرْقُصين في الملهى الليليِّ / والشُّعوبُ تَرْقُصُ في الملهى النَّهارِيِّ / جُلودُ الإِماءِ رَبْطةُ عُنُقٍ للنَّخاسِ / ورأسي المقْطوعُ مَانِعةُ صَوَاعِق / كُلما استمعَ المساءُ لأقوالِ الجليدِ / تكسَّرتْ تِيجانُ الزَّبدِ / سَأَرْثي نَفْسي لأُوَفِّرَ على الشُّعراءِ مَشَقَّةَ رِثائي / طَرَدني بَيْتي مِن قَلبي / والتاريخُ جَالسٌ على كُرسيٍّ مَنْسيٍّ / في قاعةِ الانتظارِ في المطارِ/ كُلُّنا مُسافِرُون/ كَوَّنْتُ أُسْرةً مِن قُضبانِ السِّجْنِ وَحِبالِ المشانقِ/ سَأَتركُ تِجارةَ العَلاقاتِ الزَّوْجيةِ لِبَناتِ الخليفةِ اللاشرعيِّ / اللواتي أَكْمَلْنَ الدِّراسةَ في أسنانِ تماسيحِ الأمازون / جُدرانُ الزِّنزانةِ تُمارِسُ الرِّيجيم / والبُحيرةُ تتناولُ حُبُوبَ مَنْعِ الحمْلِ / والسُّجونُ تتكاثرُ رُموشاً لِبَناتِ آوَى / وَفُقهاءُ البَلاطِ يُفْتُون بِجَوازِ تَحْديدِ النَّسْلِ / لا تَحْزَنْ أيها الأسْفلتُ لأنكَ عاجزٌ جِنسياً / كُلُّنا عَاجِزُون / أيتها السَّمكةُ العَمياءُ / احْفِري قَبْرَكِ تَحْتَ أشجارِ الكُوليرا/ لَن تَجِدي عِندَ مَوْتِكِ مَن يَحْفِرُ قَبْرَكِ/ بَيْنَ أصابعي تَبني النُّسورُ أعشاشَها / الصُّداعُ يَحْمِلُ جُثماني في الشَّوارعِ الخلفيةِ / وأعمدةُ الكَهرباءِ تَرْكضُ إِلى صُداعي / ولا تَشْعُرُ بالصُّداعِ / مَطَرٌ أمامَ عِيادةِ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / فَيَصِلُ النَّعناعُ مُبْتلاً / دَقَّاتُ قَلْبِ العاصفةِ غَيْرُ مُنْتَظَمَةٍ / وَمَوْتنا قادمٌ / غَسِّلوني بِدُموعِ السَّنابلِ في قَرْيتي المدْفونةِ / تَحتَ ضَفائرِ الفَقيراتِ / جُثماني عَالِقٌ عَلى الحدودِ / لَم تَقْبَلْ أيُّ دَوْلةٍ أَن أُدْفَنَ فِيها / قَبْري أُرجوحةٌ مَهْجورةٌ كَتاريخِ السَّناجبِ / وحَياتي مَسْرحيةٌ مِن فَصْلَيْن وَخَمْسِ جَمَاجِم / أَقْلي الباذنجانَ في دِماءِ الملوكِ قُرْبَ عُروشِ الحمَّى / ذَلِكَ المهَرِّجُ يُضْحِكُ الناسَ وَيَظَلُّ حَزيناً / تَطفو الجثثُ في كُوبِ البَابُونَجِ / وَنَرْمي خَشَبَ البيانو في الموْقَدةِ /
     صَوْتُكِ يَدُلُّني عَلى قَبركِ / الهديلُ أَكَلَ مِرْآتي / فَكَيْفَ سَيَعْرِفُني الدُّودُ ؟! / كَتبتُ تَاريخَ السُّنونو على غِمْدِ سَيْفي / والرَّصاصةُ التي أَطْلَقها عَلَيَّ البَحْرُ / أَغلى ثَمناً مِن ثِيابي/ سَيَظَلُّ الكَمَانُ وَحيداً / وكُلما زَرعتُ القَصائدَ في صَنَوْبَرِ الأضرحةِ / قَبَّلني الثلجُ الدَّامي/ لَيْتني أَجِدُ مَطَراً يَغْسِلُني مِن الاكتئابِ / كُلُّ حُزْنٍ حَفَّارُ وُجوهٍ / يُنَقِّبُ في رُفاتي عَن الكَافيار / وَالطائراتُ الوَرَقيةُ تُحَلِّقُ فِي شَراييني / لَم أُبَايِعْ / وَذَلِكَ بُكائي مَملكةُ الحشَراتِ/كَم نَخلةً صُلِبَتْ عَلى حَبْلِ الغَسيلِ لأنها لَمْ تُبايِعْ ؟/ لا أَمنحُ صَوْتي للصَّدى / وَلَنْ تَجِدَ في شَجَرةِ نَسَبي تَاجَاً / لا تُبايِعْ / لَسْتُ مُذيعةً تَفْتحُ ثَدْيَيْها لِلمُشاهِدين / لَسْتُ أنا / لَن أُبايِعَ / إِنْ أَرَدْتَ حُزناً وَجَدْتَني / وَإِنْ أَرَدْتَ طَبَّاخاً لِلْحَاكِمِ العَسْكريِّ وَجَدْتَني مَاحِياً / هَذا أنا/ لَم أُبايِعْ / بُوصَلةُ انتحارِ القُبْطان لَيْلةُ الزِّفافِ / وَحِيطانُ السِّجْنِ عُرْسٌ لِلبَعوضِ / لا تُبايِعْ / وَإِنْ مَضَغَ حَياتي شَريطٌ سِينمائيٌّ مَنقوعٌ في الدَّمِ / حَرِّرْني أيها الموْتُ أَجِد اسْمي / احْرُثْ جَسَدي أَنْثُرْ حَواجبي ألغاماً / صَوْتُ العَنكبوتِ يَرْسُمُ خَارطةَ سُعالي / لَن أُبَايِعَ /
     تُريدونني أَن أُغَنِّيَ في الحفلاتِ الرَّاقصةِ في القَصْرِ / أن أَتَبَرَّكَ بِفَضَلاتِ السُّلطانةِ / أن تَصيرَ رَقَبتي عَتَبةَ كُوخٍ شَتَويٍّ / تَقْضي فِيه عَائلةُ الجِنرالِ الإِجازاتِ / أن أُقَدِّمَ للأرستقراطياتِ أجفانَ الرِّيحِ في كُؤوس الخمْرِ / أن أَمُدَّ يَدِي مُسْتَجْدِياً قَيَاصرةَ الوَحْلِ /
     أَحصنةُ الضَّوْءِ الهاربةُ/ سَأُصْلَبُ عَلى أخشابِ السُّفُنِ الغارقةِ في مَساءٍ غَامِضٍ / لَم تَضَع النُّسورُ البَيْضَ احتجاجاً عَلى اغتيالي/ مُبِيداتٌ حَشَريةٌ بِرَائحةِ الليمونِ/ لا دَفْتري سِجْنُ البَاستيلِ / وَلا صَيْفي شِتاءٌ لِلْمُتَزَلِّجِين / وَحُكومةُ السَّناجِبِ فَتَحَتْ في قَبْري سَفَارةً لِحَفَّاري القُبورِ / غَرِّدي أيتها الأحجارُ غَيْرُ الكَريمةِ / اترُكي الرِّياحَ للرِّياحِ / كَتِفي شَاهِدُ قَبْرٍ لِليَمامِ / وابتسامتي مَرْفأٌ لأسماكِ القِرْشِ / ضَفادعُ المسْتَنْقعاتِ تُجَهِّزُ لِي جِنازةً مَهِيبةً / مَاتَ جَدِّي قَبْلَ أن نَشتريَ لَهُ وَاقِياً ضِدَّ الرَّصاصِ / والحضارةُ طِفْلةٌ وَاقفةٌ أمامَ جُثةِ أُمِّها / تَنتظرُ بَاصَ المدرسةِ /
     البَحرُ دَافئٌ لأنَّ دُمُوعي احتلَّت الماءَ / صُداعي جُثثٌ جَديدةٌ للنَّمْلِ / نَسِيتُ مَوْعِدَ إِعدامي / والبحرَ الذي خَانني / أُصَلِّي الفَجْرَ ثُمَّ أَسْبحُ في دِمائي الجارحةِ / رُبَّما أَسكنُ في نَشيدِ الضِّباعِ / أو أُدْفَنُ في قَاعِ شَهيقي / السَّمكاتُ تَمْشي في قَوْسِ قُزَحَ / والشِّتاءُ يَغْسِلُ ذاكرةَ الموْجِ بالدَّمعاتِ / يَنمو البَلوطُ في مَلابسي المهْجورةِ عَلى الشَّاطئِ الوَحيدِ / والأُمهاتُ يَنْتَظِرْنَ أبناءَهُنَّ الذينَ قَاتَلوا نِيابةً عَن السَّادةِ النائمين مَعَ الجواري / أَقراطُ الأراملِ نِقاطُ تَفْتيشٍ / والمشاعرُ الآليةُ تَخُونُ حَليبَ المقاصِلِ / يُعيدُ الضَّبابُ خِيامَنا لِلخَيَّاطِ العَجوزِ / وَتَرْحَلُ الذِّكرياتُ إِلى رَائحةِ القُماشِ في الأكفانِ القَديمةِ / وُلِدَ الشَّهيدُ لِكَي يَرْفُضَ القَياصرةَ / فَتاةٌ مَذْبوحةٌ تَنتظرُ فَارِساً مَذْبوحاً يَخْطُبُها / وأحكامُ شَنْقي خَيْمةٌ مَشْدودةٌ بأوتارِ الكَمَانِ / ويَلْتَفُّ حَبْلُ المِشنقةِ حَوْلَ عُنُقِ المساءِ /
     يا أحصنةَ الغَيمِ الأحمرِ / تِلْكَ الألغامُ عَالقةٌ في حَنجرتي / سَنَقْتلُ الفَراشةَ في الشِّتاءِ الدَّامِعِ / ونَشتري أَجملَ ثِيابِ الحِدَادِ / لا أُريدُ القَوْلَ إِنني أُحِبُّكِ / لِكَيْلا تَتعلَّقي بِمَيْتٍ / لكني أُحِبُّكِ / فِرَاشي بَاردٌ كأجنحةِ الذبابِ / وَخَاتَمُ الزَّواجِ باردٌ كالسَّراديبِ الخاليةِ مِن صُراخِ الأطفالِ/ الذين يَلْعَبُون فَوْقَ نُعُوشِ أُمَّهاتهم / أَسندتُ رأسي إلى عَلَمِ المنفَى وَمِتُّ / 
     لا تَخُنْ ظِلالَ الأناناسِ / تَعْشَقُكَ تُفاحةُ الحزنِ / لكنها أُجْبِرَتْ عَلى قَتْلِكَ / لا تَخُنْ ضِحْكةَ الخريفِ في مُدُنِ السُّلِّ / سَيَضَعُ القُرْصانُ الملابِسَ الدَّاخليةَ النِّسائيةَ رَايةً للسَّفينةِ الغارقةِ / لا تَخُنْ قَواربَ الاحتضارِ / سَتَمُوتُ رُمُوشُكَ / وتَنْبُتُ في مَكانِها الخناجرُ / لا تَخُنْ ثُقوبَ جِلْدِكَ / سَيُوَقِّعُ المطرُ عَلى مَرْسُومِ إِعدامِكَ / وَسَوْفَ يُدْفَنُ الْعِشْقُ الكَبيرُ في القبرِ الصَّغيرِ /
     الحضارةُ بَعوضةٌ تُسْحَقُ/ وأهدابي حَافلاتٌ لِنَقْلِ الجنودِ الخاسِرين في المعركةِ / المنتَصِرين في غُرَفِ النَّوْمِ / وَبُكاءُ اليَتامى أرشيفٌ لِجُباةِ الضَّرائبِ / سَتَذوبُ أشلاءُ فُرسانِ الإمبراطورةِ في عُلبةِ البِيرةِ / الخرابُ يُغَنِّي في المدينةِ المرْتَعِشَةِ / والإمبراطورةُ تُجَهِّزُ الظِّلالَ التي سَتَجْلِسُ على العَرْشِ / والشَّعبُ يُصَادِقُ سِلالَ القُمامةِ / مَقْبرةٌ مِن النُّحاسِ / وتاجٌ أخيرٌ عَلى العَرْشِ الفارِغِ / والإمبراطورُ جَالِسٌ في المِرْحاضِ / شُذوذٌ جِنْسِيٌّ في الأديرةِ / فَاتْرُك الموتى يَدْفنوا مَوْتاهم / سَيَكُونُ الرَّصاصُ المطاطيُّ تِذْكاراً لِلعُشَّاقِ وأشجارِ المقابِرِ / والمطرُ المضِيءُ يَمْشي عَلى أظافري السَّحيقةِ /
     رَمَيْنا جُثْمانَ الصَّحراءِ في النَّهْرِ / أَحِنُّ إلى امرأةٍ غَامِضةٍ تَزُورُ قَبْري في السَّحَرِ / ضَاعت الحضارةُ في رُتَبِ الجِنرالِ / تَزْحَفُ الليالي بَيْنَ عُكَّازاتِ الأسرى / وَالسَّنابلُ تُكرِّرُ دَمْعِيَ الخامَّ كَالنفطِ الخامِّ / يَا أيتامَ قَرْيتي / سَتأكلُ الطحالبُ الأوسمةَ العَسكريةَ / سَتَرْكُضُ الأشجارُ في الطُّرقاتِ / فَلا تَدْفِنوا الموتى في الحدائقِ / الجثثُ المضيئةُ في الشَّوارعِ المعْتِمَةِ / لُحُومُ بَشَرٍ مُكدَّسةٌ مُطَعَّمةٌ بَالصَّدفِ/ أَيُّ أرضٍ بَعْدَ صَدْرِ أُمِّكَ المحروقِ سَتَعْشَقُكَ ؟! / تُولَدُ المشانقُ في رِياحِ الغُروبِ / وَتَموتُ في نشيدي / أَيُّ ابتسامةٍ بَعْدَ مَقْتَلِ أبيكَ سَتَعْتَرِفُ بِكَ ؟! /
     خَجَلُ المومِسِ في اللقاءِ الأوَّلِ/ والطحالبُ البلوريَّةُ / وَطُفُولتي صَخْرَةُ الغروبِ / لا أَقْدِرُ على حَمْلِها / سَتَظَلُّ آثارُ الرَّصاصِ على المزهرياتِ / وَيَتجمَّعُ مِلْحُ الدُّموعِ على البَراويزِ / الحشَراتُ مُحَنَّطَةٌ في خُدودِ الفَتَياتِ / وَجَماجِمُ الراهباتِ تُزَيِّنُ أجراسَ الكنائسِ / نَزْرَعُ النِّفْطَ في فَسَاتينِ الجواري / فَتَنْبُتُ رَصاصةُ الرَّحْمةِ في الحضارةِ التي لا تَرْحَمُ / سَوْفَ نمشي إلى يَوْمِيَّاتِ الرَّعْدِ فَوْقَ التِّلالِ في خَريفِ الدِّماءِ / وأنا الغَريبُ في مَرايا عَرَقي / أَقْضي وَقْتَ فَرَاغي في تَلْميعِ شَاهِدِ قَبْري / سَامِحْني يا شَجَرَ البُحَيْراتِ / قَد ذَهَبْتَ إلى الموْتِ / قَبْلَ أن أَقُولَ لَكَ إِنني أُحِبُّكَ .