المومياوات أثناء الرقصة الأخيرة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.................
دَوْلةُ الجِراحِ تَوغَّلتْ في احتضارها /
المساءُ وَجَعٌ لا تَحتمله الزَّنابقُ / وسَنابلُ الدُّخانِ هِيَ إِعلانُ وَفاةِ
الدَّوْلةِ / جَهَّزْتُ لِدَوْلةِ الهوَسِ قَبْراً / وأَخذتُ إِجازةً مِن أخاديدِ
دَمي وارتحلتُ / الملِكاتُ يَتَسَوَّلْنَ على إشاراتِ المرورِ / كَي يَحْصُلْنَ
عَلى المصْروفِ اليَوميِّ / بَيْتي عَلى كَوْكبِ زُحَل / وأشلائي في أنابيبِ
الصَّرْفِ الصِّحي /
شُهداءُ / لا تتَّصلوا بِي لأنَّ هَاتِفي
مُرَاقَبٌ / تتجمَّعُ شَقائقُ النُّعمان في عُيونِ الرَّاقصاتِ لِتَكتبَ قَوانينَ
الطوارئ / إِنها بِلادُ مَا وَراءَ الدُّموعِ البَنفسجيةِ/ هَل بِعْناها أَم
باعتنا ؟! / تَوابيتُ المراهِقاتِ عَلى طَوَابعِ البَريدِ / مَشَانِقُ خَمْسُ
نُجومٍ / مَحاكمُ عَسكريةٌ للفراشاتِ المولودةِ قَبْلَ الأوانِ / حُقولُ الضَّوءِ
المخنوقِ / ولا أحدَ يُحاكِمُ الصَّدى الذي تآمَرَ على الصَّوْتِ /
افْرَحْ أيها الضبابُ الأطرشُ/ لأنكَ مِتَّ
قَبْلَ أن تَموتَ أحلامُكَ/ أيها الغريبُ / سَتُصبحُ الحشراتُ عَشيرتكَ الجديدةَ /
تَحْمَرُّ خُدودُ الجاريةِ أمامَ سَيِّدها / وَيُولَدُ في أزهارِ الحِقْدِ
النَّمْلُ المزَيَّنُ بالأوسمةِ / أَحْضَرَ النِّسيانُ للفَراشةِ السَّجينةِ طَبيباً / فأَوْصَى بإِعدامها ثَلاثَ مَرَّاتٍ
يَوْمياً / أَغلقتُ كَبِدي أمامَ السَّائحاتِ / وَاكْتَشَفْنا مَحَاكِمَ
التَّفتيشِ في قِطَعِ الشُّوكولاتةِ / فَواتيرُ الدَّمِ في مَطاعِمِ الوَجَباتِ
السَّريعةِ / والأرقُ الأزرقُ كَدِمَاءِ الأرستقراطياتِ / فَيَا
ضَريحَ اللازَوَرْد / احْجُزْ نُسختكَ مِن صُكوكِ الغُفران ذَاتِ الحجمِ العائليِّ
/ أطفالُ الخِيَامِ يَقُودون تَمَرُّداً عَسْكرياً ضِدَّ الذِّكرياتِ / وَدِمائي
تَمَّ تَوْقيتها في أمكنةٍ تَبتلعُ أزمنتي / والرَّعدُ يُفخِّخُ دُموعي في عِيدِ
الجوعِ /
عِندما زَرَعني البَرْقوقُ على خَشَبةِ
الإعدامِ / عَرَفْتُ مَعنى الدِّيمقراطيةِ / وعِندما سَرَقوا ذَاكرةَ الرِّيحِ /
عَرَفْتُ مَعنى الأُخوةِ البَشريةِ / وعِندما اكتشفَ الطوفانُ أنَّ خَطيبته مِن
الاستخباراتِ العَسْكريةِ / عَرَفَ مَعنى الحبِّ الأوَّلِ /
السَّبايا العائداتُ مِن طُرْوادة /
الذاهباتُ إلى الدِّيسكو / نَسِيتُ الرِّماحَ على فِراشِ الموْتِ / وأَقضي وَقْتَ
فَراغي في تَرقيمِ الجثثِ المجهولةِ / وَحِسابِ أعدادِ الضَّحايا / المرايا
المنقوعةُ في دَمِ القِطَطِ / والأشجارُ تَكتبُ القَصائدَ عَلى فُوَّهاتِ
المدافِعِ / المطرُ يَقْتلعُ جِلْدَ التاريخِ / مَنثورةٌ سِحْنتي في لُعابِ
البُرتقالِ / لَيْتَ ظِلَّ الغيماتِ يَتعرَّفُ على قَاتلي / زَوْجةُ القُبطان
تُزيِّنُ هزائمَ البَحرِ الأخيرةَ / ضَحِكْنا / وكُنَّا للبُكاءِ فُوَّهةً /
الدَّمْعاتُ الإلكترونيةُ / والليالي المرتَعِشةُ / عَشاءٌ على ضَوْءِ الشُّموعِ /
لَكِنَّ الصُّحونَ فارغةٌ / وخُدودُ الصَّبايا مِن النُّحاسِ / وَلَدْتُ نَفْسي /
وَقَتَلْتُ نَفْسي / وَبَكَيْتُ عَلى نَفْسي / لَكني لَم أَجِدْ نَفْسي /
أُوَدِّعُ جِرْذانَ قَرْيتي / أُصِيبت البِئْرُ بالزَّهايمر / وَفَقَدَ الوَحْلُ
ذَاكرته فَلَمْ يَعْرِفْني / أَركضُ في أزقةِ الضَّبابِ وَحيداً كَشَظايا
المرْمَرِ التي تَشْتهيني / مَاتَت السَّنابلُ وفي عُيونها أضرحةٌ مَلَكيةٌ/ أُسْقِطَت
الجِنسيةُ عَن الفَراشةِ/ لَيْسَ لها شَهادةُ مِيلادٍ/ والموْتُ مِيلادٌ / وَأنا
الميْتُ الموْلودُ لا الموْلودُ الميْتُ / تاريخُ الإبادةِ الجماعيةِ يُلاحِقني
مِن قَصيدةٍ إلى قَصيدةٍ / وَمَا وَجَدَ اللاجئون غَيْرَ صَناديقِ الاقتراعِ /
لِكَي يَحْتموا فِيها مِن القَصْفِ الجويِّ / سَيُوَقِّعُ الشَّجرُ حُكْمَ
إِعدامِكَ / وأنتَ في دَوْرةِ المِياه / وَحْدَهم المشْنوقون يَحْتَفلون بِذِكْرى
مِيلادي / سَتُصبحُ أطلالُ قَرْيتي أعْوادَ مَشانِقَ أو أعوادَ كِبْريت / وَالقَبائلُ المتناحِرةُ
اتَّفقتْ على اقْتسامِ جُثتي / وذلكَ الألَمُ لَهُ صَوْتُ الفَجرِ وصَدى التِّلالِ
/
أيتها الغريبةُ / تَرْقُصين في الملهى
الليليِّ / والشُّعوبُ تَرْقُصُ في الملهى النَّهارِيِّ / جُلودُ الإِماءِ رَبْطةُ
عُنُقٍ للنَّخاسِ / ورأسي المقْطوعُ مَانِعةُ صَوَاعِق / كُلما استمعَ المساءُ
لأقوالِ الجليدِ / تكسَّرتْ تِيجانُ الزَّبدِ / سَأَرْثي نَفْسي لأُوَفِّرَ على
الشُّعراءِ مَشَقَّةَ رِثائي / طَرَدني
بَيْتي مِن قَلبي / والتاريخُ جَالسٌ على كُرسيٍّ مَنْسيٍّ / في قاعةِ الانتظارِ
في المطارِ/ كُلُّنا مُسافِرُون/ كَوَّنْتُ أُسْرةً مِن قُضبانِ السِّجْنِ
وَحِبالِ المشانقِ/ سَأَتركُ تِجارةَ العَلاقاتِ الزَّوْجيةِ لِبَناتِ الخليفةِ
اللاشرعيِّ / اللواتي أَكْمَلْنَ الدِّراسةَ في أسنانِ تماسيحِ الأمازون / جُدرانُ
الزِّنزانةِ تُمارِسُ الرِّيجيم / والبُحيرةُ تتناولُ حُبُوبَ مَنْعِ الحمْلِ /
والسُّجونُ تتكاثرُ رُموشاً لِبَناتِ آوَى / وَفُقهاءُ البَلاطِ يُفْتُون بِجَوازِ
تَحْديدِ النَّسْلِ / لا تَحْزَنْ أيها الأسْفلتُ لأنكَ عاجزٌ جِنسياً / كُلُّنا
عَاجِزُون / أيتها السَّمكةُ العَمياءُ / احْفِري قَبْرَكِ تَحْتَ أشجارِ
الكُوليرا/ لَن تَجِدي عِندَ مَوْتِكِ مَن يَحْفِرُ قَبْرَكِ/ بَيْنَ أصابعي تَبني
النُّسورُ أعشاشَها / الصُّداعُ يَحْمِلُ جُثماني في الشَّوارعِ الخلفيةِ /
وأعمدةُ الكَهرباءِ تَرْكضُ إِلى صُداعي / ولا تَشْعُرُ بالصُّداعِ / مَطَرٌ أمامَ
عِيادةِ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / فَيَصِلُ النَّعناعُ مُبْتلاً / دَقَّاتُ قَلْبِ
العاصفةِ غَيْرُ مُنْتَظَمَةٍ / وَمَوْتنا قادمٌ / غَسِّلوني بِدُموعِ السَّنابلِ
في قَرْيتي المدْفونةِ / تَحتَ ضَفائرِ الفَقيراتِ / جُثماني عَالِقٌ عَلى الحدودِ
/ لَم تَقْبَلْ أيُّ دَوْلةٍ أَن أُدْفَنَ فِيها / قَبْري أُرجوحةٌ مَهْجورةٌ
كَتاريخِ السَّناجبِ / وحَياتي مَسْرحيةٌ مِن فَصْلَيْن وَخَمْسِ جَمَاجِم /
أَقْلي الباذنجانَ في دِماءِ الملوكِ قُرْبَ عُروشِ الحمَّى / ذَلِكَ المهَرِّجُ
يُضْحِكُ الناسَ وَيَظَلُّ حَزيناً / تَطفو الجثثُ في كُوبِ البَابُونَجِ /
وَنَرْمي خَشَبَ البيانو في الموْقَدةِ /
صَوْتُكِ يَدُلُّني عَلى قَبركِ / الهديلُ
أَكَلَ مِرْآتي / فَكَيْفَ سَيَعْرِفُني الدُّودُ ؟! / كَتبتُ تَاريخَ السُّنونو
على غِمْدِ سَيْفي / والرَّصاصةُ التي أَطْلَقها عَلَيَّ البَحْرُ / أَغلى ثَمناً
مِن ثِيابي/ سَيَظَلُّ الكَمَانُ وَحيداً / وكُلما زَرعتُ القَصائدَ في صَنَوْبَرِ
الأضرحةِ / قَبَّلني الثلجُ الدَّامي/ لَيْتني أَجِدُ مَطَراً يَغْسِلُني مِن
الاكتئابِ / كُلُّ حُزْنٍ حَفَّارُ وُجوهٍ / يُنَقِّبُ في رُفاتي عَن الكَافيار /
وَالطائراتُ الوَرَقيةُ تُحَلِّقُ فِي شَراييني / لَم أُبَايِعْ / وَذَلِكَ بُكائي
مَملكةُ الحشَراتِ/كَم نَخلةً صُلِبَتْ عَلى حَبْلِ الغَسيلِ لأنها لَمْ تُبايِعْ
؟/ لا أَمنحُ صَوْتي للصَّدى / وَلَنْ تَجِدَ في شَجَرةِ نَسَبي تَاجَاً / لا تُبايِعْ /
لَسْتُ مُذيعةً تَفْتحُ ثَدْيَيْها لِلمُشاهِدين / لَسْتُ أنا / لَن أُبايِعَ /
إِنْ أَرَدْتَ حُزناً وَجَدْتَني / وَإِنْ أَرَدْتَ طَبَّاخاً لِلْحَاكِمِ
العَسْكريِّ وَجَدْتَني مَاحِياً / هَذا أنا/ لَم أُبايِعْ / بُوصَلةُ انتحارِ
القُبْطان لَيْلةُ الزِّفافِ / وَحِيطانُ السِّجْنِ عُرْسٌ لِلبَعوضِ / لا تُبايِعْ
/ وَإِنْ مَضَغَ حَياتي شَريطٌ سِينمائيٌّ مَنقوعٌ في الدَّمِ / حَرِّرْني أيها
الموْتُ أَجِد اسْمي / احْرُثْ جَسَدي أَنْثُرْ حَواجبي ألغاماً / صَوْتُ
العَنكبوتِ يَرْسُمُ خَارطةَ سُعالي / لَن أُبَايِعَ /
تُريدونني أَن أُغَنِّيَ في الحفلاتِ الرَّاقصةِ
في القَصْرِ / أن أَتَبَرَّكَ بِفَضَلاتِ السُّلطانةِ / أن تَصيرَ رَقَبتي عَتَبةَ
كُوخٍ شَتَويٍّ / تَقْضي فِيه عَائلةُ الجِنرالِ الإِجازاتِ / أن أُقَدِّمَ
للأرستقراطياتِ أجفانَ الرِّيحِ في كُؤوس الخمْرِ / أن أَمُدَّ يَدِي
مُسْتَجْدِياً قَيَاصرةَ الوَحْلِ /
أَحصنةُ الضَّوْءِ الهاربةُ/ سَأُصْلَبُ
عَلى أخشابِ السُّفُنِ الغارقةِ في مَساءٍ غَامِضٍ / لَم تَضَع النُّسورُ البَيْضَ
احتجاجاً عَلى اغتيالي/ مُبِيداتٌ حَشَريةٌ بِرَائحةِ الليمونِ/ لا دَفْتري سِجْنُ
البَاستيلِ / وَلا صَيْفي شِتاءٌ لِلْمُتَزَلِّجِين / وَحُكومةُ السَّناجِبِ
فَتَحَتْ في قَبْري سَفَارةً لِحَفَّاري القُبورِ / غَرِّدي أيتها الأحجارُ غَيْرُ
الكَريمةِ / اترُكي الرِّياحَ للرِّياحِ / كَتِفي شَاهِدُ قَبْرٍ لِليَمامِ /
وابتسامتي مَرْفأٌ لأسماكِ القِرْشِ / ضَفادعُ المسْتَنْقعاتِ تُجَهِّزُ لِي
جِنازةً مَهِيبةً / مَاتَ جَدِّي قَبْلَ أن نَشتريَ لَهُ وَاقِياً ضِدَّ الرَّصاصِ
/ والحضارةُ طِفْلةٌ وَاقفةٌ أمامَ جُثةِ أُمِّها / تَنتظرُ بَاصَ المدرسةِ /
البَحرُ دَافئٌ لأنَّ دُمُوعي احتلَّت
الماءَ / صُداعي جُثثٌ جَديدةٌ للنَّمْلِ / نَسِيتُ مَوْعِدَ إِعدامي / والبحرَ
الذي خَانني / أُصَلِّي الفَجْرَ ثُمَّ أَسْبحُ في دِمائي الجارحةِ / رُبَّما
أَسكنُ في نَشيدِ الضِّباعِ / أو أُدْفَنُ في قَاعِ شَهيقي / السَّمكاتُ تَمْشي في
قَوْسِ قُزَحَ / والشِّتاءُ يَغْسِلُ ذاكرةَ الموْجِ بالدَّمعاتِ / يَنمو البَلوطُ
في مَلابسي المهْجورةِ عَلى الشَّاطئِ الوَحيدِ / والأُمهاتُ يَنْتَظِرْنَ
أبناءَهُنَّ الذينَ قَاتَلوا نِيابةً عَن السَّادةِ النائمين مَعَ الجواري /
أَقراطُ الأراملِ نِقاطُ تَفْتيشٍ / والمشاعرُ الآليةُ تَخُونُ حَليبَ المقاصِلِ /
يُعيدُ الضَّبابُ خِيامَنا لِلخَيَّاطِ العَجوزِ / وَتَرْحَلُ الذِّكرياتُ إِلى
رَائحةِ القُماشِ في الأكفانِ القَديمةِ / وُلِدَ الشَّهيدُ لِكَي يَرْفُضَ
القَياصرةَ / فَتاةٌ مَذْبوحةٌ تَنتظرُ فَارِساً مَذْبوحاً يَخْطُبُها / وأحكامُ
شَنْقي خَيْمةٌ مَشْدودةٌ بأوتارِ الكَمَانِ / ويَلْتَفُّ حَبْلُ المِشنقةِ حَوْلَ
عُنُقِ المساءِ /
يا أحصنةَ الغَيمِ الأحمرِ / تِلْكَ
الألغامُ عَالقةٌ في حَنجرتي / سَنَقْتلُ الفَراشةَ في الشِّتاءِ الدَّامِعِ /
ونَشتري أَجملَ ثِيابِ الحِدَادِ / لا أُريدُ القَوْلَ إِنني أُحِبُّكِ / لِكَيْلا
تَتعلَّقي بِمَيْتٍ / لكني أُحِبُّكِ / فِرَاشي بَاردٌ كأجنحةِ الذبابِ /
وَخَاتَمُ الزَّواجِ باردٌ كالسَّراديبِ الخاليةِ مِن صُراخِ الأطفالِ/ الذين
يَلْعَبُون فَوْقَ نُعُوشِ أُمَّهاتهم / أَسندتُ رأسي إلى عَلَمِ المنفَى وَمِتُّ
/
لا تَخُنْ ظِلالَ الأناناسِ / تَعْشَقُكَ
تُفاحةُ الحزنِ / لكنها أُجْبِرَتْ عَلى قَتْلِكَ / لا تَخُنْ ضِحْكةَ الخريفِ في
مُدُنِ السُّلِّ / سَيَضَعُ القُرْصانُ الملابِسَ الدَّاخليةَ النِّسائيةَ رَايةً
للسَّفينةِ الغارقةِ / لا تَخُنْ قَواربَ الاحتضارِ / سَتَمُوتُ رُمُوشُكَ /
وتَنْبُتُ في مَكانِها الخناجرُ / لا تَخُنْ ثُقوبَ جِلْدِكَ / سَيُوَقِّعُ المطرُ
عَلى مَرْسُومِ إِعدامِكَ / وَسَوْفَ يُدْفَنُ الْعِشْقُ الكَبيرُ في القبرِ
الصَّغيرِ /
الحضارةُ بَعوضةٌ تُسْحَقُ/ وأهدابي
حَافلاتٌ لِنَقْلِ الجنودِ الخاسِرين في المعركةِ / المنتَصِرين في غُرَفِ النَّوْمِ
/ وَبُكاءُ اليَتامى أرشيفٌ لِجُباةِ الضَّرائبِ / سَتَذوبُ أشلاءُ فُرسانِ
الإمبراطورةِ في عُلبةِ البِيرةِ / الخرابُ يُغَنِّي في المدينةِ المرْتَعِشَةِ /
والإمبراطورةُ تُجَهِّزُ الظِّلالَ التي سَتَجْلِسُ على العَرْشِ / والشَّعبُ
يُصَادِقُ سِلالَ القُمامةِ / مَقْبرةٌ مِن النُّحاسِ / وتاجٌ أخيرٌ عَلى العَرْشِ
الفارِغِ / والإمبراطورُ جَالِسٌ في المِرْحاضِ / شُذوذٌ جِنْسِيٌّ في الأديرةِ /
فَاتْرُك الموتى يَدْفنوا مَوْتاهم / سَيَكُونُ الرَّصاصُ المطاطيُّ تِذْكاراً
لِلعُشَّاقِ وأشجارِ المقابِرِ / والمطرُ المضِيءُ يَمْشي عَلى أظافري السَّحيقةِ
/
رَمَيْنا جُثْمانَ الصَّحراءِ في النَّهْرِ
/ أَحِنُّ إلى امرأةٍ غَامِضةٍ تَزُورُ قَبْري في السَّحَرِ / ضَاعت الحضارةُ في
رُتَبِ الجِنرالِ / تَزْحَفُ الليالي بَيْنَ عُكَّازاتِ الأسرى / وَالسَّنابلُ
تُكرِّرُ دَمْعِيَ الخامَّ كَالنفطِ الخامِّ / يَا أيتامَ قَرْيتي / سَتأكلُ
الطحالبُ الأوسمةَ العَسكريةَ / سَتَرْكُضُ الأشجارُ في الطُّرقاتِ / فَلا
تَدْفِنوا الموتى في الحدائقِ / الجثثُ المضيئةُ في الشَّوارعِ المعْتِمَةِ / لُحُومُ بَشَرٍ مُكدَّسةٌ
مُطَعَّمةٌ بَالصَّدفِ/ أَيُّ أرضٍ بَعْدَ صَدْرِ أُمِّكَ المحروقِ سَتَعْشَقُكَ
؟! / تُولَدُ المشانقُ في رِياحِ الغُروبِ / وَتَموتُ في نشيدي / أَيُّ ابتسامةٍ
بَعْدَ مَقْتَلِ أبيكَ سَتَعْتَرِفُ بِكَ ؟! /
خَجَلُ المومِسِ في اللقاءِ الأوَّلِ/ والطحالبُ
البلوريَّةُ / وَطُفُولتي صَخْرَةُ الغروبِ / لا أَقْدِرُ على
حَمْلِها / سَتَظَلُّ آثارُ الرَّصاصِ على المزهرياتِ / وَيَتجمَّعُ مِلْحُ
الدُّموعِ على البَراويزِ / الحشَراتُ مُحَنَّطَةٌ في خُدودِ الفَتَياتِ /
وَجَماجِمُ الراهباتِ تُزَيِّنُ أجراسَ الكنائسِ / نَزْرَعُ النِّفْطَ في
فَسَاتينِ الجواري / فَتَنْبُتُ رَصاصةُ الرَّحْمةِ في الحضارةِ التي لا تَرْحَمُ
/ سَوْفَ نمشي إلى يَوْمِيَّاتِ الرَّعْدِ فَوْقَ التِّلالِ في خَريفِ الدِّماءِ /
وأنا الغَريبُ في مَرايا عَرَقي
/ أَقْضي وَقْتَ فَرَاغي في تَلْميعِ شَاهِدِ قَبْري /
سَامِحْني يا شَجَرَ البُحَيْراتِ / قَد ذَهَبْتَ إلى الموْتِ / قَبْلَ أن أَقُولَ
لَكَ إِنني أُحِبُّكَ .