أصوات الموتى تنطلق من رئتي / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
................
الليمونُ المزروعُ في حَنجرتي / يُنادي على الموتى السَّاكنين في خُدودي /
هِجْرةُ الجرادِ مِن أسناني إلى شَراييني / يا أنا الأُخرى / أيها المنبوذُ في
طَريقِ البَحرِ / بَيْنَ العَواصفِ والطريقِ صَداقةٌ مِن الطُّوبِ الأحمرِ / فلا
تُخَبِّئْ رَأسَكَ في حَقيبةِ السَّفَرِ / اغْرَقْ في بُحُورِ بِلادِكَ الضَّائعةِ
/ أو بُحورِ الشِّعْرِ الذي لا يَضيعُ / الرِّئةُ العالقةُ في شِباكِ الصَّيْدِ
هِيَ رِئتي / وَمَنْبَعُ النَّهْرِ هُوَ العَقلُ المدبِّرُ لاختطافي مِن الشَّفقِ
الرَّاحِلِ / أَدخلُ في اكتئابي قِطاراً أَحْرَقَ السِّكةَ / كَما تَدْخُلُ
ضَفائرُ البَناتِ في الأسرارِ العَسكريةِ / عُرُوقي لُغَةُ الغاباتِ المنقَرِضَةُ
/ وَيُلَحِّنُ اللازَوَرْدُ رِعشاتي في مَغاراتِ الذاكرةِ / البُوليسُ السِّياسيُّ
في أوْردتي / والعُقبانُ تَطبخُ الفَاصولياءَ في جُمجمتي /
يَتَبادلُ الخليفةُ النِّكاتِ الإباحيةَ مَعَ الجواري / أَصنعُ قَصيدةً
بِلا حُروفٍ / أُولَدُ فِيها وأَموتُ / وَلَن
أَحْقِدَ على الطيورِ التي طَرَدَتْني مِنِّي وَرَثَتْني / المساءُ مُحَاطٌ
بالاحتضارِ / والغرباءُ المحاصَرُون بالموْتِ / أَخذوا إِجازةً مِن المجزرةِ / كَي
يَتزوَّجوا في شَمالِ قَوْسِ قُزَحَ / فَرَاشةٌ قَبَّلَتْ نَعْشي قَبْلَ أن تَصعدَ
إلى سُيوفِ بَني أُمَيَّة / أُنَقِّي الغبارَ مِن الغبارِ / خَرَجَت الطحالبُ مِن
غِمْدِ السَّيْفِ / زُجاجاتُ العَصيرِ الفارغةُ في سَاحةِ المدرسةِ المحاصَرَةِ
بالمدَافِعِ / يُهاجرُ البَلوطُ مِن جُنونِ الرِّمالِ / الجدائلُ المقْصوصةُ في
الهوادِجِ / وَمِزْمارُ الرَّاعي عِندَ شَاهِدِ قَبْرِه / يَنتظرُ البَجَعُ شِتاءً
خالياً مِن الغزاةِ / والثلجُ يُضاجِعُ السَّنابلَ في عِيدِ الهلْوسةِ / والحضارةُ في ثلاجةِ الموْتى /
البَراري الفُسفوريةُ / جَسَدُ المرأةِ
مَملكةُ الأنقاضِ / يَتوهجُ الليمونُ عَلى رُفاتِ الأنهارِ / أرى حُزْناً برونزياً
يُصْنَعُ مِن جُلُودِ البُحيراتِ / وَصايا البَجَعِ في كُوبِ البَابُونَجِ /
سَيَموتُ الموْتُ وأنا في اللانهايةِ / تُفاحةٌ تَشتهي تَعْذيبي كَي تَتَطهَّرَ /
ونَبَضاتُ قَلْبي مَدْرَجٌ للطائراتِ/ قَبيلةٌ مِن حِبَالِ المشانِقِ
المسْتَعْمَلَةِ/ والهياكلُ العَظْميةُ تَلْمعُ عَلى بَلاطِ المذْبَحِ الوَرْدِيِّ
/
السَّلامُ عَليكنَّ يا فَارسياتٍ / جِئْنَ
مِن حَريرِ الإِعدامِ / لِزِيارةِ بَقايايَ في رِمالِ الأنهارِ / السَّلامُ عَليكنَّ يا شَرْكسياتٍ /
صَوَّرْنَ أحداثَ صَلْبِي بالهواتفِ النَّقالةِ / السَّلامُ عَلَيْكَ يا غَدِي /
وأنتَ تُخَبِّئني مِن لافتاتِ القَبْضِ عليَّ / السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْتي /
وأنتَ تَفْتَحُ للعُصْفورِ بَابَ القَفَصِ / الذِّكرياتُ تُصْدِرُ شَهادةَ وَفَاتي
كَشَاعرٍ يُولَدُ / تَقْطِفُ اليَتيماتُ الجثثَ مِن أجفاني / فَاتورةٌ لَوْنُ
عَرَقي / سَتَدْفَعُها الغاباتُ المحتَرِقَةُ في شَهيقي / أَو الأرصفةُ العاشقةُ
لانكسارِ المرايا في قَفَصي الصَّدْرِيِّ /
أيتها الفَراشةُ التي تَقْتلني وتَبْكي عَلَيَّ / يا قَاطِعَ الطريقِ /
كُنتَ شَريفاً في الحبِّ والحربِ ! / إِنَّ الاكتئابَ حَارِسي الشَّخْصِيُّ / أمشي
إلى ضَوْءِ الأظافرِ تاريخاً بِلا تاريخٍ / ولا أَقْدِرُ أن أتحرَّرَ مِن الأمواتِ
/ أشتاقُ إلى أشجارِ المقابِرِ / يَتشرَّبُ الرُّخامُ كُحْلَ الصَّبايا الحزيناتِ
/ وَقْتي مُخَصَّصٌ لِتَحْريرِ الأندلسِ لا
عِشْقِ الإِسبانياتِ/ سَتُصابُ مَلاقطُ الغَسيلِ بالحمَّى/ عِندما تَشُنُّ
الزَّنابقُ آخِرَ حَملاتِها العَسكريةِ /
مَجْزرتي ذاكرةٌ لِسَناجبِ القِرْميدِ/
وَجِلْدي أحزانُ الكَسْتناءِ في شِتاءِ الدَّبابيسِ / ولم يَبْقَ في شَهْوةِ
الرَّاهباتِ سِوَى القَرابين وَغُرفةِ الاعترافِ/ تَدْخلُ الغَيْبوبةُ إلى
التُّوتِ / والحضارةُ مُغْمَى عَلَيْها / تِلْكَ دِمائي طِلاءُ أظافرِ الصَّاعقةِ /
والنَّزِيفُ أخْضرُ سَارَ فِينا فَلَمْ يَجِدْنا / المسْلَخُ الكريستالِيُّ /
وغُرَفُ التَّحقيقِ المعدنيةُ / سَنَضحكُ مِن كَثرةِ البُكاءِ / لَن يَهدأَ الموجُ
حتى يَرى رَأْسَه مَقْطوعةً / عَلى بَوَّاباتِ سَراييفو/ أطرافي مَفْروشةٌ في
غَرْناطة/ وَبَطْني مَبْقُورٌ في غروزني /
تتشمسُ الصَّبايا تَحْتَ ظِلالِ الخناجرِ /
والعَدساتُ اللاصِقةُ تَنصهرُ في سُعالِ الحِيطان / يَخْتفي الفَرْقُ بَيْنَ
الماضِي والمضَارِعِ / تتجسسُ عَلَيَّ وِسادتي المبلَّلةُ بِدُموعي / وفي آخِرِ
الصَّيْفِ / يُنَظِّفُ الشَّاطئُ نَظارته السَّوْداءَ بِعِظَامِ الغَرْقى /
والمِلْحُ يَهْطُلُ مِن عُيوني كالمطرِ الغريبِ / وَبِئْرُ قَرْيتي تَنشرُ نِقاطَ
ضَعْفي عَلى حِبَالِ الغسيلِ/ عَبَّأتُ شِفاهَ الرياحِ المثقوبةَ بالكِبْريت /
عَظْمي صَابونٌ تَستحمُّ بِهِ الملكاتُ/ دَعْوَةٌ لِحُضورِ حَفْلِ تَنصيبي
مَشْنوقاً / اقْبَلوا مِقْصلتي قِطْعةَ قُماشٍ / تَمْسَحُ أحذيةَ نِساءِ سَراييفو
في حَفلاتِ الزِّفافِ / واختاروا لِي حَبْلَ مِشنقةٍ رَخيصَ الثمنِ / لِدَعْمِ
مِيزانيةِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ /
أَزُورُ قَبْرَ أُستاذي في قَاعِ
البَحْرِ / لا زَوْجةٌ تَدُسُّ لِيَ السُّمَّ في الطعامِ
/ ولا ذُبابةٌ تَحْفَظُ أرشيفَ احتضاراتي / سَتُصْبِحُ قُمْصانُ النَّوْمِ أعلاماً
مُنَكَّسَةً / بَغِيٌّ تَرْقُصُ حَامِلةً جُمْجمتي / ولا أحدَ يَهْتَمُّ بِمَشاعرِ
النَّهْرِ / نِساءُ الخليفةِ مَشْغولاتٌ بالرِّيجيمِ / وَقُيودي فُنْدُقٌ رَخيصٌ
يَقْضي فِيه السَّجانونَ شَهْرَ العَسَلِ / كُنْتُ الغريبَ الوَحيدَ الذي يُسَاقُ
إِلى الإعدامِ ضاحكاً / البُوظةُ النَّاريةُ في أعصابي / غُرفةُ نَوْمِكِ يَا
إِمبراطورةَ اليَبابِ/ أخشابُها مَنْصُوبةٌ عَلى رُفاتي/ والخِيانةُ بُرتقالةٌ
لُعابُها عَصيرُ النَّارِ / جِلْدي قَصيدةٌ لا يَفْهَمُها الغَيْمُ / قَطَعْتُ
الكَهرباءَ عن شَجَرِ دِمائي / فانطفأَ لمعانُ عِظَامي / وَعِنْدما تُفْتَحُ
نَوافذُ الذِّكرياتِ / سَيَخْلَعُ الغُرباءُ أبوابَ قَلْبي / وَبَيْنما كَانَ
المرَاهِقُون يُلاحِقُون بَناتِ المدارسِ/ كُنتُ أُلَحِّنُ نَشيدَ تابوتي تَحْتَ
جُسورِ سَراييفو / فَتَعْلَقُ قُمصاني على شَبابيكِ قَصْرِ الحمراء / ستأتي
النِّساءُ الغريباتُ مِن شَمالِ الصَّليلِ / لِكَي يَغْسِلْنَ أكفاني بالهديلِ /
أيتها النجمةُ الضَّائعةُ في إِسْطبلاتِ بُكائي / لَسْتُ رَجُلَ أعمالٍ /
ولا أَمْلِكُ غَيْرَ لمعانِ أظافري/ دَعِيني لِلوَسْواسِ القَهْريِّ / سأتحدى
ظِلالي النُّحاسيةَ في الأزقةِ الخلفيةِ للمِيناءِ / وَعُنفوانُ الرَّصاصِ لا
يُمَيِّزُ بَيْنَ حِبَالِ المشانِقِ وحِبَالِ الغسيلِ / سُعالي يَتلاشى لأنني
أَموتُ / والليلُ أزرقُ / طَائرتي الورقيةُ عَاطِلةٌ عَن العَملِ كَشُعوبِ
الزَّهايمر/ وَالحمَامُ الزَّاجِلُ يَتصفحُ الجرائدَ بَحْثاً عَن وَظيفةٍ/
يَتكاثرُ الأمراءُ كالجواربِ في أجنحةِ الشِّتاءِ / يَجْلِسُ العُشاقُ عَلى
طَاولاتٍ مِن خَشَبِ السُّفنِ الغارقةِ / والدِّيدانُ تُزَيِّنُ العَرائسَ في
لَيْلةِ الزِّفافِ / صَدْري مُفَتَّتٌ في
رِمالِ الصَّحاري / وَحَوَاجبي تَنتظرُ مِيلادَ الشَّمْسِ في شَراييني / دِمَائي
مَعْجونُ الأسنانِ / السِّنديانةُ مُرْضِعتي / والأرصفةُ القَذِرةُ مَشْرحتي /
دَمْعي عَلى فُرْشاةِ أسناني / تُقَدِّمُ المومِسُ جَسَدَها / والخليفةُ يُقَدِّمُ
أجسادَ الشُّعوبِ / والمساءُ مِثْلُ أحشائي أزرقُ /
لَو كَانتْ جُرُوحي في مَزارعِ الصَّهيلِ
أمطاراً / لَكَانَ ظِلِّي نَشيداً لِلغِيابِ / شَمْسٌ تَطْلُعُ مِن انتحاراتي /
عَاصرتُ مَجْزرتي رَغْمَ وِلادتها قَبْلَ أهدابي / أيتها الحضارةُ المقْتولةُ
بَيْنَ الخَنجرِ المسْمومِ والمزْهريةِ المكْسورةِ / ذَاكرتي هَمْزةُ وَصْلٍ في
أبجديةِ البُروقِ / وَقَوْسُ قُزَحَ يُتاجِرُ بِمَثانتي في البُورصةِ / وَمَانِعةُ
الصَّواعقِ تُحَقِّقُ مَخْطوطةَ رُفاتي / أهْلاً بِكُمْ في دِيمقراطيةِ الخرابِ /
أهْلاً بِكُمْ في دَوْلةِ المرْتَزِقَةِ / والملوكُ الفاتحون فَتَحُوا أغشيةَ
البَكارةِ / لَمْ أَجِدْ صَدْراً حَانياً إلا زُجاجَ القِطاراتِ / آتِيَاً مِن
أشلاءِ الضَّحايا / شَرَّحَتْ جُثةُ الغروبِ لَيْمونَ الطرقاتِ / والطاغيةُ
كَابتنُ فَريقِ كُرَةِ قَدَمٍ مِن القَراصنةِ /
كُرَياتُ دَمِي انقلاباتٌ عَسْكريةٌ /
صَوَّرَت الوُرودُ مَرَاسِمَ إِعْدامي بِالأقمارِ الصِّناعيةِ / فاعْذُرني أيها الموْجُ
في أعالي الفَحيحِ/ لا أبناءَ لِي يُخْبِرُون أُمَّهم أن تَبدأَ العِدَّةَ/ لا
زَوْجةٌ لِلْبَحْرِ تَسْهَرُ الليالي/ وَهِيَ تَخيطُ ثِيابَ الحِدَادِ / المساءُ
هُوَ الابنُ الشَّرعيُّ للمرفأ / وأنا أُقاتِلُ دَاخِلَ جِسْمي وَخارِجَه/ هذا
نزيفي حَارِساً عَلى فُوَّهاتِ الخِيَامِ / جاءُ حُزنُ الأدغالِ مَلْفوفاً
بِالعَلَمِ المنكَّسِ / وَخُدودُ البُحيرةِ مُغطاةٌ بِعِظَامي / قَلْبي يَعيشُ
بَيْنَ الخريرِ والصَّهيلِ/ والرياحُ تَطْحَنُ هَيْكلي العَظْمِيَّ كالتَّوابِلِ/
يَتشمَّسُ قانونُ الطوارئ في أوْردتي المتشعِّبةِ رَصاصاً / أحكامٌ عُرفيةٌ في
مَعِدتي / أغارُ على أحزاني المنتشيةِ بِطَعْني / لا تَغاري عَلَيَّ أيتها
الموانِئُ / إِنَّ الفَتياتِ يَعْبُرْنَ مَجْزرتي /
مُظَاهَرةٌ لِلتِّلالِ تَحْتَ المطرِ /
تُطالِبُ بِزِيادة رَواتبِ حُرَّاسِ نَعْشي / يَا نِساءَ الشَّفقِ / لا تَذْرِفْنَ
البُرتقالاتِ عَلى مَشْرحتي / جُثماني تَحْمِلُه الأسماكُ إلى قَاعِ الغروبِ / أنا
غُربةٌ طَيْفُها فَراشةٌ وَظِلالُها أحصنةُ الضَّبابِ / مَن أنا حتى تَبْكيَ
عَليَّ الشُّموسُ ؟! / وُلِدْتُ مَعَ الدِّماءِ / وَمِتُّ مَعَ الدِّماءِ / جِئتُ
مَعَ البُكاءِ / وَعُدْتُ مَعَ البُكاءِ / مُرَاهِقَاتٌ يَتَبَادَلْنَ كُتبَ
الطبخِ في حَفْلةِ انتحاري / ذَبْحتي الصَّدْريةُ إِسْطبلٌ للذبابِ العَاطِلِ عَن العَمَلِ
/ حَزينٌ الْحُزْنُ لأنَّ عائلته قَتَلَتْهُ / وسَيَعْرِفُ النَّهرُ أنَّ أُمَّه
مِن الاستخباراتِ العَسكريةِ /
مُنَاظَرَةٌ بَيْني وَبَيْنَ الصَّحراءِ /
والفائزُ يُعْلَنُ يَوْمَ وَفَاتي / اضْحَكْ أيها الوَهمُ / سَتُزَيِّنُ الطحالبُ
جُدْرانَ شَراييني أو جُدْرانَ بَيْتي / تَرْعى الفَراشاتُ قَطيعَ الغَنمِ في
فِقراتِ ظَهْري / والنَّخْلُ يَنمو بَيْنَ حَوَاجبي وَرُموشي/ يَفْحَصُ البَرْقُ
جُثتي كالسَّيارةِ المسْتَعْمَلَةِ / والسَّنابلُ تتجسسُ عَلى دَقَّاتِ قَلْبي /
ظِلِّي صَارَ عِبئاً عَلَيَّ / أرى في عَرَقِ السُّنونو ذَلِكَ الكاهِنَ
المتوحِّشَ / والدَّمْعُ السَّاخنُ يَحتضنُ البَراري الرَّاكِضةَ في الهياكلِ
العَظْميةِ / هَل رَصيفُ المِيناءِ رِعشةٌ أَم جُمجمةٌ ؟ / حَانَ وَقْتُ حَصادي/
وَشَهيقي يَتآمرُ عَلَيَّ / يَجثو الماءُ على رُكْبَتَيْه / وَدِماءُ الوَداعِ
تَسيرُ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / أنا الفاتِحُ الماحِي / جِئْتُ كَي أَهْزِمَ
حَضارةَ الماريجوانا / وأُطَالِبَ بِدَمِ دُودي الفَايِد /
ذَاكرتي مُغلَقةٌ أمامَ النَّوارِسِ /
مَفتوحةٌ أمامَ هِجْرةِ الأمواتِ / أكْمِلي المِشْوارَ يا كَشميرُ بِدُونِ وَجْهي
/ اتركيني لِلمَوْتِ السَّاطعِ في غابةِ اللازَوَرْدِ / انزعي يَدَكِ مِن يَدِي/ لا تَمنحيني دَمْعاتِ قَوْسِ قُزَحَ
تِذْكاراً/ لأنَّ السُّمَّ في جَسَدِ القَمَرِ هُوَ التِّذكارُ/ رَحِمَكَ
اللهُ يا قَلْبي / أَتْعَبْتني حَيَّاً وَمَيْتاً /
سَيَنتقمُ جَسَدُ البُحيرةِ مِنها/
سَتَكُونُ أجفاني طَوَابِعَ بَريدٍ عَلى الرَّسائلِ / التي لَن تَصِلَ أبداً / نِسْوةٌ وَجَدْنَ تاريخهنَّ
الشَّخْصِيَّ فِي فُرُوجهنَّ / مَعَابِدُ الجنونِ عِندَ حَافَّةِ سَرَطانِ
الثَّدْي / وَعَصيرُ الطرقاتِ في سِحْنتي سَنابلُ / يَجْرِفُني الصَّباحُ القاتِلُ
/ أُسَمِّي خُدودي خَريفاً غَامِضاً / والنَّهرُ يُوَبِّخني لأنَّ جَوَارحي أخطأتْ
في حَقِّه / والصَّقيعُ يَبيعُ فَتياتِ المدارسِ في
بُطْرُسْبُرغ للإقطاعيين /
لَو كَانَ قَبْري مَخْفِيَّاً في أدغالِ
الشَّمعِ الأحمرِ / لَمَا وَضَعَ الجِنرالاتُ أقدامَهم عَلَيْه / هَزَمْتُهم
حَيَّاً ومَيْتاً / صِناعةُ التَّوابيتِ سَتُوَفِّرُ لِنَباتاتِ الزِّينةِ دَخْلاً
ثابتاً / أميرةٌ تَشتري الرِّجالَ / ولا تَقْدِرُ عَلى شِراءِ دِماءِ الشَّفقِ /
مُحاكمةُ الملوكِ تَحْتَ أعمدةِ الكَهْرباءِ / وَدَمُ الشَّهيدِ يُنَقِّي مِياهَنا
/ حَكَمَ التُّوتُ عَلى حُزني بِالسَّجْنِ المؤبَّدِ في جَوارحي / سَلامٌ عَلى
قَبْرِ التي أَخَذَتْ قَبْري مَعَها / المقابرُ تتألقُ على أُرجوحةِ الصَّدى
الخشِنِ كالشُّققِ المفْرُوشةِ / وَبَعْدَ فَوَاتِ الأوانِ / تَذَكَّرَت
الجوَّافةُ أن تَسْقِيَ دَمِي / لِتَزْرَعَه في العَاصفةِ الخضراءِ/ واليَتيماتُ
يُوَدِّعْنَ آباءَهُنَّ في مَحطةِ القِطاراتِ/ سَوْفَ يَمُوتون مِن أجْلِ الملِكِ
المخلوعِ /
كُلما نَظرتُ إلى المِرآةِ / رَأيتُ الموْتى
يَقْفِزُون عَلى خُدودي / العَناكبُ تَسيرُ عَلى جُدْرانِ شَراييني / وَظِلالُ
النُّعوشِ تُهَرْوِلُ في كُثْبانِ الرِّمالِ / تَرْتبكُ الأشجارُ في لَيْلةِ
الدُّخلةِ / والجنودُ العَاطِلون عَن العَملِ / يَجْلِسُونَ في مَقْهى العَواصفِ /
يَتجمعُ المسافِرون في نَبَضاتِ قَلْبي / والهِضابُ تُرْسِلُ أكفاني إلى أُمِّي
بالبَريدِ الإلكترونيِّ / لا بِلادٌ تَغْسِلُ طُحالي بِالصَّهيلِ المعلَّبِ / ولا
آبائي يَحْمِلُونَ الصَّوْلجانَ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / تَتشمسُ الليالي في شِتاءِ
دُموعي / وَالبَعوضُ يَمْشي عَلى السَّجادِ الأحمرِ/ وأطباءُ القَصْرِ يُوصُونَ
الحوامِلَ بالمشي في جِنازتي/ سَوْفَ تَسْكُنُ في خَيْمتي المهْجورةِ غَجريةٌ /
تَرْمي ذِكْرياتي كَعُلَبِ السَّرْدين الفارغةِ / والنِّساءُ يَتعلَّمْنَ
الثَّرْثرةَ في ذَبْحتي الصَّدْريةِ / هُناكَ / عِندَ تاريخِ الذُّبابِ / وأزهارِ
التاريخِ المحروقةِ /
الحضارةُ أُكذوبةٌ / واللعبةُ انتهتْ /
تتعطرُ المراهِقاتُ باليُورانيومِ المخصَّبِ / المرفأُ تفاحةٌ في قَارورةِ
السُّمِّ / سَيَصْطادُ الظَّبْي صَيَّادَه / تِلْكَ أعشابُ الذاكرةِ خَيْمةٌ
لِلمُهرِّجِ المتقاعِدِ / أَصرخُ في تجاعيدِ قَوْسِ قُزَحَ/ كَي تَعرفَ الغيومُ
ضِحْكةَ المساءِ / عُروقي قَشٌّ صِناعِيٌّ / وَكُرياتُ دَمي أحصنةٌ مِن الخشبِ /
ومَصابيحُ الثأرِ عَلى شُرُفاتِ البَحْرِ / أنا ضَحِيَّةُ دَمْعاتي / وَدَمْعاتي
ضَحِيَّةُ اللازَوَرْدِ / أَبني مَمْلكتي على أنقاضي / والإسبانياتُ لا يَعْرِفْنَ
لَوْنَ أكفانِ صَقْرِ قُرَيْشٍ / القصائدُ القَتيلةُ تُشْبِهني/ ولا أُشْبِهُ إِلا
غاباتِ الهلَعِ / أَرقصُ عَلى حَبَّاتِ الرَّمْلِ / لكنها سَتَعْلوني يَوْماً ما /
السِّجنُ لا يَحتاجُ أُنثى تُحِبُّه
/ يَحتاجُ أُنثى تُدمِّره إِن عَاشَ / وَتَدْفِنُه إِن مَاتَ / والنَّهرُ واقفٌ في
طَابورِ استلامِ الرَّاتبِ / وفي ضِحْكةِ الزَّبدِ اغتصابُ عُشْبةٍ وَبِنتٌ
مُغْتَصَبَةٌ / سَتَنامُ الصَّحراءُ في عَرَباتِ القِطارِ / عِندما
تَنقسمُ التفاحةُ إِلى مِشْنقةٍ وَمِقْصلةٍ / أَلْفُ عَامٍ مِن الحِدَادِ عَلى
البَرقوقِ القَتيلِ/ جَاءَ مَوْعِدُ التَّفتيشِ العَسكريِّ/ ولم يَجِئْ ضُيوفُ
حَارِسةِ المقبرةِ / لَيْسَ لَدَى الأشجارِ وَقْتٌ لاحتضانِ مَرايا الهلعِ / فَهَل
شَريعةُ السِّيانيدِ وِشاحٌ للسُّنونو ؟ / امرأةٌ مُكْتئبةٌ لأنَّ ثَدْيَيْها
صَغيران / وَأنا مُكتئبٌ لأنَّ مِشْنقتي صَغيرةٌ /
مِثْلما تَحِنُّ المرأةُ إِلى مُغْتَصِبها /
يَحِنُّ البَعوضُ إِلى أملاحِ دَمْعي / والشوارعُ تَغْطُسُ في جَدائلِ الوَداعِ /
أَنقذتُ جُنوني مِن كَهْرمانِ المذبحةِ / وأنقذتني أشلائي مِن أعشابِ الأضرحةِ /
أَرُشُّ أوردتي على لازَوَرْدِ الجِنازاتِ / يَلْمعُ طِلاءُ الأظافرِ تَحتَ
الغروبِ الأخيرِ / ذَهَبَ الذين يَقُولون : (( لا )) / وَتابوتي حَبْلُ غَسيلٍ
تَرقصُ عَلَيْه الذبابةُ المثقَّفةُ / قُوَّةُ الشِّين في الشَّمْسِ / سَقَطَت
الحضاراتُ في وُعُورةِ تَضاريسِ كَبِدي/ وَأُمِّي لم تَسْمَحْ لي أن أُدْفَنَ في
مِعْصَمِها / ولم يَسْمَحْ لي أبي أن أُدْفَنَ في قَلْبِه .