سنلتقي عند شاهد قبر مجهول / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
زَرَعَ الضبابُ دُمُوعَهُ في جَسَدِ ابنةِ عَمِّهِ / والحزنُ الذي زَرَعَني
نَسِيَ أن يَحْصِدَني / ضَاعَ المِنْجَلُ بَيْنَ أكوامِ الجثثِ / والبَعوضُ يَعيشُ
في دَمِ الشُّطآنِ / وَيَحْلُمُ بأرملةِ البَحْرِ / اضْحَكْ أيها العَدَمُ /
سَوْفَ تتعلمُ الفَتَياتُ المشْيَ بالكَعْبِ العالي في جِنازتي / افْرَحْ أيها
الثلجُ الذي يُخَطِّطُ لاغتيالِ الصَّدى / إِنَّ الصليبَ بُوصلةٌ تُرْشِدُ
الأشجارَ إلى بُكاءِ الراهباتِ / الطريقُ إلى الدَّيْرِ مُعَبَّدٌ بِرَاياتِ
القَرَاصنةِ / والدُّودُ يَتَشَمَّسُ في شُقُوقِ جِلْدي / أيها المنْفِيُّ عَن
ذاتِكَ في ذَاتِكَ / سَيُنْقِذُكَ الجنونُ مِن حُمُوضةِ الذِّكرياتِ / تلتصقُ العَناكبُ
على جُدرانِ شَراييني / وَنُعوشُ الفقراءِ مُرَتَّبةٌ على سُطوحِ القِطاراتِ /
أُوصيكَ أيها النَّهْرُ الأطرشُ/ إذا سَمِعْتَ
نَبَأَ اغتيالي في المِذْياعِ/ فَغَيِّر الإذاعةَ / ولا تَكْرَه أُمَّكَ / إِذا
وَرَّثَتْكَ الوَسْواسَ القَهْرِيَّ / وَرَحَلَتْ إلى لَمَعانِ الصَّنَوْبَرِ في
المقابِرِ / ولا تَكْرَه أباكَ / حِينَ يَخْرُجُ الجرادُ مِن شُقُوقِ شَفَتِهِ /
حُزْنُ الفَرَاشةِ نَقيضُ البَحْرِ / فاغرقْ في الهديلِ المالحِ / أيها الغَريبُ
السَّائرُ على لَحْمِ البُحيرةِ / عِندما تَموتُ سَتَحْرُسُ ظِلالَكَ نُعومةُ
الرُّخامِ / الذي مَشَى عَلَيْهِ الجنودُ المهزومون / المساءُ أزرقُ كَدِمَاءِ
شَرْكسيةٍ حَزينةٍ/ بِيتزا بِجَانِبِ جُثةِ المطرِ / وَكُلَّ يَوْمٍ / يَذهبُ
الفَيَضانُ إلى خِزانةِ مَلابِسِ زَوْجَتِهِ الميْتَةِ / وَيَشُمُّ خُيوطَ
القُماشِ / يَشُمُّ رِعشةَ الخريفِ الممزوجةَ بِعِطْرِ الأغرابِ / وَيَرْفَعُ
الرايةَ البَيْضاءَ أمامَ جَيْشِ الدُّموعِ /
انكسرت الفناجين / لكننا نَشربُ القَهْوةَ
بِرَغْوَةِ الدَّمِ / تملأ البدوياتُ الجِرَارَ بِسُعالِ القَمرِ/ والقَتيلُ
يَطْرَحُ الأسئلةَ على جُثمانِهِ/ تَرْحَلُ الأشجارُ في مَوْسِمِ البَيَاتِ
الشَّتَوِيِّ / والأرصفةُ تَذهبُ إلى شَهْرِ العَسَلِ / لكنَّ الأزمنةَ مَكْسورةٌ
/ مَطَرٌ للأحزانِ يَطْرُقُ أبوابَ المستشفياتِ المخَصَّصةِ للأغنياء / إِنَّ
النَّهْرَ مِثْلُ جَسَدي / يَحْرُثُهُما الصَّدى أثناءَ هِجْرةِ الطيورِ /
لم يَستطع المساءُ أن يَلْمَسَ خَاتَمَ
الرِّياحِ / ولم تَقْدِر التِّلالُ على شِراءِ فُسْتانِ العُرْسِ/ فابتعدي أيتها
الغاباتُ عَن مَداري لِكَيْلا تَحْتَرقي/ أَهْرُبُ مِن لحمي/ فأسقطُ في شَهيقي /
ماتَ النهارُ مِن الجوعِ / ماتَ الليلُ مِن التُّخمةِ / سَتُصبحُ أصابعُ الذبابةِ
صَالةَ تزلجٍ للأرستقراطياتِ/ وَقَدْ يَدْفِنُ العُشَّاقُ عَصِيرَ البُرتقالِ في
المرتفعاتِ الجبليةِ/ رَائحةُ جُثثِ الراهباتِ تتزوَّجُ رَائحةَ البَصَلِ في
مَطْبخِ الدَّيْرِ / ولم أَجِدْ في سَراويلِ البَحْرِ غَيْرَ عَوَاصِمِ الطاعون /
والحرَّاسُ يُسَلِّطُونَ الأضواءَ عَلى وَجْهِ الشَّاطِئِ / لِمَنْعِهِ مِن
النَّوْمِ / يَسْرِقُونَ النهرَ مِن أبَوَيْهِ / وَيَضَعُونَهُ في مَلْجأ للأيتامِ
/ انكسرَ المرْمَرُ في وَصَايا الزيتون / وَحْشةُ أجزائي / وتوهُّجُ أشلائي /
يَقْطُرُ الوَطَنُ عَسَلاً لِغَيْرِنا / والأحزانُ تتفجرُ في موانئِ الليلِ /
تَحْمِلُ السُّفُنُ النُّعوشَ الغامضةَ/ والبَحَّارةُ الغَرْقى يَدْفِنُونَ في
عِظامهم مَناديلَ النِّساءِ / ستأتي إلى المِيناءِ امرأةٌ / وتسألُ رَمْلَ
البَحْرِ عَن قَبْرِ زَوْجِها / الموْجُ الأجنبيُّ / وَدِمَاءُ الحيْضِ تَسيلُ على
اللوحاتِ الفنيةِ / في مَتْحَفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ /
حَجَرْتُ عَلى بُكائي / لأُريحَ الأشجارَ
مِن ضَجيجِ الدُّموعِ / فاقْطِفْ بُرتقالَ المذابحِ عَن أغصانِ دَمْعي / أطفالُ الموتِ
يَعيشونَ في أدغالِ رُموشي/ والموتُ يُوَقِّعُ على طَوابعِ البَريدِ النادرةِ /
فلا تُسافِرْ بَيْنَ كُرياتِ دَمي/ إِنَّ عِظَامي أثاثٌ لِبُيوتِ الأراملِ / أنا
جُثةٌ معدنيةٌ تتفجَّرُ في مَداراتِ الياسمين / أبكي في مُسْتَوْدَعاتِ المِيناءِ
وَحيداً/ والقَمَرُ يَرمي عَلى أظافري حُزْنَ العالَمِ/ والهدوءُ الأعرجُ يَحْرُسُ
توابيتَ الغرباء /
عِشْتُ
قَبْلَ الآن / وَمِتُّ قَبْلَ الآن / فَقَدَت الزِّنزانةُ غِشاءَ بَكارتها / لَكني
أُدافعُ عَن شَرَفِ الغبارِ / يَتَوَكَّأُ الضَّبابُ عَلى بُندقيتي / والجِرذانُ
تأكلُ أحذيةَ الكَعْبِ العالي / والأرستقراطياتُ في مَرَاكزِ التَّسوقِ / اختفى
صَهيلُ الفِضَّةِ / فابدأْ مِن حَيْثُ انتهى المطرُ / مُؤتمرٌ صَحَفِيٌّ سَرِيعٌ
يَجْمَعُ القاتلَ والمقتولَ / في صَالةِ البَاليه المفتوحةِ للطاعون /
لَيالي الوَخْزِ / وناقلاتُ النِّفطِ
تَغْرَقُ في مَعِدَةِ العواصفِ / بُقَعُ النِّفطِ على جُلودِ الجواري / وَسَوْفَ
تنكسرُ عُيونُ الجاريةِ أمامَ سَيِّدِها / حِينَ تنكسرُ أجنحةُ الحمَامِ الزَّاجلِ
في مُدُنِ الملاريا / أطفالٌ يَبِيعُونَ أضرحةَ آبائهم على الإشاراتِ الضَّوئيةِ /
والأسرى لم يَأتوا لِيأكلوا الكافيارَ / في الرِّياحِ المسيَّجةِ بالحواجزِ
الأمنيةِ /
أيها الجسدُ المحنَّطُ في ظِلالِ
العَناكِبِ/ أنا أبكي لأنني لم أَجِدْ وَقْتاً للبُكاءِ/ أحزانُ الشَّجرِ محروسةٌ
بالكِلابِ البُوليسيةِ/ وكانَ طُمُوحُ الفَراشةِ أن تَموتَ في لَيْلةٍ مَاطِرَةٍ/
ذَلِكَ الغريبُ هُوَ أنا / كُلما نَظرتُ إلى المِرآةِ رأيتُ وُجوهَ الموتى / وفي
بلادي / كُلما مَاتَ صَنَمٌ وَرِثَهُ صَنَمٌ/ هُناكَ/ وُلِدْتُ طَيْفاً/
وَقُتِلْتُ حُلْماً/ تبني الطيورُ الجارحةُ أعشاشَها في مَناديلِ الأراملِ / كُلما
فَكَّرْتُ في الرُّومانسيةِ / عَرَفْتُ أنَّ مَلَكَ الموْتِ سَيَقْضي عَلَيْها/
الموْتُ حقيقتُنا/ والحبُّ أُكذوبةٌ تَحْتَ شَمْسِ الجثثِ/ طَرَدني الشَّاطئُ
حِينَ تقدَّمْتُ لِخِطْبةِ الرِّمالِ / لأني لا أَمْلِكُ غَيْرَ مِقْصَلَتي /
جِسْمي أكثرُ مِن هَذَيان / وأقلُّ مِن رِعشَةٍ/ فابتعدْ عَن مَداري يا تفاحَ
الإبادةِ لِكَيْلا تَحترقَ / أعيشُ في مَوْتي البطيء نَسْراً / أضاعَ رِيشَهُ في
المجاعاتِ / مَا فائدةُ رِيشِ النَّعَامِ في وِسَادتي / وأنا نائمٌ عَلى فِرَاشِ
الموْتِ ؟/ أحترقُ في أجفانِ غَزالةٍ / عَلى وَشَكِ الوُقوعِ في المِصْيدةِ /
أنسحبُ مِن حَياةِ عَقَاربِ السَّاعةِ / لأنَّ عَقَاربَ الصَّحراءِ لَدَغَتْ أشعةَ
القَمرِ / أنا المهاجِرُ في جَوارحي الجارحةِ/ والمسافِرُ في أعضائي المتحارِبَةِ
/ أَنْزِفُ قَشَّاً لإسطبلاتِ الصُّراخِ / ذَلِكَ المجروحُ هُوَ أنا /
لم أَعْشَقْ بُحَيْرَةَ السُّعالِ / لكني تزوَّجْتُها لِكَيْلا تُصابَ بِصَدْمةٍ
عَصبيةٍ /
أيها القَنَّاصُ الذي يُراقِبُ بَصْمةَ
دُموعي على زُجاجِ المقابِرِ / إِنَّ حِيطانَ بَيْتي مُزَيَّنةٌ بالجرادِ
الوهَّاجِ / وَسَوْفَ تُولَدُ شَمْسٌ مِن الكُوليرا / كُلما مَشَيْتُ في الطريقِ /
رَأيتُ جُثتي على الرصيفِ/ اترُكْني يا أنا/ كَي أَحْرُثَ الأزقةَ بِدَمعاتي/
بَلاطُ الزنازين السِّرِّيُّ / سَأَقْلِبُ الطاولةَ على كُلِّ الفَراشاتِ /
وأَحْرِقُ كُلَّ أوراقِ اللعبِ / انتهت اللعبةُ / وَجَسَدي البَعيدُ طَاوِلةُ
قِمَارٍ لِبَناتِ آوَى / حُكومةُ المذابحِ الإلكترونيةِ / والمدينةُ الضائعةُ /
والحبُّ الضائعُ / أُقاتِلُ كُرياتِ دَمي بِسَيْفِ البُحيرةِ الخشَبِيِّ /
وَصُداعي مُسَدَّسٌ للذبابِ المتمتِّعِ بالحصَانةِ الدُّبْلوماسيةِ / الغُموضُ
المسمومُ يَسيلُ على رُموشِ بِنْتٍ/ سَرَقَها أبوها مِن الكُحْلِ / كَي يَئِدَها
في صَحراءِ الشَّفقِ / يَا وَطَناً مَنثوراً في مِكْياجِ الضَّفادعِ/ وأقنعةِ
السَّناجبِ/ تَمْشي أُنثى الضَّبابِ مَعَ كَلْبِها/ في سَراديبِ كنائسِ القُرونِ
الوُسْطى/ وأنا أمشي مَعَ جُثماني في نَزيفِ التِّلالِ البلوريةِ /
سَوْفَ تنسى الراهباتُ المكانِسَ في
الكنائسِ / عِندما تتزاوجُ الأرصفةُ في المحاكِمِ العَسْكريةِ / ويَحتفلُ الغبارُ
بالغبارِ / الحضارةُ فَأْرَةُ التَّجاربِ / والذِّكرياتُ حَقْلُ ألغامٍ / الشَّجرُ
المختونُ في شِتاءِ الكَسْتناءِ /
والصقيعُ يُطَوِّقُ العرائسَ المجبَرَاتِ على الانتحارِ/ تُزْهِرُ الرِّماحُ
بَيْنَ شُعَيْراتي الدَّمويةِ/ وَعُرُوقي مَفْتوحةٌ لضفادعِ المستنقعاتِ/
خُلْجانُ الإبادةِ / والمجاعاتُ الضَّوْئيةُ
تُقَبِّلُ أعمدةَ الكَهْرباءِ / في مُدُنِ الرُّعْبِ / والأوسمةُ العَسْكريةُ
تتساقطُ على الجِنرالِ أثناءَ الجِمَاعِ / تَدورُ كُؤوسُ الدَّمِ حَوْلَ أشْرعتي /
وَكُلُّ رَغيفٍ أَطْلُبُهُ بِقِطْعَةٍ مِن لَحْمي / أنا اللغزُ/ مَوْتي يَفُكُّ
شِيفرةَ أحزاني/ والأعشابُ حَوْلَ قَبْري سَتَكْشِفُ أسراري / سَتبكي أيها الحطبُ
/ وَلَن تَجِدَ أَحَدَاً يَمْسَحُ دُمُوعَكَ إلا المطرَ / تبكي الحِيطانُ لأنَّ
بُكاءَ النباتاتِ يَخْلَعُ أظافرَ البِئْرِ/ الجسدُ مُتَكَرِّرٌ والمِشْنقةُ
وَاحدةٌ / وإِعداماتُ الترابِ النَّقِيِّ / تُلَمِّعُ مَسَاميرَ نَعْشِ الكُوليرا
/ والهنودُ الْحُمْرُ يُناقِشُونَ حُقوقَ الإنسانِ / تَحْتَ أطيافِ الرَّصاصِ
الحيِّ / والخيولُ تَمشي على الأسلاكِ الشَّائكةِ / على سُورِ المعْتَقَلِ /
وعَرَباتُ السَّبايا تمشي في جَبينِ المطرِ / كُلُّنا نمشي إلى هاويةِ الكَهْرمانِ
ضَاحِكِين / تَدخلُ قُرى الغروبِ إلى عَمُودي الفِقرِيِّ / وتجاعيدُ المذنَّباتِ
مَمْزوجةٌ بالزَّعترِ البَلَديِّ / كُلُّنا نأكلُ لَحْمَ الأنهارِ في بَراري
الذُّعْرِ / مَصابيحي مَمْلكةُ الفَراشاتِ الذبيحةِ / والأمواتُ لم يَجِدُوا
أمواتاً يَعْتنونَ بِقَمْحِ الجِرَاحاتِ /
عِندما كُنَّا صِغاراً / ظَنَنَّا أننا
أصْغَرُ مِن المِقْصلةِ / وَحِينَ قُتِلْنا عَرَفْنا أنَّ المِقْصلةَ أصغرُ مِنَّا
/ أَدْخُلُ إلى السِّجْنِ / فَلا أَجِدُ مَن يَسْتَقْبِلُني / وَأَخْرُجُ مِنهُ
فلا أجدُ مَن يَسْتَقْبِلُني/ يُعانِقُني الشَّارعُ مَخْتوماً
بِالشَّمْعِ الأحمرِ / والذبابُ يَخْرُجُ مِن احتضاري / أَحْفِرُ في غابةِ الجنونِ
أجندةً للكَسْتناءِ / تَحْرُسُني مِن أزيزِ دُموعي / جِلْدي المشقَّقُ يَمتطي
عَرَقَ الهِضابِ / والعصافيرُ تَقودني إلى قَبْرِ أُمِّي / أبني كُوخي في
الصَّليلِ / والرؤوسُ المتطايرةُ أُغنياتٌ لِلْوَحْلِ العاطفيِّ / فلا تَحْقِدْ
على الصَّحراءِ أيها الرَّمْلُ / انْزِع الأغطيةَ البيضاءَ عَن أثاثِ المنفى /
لِتَصيرَ كَفَناً لِلْمَوْجِ / سَيَصْعَدُ الجرادُ مِن انتحاراتي / وهذا دَمِي
أثاثٌ مُسْتَعْمَلٌ / دَخلتُ في نَشْوةِ الرُّعودِ / وَبَعْدَ اغتيالي / ستقرأُ
الشركسياتُ أشعاري في المساءِ البَعيدِ / لَن يُقَدِّمَ البَرْقُ عصا إلكترونيةً
للفَراشةِ العَمياءِ / كَي تَركضَ بَيْنَ أكوامِ الجثثِ / وَلَن تَسْرِقَ الذبابةُ
العَرْجاءُ رِجْلاً صِناعِيَّةً / كَي تَرْقُصَ في حَفلاتِ القَصْرِ /
كَم هِيَ قِصَصُ العِشْقِ المدفونةُ في
المقابر ! / سَتَضْرِبُ الصاعقةُ الأرْزةَ/
وَهِيَ في قِمَّةِ مَجْدِها/ سُنْبلةٌ أضاعتْ خَارطةَ قَبْرِها / والأمواجُ تنهضُ
مِنَ الأحكامِ العُرْفيةِ / سأقولُ للأشجارِ حِكايةً قَبْلَ النَّوْمِ / وإذا
مَرَّتْ ظِلالُ الزَّوْبعةِ عَلى جَسدي / سأبكي مِثْلما يَبْكي خَشَبُ السُّفنِ
الغارقةِ / النُّعاسُ البلاستيكيُّ يَمْشي إلى الصَّنوبرِ / والقواربُ مُحَمَّلةٌ
بالنُّعوشِ وجَدائلِ الغَيْماتِ / أحزانٌ مُهَرَّبةٌ كالتَّبْغِ المهرَّبِ /
وَسَوْفَ تزدادُ شُهْرَةُ الرياحِ بَعْدَ مَقْتَلِها / أنا المقتولُ في حَياةِ
الأعشابِ / التي تَنمو بَيْنَ شراييني / السنابلُ تَصْعَدُ مِن قَبْرِ الحضارةِ /
والزِّئبقُ يَغْسِلُ جَبْهةَ الضبابِ / لم أعتذِرْ للطوفان / ولم يَعُد البابونَجُ
يَذْكُرُ رَاياتِ الغُزاةِ / أنسَى آبارَ الملاريا / كَي أتذكرَ غَيْمةً
أَنْكَرَتْ مَعْرفتي / لم أَبِعْ أحزاني في سُوقِ النِّخاسةِ / لكنَّ دِمَاءَ
العُشْبِ تَسيلُ على الصُّلْبانِ البلاستيكيةِ /
عِندما يُغْرِقُني المساءُ بالمرايا / أخافُ
لأنكِ لَسْتِ مَعي / يُهاجِمُني الليلُ بأحلامِ الطفولة / فأعودُ مُسدَّساً في
عُلْبةِ مِكْياجِكِ / أيها الجسَدُ الأُنثويُّ الموزَّعُ
بَيْنَ الألغامِ ورائحةِ البَصَلِ / ذَاكِرَتي مِن السِّيراميكِ / وأمشي عَلى
بَلاطِ الإبادةِ/ وَلَسْتُ مِن شُعراءِ البَلاطِ /
الرايةُ المكْسُورةُ / وَالعَبيدُ يُردِّدونَ نَشيدَ الحضارةِ / يَزْحَفُ الثلجُ
الدَّمويُّ إلى أعضائي / وَقُبورُ الأطفالِ تتوهجُ في ظِلالِ النَّيازكِ /
أُفَتِّشُ عَن قلبي المكسورِ في حُزْنِ الأرستقراطياتِ / المنثورِ في إِسْطَبْلاتِ
الخيولِ / سَوْفَ تَكْسِرُكَ امرأةٌ في شِتاءِ الهياكلِ العَظْميةِ / فاكْسِرْ
طَيْفَكَ / واصْعَدْ مِن جُثماني طَيْفاً .