وُلد الشاعر السويدي إريك أكسل كارلفلت (
1864_ 1931) في مدينة فولشرنا بوسط السويد. تَمَّ انتخابه عُضوًا في الأكاديمية
السويدية عام 1904. وفي عام 1912 انتُخِبَ أمينًا دائمًا للأكاديمية، وهو المنصب
الذي شغله حتى وفاته . رفض جائزة نوبل للآداب عام 1919 ، ولكنها مُنِحَت له عام
1931 بعد وفاته .
كانت عائلته
تعمل في مجال الزراعة . وقد تورَّط والدُه في فضيحة مالية تشتمل على جرائم
اقتصادية وتَزوير ، فَحُكِمَ عَلَيه بالسجن لمدة طويلة . وهذه القضيةُ الجنائيةُ
لَوَّثتْ سُمعةَ العائلة ، وكانت سببًا في تغيير اسم الشاعر الذي كان عند ولادته
" إريك أكسل أريكسون " .
لقد أرادَ
الابتعاد عن ماضي والده الملوَّث ، والنَّأي بِنَفْسِه عن أعماله الإجرامية ، وغسل
اسمه من الخزي والعار. لقد كان والدُه عُقدةً في حياته الشخصية ، ووَصمة عار في
تاريخه ، فأرادَ أن يُطهِّر حياته الشخصية مِن عُقدة أبيه ، ويَغسل تاريخه من
العار . وكان الحل الأمثل بالنِّسبة إلَيه تغيير اسم عائلته ، وإقامة قطيعة مع
الماضي الملوَّث ، وبَدْء صفحة جديدة .
درس الأدبَ
السويدي واللغات الإسكندنافية والإنجليزية في جامعة أوبسالا ، وهي جامعة سويدية ،
تُعتبَر أقدم جامعة إسكندنافية . وقد تخرَّج منها في عام 1898 . واضْطُرَّ في
أثناء فترة دراسته أن يعمل بالتدريس في عدة مواقع، من أجل تأمين تكاليف دراسته .
وبعد تخرُّجه، حصل على وظيفة في المكتبة الملكية السويدية في ستوكهولم .
يتميَّز شِعْرُه بالأبعاد الرمزية والفضاءاتِ الغنائية . وقد حَوَّلَ
الأغاني الشعبية إلى قصائد رمزية حيَّة عابقة بالتحولاتِ اللغويةِ والطقوسِ
المعرفيةِ والإشاراتِ الغامضةِ .
في عام 1895 نُشِرت مجموعته الشِّعرية الأُولَى" الطبيعة والحب "
لكنها لَم تَجْلِبْ له الشُّهرة كما كان يَأمَل . وفي عام 1898 كَتَبَ مجموعته
الشعرية الثانية " أغاني فريدولين ".
ومن الواضح أنَّ مُستواه الشِّعري أخذَ يَتطوَّر شَيئًا فَشَيئًا . وفي عام 1906
أصدرَ مجموعةً مُتميِّزةً مِنَ القصائد بعنوان " فلورا وبومونا " .
اعتمد
كارلفلت على وصف المشاعر الجيَّاشة ، وتصويرِ الواقعية بأسلوب رمزي مُفعَم
بالأحاسيس والذكريات . ومَعَ هذا ، فلم يَنْجُ مِنَ الانتقادات بسبب غرق قصائده في
الخيالات الرمزية ، وعدم مُبالاتها بالأحداث السياسية والقضايا المصيرية التي
تمسُّ حياةَ الإنسان بشكل مباشر . وقد تأثَّر الشاعرُ بعوالم الزراعة والفلاحين
التي عايشها في طُفولته ، خصوصًا أنه نشأ في عائلة زراعية.وكانت مفرداته ولغته
التصويرية مُسْتَمَدَّةً مِنَ العالَم الافتراضي المسيطِر على ذاكرته.
يُعتبَر
كارلفلت _ بالدرجة الأُولَى _ شاعرًا غنائيًّا ، وقد استلهمَ الملحِّنون العديدَ
من الأغاني الشعبية من قصائده الشِّعرية . وقد تَحَرَّرَ مِن نَبرة الوعظ والإرشاد
التي سَيْطَرَتْ على شِعْره .
حصل على التكريم في حياته وبعد مَوته . ففي عام 1917 مَنحته جامعة أوبسالا الدكتوراة الفخرية . وفي عام 1919 مُنح جائزة نوبل للآداب لاعتباره واحدًا من أكبر شُعراء أوروبا ، لكنه رَفضها لسببٍ أخلاقي يَتعلق بِنَزاهة لجنة التَّحكيم ، إِذ إِنه كان أمين الأكاديمية السويدية (رئيسها ) وهي الجهة التي تَمنح جائزة نوبل للآداب، فَخَشِيَ أن يُقال إِنَّه قَد مَنح الجائزةَ لِنَفْسِه . لذلك رفض استلام الجائزة في حياته لهذا السبب ، فَأُسْنِدَت الجائزة إلَيه بعد وفاته . وهذا دليلٌ واضح على نزاهته، وحِرْصه على سُمعته ومكانةِ الأكاديمية السويدية . فقد رَفض المجدَ الشخصي ، خَوفًا مِنَ اتِّهامه بخداع الرَّأي العام ، واستغلالِ السُّلطةِ والنفوذ .