تشبيه الإيمان بالنور
للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
الإيمانُ هو النور الذي ينقل الفرد من الضياع
إلى الهداية ، ويسطع في طريقه فينير الدروب ، ويجعل من الفرد على بصيرة ، يسير
مفتوح العينين، ويعرف هدفَه بدقة، ويرسم منهجَ حياته بكل استقامة لكي يصل إلى
الفوز الأكبر ( الجنة ) بعد الموت .
قال الله
تعالى : (( اللهُ وَلِي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا
أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
)) [ البقرة : 257] .
إن الله
تعالى هو ولي المؤمنين الذي يتولاهم وينصرهم ، يخرجهم من ظلمات الكفر المانع لرؤية
حقائق الإيمان ، والذي يحجب إبصارَ الآيات الإلهية الساطعة ، إلى نور الإيمان الذي
يفتح القلوب والأعين . أما الكفار فنصراؤهم الأوثان والأنداد المعبودة من دون الله
تعالى يخرجونهم من نور العلم والإيمان إلى ظلمات الجهل والكفر .
والجدير
بالذكر أن لفظة " النور " في القرآن الكريم تجيء بالمفرد دائماً ، فلا
توجد كلمة " الأنوار " لأن الحق واحد لا يتعدد ، أما الظلمات فمتعددة ،
لأن الكفر أجناس ومذاهب شتى . فعلى الفرد أن يلتزم بالصراط المستقيم ، ولا يضيع
وقتَه وجهده في الطرقات الملتوية المتفرعة عن الوهم واتباع الهوى، لأن ذلك يؤدي
إلى التشويش على عقيدة الإنسان، وتشتيتِ جهوده وأهدافه الرامية إلى صناعة الخير في
كل المجالات . كما أن الطرقات الملتوية من شأنها إثارة الشبهات في النفوس ، وهذا
يؤثر سلباً على تركيز المرء ، ويسلبه الطمأنينةَ وحلاوةَ الإيمان . فالشُّبه خطّافة
، والقلوبُ ضعيفة . وهنا تبرز ضرورةُ إبعاد القلب عن أماكن الفتن ، فلا يوجد عاقلٌ
يُعرِّض نفسَه للامتحان ، لأنه قد يَسقط فيه ، ولا يقدر على الوقوف مرةً أخرى .
وعن عبد
الله بن عمرو _ رضي الله عنهما _ قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : (( إن الله _ عز وجل _ خلق
خَلْقَه في ظُلمة ، فألقى عليهم من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه
ضل )) .
[رواه
الترمذي ( 5/ 26 ) برقم ( 2642 ) وحسّنه، وابن حبان في صحيحه ( 14/ 43 ) برقم (
6169 ) . وقال الهيثمي في المجمع ( 7/ 398 ) : ((رواه أحمد بإسنادين والبزار
والطبراني ، ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات )) .].
وهذا يدل
على أن الإيمان لا يُكتسَب بعبقرية الإنسان وقدراته الذاتية ، بل هو فضلٌ رباني محض
يعطيه اللهُ لمن يشاء ويحجبه عمن يشاء . ومع هذا فالإنسان يتحمل مسؤوليةَ اختياره
، لأن الله تعالى لم يجبر المؤمن على الإيمان ، ولم يرغم الكافر على الكفر . فكلٌّ
ميسّر لما خُلِق له . فإن هدى اللهُ العبدَ إلى الإيمان فبفضل الله تعالى وله
المنّة . وإن هداه إلى الكفر فبعَدْله ، ولله على العبد الْحُجة .