تفضيل الإيمان على سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام
للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
http://www.facebook.com/abuawwad1982
للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
قال الله تعالى : ((
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاج وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ
بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِندَ
اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظالِمِينَ )) [ التوبة : 19].
وهذا تقريعٌ وتوبيخ لأولئك المفتخرين بسقاية الحاج وسدانة البيت . فأعلمهم
_ سبحانه وتعالى _ أن الفخر الحقيقي والشرف السامي في الإيمان بالله واليومِ الآخر
والجهاد . وهنا تبرز الأولويات الشرعية التي تُعطي كل قضية مكانتها اللائقة بها .
[وهذه الآية
الشريفة تؤسس لفقه الأولويات ، وترد على مُنكريه بشكل حاسم وقطعي .].
وفي هذه الآية إشارة إلى العقلية البدائية لعرب الجاهلية الذين كانوا
يتفاخرون بأنهم أهل البيت الحرام. وهذا دفعهم إلى التكبر والتطاول على باقي القبائل
، لأن الإنجازات العربية في الجاهلية كان مبعثها الرياء والاستكبار في الأرض بغير
الحق ، وإعلاء راية القبيلة في المحافل العشائرية الأخرى ، فهذا التنافس القَبَلي
كان يسيطر على العقول ، ويدفعها لتحويل كل شيء إلى تفاخر في المجتمع الجاهلي .
وفي صحيح مسلم ( 3/ 1499 ) : عن النعمان بن
بشير _ رضي الله عنه _ قال : كنتُ عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رجلٌ : ما
أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقيَ الحاج . وقال آخر: ما أبالي أن لا
أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر : الجهاد في سبيل الله
أفضل مما قلتم . فزجرهم عمر ، وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ، ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلتُ فاستفتيتُه فيما اختلفتم
فيه . فأنزل الله _ عز وجل _ (( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ
الْحَاج وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظالِمِينَ )) .
فنجد أن التوجيه الإلهي قد رسّخ في النفوس
أن الإيمان بالله واليومِ الآخر والجهاد أعلى من سقاية الحاج وخدمةِ بيت الله
الحرام . وفي الآية توجيهٌ إلى أهمية جعل الأعمال خالصةً لوجه الله تعالى . ولا
يخفى أن القبائل العربية اتخذت من سدانة البيت سُلّماً لتحقيق مصالحها الشخصية ،
وبسطِ نفوذها بين قبائل العرب ، والتطاولِ على الناس بالباطل ، وفق عقلية العصبية
القبلية والتفاخر الجاهلي بالحسب والنسب . فجاءُ القرآن ليجعل من النوايا خالصةً
لوجه الله تعالى عن طريق تجذير الإيمان الصافي في النفوس ، والذي لا تشوبه شائبة
شِرك أكبر أو أصغر ( الرياء ) . http://www.facebook.com/abuawwad1982