التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى
للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
للمفكر/ إبراهيم أبو عواد .
_
التوراة :
إن الكتب
السماوية لا تناقض بينها مطْلقاً ، لأن مصدرها واحدٌ ، وهي وحي الله تعالى لأنبياء
مخصوصين . وكلها تُصدِّق بعضها بعضاً . فإسقاطُ كتاب سماوي هو إسقاط وتكذيب لكل
الكتب وطعن في الوحي، وتكذيب لله تعالى . فلا معنى لإيمان العبد بدون الإيمان
بالكتب السماوية التي هي المنهاجُ السماوي لصلاح الإنسان والأرض .
وفي ذات
الوقت فإننا نجد أن التوراة والإنجيل قد طرأ عليهما التحريف والتبديل والتلاعب
البشري بنصوصهما، مما أحدث فيهما التناقض والتضارب واختلاط الكلام الإلهي بالكلام
البشري ضمن فوضى عارمة . أما القرآنُ الكريم فقد حفظه اللهُ تعالى من التلاعب.
فالقرآنُ الذي بين أيدينا الآن هو ذاته الذي أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
دون زيادة أو نقصان . والقرآنُ هو الْحَكَم ، فما وافقه فهو حق ، وما خالفه فهو باطل
.
قال الله
تعالى : (( إنا أَنزَلْنا التوْراةَ
فيها هُدىً ونور )) [ المائدة : 44] .
لقد أنزل
اللهُ التوراةَ على موسى صلى الله عليه وسلم . والتوراةُ كتابٌ سماوي عظيم فيه حُكْم
الهدى، والبشرى بقدوم النبي الخاتَم محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتضمن توجيهات
إلهية كلها نور تدعو إلى الإيمان بالله وحده . ولكن طرأ عليها التحريف والتبديل ،
فحُذِف منها ، وزِيد فيها .
_ الإنجيل :
قال الله تعالى : (( وآتيناه الإنجيلَ فيه هُدىً ونور )) [ المائدة : 46] .
والإنجيلُ
هو الكتاب السماوي العظيم الذي أنزله اللهُ تعالى على عيسى صلى الله عليه وسلم ،
ويتضمن توجيهاً ربانياً يدعو إلى الهدى . ويشتمل على نورِ الهداية ، وتنظيمِ
العلاقة بين الفرد وخالقه .
_ الزبور :
قال الله تعالى : (( وآتَيْنا داودَ زَبوراً )) [ النساء : 163] .
والزبور هو اسم الكتاب السماوي الذي أنزله
اللهُ تعالى على داود صلى الله عليه وسلم .
وقال الحافظ
في الفتح ( 6/ 454 ) : (( الزبر الكُتُب . وأَحدها زَبُور ... وقال الكسائي : زبور
بمعنى مزبور ، تقول : زبرتُه فهو مَزْبور ، مثل كتبتُه فهو مكتوب )) اهـ .
وفي صحيح
البخاري ( 3/ 1256 ) : عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : (( خُففَ على داود _ عليه السلام _ القرآنُ ، فكان يأمر بدوابه فتُسرَج ، فيقرأ
القرآنَ قبل أن تُسرَج دوابه )).
و(( الزبور مائة
وخمسون سورة ، كلها مواعظ وثناء ، ليس فيه حلال ولا حرام ، ولا فرائض ولا حدود )).
[ذكره
الحافظ في الفتح ( 6/ 455 ) وقال : أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عن قتادة . وانظر أيضاً تفسير القرطبي ( 10/ 242 ) ، وتفسير
الثعالبي ( 2/ 346 ) ، والإتقان للسيوطي ( 1/ 180 ) .].
_ صُحف إبراهيم وموسى :
قال الله
تعالى : (( صُحُفِ إبراهيمَ ومُوسى
)) [
الأعلى : 19] .
وهذه الصّحف
القديمة المنْزَلة على إبراهيم وموسى _ عليهما الصلاة والسلام _ . كانت هدىً
ونوراً تهدي الخلق إلى خالقهم .
وعن ابن عباس
_ رضي الله عنهما _ قال : لما نزلت [ سَبح اسْمَ ربكَ الأعلى] [ الأعلى : 1] . قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : (( كُلها في صحف إبراهيم وموسى
)).
[رواه
الحاكم في المستدرك ( 2/ 258 ) برقم ( 2930 ) وصحّحه ، ووافقه الذهبي .].
وكل الكتب
السماوية جاءت من عند الله تعالى الْمُنَزّه عن التناقض . وقد تشرّف الأنبياء _ عليهم السلام _ بحمل الكلام الإلهي،
وإيصاله_ دون زيادة أو نقصان _ إلى الناس. لكن البعض أبى إلا أن يقوم بفعل التحريف
في كلام الله تعالى لتحقيق مصالح ذاتية خاضعة للأهواء الشخصية .
وقد حفظ
اللهُ تعالى كتابَه الخاتَم ( القرآن الكريم ) من التحريف رغم كل المحاولات المسعورة
للتلاعب به ، ليظل دستوراً كاملاً معصوماً إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها .