وُلد الكاتب الروسي
أنطون تشيخوف ( 1860_ 1904) في تاغانروغ ، وهو ميناء على بحر آزوف جنوب روسيا .
كان والده ابن أحد العبيد السابقين ، ويُدير بقَّالة . وكان يعتنق الأرثوذكسية
الشرقية ، ويُوصَف بأنه كان أبًا تعسفيًّا . بَل نظر إليه بعض المؤرِّخين على أنه
نموذج في النفاق في التعامل مَعَ ابنه . أمَّا والدته فكانت راوية ممتازة في
حكايتها الترفيهية للأطفال عن رحلاتها مع والدها تاجر القُماش في جميع أنحاء روسيا.
ويقول تشيخوف : (( حصلنا على مواهبنا مِن آبائنا ، أمَّا الروح فأخذناها مِن
أُمَّهاتنا )) .
كان تشيخوف عاشقًا للمسرح وللأدب مُنذ صِغَره
، وحضر أول عرض مسرحي في حياته عندما كان في الثالثة عشرة مِن عُمره . ومنذ تلك
اللحظة أضحى عاشقًا للمسرح، وكان يُنفق كل مُدَّخراته لحضور المسرحيات .
في عام 1876، أعلن والد تشيخوف إفلاسه بعد
إفراطه في الحصول على التمويل كي يبنيَ منزلاً جديدًا. وغادرَ إلى موسكو كي يتجنب
السجن بسبب دُيونه غَير المدفوعة
. وعانت عائلته من الفقر في موسكو ، وكانت والدته مُدمَّرة عاطفيًّا وجسديًّا .
ولَم يبقَ أمامه إلا بيع ممتلكات الأسرة وإنهاء تعليمه . كان تشيخوف مُجْبَرًا على
دفع تكاليف التعليم الخاصة به ، حيث نجح في وظائف كَمُعلِّم خُصوصيٍّ ، وفي اصطياد
وبيع طُيور الحسون ، والرسومات التخطيطية للجرائد. وفي عام 1879، أتَمَّ تشيخوف
تعليمه ، وقُبِل في كلية الطب في جامعة موسكو .
في عام 1884، تخرَّجَ كطبيب . وقد اعتبرَ
الطب مهنته الرئيسية ووظيفته الأساسية . وأحرزَ القليل مِن المال مِن هذه الوظيفة
، وكان يُعالج الفقراء مَجَّانًا . ورغم تمسُّكه بمهنة الطب ، إلا أنه لَم يترك
الكتابة ، وكان يقول : (( إن الطب هو زَوجتي ، والأدب عشيقتي )) .
وفي عام 1887، فازت مجموعة تشيخوف القصصية
" في الشفق " بجائزة بوشكين لأفضل إنتاج أدبي مُتميِّز بقيمة فنية عالية
. وفي هذه السنة ، أُصيب تشيخوف بالإرهاق واعتلال الصحة .
وفي عام 1897، تعرَّضَ تشيخوف لِنَزيف كبير
في الرئتين بينما كان في
زيارة لموسكو . وأُقنِع
بصعوبة لكي يذهب إلى العيادة، حيث قام الأطباء بتشخيص حالته، وتَبَيَّن لهم أنه مُصاب
بمرض السُّل في الجزء العلوي مِن رئتيه ، وأدَّى هذا المرض إلى تغيُّر نمط حياته .
وبعد وفاة والده في عام 1898، اشترى تشيخوف قطعة أرض في ضواحي مدينة يالطا ، وبنى
فيها فيلا . وانتقلَ إليها مع والدته وشقيقته . وقام بزراعة الأشجار والزهور في
يالطا ، وحافظَ على الكلاب ، واستقبل الضُّيوف مثل ليو
تولستوي ومكسيم غوركي.
وكان يشعر دائمًا بارتياح عند تركه لسيبيريا الساخنة ، مِن
أجل السفر إلى موسكو أو إلى الخارج
. وفي عام 1901 ، تَزَوَّج تشيخوف مِن أولغا كنيبر .
بحلول مايو 1904، كان تشيخوف مُصَابًا بمرض
السُّل ، وأشارَ شقيقه إلى أن " جميع مَن رَأوْهُ شعروا بداخلهم أن نهايته
ليست ببعيدة " .
تعلَّمَ الكثيرُ مِن كُتَّاب المسرحيات المعاصرين مِن تشيخوف كيفية استخدام
المزاج العام للقصة والتفاصيل الدقيقة الظاهرة ، وتجمُّد الأحداث الخارجية في
القصة ، لإبراز النفسية الداخلية للشخصيات . وقد تُرجمت أعمال تشيخوف إلى لغات
عديدة .
يُعتبَر تشيخوف أعظم كُتَّاب القصص القصيرة
على مدى التاريخ ، ومِن كبار الأدباء الروس . كتبَ المئات مِن القصص القصيرة التي
اعْتُبِر الكثير منها إبداعات فنية كلاسيكية ، كما أن مسرحياته كان لها تأثير
عظيم على دراما القرن
العشرين .
كان تشيخوف يكتب في
البداية لتحقيق مكاسب مادية فقط، ولكن سُرعان ما نمت طموحاته الفنية، وقام
بابتكارات رسمية أثَّرت بدورها على تطوير القصة القصيرة الحديثة ، وتتمثل أصالتها
بالاستخدام المبتكَر لتقنية تيار الشُّعور الإنساني الداخلي ، اعتمدها فيما بعد
جيمس جويس ، والكُتَّاب الْمُحْدَثُون .
مِن أبرز مسرحياته : أغنية البجعة ( 1887) .
غابة الشيطان ( 1889) . الأخوات الثلاث (
1901) . بستان الكرز ( 1904) .
مِن أبرز قصصه : وفاة موظف ( 1883) . الحرباء ( 1884) . الصَّيادون ( 1885) . الراهب الأسود ( 1894) . سيدة مع الكلب ( 1899) . الكهنة ( 1902) .