وُلد الأديب الآيسلندي
هالدور لاكسنِس ( 1902_ 1998) في العاصمة ريكيافيك . انتقلَ مع والديه إلى مزرعة في بلدة لاكسنِس القريبة ،
ومنها أخذ كُنيته .
تخرَّج في المدرسة اللاتينية الآيسلندية ،
وبعدها زار أرجاء أوروبا لدراسة الديانة المسيحية واللغات الأجنبية . وفي النهاية
، رَفض دخول سِلْك الرَّهبنة .
جالَ كثيرًا في أوروبا ، وأقام في الولايات
المتحدة خلال الفترة ( 1927 _ 1929 ) ، وعايشَ أزمة الركود الاقتصادي ، وحاولَ أن
يجد لنفْسه عملاً في هوليوود ككاتب سيناريو .
حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1955 ،
وأيضًا حصل على جائزة الاتحاد السوفييتي للسلام في الأعمال الأدبية عام 1953 .
والجديرُ بالذِّكر أن جميع أعماله تتمحور حول بلده آيسلندا . نشر أول رواية له في
سن السابعة عشرة من عُمره ، تناول فيها مرحلة طفولته ، وكانت بعنوان " طفل
الطبيعة " . أمَّا الرواية التي جلبت لها الشهرة ، ولفتت الأنظار إِلَيه
فكانت " النَّساج العظيم من كشمير " ( 1927) . وتُعتبَر أول رواية مهمة
للكاتب ، وقد كتبها على شكل سيرة ذاتية مُبطَّنة حول نشأته وشبابه ، مُبتعدًا فيها
عن الأسلوب السردي الآيسلندي التقليدي ، ومُعتمدًا أسلوبَه الخاص بمفارقاته الحادة
. ثُمَّ كَتب رواية "سالكا
فالكا" ( 1931 _ 1932) في جُزأين . ومحورها بنت الصياد الصبية سالكا فالكا ،
وتدور أحداثها في مجتمع بدائي يعيش على الصيد ، ويرى التطور القادم مع الصيادين
والعمال والتجار .
وعَرَضَ في رواية " أناس أحرار "
( 1934_ 1935 ) في جُزأين كفاحَ فلاح في وجه الاستغلال من أجل حياة كريمة . أمَّا
ثلاثية " نور العالَم " ( 1937_ 1940) ، فتحكي قصة شاعر يُحاول جاهدًا
إثبات ذاته، والتمسك بحريته ضمن ظروف قاهرة . وتُعتبَر من أعمق المؤلفات التي تبحث في شروط الإبداع في
الأدب الإسكندنافي ، وأكثرها أصالةً . وفي روايته " ناقوس آيسلندا " (
1943_ 1946) ، يعتمد لاكسنِس على التراث المحلي الغني ، ويُقدِّم لوحةً فنية عن
تقاليد آيسلندا ، ونفسية شعبها ، وكفاحه من أجل الاستقلال، الذي فَرَّطَ فيه
سياسيو بلاده ، حين مَنحوا الولايات المتحدة حق إقامة قواعد عسكرية على أرض
جزيرتهم ، وهو أمرٌ انتشر في كل أنحاء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.وكان هذا
موضوع روايته " المحطة الذَّرية " ( 1948).
تقوم أفكار لاكسنِس على الاشتراكية والوَعْي
القَومي ، بعد أن ابتعد عن الأفكار الدينية . وغالبًا ، ما تُوصف رواياته بأنها
روايات اجتماعية ممزوجة بالأفكار الاشتراكية ، معَ تحليل عميق للنفس البشرية ،
وحركة الشخصيات في إطار الواقع . ويُعتبَر تجديد فن السرد في آيسلندا من أهم
إنجازاته الأدبية .
كان لاكسنِس في رواياته يرسم المشهد بكل
تفاصيله ، ويُصوِّر المشاعر الإنسانية في أقصى تجلياتها وتحوُّلاتها . كما سيطرت
العاطفة الاجتماعية على تفاصيل كتاباته ، وعالجَ كثيرًا من القضايا الاجتماعية
والسياسية المعاصرة ، وتعاطفَ مع الفقراء والمهمَّشين والمظلومين في المجتمع ،
الذين هُم ضحايا النظام الطبقي الجائر . وشدَّد على ضرورة التعامل معهم باحترام
وتقدير .
عانى في نهاية حياته ، حيث أُصيب بمرض الزهايمر ، وانتقلَ في نهاية المطاف إلى دار لرعاية المسنِّين ، حيث تُوُفِّيَ عن عُمر يُناهز السادسة والتسعين .