وُلد الأديب الألماني
هاينريش بول( 1917_ 1985) في مدينة كولونيا . كان أبوه نَجَّارًا ، وأُمُّه هي
الزوجة الثانية لأبيه . كان هاينريش الابن السادس لأبيه ، ونشأ وسط عائلة
كاثوليكية .
التحق بول
في الفترة ( 1924_ 1928) بالمدرسة الشعبية الكاثوليكية ، ثم التحق بمدرسة القيصر
فِلهِلم الثانوية الحكومية . وبعد أن حصل على الشهادة الثانوية في عام 1937، بدأ
بدراسة علم المكتبات في بون ، إلا أنه تركها بعد أحد عشر شهرًا ، وبدأ في كتابة
محاولات أدبية في تلك الفترة. وفي عام 1938، عمل لمدة عام في وظيفة حكومية . ثُمَّ
بدأ في عام 1939 في دراسة علوم اللغة الألمانية في جامعة كولونيا . وكتب في تلك
الفترة روايته الأولى " على حدود الكنيسة " . واسْتُدْعِيَ في نهاية
صَيف 1939لأداء الخدمة العسكرية في الجيش الألماني ، وكانت الحرب قد بَدأت . فظلَّ
في الحرب حتى أبريل 1945، حيث وَقع في أَسْر القوات الأمريكية ، وأُطْلِق سراحه في
سبتمبر. وفي عام 1946، ظهرت الرواية الأولى لبول بعد الحرب، وهي" صليب بلا
حُب " . وكان قد كتبها ليشترك بها في مسابقة أدبية . ثم بدأ في عام 1947في
نشر قصصه القصيرة في المجلات، والتي يمكن إدراجها ضمن " أدب ما بعد الحرب
" ، و" أدب الأنقاض " . مَثَّلث تجارب الحرب والحياة الاجتماعية
المضطربة بعد الحرب الموضوعات الأساسية في أعماله. وجُمِعَت هذه القصص ونُشِرَت في
مجموعة قصصية بعنوان " أيها الجوال ، هل تأتي إلى إسبـ ...". والتي
أسَّست لشهرة بول ككاتب قصصي . وكلمة " إسبـ ... " اختصار لكلمة إسبرطة
. وهذا العنوان مقتبس من قصيدة مشهورة للشاعر الإغريقي سيمونيدس في القرن السادس
قبل الميلاد . وتُسجِّل هذه القصيدة معركة " مضيق الجبل " التي قادها
الملك ليونيداس ضد الفُرْس مع 300 من جنود الإغريق ، سقطوا جميعًا في هذه الحرب .
وكلمات القصيدة تقول: " أيها العابر / إن جِئتَ يَوْمًا إلى إسبرطة / فَقُل
لأهلنا هُناك / إنَّنا نَرقُد هُنا وفاءً لعهدنا " .
كان بول ذا
نزعة سياسية يسارية، إلا أنَّه لَم ينضم إلى حِزب مُعيَّن. وقد تَرَأس في عام 1970
نادي القلم الألماني الأدبي حتى عام 1972، وترأس في نفس الفترة في عام 1971نادي
القلم الدولي حتى عام 1974.وفي عام 1972، حصل على جائزة نوبل للآداب. وتُعَدُّ
روايته" شرف كاترينا بلوم الضائع " أشهر رواياته على الإطلاق ،
وتُرْجِمَت إلى ثلاثين لغة ، وحُوِّلت إلى فيلم سينمائي ، وبِيع مِنها في ألمانيا
وَحْدَها حوالي ستة ملايين نسخة .
وفي السنوات
التالية، بدأ اهتمامه يزداد بالمشكلات السياسية في ألمانيا، وبعض البلدان الأخرى
مِثل بولندا والاتحاد السوفييتي ، والذي كان بول يعارض وينقد سياساته . واهتمَّ
كذلك ببعض الصراعات في أمريكا الجنوبية ، وكان يلتقي أحيانًا مع بعض السياسيين
هناك .
أُصِيبَ بول
بمرض تَصَلُّب الشرايين في ساقه اليسرى ، حين كان في زيارة إلى الإكوادور ، واقتضى
الأمر أن يخضع هناك لعملية جراحية . وعند عَودته إلى ألمانيا احتاج إلى عمليات
جراحية للعلاج .
كان بول
ينتقد الكنيسة الكاثوليكية وأساليبها وهيكلها ، حتى إِنه أعلن خروجه منها عام
1976، دُون أن يعني ذلك خروجه من " الإيمان المسيحي " . وكان أيضًا
يَدعم " حركة السلام " وهي مجموعة من الناشطين ومُحِبِّي السلام ،
تُعارِض تَوَجُّهَ التسلح الذي اتَّبعه حِلف الناتو. وشاركَ في عام1982في مظاهرة
قام فيها المتظاهرون بالاعتصام أمام قاعدة إطلاق الصواريخ في موتلانجن.
كان آخر
أعماله الأدبية رواية " نساء أمام منطقة النهر " ، التي كتبها في بون ،
وصدرت في عام 1985، والتي تُعتبَر تمجيدًا لتاريخ بون العاصمة الاتحادية لألمانيا
الغربية في الفترة ( 1949_ 1989) .
في بداية
شهر يوليو 1985، نُقل بول إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية أخرى في ساقه . وبعد
هذه العملية ، عاد إلى لانجنبرويش ، ولَفظ أنفاسَه الأخيرة في صباح السادس عشر من
يوليو.
أُجريت
مراسم جنازته ودفنه بعد ثلاثة أيام في ميرتن القريبة من كولونيا ، وذلك تَبَعًا
للمراسم الكاثوليكية . وحضر جنازته الآلاف من الألمان، من الأدباء والسياسيين
وغَيرهم من عامَّة الشعب. كما حضر الحفلَ التأبيني رتشارد فون فايتسكر الرئيس
الاتحادي لألمانيا الغربية .
مِن أبرز أعماله الأدبية : وصل القطار في موعده ( 1949) . الخراف السَّوداء ( 1951) . ذكريات مَلِك شاب ( 1953). تأملات مُهرِّج ( 1963). صورة جماعية مع السَّيدة ( 1971).