طَيْفُ الغريباتِ
يَفْتَرِسُ أشلائي التي تُزَيِّنُ حُفَرَ المَجَاري / وَطُيُورُ المَطَرِ شَبِعَتْ
مِن جِيَفِ الجنودِ القَتلى / وَالمَوْجُ يَكْتُبُ وَصِيَّةَ البَحْرِ عَلى جُثَثِ
الغَرْقَى / وَالزَّوَابعُ تَنْحِتُ في عِظَامِ الضَّحايا أرقامَ الزَّنازين /
وَفِئْرَانُ الكَهْرَمَانِ تأكلُ خُدودَ الجَوَاري في أرشيفِ الحُبِّ الأوَّلِ /
والشَّاحناتُ العَسكريةُ مُحَمَّلَةٌ بِتَوابيتِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ /
وَرُفَاتُ الجنودِ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / والصَّدَأُ لَمْ يُفَرِّقْ
بَيْنَ الأوسمةِ العَسكريةِ وَبَوَّابةِ المقبرةِ / إنَّ مِشْنَقتي مُعَدَّلَةٌ
وِرَاثِيًّا/ وأنا الغريبُ في دِمائي/ الهاربُ مِن أشلائي/ سَأهْرُبُ مِن حَجْمِ
مِشْنَقتي / عِندَما تَهْرُبُ المَرْأةُ مِن حَجْمِ ثَدْيَيْهَا /
الجِرْذَانُ
الفُسْفُورِيَّةُ تَرْكُضُ في أمعاءِ النِّساءِ المصلوباتِ عَلى أعمدةِ
الكَهْرباءِ في مُدُنِ الطاعونِ/ رَمَيْتُ أحلامَ طُفولتي الضَّائعةِ في أرشيفِ
القَرَابين / وَتَحَرَّرْتُ مِن ضَوْءِ القَمَرِ في أُمْسِيَّاتِ الخريفِ /
لَكِنَّ الطحالبَ تُلَوِّنُ حِيطانَ زِنزانتي الانفراديةِ / والبَقَّ يَلْتَهِمُ خَشَبَ
البَرَاوِيزِ التي تَحْضُنُ صُوَرَ عَائِلَتي/ عَلِّمِيني السُّقُوطَ في قَلْبِكِ
لأصِيرَ طَيْفًا للنَّيَازِكِ/ تَحَطَّمَتْ أُنوثةُ النَّيازكِ بَيْنَ مَلاقِطِ
الحواجِبِ وَمَلاقِطِ الغسيلِ / وَنَسِيَت الفَتَيَاتُ مَلاقِطَ الغسيلِ عَلى
سُورِ المقبرةِ / وَذَهَبْنَ إلى فِرَاشِ المَوْتِ أوْ فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ /
وَنَسِيَ الغُرَبَاءُ رَائحةَ المَطَرِ في الزَّنازينِ الانفرادِيَّةِ /
يَرْعَى
المَسَاءُ قَطِيعًا مِنَ العَناكبِ الذهبيةِ في أجفانِ الأراملِ المَنْسِيَّاتِ /
وَتَحَلَّلَت الجُثَثُ المَنْسِيَّةُ تَحْتَ الأنقاضِ / والتَّوابيتُ مَصْفُوفةٌ
عَلى رَصيفِ المِيناءِ كَصَناديقِ المَشْرُوبَاتِ الغَازِيَّةِ / وَيَنْهَمِرُ
صَدَأُ مَساميرِ نَعْشِي في كُحْلِ الصَّبايا الصَّاعداتِ إلى خَشَبَةِ الإعدامِ/
ولا تَزَالُ رَائحةُ الجُثَثِ المُتَفَحِّمَةِ في ثُقُوبِ جِلْدِي / وأنا
البَحَّارُ التَّائِهُ بَيْنَ حُطَامِ قَلْبي وَحُطَامِ سَفِينتي /
انكَسَرَ
جَيْشُ كُرَيَاتِ دَمِي في مَعركةِ السَّرابِ/كَمَا انكَسَرَتْ قِطَعُ
الشُّوكولاتةِ في يَوْمٍ مُشْمِسٍ مُنَاسِبٍ لِحَفَلاتِ الإعدامِ / أعيشُ بَيْنَ
ذُكُورةِ حَبْلِ المِشْنَقةِ وَأُنوثةِ السَّنابلِ/ أنا جُثَّةٌ ضَوْئِيَّةٌ /
لأنَّني دَفَنْتُ رُوحِي بَيْنَ أرواحِ الشَّركسياتِ/ وَبِعْتُ عِظَامِي على
إشاراتِ المُرُورِ لأشتريَ رَصاصةَ الرَّحمةِ/
خَبَّأتُ
كُرَيَاتِ دَمِي في شَرايينِ الشَّركسياتِ/ لكنَّ نَعْشِي يَسْبَحُ في مَدَارِ
الذِّكرياتِ المُتَوَحِّشَةِ/ وَمِلْحَ دُمُوعي لَمْ يَتَحَرَّرْ مِن كُحْلِ
الشَّركسياتِ / الذي يُضِيءُ غَاباتِ المَنْفَى أمامَ طُيورِ البَحْرِ /