جَسَدي هُوَ
السَّرَابُ الوَهَّاجُ / وَدَمْعِي في ليالي الخريفِ هُوَ الرَّمْلُ / وأنا
الغريبُ يا غَريبة / نَبْحَثُ عَن قَطَرَاتِ المَطَرِ التي تَنْحِتُ اسْمَيْنَا
عَلى شَاهِدِ القَبْرِ الزُّجَاجِيِّ / والأيتامُ يَهْدِمُونَ القُصورَ الرَّمليةَ
قَبْلَ أن يَهْدِمَهَا المَوْجُ النُّحَاسِيُّ / أرى في احتضارِ البُحَيْرَاتِ
شَبَابي / أرى في انتحارِ الأنهارِ طُفُولتي / مَاتَ الأيتامُ في طُرُقِاتِ
الكُوليرا جُوعًا/ وَجَدُوا الأغاني الوَطنيةَ/ لَكِنَّهم لَمْ يَجِدُوا الخُبْزَ/
وَسَوْفَ نَشتري الأزهارَ الصِّناعيةَ كَي نَضَعَهَا عَلى قُبُورِهِم
المُزَخْرَفَةِ /
نَسِيَت
الأُمَّهَاتُ جُثَثَ أبنائِهِنَّ في ثَلاجةِ المَطْبَخِ/ وَضَفَائِرُهُنَّ
تَتَكَسَّرُ بَيْنَ السَّائِلِ المَنَوِيِّ وسَائِلِ الجَلْيِ/ وَتَلْمَعُ أظافرُ
الفَتَيَاتِ في أزِقَّةِ الجِرذان/ وأشلاءُ الضَّحايا عَلى أزرارِ قُمصانِ
النَّوْمِ / وَالحُزْنُ مُزِيلُ عَرَقٍ للإمَاءِ قَبْلَ اغتصابِهِنَّ في
مُعَسْكَرَاتِ الاعْتِقَالِ / والعناكبُ تَسْبَحُ في أوعيتي الدَّمويةِ/ والجرادُ
يَأكُلُ أغشيةَ البَكَارَةِ للأميراتِ بَعْدَ الانقلابِ العَسكريِّ / وَنَسِيَت الرَّاهباتُ
حُبُوبَ مَنْعَ الحَمْلِ عَلى مَقَاعِدِ الكَنيسةِ / وَرَحَلَت اليَتِيمَاتُ مِن
فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ إلى فِرَاشِ المَوْتِ /
سَوْفَ
تُصْبِحُ الحَضَارةُ رُومَانسِيَّةً / عِندَما يَبْصُقُ المُخْبِرُونَ عَلى
نُهُودِ النِّسَاءِ المُمْتَلِئَةِ بِدُسْتورِ الوَحْدَةِ الوَطنيةِ / وَتَسْبَحُ
ضَفَادِعُ المُسْتَنْقَعَاتِ في لُعَابِ القَتْلَى / يا أيَّتُها الحَضَارةُ
الضَّائعةُ بَيْنَ بُكَاءِ الأطفالِ وَبُكَاءِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ / أيْنَ
خَارطةُ المَقابرِ الجَمَاعِيَّةِ ؟ / أيْنَ بُوصَلَةُ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ؟/
سِكَّةُ حَدِيدٍ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ يَا مَدِينَةَ الحُزْنِ للقِطَارَاتِ
المُحَمَّلَةِ بِجَثَامِينِ الجُنودِ القَتْلَى / وَلُحُومُ البَنَاتِ مُزَيَّنَةٌ
بالطحالبِ في أعراسِ الدَّمِ / خُذْنا إلى هَزيمةٍ جَديدةٍ في حُرُوبِكَ
القَبَلِيَّةِ يا فَخَامَةَ المُهَرِّجِ / إنَّ أعلامَ القَبائلِ المُنَكَّسَةَ
تَنْهَمِرُ في آبارِ النِّفْطِ مِثْلَ كُحْلِ العَوَانِسِ / يا أيُّها السَّرابُ
الجالسُ على عَرْشِ الأنقاضِ / ما فائدةُ الحضارةِ إذا كانَ العَبيدُ يَبْحَثُونَ
عن رَغيفِ الخُبْزِ في مُدُنِ الهزيمةِ ؟/ ما فائدةُ التاريخِ إذا كانت الجواري
يَبْحَثْنَ عَن أغشيةِ البَكَارَةِ في مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ؟/أُوصِيكَ يا
نَهْرَ الحُطَامِ أن تَجْلِسَ مَكَاني بَعْدَ اغتيالي / رَائحةُ الكَرَزِ في
عِظَامِ العُشَّاقِ / الذينَ يَتَشَمَّسُونَ تَحْتَ أشجارِ المقابرِ في صَبَاحِ
الانقلابِ العَسكريِّ /