بَعْدَ الشَّركسيات /
قَلبي مَات / بَعْدَ الشَّركسيات / كُلُّ شَيْءٍ مَات / بَعْدَ الشَّركسيات/
انتَحَرَت الذِّكريات/ بَعْدَ الشَّركسيات / انكَسَرَت الحِكَايَات /
أشِعَّةُ
القَمَرِ تَتساقطُ عَلى خُدودِ الشَّركسياتِ في غَاباتِ الرَّعْدِ/ كَمَا
تَتساقطُ أشِعَّةُ الشَّمْسِ عَلى رُخَامِ الأضرحةِ في مَقَابِرِ الصَّهيلِ / أنا
جُثةٌ هَامِدَةٌ تنتظرُ رَصاصةَ الرَّحمةِ / لَكِنَّ ضَوْءَ القَمَرِ لَمْ
يَرْحَمْني في لَيالي الشِّتاءِ / مُتُّ في وَمِيضِ البَرْقِ / وانبَعَثْتُ في
قُلوبِ الشَّركسياتِ في غَاباتِ الشَّفَقِ / بَيْنَ صَوْتِ المَطَرِ وَصَوْتِ
الرَّعْدِ /
رُعْيَانُ
الغَنَمِ يُوَزِّعُونَ الجَوائزَ الأدبيةَ عَلى الشُّعَرَاءِ المُرْتَزِقَةِ /
والبَدْوُ الرُّحَّلُ يُوَزِّعُونَ الأوسمةَ العَسكريةَ عَلى الجنودِ المهزومين /
وَصَفَّارَاتُ الإنذارِ مَكْسُورةٌ في وَطَنِ التَّوابيتِ المُزَخْرَفَةِ /
وَعَصِيرُ البُرتقالِ مَحْفُوظٌ في ثَلاجةِ الجُثَثِ/ وَنَسِيَ البَحْرُ أن
يَدْفِنَ أُمَّهُ في القُصُورِ الرَّمليةِ / وَالمَوْجُ يَقُولُ كَلِمَتَهُ
الأخيرةَ / وَيَكْتُبُ وَصِيَّتَهُ عَلى عِظَامِ الغَرْقَى في أناشيدِ الإعصارِ /
الذي يُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحمةِ عَلى الذِّكرياتِ التي لا تَرْحَمُ / وأشلاءُ
الضَّحايا تُزَيِّنُ حِيطانَ المَتاحفِ في مُدُنِ الخَوْفِ /
وَمِيضُ
البَرْقِ يَغْسِلُ دُموعَ الشَّركسياتِ مِن المِلْحِ / وَالمَوْجُ يُحَنِّطُ
الذِّكرياتِ في أسَاوِرِ الشَّركسياتِ/ وَضَوْءُ القَمَرِ يَسْرِقُ حَنجرتي في
الليلِ الرَّهيبِ / بَيْنَ صَوْتِ الرَّصَاصِ وَصَوْتِ المَطَرِ/
صَلَبْتُ
الصَّليبَ على الصَّليبِ / أخشابُ الصُّلْبَانِ كأخشابِ النُّعوشِ / كَسَرْتُ
الصُّلبانَ كَمَسَامِيرِ النُّعوشِ / حَطَّمْتُ مَزهرياتِ غُرفةِ الاعترافِ/
وأرَحْتُ الرَّاهباتِ مِن صَهيلِ الذِّكرياتِ / لكنَّ الرَّاهباتِ يَغرَقْنَ في
دَمِ العَوَاصِفِ / حَوَّلْتُ أبراجَ الكنائسِ إلى أبراجٍ للحَمَامِ / وأجنحةُ
الذُّبابِ تَلْتَصِقُ عَلى زُجاجِ الكنائسِ المُلَوَّنِ في السَّحَرِ /
والزَّوَابعُ تَتَعَلَّمُ رُومانسيةَ حَفَّارِ القُبورِ الذي يَستريحُ تَحْتَ
أشجارِ المقبرةِ الكريستاليةِ / كَمَا يَستريحُ الجُنديُّ الهاربُ مِنَ المَعركةِ
عَلى صَدْرِ أرْمَلَتِهِ / إنَّ استراحةَ حَفَّارِ القُبورِ هِيَ استراحةُ
المُحَارِبِ/وَالمَوْتُ لَن يُفَرِّقَ بَيْنَ الفَأسِ والمُسَدَّسِ/