أُمَّةٌ بَدَوِيَّةٌ
بَاعَتْ شَرَفَهَا / وَبَحَثَتْ عَن شَرَفِهَا بَيْنَ أفْخَاذِ النِّسَاءِ /
النَّشِيدُ الوَطَنِيُّ في الدَّوْلَةِ المُنْقَرِضَةِ يَصْطَادُ أثداءَ
النِّسَاءِ / وَيُعَلِّقُهَا عَلى أعمدةِ الكَهْرَبَاءِ مِثْلَ رَايَاتِ
القَبَائِلِ / وَرَائحةُ المَطَرِ تُنَظِّفُ مَساميرَ تابوتي مِنَ
الصَّدَأ/واللاجئاتُ يَنْشُرْنَ قُمصانَ النَّوْمِ عَلى سُورِ مَقْبرتي/وَخُدُودُ
النِّسَاءِ كَالغِرْبَالِ مِن أثَرِ الرَّصاصِ / والفِئرانُ الأُرْجُوَانِيَّةُ
تأكلُ جَدائلَ النِّساءِ في الهديلِ المَعْدِنِيِّ / وَطُيُورُ البَحْرِ تَكْسِرُ
عِظَامَ الأمواتِ في القُصورِ الرَّمليةِ / التي يَهْدِمُهَا المَوْجُ الأخضرُ في
المساءِ الأزرقِ /
المَدَافِعُ
عَلى تِلالِ الوَدَاعِ / والقَنَّاصَةُ في أبراجِ الحَمَامِ / وَجُثماني مَنثورٌ
كَشَظايا المرايا في أزِقَّةِ الجِرذان/ والجُثَثُ مَتروكةٌ للقِطَطِ والكِلابِ في
طُرُقَاتِ القُمامةِ / والجنودُ المهزومونَ يَبْحَثُونَ عَن الأوسمةِ العَسكريةِ
بَيْنَ الأنقاضِ / والعصافيرُ تُلْقِي أشلائي في آبارِ الرَّحيلِ /
يَرْكُضُ
الجَرَادُ في حَناجرِ النِّسَاءِ المُغتَصَبَاتِ / والجنودُ الذينَ هَرَبُوا مِنَ
المعركةِ / نَسُوا طُبُولَ الحربِ في مَسْرَحِ العَرائسِ/ والبَاعَةُ
المُتَجَوِّلُونَ يَبِيعُونَ رُفَاتَ الأراملِ في طُرُقَاتِ الثَّلْجِ
المَنْسِيَّةِ / يا أيَّتُهَا الضَّحِيَّةُ التي تَمْدَحُ جَلَّادَهَا / لَن
تَجِدِي ضَوْءَ القَمَرِ في المُسْتَنْقَعَاتِ الفُسْفُورِيَّةِ /
في الليلِ
الطويلِ / يَأكُلُ الحُزْنُ قَلْبي نَسْرًا نَسْرًا / أَتَوَهَّجُ في احتضاراتي /
وَأُضِيءُ انتحاراتي أمامَ طُيُورِ البَحْرِ / كَي تَعْرِفَ طَرِيقَهَا إلى
أكْفَانِ البَحَّارَةِ القَدِيمَةِ / والبَحْرُ يُشَرِّحُ جُثةَ الرِّياحِ بَيْنَ
أوراقِ الخريفِ وَرِمَالِ الشُّطآنِ /
الجُثمانُ
الغامضُ المُسَجَّى عَلى عَرَبَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ/تَجُرُّهَا الكِلابُ البُوليسيةُ
في شَوَارِعَ بِلا أسماء/ تِلْكَ المدينةُ التي تَحْمِلُ شَوَارِعُهَا أرقامَ
القَتْلَى / مَاتت الأسماءُ / ولا تاريخَ للأنقاضِ سِوَى الأرقامِ/ والزَّوابعُ
تُعَبِّئُ الجُثَثَ وَالخُضَارَ في الأكياسِ البلاستيكيةِ /
نَسِيَت
الأراملُ مَلاقِطَ الحَوَاجِبِ عَلى سُورِ المقبرةِ/قَبْلَ ذَهَابِهِنَّ إلى
شَوَاهِدِ القُبُورِ المُزَخْرَفَةِ/يا قَاتِلَتِي في الليلةِ الخريفيةِ الغامضةِ
/ لَقَدْ سَقَطَت الدُّوَلُ كَقِطَعِ الشُّوكولاتةِ في يَوْمٍ مُشْمِسٍ مُنَاسِبٍ
للرَّحَلاتِ المَدْرَسِيَّةِ وَحَفَلاتِ المَشَانِقِ / وَصَارَتْ قَصِيدتي هِيَ
دَوْلَتي / لَقَدْ رَحَلَت الفَرَاشَةُ التي أَحْبَبْتُهَا / وَغَطَّتْ نَعْشِي
بأجْنِحَتِهَا المُضِيئةِ / وَصَارَتْ أبجديةُ النَّخيلِ هِيَ زَوْجَتي وعَشِيقتي
/