الحُزْنُ في عُيُونِ
الشَّركسياتِ البَرِيئَةِ / وَرَائِحَةُ المَطَرِ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ /
كِلاهُمَا يَأكُلُ قلبي وَرْدَةً وَرْدَةً/ طَيْفُ الشَّركسياتِ عَلى زُجَاجِ
القِطَارَاتِ/لَكِنَّ الصَّقِيعَ في مَحطةِ القِطَاراتِ يَأكُلُ لَحْمِي/
وَيَشْرَبُ ذِكْرَياتي / افْرَحِي يَا أُمِّي/ يَنْتَظِرُني مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ
بَيْنَ عِظَامِ الأمْوَاتِ المَنْسِيَّةِ في المَدَافِنِ اللازَوَرْدِيَّةِ /
وَحْدَهُ ضَوْءُ القَمَرِ هُوَ الشَّاهِدُ عَلى دُمُوعِ الشَّركسياتِ في لَيالي
الخريفِ القِرْمِزِيَّةِ /
بَعْدَ
اختفاءِ وُجُوهِ الشَّركسياتِ في الشَّفَقِ البَعِيدِ/صِرْتُ أخافُ مِن
نَفْسِي/أخافُ مِنَ الناسِ/ أخافُ مِنَ المَرَايا / أخافُ مِنَ الذِّكرياتِ /
صِرْتُ فَأرًا مَنبوذًا يَهْرُبُ مِن أنيابِ الماضي / أنا الشَّاةُ الجَرْبَاءُ
التي تَهْرُبُ مِنَ الذَّبْحِ في مُدُنِ الطاعونِ / عِشْنَا في مَملكةِ السَّرابِ
كَي نَحْفَظَ أرقامَ الضَّحَايا / وَلَمْ يُعَلِّمُوني في مَدْرَسَةِ القَرَابينِ
الفَرْقَ بَيْنَ المَسْرَحِ وَالمَسْلَخِ /
في ليالي
الخَرِيفِ المُقْمِرَةِ يَتَوَهَّجُ الكُحْلُ في عُيونِ الشَّركسياتِ / في ليالي
الشِّتاءِ الحزينةِ تَلْمَعُ الفِضَّةُ في خُدُودِ الشَّركسياتِ / وأنا الرَّاحِلُ
مِن دِمَائي الكِلْسِيَّةِ / وأنا الرَّحيلُ مِن غَاباتِ القُوقازِ إلى أشِعَّةِ
القَمَرِ / والصَّدَأُ يَكتبُ الأغاني الوَطنيةَ بَيْنَ مَساميرِ النُّعوشِ
وَبَوَّابَاتِ المقابرِ /
طَيْفُ
الشَّركسياتِ يُحَاصِرُنِي في شِتَاءِ الدُّموعِ / كَمَا يُحَاصِرُ شَجَرُ
المقابرِ أضرحةَ الغُرَبَاءِ في الغُروبِ / وأوراقُ الخريفِ تتساقطُ عَلى جَدَائلِ
الشَّركسياتِ / وَتَرْحَلُ طُيُورُ البَحْرِ إلى الأضرحةِ القِرْمِزِيَّةِ/ كَمَا
تَرْحُلُ وُجُوهُ الشَّركسياتِ إلى الشَّفَقِ الأُرْجُوَانِيِّ / ضَاعَ الوَطَنُ
في الأغاني الوَطنيةِ / لَكِنَّ قَلْبَ الشَّركسيةِ الغامضةِ هُوَ وَطَنِي
وَمَنْفَايَ/ وأنا الغريبُ المَنْسِيُّ بَيْنَ مَقاعدِ مَحطةِ القِطَارَاتِ
وَصَقِيعِ الذِّكرياتِ / وَعِظَامُ الضَّحايا تُزَيِّنُ جُدرانَ غُرفتي كالأوسمةِ
العَسكريةِ الصَّدِئَةِ /