قَلبي مَات /
دَفَنْتُهُ في قُلوبِ الشَّركسياتِ / وَعِشْتُ مَوْتي في مَحطةِ القِطَاراتِ
بَيْنَ الصَّقيعِ الأُرْجُوَانِيِّ وَشَوَاهِدِ القُبُورِ المُزَخْرَفَةِ /
والرِّيحُ كَتَبَت اسْمِي عَلى نَصْلِ مِقْصَلتي / والمساءُ وَضَعَ قِنَاعِ
البَحْرِ بَيْنَ رَسَائِلِ الجنودِ القَتلى / التي تَحْتَرِقُ في مَوْقَدَةِ
الشِّتاءِ البَعِيدِ /
أيَّتُهَا
الظَّبْيَةُ التي تُحَطِّمُ ظِلالي وَتَغْتَالُني في لَيالي الخريفِ بِلا رَحمةٍ /
أطْلِقِي عَلى صَهِيلِ ذِكْرَياتي رَصَاصَةَ الرَّحمةِ / وَخُذِي حَبْلَ مِشْنَقتي
تَذكَارًا للحُبِّ الضَّائِعِ / وَحَرِّرِيني مِن مَناديلِ الوَداعِ عَلى رَصيفِ
المِيناءِ/ إنَّ رُمُوشَكِ تَسْحَبُ جُثماني مِن قَاعِ المُسْتَنْقَعِ/ وَلَيْسَ
في جُثماني سِوَى طَيْفِكِ أيَّتُهَا الغريبةُ /
أيَّتُها
البُحَيْرَةُ في المساءِ الزَّهْرِيِّ / اترُكِيني كَي أسألَ الليلَ الطويلَ عَن
ضَفائرِ أُمِّي / وأسألَ عِظَامي في المَتَاحِفِ المُغلَقَةِ بالشَّمْعِ الأحمرِ /
كَيْفَ أتَحَرَّرُ مِن رَائحةِ المَطَرِ في خُدُودِ الشَّركسياتِ ؟ / أنا
الصَّحراءُ / بَحَثْتُ عَن السَّرَابِ كَي أقْتُلَهُ / لَكِنِّي عَرَفْتُ أنَّني
أنا السَّرَاب / فَكَيْفَ أقْتُلُ نَفْسِي بِنَفْسِي ؟/ أنا المنبوذُ في الأغاني
الوَطَنِيَّةِ/ رَمَيْنَا رُفَاتَ الجنودِ في آبارِ الوَدَاعِ/ أنا التَّائِهُ
بَيْنَ رَايَاتِ القَبَائِلِ / رَمَيْنَا أكفانَ النِّساءِ في آبارِ البِترولِ /
سَأخْتَبِئُ في جَدَائِلِ أُمِّي / إذا اغْتَالَنِي كُحْلُ الشَّركسياتِ في
المساءِ الخريفيِّ الجارِحِ/ لَمْ نَسْتَفِدْ مِنَ الحضارةِ إلا التَّطْهِيرَ
العِرْقِيَّ/ وَلَمْ نَسْتَفِد مِن الأغاني الوَطَنِيَّةِ إلا ضَيَاعَ الوَطَنِ /
فيا سَجَّاني الرُّومَانسِيَّ / لا تَكْسِرْ نافذةَ زِنزانتي التي تُطِلُّ عَلى
البَحْرِ الأخيرِ / سَتَخِيطُ الأراملُ أكفانَ النَّوَارِسِ كَمَا تَخِيطُ أشجارُ
المقابرِ أعلامَ الدُّوَيْلاتِ البَدَوِيَّةِ اللقيطةِ / وكُلُّ الأعلامِ
مُنَكَّسَةٌ /