سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

30‏/08‏/2010

أشباح الميناء المهجور/ الفصل السادس والعشرون

أشباح الميناء المهجور
( رواية / الفصل السادس والعشرون )
المؤلف : إبراهيم أبو عواد
دار اليازوري ، عَمان 2009م .
كان القس يعقد في مكتبة الكنيسة مؤتمراً صحفياً وإلى جانبه الراهبة تيريز. كل وسائل الإعلام المحلية التي جمعها وزيرُ السياحة خصيصاً لهذا الحدث كانت متواجدة رغماً عنها ، فهي لا تملك رفض أوامر وزير مدعوم من الحاكم مباشرة . وكان الهدف نقل هذا الخبر لكل العالَم ، لكي يبدأ تدفق وسائل الإعلام العالمية إلى هذه البقعة التي بدورها سوف تسحب كل السياح إلى هذه البقعة. أما الراهباتُ فجلسن في المقاعد الأمامية وهنَّ عالمات بموضوع الرؤية ، فقد قامت تيريز بإخبارهن . والبعض صدَّق ذلك ، والبعض الآخر لم يُصَدِّقه ، إلا أن الجميع استسلم للأمر الواقع ، ولم يرد أن يثير هذه المسألة . أما راحيل فقد ظلَّت في الدَّير لوحدها وهي لا تعرف ماذا يحصل في العالَم الخارجي . وقد حاولت جودي أن تأخذها إلى المؤتمر الصحفي إلا أن تيريز قالت بصوت عالٍ مجلجِل مزَّق أُذُنَ راحيل : _ اتركي عمياءَ النَّحس هذه في الدَّير ، فنحن غير ذاهبات إلى عُرْس . إنه مكان سيضم أناساً مهمين ، ولا تنقصنا غبيات نأخذهن معنا لكي يُشَوِّهْنَ المكانَ ، ويجلبن لنا الفضائح ... لا مكان للخادمات مع عِلْية القوم . حاولت جودي تهدئة راحيل والتخفيف عنها ، واعتذرت لها نيابةً عن تيريز . ولم تُرِدْ جودي في تلك اللحظة أن تدخل في مشادة كلامية مع تيريز ، فهي مقتنعة أن هذا الدَّير لا تنقصه مشاكل . وصار الدَّير فارغاً إلا من شبح راحيل . ذلك الشبح المنعكس على الحيطان الواقفة على أصابع ملح دمعها كأعواد المشانق المتطورة. كان تبكي ولا تبكي، فهي صورة خيالات تخرج من الحيطان المتراصة بلا تاريخ سوى التاريخ الذي تصنعه النوارس القتيلة . وبالقدر الذي كان الدَّير هادئاً كان المؤتمر الصحفي صاخباً . كانت التمثيلية منسوجة بإحكام بالغ ، فقد قام القس والراهبة تيريز بتجميع أطراف القصة الخرافية فيما بينهما قبل مدة . وحينما جاء المؤتمر تناوب الاثنان على صياغتها لفظياً لتبدوَ القضية صادقة لا يعتريها لبس . ولأنهما كانا يتحدثان بجدية ومنطق وهدوء صدَّقت الأمرَ الراهباتُ اللواتي كن واقعات في الشك والحيرة . فالأسلوب الذي انتهجاه كان موغلاً في الاتزان وتسلسل الأفكار والأحداث بدون تناقض . وتناقلت وسائل الإعلام الخبر ، فصارت في البلاد حركة واسعة جداً من ردود الأفعال ، وصار هذا الحدث الشغل الشاغل للدولة كاملةً بكل أطيافها ، فصارت الرحلات المدرسية تتوجه إلى تلك البقعة ، والناس يذهبون ليشاهدوا هذا المكان ويكتشفوا أسرارَه بعد أن كان في طوايا النسيان والإقصاء . وقادت وسائل الإعلام الحكومية حملة واسعة جداً بعدة لغات لإيصال هذا الحدث غير العادي إلى الخارج . وطبعت الحكومة كُتَيِّباتٍ سياحية تتضمن ذكر هذا المكان وصوراً عنه بالعربية والإنجليزية والفرنسية ، ووضعت إعلاناتٍ في القنوات التلفزيونية الأمريكية والأوروبية حول هذا المكان غير العادي . وقامت وسائل الإعلام المحلية والخارجية باستضافة القس والراهبة تيريز للحديث في تفاصيل هذا الموضوع . وبدأت الوفود السياحية تنهمر على هذا المكان الذي كان منبوذاً . وبين عشية وضحاها صار العالم الغربي كله يحج إلى هذا المكان ، بعد أن صدرت تصريحات من كرادلة وقساوسة عالميين بضرورة الذهاب إلى ذلك المكان ، فهم يرونه آية بارزة تدل على اقتراب عودة المسيح . لقد كان حدثاً عنيفاً جداً غطى على كل الدولة . فالدولة نسيت كل شيء إلا هذا المكان . وصار السياح يلتقطون الصور التذكارية في ذلك المكان مع القس والراهبات . كانت الأمور أشبه بحفلة لمطرب عالمي مشهور يحضرها عدد لا يُحصَى من المهووسين به . وأقامت الحكومةُ مرافق عامة في تلك البقعة ، إذ إنها شيَّدت بركةَ ماء سَمَّتْها " نبع التطهير المقدَّس" مع أنه ليس نبعاً، إلا أنها قالت إنه نبع مُبارَك من أجل تطهير الذنوب والحصول على الغفران . وفرضت الحكومةُ رسومَ دخول باهظة للغاية تصل إلى خمسين دولاراً للشخص الواحد في تلك البقعة التي صارت حديث العالَم كله . وبعد مدة زار القسُّ وزيرَ السياحة في مكتبه بعد أن أخذ موعداً مسبقاً . فقد كان القس متضايقاً جداً برغم نجاح خطته أكثر مما توقَّع ، فهو لم يكسب مادياً من هذه العملية كما خطَّط لها ، فالأموال كلها تذهب إلى الحكومة ، ولم ير شيئاً منها . جلس القس على الكرسي بعد أن دعاه الوزيرُ للجلوس. وقد بلع ريقه كدلالة على ارتباكه وتحجر الكلام في حلقه . لاحظ الوزيرُ ارتباكَ القس ، فقال محاولاً فتح الموضوع : _ ماذا هناك يا حضرة القس ؟ . _ بصراحة يا سَيِّدي الوزير ، لم أحصل على أي مبلغ نظير خطتي التي حوَّلت ذلك المكان من مقبرة خالية إلى مزرعة دولارات لم أر منها شيئاً . ابتسم الوزير ، وقال بهدوء كأنه يغرس أشجار الكلام على إسفلت العاصفة التي ستأتي : _ بصراحة يا حضرة القس ، لقد خرج الموضوع من يدي ، فالحكومة سيطرت على كل شيء . وأنا مثلك لم أستفد مادياً من هذا الموضوع. فهذه الحكومة لا يمكن لأحد أن يسرقها لأنها السارق الأكبر في هذا البلد بعد الحاكم . وللأسف فكلنا يعرف هذا الموضوع ، ولا أحد يريد أن يتحدث . وأرجو أن لا يخرج هذا الكلام إلى خارج هذا المكتب فتطير رقابنا مجاناً . وتابع يقول : _ وعلى أية حال أنا مستعد أن أُعْطِيَكَ مبلغاً بسيطاً من أموالي الشخصية كمكافأة على جهودك . _ شكراً جزيلاً يا سَيِّدي الوزير ، فلا داعي أن تُتعِب نفسك ، فقد كان عليَّ أن أعرف أن اللص المبتدئ لا يمكن أن يخدع لصوصاً محترفين .