وُلد الكاتب الفرنسي
فرانسوا رابليه ( 1494 _ 1553 ) في شينونيه ، وتُوُفِّيَ في باريس . كانت عائلته
غنية . التحقَ بسلك الرهبان الفرنسيسكان في عام 1520 . وحصل على إجازة في الطب عام
1530 من جامعة مونبلييه . ومارسَ الطب ، وقام بتدريسه خلال الفترة ( 1532 _ 1546 )
. قام رابليه في عام 1532 بنشر كتابه
" بانتا غرويل " . وهو استمرار لعمل شعبي شهير، صدر دون اسم مُؤلِّف تحت
عنوان " قصة العملاق غارغانتوا " . وبينما حافظ رابليه على الإيقاع
الشعبي للعمل، فقد أضاف الكثير من المواد التي تعكس مستوى فكريًّا رفيعًا، وأظهر مواهب
فَذَّة، باعتباره كاتبًا ساخرًا ومؤلفًا . وقد أدانت السوربون _ وهي الكلية
اللاهوتية بجامعة باريس
_ كتاب " بانتا غرويل " بتهمة البذاءة .
وفي عام1534، قام رابليه بنشر " غارغانتوا"،
أي صياغته الخاصة للأحداث التي سبقت " بانتا غرويل ". وقد أدانت السوربون
كذلك هذا الكتاب ، الذي يظهر فيه الراهب الأب جان المولع بالإزعاج . وفي عام 1546، أصدرَ رابليه الكتاب
الثالث الذي أدانته السوربون لِمَا احتواه من هرطقة.ونشر الكتاب الرابع في جُزأين
( 1548و1552). وربما
كان رابليه قد ألَّف أجزاء من الكتاب الخامس ، وقد ظهر هذا العمل بعد وفاته .
في عام 1532 ، نشر رابليه كتاب " رسائل
ماناردي الطبية " ، الذي ضَمَّ خبرته وتجاربه المكتسبة في الطب والحياة ، ثم
نشر " وصية كرسبيدوس " ، وهي وصية قيل إنها مُزوَّرة ببراعة ، وهي تحمل
إعجاب رابليه بالعصور القديمة وميراث الإمبراطورية الرومانية .
ابتكر رابليه بإبداعه اللغوي العديد من
الكلمات، ظَل بعضها في صُلب اللغة
الفرنسية . وبسبب
حيويته وتفاؤله وأسلوب سَرْده البهيج ، وقدرته على الاستغراق في المرح والأفكار،
صار من أعظم الكُتَّاب الفرنسيين، وأقربهم إلى القلوب .
جمع رابليه بين ممارسة الطب ودراساته
الأدبية ، ثم عمل مساعد تحرير لأحد الطَّبَّاعين ، ونشر عِدَّة نصوص يونانية ،
وترجم حِكَم أبقراط إلى اللاتينية. ثُمَّ توجَّه إلى تيار الدراسات الإنسانية الذي
كان يومها في عنفوان تدفقه في ليون .
في عام 1549 ، حصل رابليه على وظيفة قِسِّيس
لأبرشية مودون الواقعة إلى الجنوب الغربي من العاصمة. ويبدو أنه وكَّل إلى أتباعه
أداء واجبات وظيفته الدينية واكتفى بالانتفاع بإيرادها.
لقد اعتزَّت فرنسا برابليه أشد الاعتزاز .
وحين تصلَّبت عادات المجتمع الفرنسي في القرن السابع عشر ، وطغت الأشكال
الكلاسيكية، فقد رابليه بعض مكانته في ذاكرة الأُمَّة .
وحين تغيَّرت اللغة الفرنسية استعصى فهم
رابليه على القُرَّاء الفرنسيين في القرن التاسع عشر، ولعله اليوم أكثر شعبية في
البلاد الناطقة بالإنجليزية منه في فرنسا .
يُعتبَر رابليه أحد أعظم الكُتَّاب على
مستوى العالم،وكذلك أحد مُؤسِّسي أسلوب الكتابة الأوروبي الحديث.
تُوُفِّيَ رابليه في باريس . ويقال إنه كتب وصيته قبل موته، وجاء فيها: (( أنا
لا أملك شيئًا، عليَّ قَدْر كبير من الديون ، والباقي أُعطيه للفقراء )) .
لقد كُرِّمَ رابليه أعظم تكريم . وسُمِّيت
باسمه جامعة في مدينة تور في فرنسا . وسُمِّيَ كُوَيكب ( 5666 رابليه ) باسمه تكريمًا له .
والجديرُ بالذِّكر أن الروائي الفرنسي
لوكليزيو ، عندما فاز بجائزة نوبل للآداب عام 2008 ، قال : (( إن فرانسوا رابليه
هو أعظم كاتب للغة الفرنسية على الإطلاق )) .