وُلِد الشاعر الإيطالي
فرانشيسكو بتراركا أو
بترارك ( 1304_ 1374 ) في أريتسو . قضى طفولته في أماكن متعددة بسبب نَفْي والده .
درس في كاربينترا بتوجيه الأديب دابراتو ، وهو صديق والده .
درس بتراركا في كلية الحقوق في بولونيا ،
لكنه قطع دراسته بعد وفاة والده عام 1326 ، وترك الكلية نهائيًّا ، وقرَّر أن
يُكرِّس نَفْسَه لدراسة الكلاسيكيات التي كان دائم الشغف بها .
ولكي يُكرِّس وقته كاملاً لهذه الدراسة ،
كان يجب عليه أن يجد مصدرًا للدَّخل يسمح له بالحصول على مكسب مربح ، فانضمَّ عام
1330 إلى رئيس أساقفة كنيسة لومبيز ، وقد سمح انضمامه ووجوده بين الشخصيات ذات
القوة والتأثير في البلاد الرومانية بالحصول على الثقة التي كان مُحتاجًا إليها
ليبدأ دراسته.وأيضًا، سمح له بتوسيع معرفته الثقافية والسياسية الأوروبية .
وعلى الرغم مِن مكانة بتراركا الاجتماعية
وشأنه الديني ، إلا أنه كان له أطفال مِن نساء غير معروفات . وهذه نقطة سوداء في
تاريخه الشخصي ، وجلبت له الكثير من النقد .
أقام بتراركا ( 1350_ 1351) بشكل دائم في
بادوفا . وقد عكف على إنجاز مشروعاته الأدبية ، مِثل " رسائل حميمية "،
والأعمال الروحية التي بدأ بتراركا في كتابتها قبل عام 1348 .
مِن أبرز أعماله : " أفريقيا " .
تَمَّ تأليفها في الفترة ( 1339_ 1342 ) ، ثم بعد ذلك تَمَّ تعديلها وتنقيحها . إن
" أفريقيا " قصيدة ملحمية تتناول الحرب البونيقية الثانية ، التي قادها
سكيبيو الأفريقي بوجه خاص . لَم يكتمل هذا العمل . حيث إنه يتكون من تسعة كتب .
وكان من المفترَض أنه كان سيتكوَّن من اثني عشر كتابًا وَفْقًا لنموذج الإنياذة
لفرجيل .
وَمِن أبرز كُتبه " مشاهير الرجال
"، حيث يتكون من ست وثلاثين سيرة ذاتية لمشاهير الرجال مكتوبة في نثر لاتيني
، وتَمَّ تحرير هذا العمل انطلاقًا من عام 1338 . وتَمَّ إهداء هذا العمل إلى
فرانشيسكو الأول سَيِّد بادوفا في عام 1358 . وكان القصد الأولي للكاتب أن يتناول
العمل حياة شخصيات روما التاريخية ، بَدْءًا من رومولوس وصولاً إلى تيتوس ، لكنه توقف عند
نيرون . ثُمَّ أضاف بتراركا بعد ذلك شخصيات مِن كل العصور ، بَدْءًا مِن آدم _
عليه الصلاة والسلام_ إلى هِرَقْل . لَم يكتمل العمل ، وواصله صديق وتلميذ بتراركا
مِن بادوفا، لومباردو ديلا سيتا ، ووصل إلى حياة تراجان
.
ومِن كُتبه المهمة " أشياء لا تُنسَى
" . يحتوي هذا الكتاب على مجموعة من الأمثلة التاريخية والقصصية النثرية
المكتوبة باللاتينية بقصد التربية الأخلاقية . بدأ في كتابة هذه الأمثلة تقريبًا
في عام 1343 في بروفنس.
يُعتبَر"سِرِّي الخاص"واحدًا من
أشهر أعمال بتراركا،وتَمَّ تأليفه في الفترة ( 1347_ 1353). ورغم ذلك ، أُعِيد فيه
النظر فيما بعد . نُظِّمَ الكتاب في ثلاثة كتب ، في صورة حوار خيالي بين الكاتب
نفسه و ( سانت أوغسطين ) ، وذلك
في حضور سيدة صامتة ، والتي تُمثِّل الحقيقة .
يُعَدُّ هذا العمل شكلاً من أشكال الفحص
للضمير البشري ، الذي تتواجه فيه موضوعات الشاعر الحميمية. وطوال الأحداث لا يَبدو
أن بتراركا نادم على خطاياه . وفي نهاية الفحص لَم يتحسَّن ولَم يشعر بالذنب ،
وبالتالي ظهر شكل أرق الرُّوح الذي كان يُميِّز حياة بتراركا .
أمَّا عمله " حياة الوَحدة "، فهو
عمل ذو طابع ديني وأخلاقي ، تَمَّت صياغته في عام 1346. مَجَّدَ الكاتبُ الوَحدة
في هذا العمل . وكانت الوحدة هي إحدى الموضوعات المحبَّبة في العُصور الوُسطى ،
لكن التأمل لَم يكن مِن وجهة نظر دينية صارمة ، لأن صرامة الحياة الرهبانية تتعارض
مع عُزلة المفكر الدؤوب الذي يُكرِّس نفسه للقراءة والكتابة في أماكن منعزلة
وهادئة . وَتُعَدُّ عزلة الباحث في إطار الطبيعة التي تُعزِّز تركيزه،هي الشكل
الوحيد للوَحدة التي نجح بتراركا في تحقيقها.
ومِن أعماله " سَكِينة رجال الدين
" . كُتِب العمل في الفترة ( 1347_ 1356) . ويُعَدُّ العمل تمجيدًا للحياة
الرهبانية، وَتَمَّ إهداؤه إلى الأخ جيرارد . ويُمجِّد هذا العمل أيضًا الوَحدةَ ،
خاصةً المقرونة بقواعد الرَّهبنة ، والتي تَمَّ وصفها بأنها أفضل حالة في الحياة
على الإطلاق .