سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

29‏/06‏/2011

عصفورة تبكي اسمها الأرض ( 4 _ 9 )

عصفورة تبكي اسمها الأرض ( 4 _ 9 )
للكاتب/ إبراهيم أبو عواد .

صُعِقْتُ حين استلمتُ رسالةَ غرامٍ من بغلةٍ متعثرةٍ في طريق بنكرياسي . وحزنتُ حين أرسلَ إليَّ الزلزالُ قصيدةَ رثاءٍ لسيارةِ جارتي . فيا صَدِيقي المطر ، لا تقتحمْ حياةَ امرأةٍ مُتزوِّجةٍ ، لأنَّ طيفَها انتحارُكَ قُرب عبثية أخشاب المذبح . ابْتَكَرْنا خريطةً للفرحِ المسلوبِ . نَحَتْنا من الأعشابِ شاهدَ قبرٍ لزوبعةٍ . مَرَضِي مَهْرُ السنابلِ في المناطقِ المهمَلة . إنَّ الغربَ صرصارٌ على سُرَّةِ راقصةٍ . وفي مُسدَّسي غزالةٌ تغتسلُ بعد الولادةِ . غدا لهيبُ الرعشةِ النهائيةِ حبةَ فلافل في وجبةِ دماء . هل بقي شيءٌ من الحب العُذْرِيِّ في ممالك العاهرات المحترِفات ؟ . والتَّبغُ المهرَّبُ أدمنَ ألواني الزيتيةَ لعلها تنقذه من أزمته المالية .

كالمجاعاتِ الرومانسيةِ ، كالعاشقين الفاشلين نرجع أنا وأنت يا حُزني . دولةً للريح مَرَّت خلفَ أسوارنا. للأمسِ وجهٌ أو وجهُ الموتى المنثور في وجهي . للذاكرةِ ذاكرةٌ مُخترَقةٌ بالوجوه . مررتُ كيسَ طحينٍ على أَسْرِ صاحبِ المخبز . أيها الصِّحابُ الحزانى ، مَن أنتم ؟! . هل التقيتُم بِذَبْحي قبل هذا الليلِ ؟ . لكنَّنا رَسَّامو جدارياتٍ تُؤْلمنا لأننا اسْتَمْتَعْنا بآلامِ اليختِ الياقوتيِّ . لنا الألم خجولاً مكشوفاً في مذاقِ الظهيرةِ .

وَضَّحَت فطيرةُ القتلِ برنامجاً لزيارةِ انتكاساتي . في العصفِ مَالَت ترانيمُ غَنَّيْتُها للقادمين من تأبينِ الغزلان متأخرين عن ميعاد جنازتي ، وغَنَّاها الصُّداعُ النِّصْفِيُّ بَلَداً يَطْعنُ بناتِهِ ثم يُغطيهنَّ بدروعِ الفرسانِ نادماً . صليبيةٌ تستحمُّ في بحيرةِ طبريا لكنَّ لحمَها تابوتُ صَقْرٍ أعمى . نَعْشي ما هو بميِّت ، وإنما مُغمىً عليه . أَصدمُ نَفْسي بكهرباء الكلامِ كي أستيقظَ . شمسٌ واحدةٌ تُنَقِّينا . قوسُ قزحَ على جريدة . اخترق أضرحتَنا وطنٌ يستلمُ ضريبةَ النارِ من الهواءِ . أَيُّ دروبٍ في شُعيرات أَنْفي سوف تَضْحكُ عَلَيْنا ؟ .

اعْتَرِفْ ، لستُ حزيناً بما فيه الكفاية لكي أفرحَ ! . وحينما بكيتُ على الضفة الجنوبيةِ لقلبي ، لمسَ دَمْعي كوكباً ساقطاً في حُضْن الموج . لا أصابعَ لي لتَحْضُنني . في رئتي أزمةٌ سياسيةٌ بسبب تغيير السُّلطانةِ لنوعِ نبيذها دون إذن السلطان المشغول بتلميع أوسمته .

لماذا يكرهني دمي ؟! . ماذا فعلتُ له ؟ . نافذتي التي على القمم المتساقطة في سُباتي هي ملكةُ جَمال السلاحف. ومِقصلتي ملكةُ جمالِ المقاصل . والقبائلُ المتحارِبةُ اتَّفقتْ على اقتسامي لأن هذا الألم له صوتُ الفجر . وتتكلمُ الأميراتُ مرتدياتٍ ثيابَ الرقصِ . إن بنتاً تقود سيارتها إلى قبرها في الصنوبر .

الرَّجفةُ الفوضويةُ تأكل اسْمَها الوحشي. تُرى هل سيقتلني نزيفُ الوديان الموحلة أم الأغنية الحجرية ؟. منديلٌ قذرٌ تضعه أنثى الزَّبد على شفتيها لمسح أحمر الشِّفاهِ . تواريخُ التحرش الجنسي في الكاتدرائيات . أشكرك أيها الوطنُ لأنك صَلَبْتَني ، وأشكر روادَ الملاهي الليلية لأنهم أَسَّسوا في توابيت إخوتي أراجيحَ للأطفالِ اليتامى . بدويةٌ ترعى ضريحها في سِهَامِ الحروب القبلية. أحسبُ عُمُرَ الريح لأتخيلَ عُمُرَ الشَّمس. كأن الضَّوءَ شَاهَدَ راعيةً ميتةً في الفحيحِ . إذن فَلْنُصَلِّ عليها وندفنها .

أزورُ قبرَ أستاذي في قاع المحيط الهادي . سأُعطي الحِبْرَ مهمةَ دَفْني. سيقول التاريخُ إن هناك شاعراً نحيلَ الجسم تحدَّى الأباطرةَ . أيتها البوسنياتُ لا تَنْزَعِجْنَ إذا أَعدموني . اقْرَأْنَ الفاتحةَ ثم اذهبنَ إلى المطبخ لتحضير إفطار رمضان .

يا أيها الوباءُ المرشَّحُ للتفشي في الطوبِ اللحمي ، ارحلْ من المشمشِ اليابسِ، انطفئْ لأشتعلَ في اليابسةِ المتبخرةِ في فُنجانٍ قهوةٍ باردٍ. ما طَعْمُ الفراشاتِ المقلية بماءِ عيوني ؟. بلدٌ ضائعٌ ضَيَّعَنَا ليشجعَ السياحة في مقابرنا. المؤذِّنُ أكثرُ أصدقاء الشَّفق إخلاصاً .

كوخٌ عند منبعِ النهرِ. تلعبُ المجاعةُ دورَ قلمِ رصاصٍ. لكنَّ سَمَكاً يعاني من الرَّبْوِ على الغصون الحالمة . وفي يومِ ميلادي من كل عامٍ أشعر بالوفاةِ لأعيشَ . أعصابي وشراسةُ التألقِ في الصقيعِ حكايةٌ للأطفال قبل النومِ . سأخطفُ البحيرةَ وأُطالبُ الطوفانَ بفديةٍ ، عشرين كيساً من حزن الراهبات . اغْرِسْ أهدابي في الضبابِ تجدْ طفولتي عندها . غَيْبوبةُ الطباشيرِ الحمراءُ في المدرسة المدمَّرة. هذي عاصمتي المفقودةُ تُرَكِّبُ جهازَ إنذارٍ في سُرَّتِي. تقتلني رائحةُ دم الولادة في تثاؤب الياسمينة ، والسجادِ في الوزارات ، ومعجونِ الأسنان الخاص بماركس . الجنرالُ واقفٌ في الطابور أمام المخبز. لن أُغَنِّيَ لعنكبوتٍ تُقَبِّلُ زوجَها ثم تقتله. يا ريشاً للنعامات يصير عُلبةَ سردين تتقلصُ وطناً للمشنوقين ، سأصاحبُ الزُّقاقَ الذي لم تختره حُنجرتي . سأختارُ شَفقاً لم تنتخبه أُغنيتي. خُذْ توقيعي قبل مَوْتي ولا تَبْكيني . واحاتٌ شريدة . أَحَبَّ الجبلُ النازفُ البنتَ الميتة فهي لا تستطيع أن تخونَ الأعشابَ .

ورمٌ غيرُ خبيثٍ في ثدي الشَّمعة . لا فرقَ بين المرأة العارية والحائط بالنسبة للوطواط لأنه أعمى . آخرُ أيامِ الشعراءِ الفاشلين شهواتُ المطر المكبوتة . لماذا لا تتوحد حكوماتُ الدنيا إلا على ذَبْحي ؟ . قصديرٌ يشرب طيفَه عند المدفأة . الحائكُ يصف مشاعر العُراةِ فقراً. الليلكُ الشبعانُ يكتب عن الجائعين . نداءٌ إلى خشب الصندل ، إن عثرتَ على دمي في الدحنون فأرجو أن تعيده إليَّ. تجرعت النَّعامةُ أطيافي حتى الثمالةِ. لماذا يفهمني الجدارُ ولا يفهمني السَّجانون ؟. إنني أموتُ . سؤالٌ للأرزةِ الذكيةِ : ما الفرق بين دمي والبطاطا ؟. الجواب : دمي يشربني، أما البطاطا فتأكلني.

في معجم انتكاساتي تهتُ لكنني تزوَّجتُ ضوءاً ماحياً وانْبَعَثْنا . وما اللافتةُ في آخر الطريقِ الملوكي إلا أخدود أَشْوي فيه بداياتِ الصدى . ولم يكد المغيبُ يتصدق على المواويل العطشى حتى عدوتُ في أجزائي . والموالُ النقي فارسُ أحلامِ سمكة قرشٍ لقيطةٍ .

لا أحتاجُ إلى حُبِّ العاجِ ، أحتاج كراهيةَ الوجوه الملوَّنة . السِّجنُ لا يلزمه أُنثى تحبُّه . يلزمه أنثى تدمِّره إن عاش وتدفنه إن مات . أكرهُ النهرَ الذي لا يفعل شيئاً سوى قبض الراتب وإنجاب الضائعين . وفي طلقة الزبد اغتصابُ عُشبةٍ وبنتٌ مُغتصَبةٌ .

كالبرقوقِ المشقَّقِ طلبت الذبابةُ الخلاصَ من شكلِ السيانيد. تَبغٌ يلدُ خيمةً للقطارِ البخاري. ألفُ عامٍ من الحِدادِ على الكواكب الميتةِ. ها قد جاء موعد التفتيشِ العسكري في أقمارِ الجيشِ المتهاوي . ليس لدى الأفعى وقتٌ كي تقابل مرآةَ البصل ، فهل وجهي مكانٌ عابرٌ للسنونو ؟ .

وتلك الأنجمُ تتعلمُ رياضةَ الغطسِ في دمي . أَنْقَذَتْني أشلائي من فجوةِ العشب. أَرُشُّ ألسنةَ الخرائبِ على لازوردِ الملحِ . غاب الذين يقولون لا . تابوتي متأرجحٌ على سطر مطاطي ترقصُ عليه عاهراتُ بلادي والخائنون . قوةُ الشين في " الشمس " تتحدى وُعورةَ تضاريس كبدي . لم تسمح لي والدتي أن أُدفَنَ في مِعصمها . لم يسمح لي أبي أن أُدفَنَ في قلبه . تَفَضَّلْ أيها الرعدُ إلى وليمة الدخان ، دَعْكَ مِن غرور الحجَرِ لأن في يأس الرمالِ صخرةً تعاني الصُّداعَ .

تجتمعُ في قاعةِ الهباءِ نسوةٌ يستخرجنَ القهوةَ من الإسفنج ، ويتحدثنَ عن قماشِ كفني . صورةَ أبي، ما أنتِ إلا رؤيةٌ معاصرةٌ للجَزْرِ . جَهِّزي يا أمطارُ نَعْشي . أوردتي هي القناديلُ الوحيدةُ المنثورةُ في أكثر الغيمات ثورةً. يا جداراً يُحَلِّلُ أعمالي الشِّعْرية. أُعْدِمَ أهلُ الدار، وبقينا أنا وأنتَ في الضباب القرمزيِّ . وسيفتحون في محيَّايَ شوارعَ مُعَبَّدةً بأحلامي وأُعْدَمُ . إذن ستظل وحيداً عاصفاً عارماً الشاهدَ على قضية الفراغِ . والفقراء يتجمعون حول العرقسوس المتداول مثل الإبادة الجماعية للأمواج . ولما نظرت شاشةُ الريح في أنف راهبةٍ رأت قبعةً تُعِدُّ مجزرةً للسنديان .

يا مذبحةَ البطاطا المقلية، وموطنَ الأعياد التي لا أعيادَ فيها. تمهَّلْ أيها الجنون ، قِفْ نيزكَ آلامٍ. هذه سِحنتي إشارة مرورٍ حمراءُ، كيف تَعْبرها وشرطي المرور يراقب حركةَ أمعائكَ ؟. حُبُّنا طاهرٌ كالأسلحة الأتوماتيكية ، ومشاعرُ الغزاةِ كالأعضاء الميكانيكية للرجال الآليين ، وأنا من أهل القبور . والجاردينيا تشمُّ أيتامَها وتموتُ معهم في أحضاني . نزيفٌ باعه أبناؤه فباعهم . بَلَغَنِي أن جِرْذَاً نبذ الشاطئَ واعتنق زُرقةَ المحار . لكن ماعزاً يعمل حارساً شخصياً لأشهر الضفادعِ في العصور الحجرية .

القاتلُ الأبيضُ يمتلكُ عقليةَ السارقِ وطموح المقامر ووقاحة المومس . أعرف أن الضائعات في كوكبي سيواصلنَ الضياعَ ، وأن حكومة المرتزقة سَتُصَدِّرُ حليبهن إلى الخارج، مثلما هَرَّبت الآثار إلى متاحف الغرب. إنها تاجرتْ بكل شيء . عانى المحيطُ الأطلسيُّ من ضربة شمسٍ. قناةُ السويس موضوعةٌ على نقالةٍ آليةٍ. حشدتُ أقفاصي لمواجهة النورسِ الأعمى. شعوبٌ تُباعُ. وطنٌ يُباعُ. تُباعُ رُكبتاي . سأوقفُ المؤامرة .

إنَّ صحراءَ العرقسوس جبيرةٌ تُكسَر. عَرَقي في عَرَقي أشجارٌ، ورُمْحي في نظَّارتي أشجانٌ . كنتُ الطريقَ حين اختفتْ ملامحي في الإطار المعدني للبلحِ . هكذا البراكين المتوحشة في ثلاجتي. زميلتي الطبيعة ، هل سيبقى جِلدي محتفظاً بلون خيوله تلك التي تحقنني بطعم الأرضِ المتروكة ؟ .

إنما سطوحُ الماضي معالم حزنٍ على وشك الوصول إلى عالَمي . هذا الآتي من مرساةِ الحمَّى بَحَّارٌ منبوذٌ . فُقِدَ في الحربِ على توهُّجِ الكاوتشوك ، ففسخت محبوبتُه السفينةُ خطبتَها منه ، ومضتْ إلى أعماقِ القولون في داخلي .

زَهْرٌ والبلدُ يُشَرَّحُ. ظلامٌ والكهرباءُ للأغنياءِ . كأنني أقرأ آيةَ الكرسي على قبري . وفي أقبيةِ حرماني بازيلاءُ ليس بوسعها شراءُ صحيفة . أيها الشُّبَّاكُ المثقَّفُ ، يا مَن تدلُّ المخبِرين عليَّ وتبكي عليَّ . سَأَدَعُ لك الحجرةَ ، فَعِشْ فيها ذكورةَ وطواطٍ وأنوثةَ بئر .

نهدُ الدنيا الفولاذيُّ . أُلْصِقُ بنظراتِ الفراغِ كلامَ النارِ ثم أنطفئ كي أُقَلِّلَ فاتورةَ الكهرباء. أكتبُ وَصِيَّتي قبل اغتيالي . وحينما يتقدمُ كريستالُ المنازَلة إلى حَتْفي أنسحب من خَدِّي لأُقاتِل الحطبَ بمسدَّس ماءٍ . مطرٌ في وقتِ الحصاد . عُرسٌ في ميعاد الجنازة . بكاءٌ في أيام الضحك. وسُعالي يستمر . هل سأموت مِن الجوع أم من التُّخمة ؟ .

انتابت النهرَ وعكةٌ صحية ، فَنَقَلْتُه على ظَهْري إلى المستشفى . وكان السَّوطُ يقوم بتأجيرِ جثتي للطوفان. يا شركسيةً تُقاتِلُ مع غيماتِ الشيشان ، أَعطي مدفني حفرةً بين الأشجارِ وزُورِيه ، فأنت المقاتِلةُ الوحيدة التي تعلم أني مِتُّ . وَجْهُكِ نخلةٌ تتسلَّقها عصافيرُ تعيش رقصتها الأخيرةَ . والشيطانُ يحتسي نبيذاً مخلوطاً بحليب أُمِّه ، ويحتكر تجارةَ التَّبغ في خوذته النحاسية ، ويُسَمِّي أفخاذَ عشيقاته ديمقراطيةً .

احتضارُ كوكب يرتفعُ في نواحي قريةٍ هجرتها جباهُ البَطِّ . بحيراتٌ تجفُّ خلفَ ذاكرةِ المكان . وأتت أمسياتُ الخريفِ كي تقول للنسيمِ أسرارَها ، مثلما تعترفُ المحيطاتُ بحزنها المجفَّفِ على السُّفنِ الغارقةِ بين الشعابِ المرجانية .

أيها الشمبانزي ! حاول أن تفهم النظريةَ النسبية . " اشنقوه أولاً ثم دعوه يستنكرْ هذيان الحكومة المهرولة في تموُّجات الباركنسون " . إن إبهامي احتضاراتُ الفَرَاشِ النهائية في صورة الهيدروجين. هو الرَّصاصُ الذي ضَمَّنا : مساحاتٌ من الياسمين المقطوفِ مُبكِّراً. بشرٌ يخطبون المرفأَ في الطرقاتِ العامة على مرأى من لافتاتٍ كتب عليها المأجورون قصائدَ المديحِ للقصر الرمليِّ .

أَتركُ للفجرِ تحليلَ شخصيتي . أشلائي قطنٌ مبلولٌ في جرة ماءٍ على كتفِ فلاحة. احتلَّ أجفانَ مومسٍ شيطانٌ . سحابةُ دمٍ وتمضي، والمغسلةُ تغارُ عليَّ . لأمراءَ يتكاثرون كالجواربِ في توهجات الشتاء، لقحطٍ يطلبُ من البراكين أن تشاركه في كتابة وَصِيَّته ، لجريدةٍ تزرعُ صفحة الوَفَيات في الملحق الرياضيِّ ، لفأسٍ تغمضُ عينيها لكيلا ترى اغتيالاتي ، لنجمةٍ سينمائيةٍ ترجع إلى عارها في الثالثة فجراً ، أُرسِلُ قذائفَ الرفضِ .

وجدت الضفدعةُ بئرَ نفطٍ في زندي، فأحضرتْ شركاتٍ أجنبيةً للتنقيب عن رمشي،ولكنني طردتُها. وأنا الذي لا أتكرر، كأن خَدِّي سُلَّمٌ على أدراج غرناطة يتفجرُ . نبش الغدُ أشعاري المضيئة ، لأن اسمي مُعَمَّمٌ على الحدود .

تتعانقُ أسماءُ النخيلِ في أطوار تكونها في المدافنِ . يشعرُ المتزوجون بالطمأنينةِ في ليلةِ الدُّخلة ، وأشعر بالطمأنينة على ألواح المسلخ في تمارين تشريحي . يريدون تكوين أُسرةٍ للرجوع إليها في نهاية يومٍ شاق وأخاف من إنشاء أُسرةٍ لكيلا أعودَ إليها مقتولاً محمولاً على رؤوس رماح بني أُميَّة. وفي الأمسيات الصيفية يعودُ الناسُ إلى عائلاتهم حاملين بطيخاً ، أما أنا فأعودُ إلى مغارتي القتيلةِ حاملاً جُمجمتي في يدي . يُقَبِّلُ الرجالُ زوجاتهم ، أما أنا فأُقَبِّلُ أشجارَ مجزرتي . ويستحمُّ الزَّوْجان معاً ، وأستحمُّ مع ضجيج محرقتي . ويتغزلُ الأسودُ باللبؤات ، وأنا أتغزلُ بصفائحِ الحديدِ . وينتظرُ المتزوِّجون الجددُ المولودَ الأول ، وأنتظر ميقاتَ شَنْقي . ويُسَمِّي الرجالُ أبناءهم ، وأُسَمِّي صغارَ السمكِ . ويترك الناسُ وراءهم أموالاً ، وأنا أتركُ صدأَ مقصلتي . يقضي الأثرياءُ إجازةَ نهاية الأسبوع في جبال الأنديز ، وتقضي الصحاري إجازتها في نهايات دمعاتي المقيَّدة بملفات الأشغال الشاقة المؤبدة والنشيجِ . تحتفلُ المومساتُ في طوكيو بأعياد ميلادهن ، وأحتفل بصدور حُكْم صَلْبي على أخشابِ زورقِ جَدِّي المنبوذ .

وضعت القلنسوةَ نبتةٌ ، وراحت تحارِبُ أبراجَ العمى . والنَّحلُ يُتاجِرُ بالقلنسواتِ المستعمَلةِ على شبكة الإنترنت . خوذةٌ للنصرِ ، خوذاتٌ ، دروعٌ، تروسٌ . والنخلاتُ تعطسُ على الشرفاتِ الخافتة . الدنيا عجوزٌ شمطاءُ . هل هذه الحشائشُ دولةٌ أم سَلَطَةُ فواكه ؟. دموعُ الشمسِ تراثُ الغزلان . تلقيتُ برقياتِ تهنئة بمناسبة اغتيالي . حُبٌّ ضائعٌ في نفوس شعب ضائعٍ في بلدٍ ضائعٍ .

وكان الإفرنجُ قادةً عسكريين عباقرةَ في أحضان نسائهم . صحيحٌ أن البرقَ أبي والنخلةَ أُمِّي لكني يتيم . غدٌ والألم يُبَدِّل جِلْدَه . لمسَ العدمُ يدَ امرأةٍ بالخطأ في مطار هيثرو ، فأُغميَ عليه . يتساءل كيف سينجبُ أولاداً ، وهو مَلِكُ الفاشلين في الحياةِ الزوجية المتخيَّلة . في تلك الناحية تركتُ عَظْمي يحرسُ عَظْمي، وصَهَلَتْ أبوابي،والبواخرُ تحملُ المهاجرين والحقائبَ الجلدية المصفوفةَ ذكرياتٍ . أكون مُعَطَّراً بالقبور عند تحطم مروحيَّتي ، فلا تُخبري أُمِّي بذلك . رأيتُ شبحَ دولة . انفصامٌ بلوريٌّ في شخصية الدُّلْفِين . يبني طيرُ اللقلقِ عُشَّه على شكلِ وردةٍ ماحية .

سأرحلُ من نزيفي. ماذا سأفعلُ في حقلي الجريحِ ؟. فيه شُنِقَ إمامُ المسجد، ومات أبواي وهما يغرسان الضحكاتِ في جذور التين، وذُبحت امرأةُ الوردِ بسرطان الثدي، وقطتي العمياءُ تسمَّمتْ ، وجرف تُرابي نجمٌ، وقُصِفَت أغصاني بالغاز المسيلِ للدموعِ ، وصُودرت كتاباتي . إني أُهاجِرُ من جُرحي الحاشد . أبوسُ حُزْنِي لئلا يظنَّ أنني حزينٌ . متى طيفكِ الرَّمليُّ يُعْدِمُ صحراءَ اليأسِ المتبرجة ؟ . اجمعي أقسامَ حُزني هذا الغروبَ. أضحت تمزقاتي شامةً لحفرياتٍ في وجهِ البركان . أَوْصَى الوشقُ بإقامةِ مستشفى ولادةٍ للذئابِ المدجَّنة في ضجري . وعلى الغصنِ طَفَتْ باذنجانةٌ تُقلَى بسخونة اللقاء مع المغيبِ .

ما زلتُ أذكرُ التركياتِ وَهُنَّ يُصَلِّين عليَّ صلاةَ الجنازةِ. جلابيبهن بيضاءُ، ووجوههن بيضاءُ ، وأكفاني بيضاء . وحينما كنتُ صغيراً حلمتُ بزوجةٍ أشتري لها حذاءً جديداً من المتاجر الأجنبيةِ ، وحين كبرتُ رأيتُ المتاجر الأجنبية عطشاً قاتِلاً . والبندقيةُ شمسي وزُقاقي . كيف سأتزوَّجُ الآنَ وملايين الحرَّاس الشَّخصيِّين ينامون في رَأْسي ؟! .

غاب السَّجانُ في هستيريا القضبان ، ثم عاد وفي رفقته صديق قديم . اختلاطاتٌ هادرةٌ على ملمسِ مزهرية . أنشودةٌ متفاعلةٌ مع السُّكوتِ . وفي الأعين المقبورةِ قلعةُ الذئب المكتئِب . أُحْضِرَ نحاسُ الذاكرةِ ملفوفاً بالصيحاتِ . للزمانِ زفراتٌ حارقةٌ تَقْلِبُ أوكارَ السنونو . مقصلتي ذاهبةٌ إلى غبار فضيٍّ. صحيحٌ أن وجهي الامتدادُ الجغرافي لموتي ، لكنَّ أحزانَ المراعي تُلقي علبَ البيرة الفارغةَ في فضلات النَّعامات . إن نهايتي سَبَقَتْ بدايتي . أَتَتْني مشنقةٌ وأنا جالسٌ في مكاني .

وَجَدْنا الْحُبَّ ، ولكن أين القلبُ ؟. وَجَدْنا جُثَّتي ، ولكن أين أنا ؟ . عَثَرْنا على الذكريات ، وأَضَعْنا الذاكرةَ . قَمَعْنا الأحلامَ ، وأَطْلَقْنا سَراحَ المخيِّلة . وَجَدْنا الخطوةَ ، وضَيَّعْنا الطريقَ .

يروحُ المتزوِّجون إلى مراكز التسوقِ فيشترون عصيراً لأبنائهم يحملُ صُوَري . هناك صارت مذبحتي ماركةً مُسَجَّلَةً . تشريحي مُلْصَقٌ على ألعابِ الأطفالِ ، وصَلْبِي مقطعٌ قصيرٌ من فيلم سينمائي عن التعاون بين الشعوبِ . إنني أراقبُ صعودَ الأَرْزِ في براميل المرفأ .

أبي ، كنتَ تُريدني أن أُنجبَ أطفالاً أعتني بهم ، لكنهم لم يعطوني الفرصةَ ، باغتوني وانْقَضَّت عليَّ أسلاكُ اليبابِ . ما زلتُ أتحسسُ منزلَنا عند سور المجزرة . والنَّقالاتُ تتوالد في شِراعي كيساً تُعَبَّأُ فيه الجماجمُ المجهولة لأصدقاء لم أتعرَّف على هويتهم . وداعاً أيتها الكاميراتُ الحديثة التي صَوَّرَتْني وأنا أُسْلَخُ . دولةُ الجراح توغَّلتْ في احتضارها . وجعٌ مفتوحٌ على مِصْرَاعَيْه لا تَحْتمله الزَّنابقُ . شعرتُ بِقُرْبِ إعلان وفاة الدَّولة . جَهَّزْتُ لدولةِ الهوس قبراً ، وأخذتُ إجازةً من أخاديد دمي وارتحلتُ .

شهداءُ ، لا تتصلوا بي لأن هاتفي مُراقَبٌ . هذا موعدُ تجمعِ الوزارات في عيون الراقصاتِ لتكوين قوانين الطوارئ . إنها بلاد ما وراء انتحار مارلين مونرو ، هل بِعْناها أم بَاعَتْنا ؟. مراقصُ مفتوحةٌ للمراهِقاتِ . مشانق خمس نجومٍ . محاكم عسكرية للبطيخ الآتي قبل أوانه . حقول الاختناق . إغفاءات للصدى الذي تآمر على الصوتِ . لا يهمهم إن ولدتَ أو مِتَّ . لا يعنيهم إن كنت مُخلصاً أم خائناً . لا يَهمُّهم إن عاشَ الشعب أو انتحرَ . المهم أن تدفع الضرائب ! . والملكةُ فكتوريا تخدمُ في البيوتِ كي تحصل على مصروفها اليومي .

أَحْضَروا للفراشة السجينة طبيباً ، فَشَخَّصَ حالتَها وأوصى بإعدامها ثلاث مراتٍ يومياً، مرة بعد الإفطار ومرة بعد النسيان ومرة بعد التذكر ، وهكذا تطورت المستشفياتُ في ممالكِ اللوزِ الهادئة . وأجبر الخليفةُ ابنَ سينا على تسلم وزارة الصحة . وربحتُ محكمةَ تفتيشٍ في قطعةِ شوكولاتة . العَجاجُ وتسديدُ فواتير الدماء في آخر كل رعشةٍ . منحوني الفوزَ رغماً عني في " مَن سيربحُ المقصلة ؟ " . للبيع مذيعةُ أخبارٍ تنفقُ راتبها على عمليات التجميل . نسوةٌ للتجاعيدِ والزهايمر . تَبَرَّأَ الوطنُ مني ولن أتبرأ منه .