بالأمسِ، رأى الصباحُ زهورَ الظهيرة تشتري تذكرةً للسَّفر في الزوابع المخملية. رَحلتْ بهدوء، بدون تذكارات الدمع الملحي الممزوج بانهيار الشموع البطيء. إنه السَّفرُ المتكرر قرب رماح الذكرى . يا مطرَنا الموسمي، لا تبكِ عليَّ عندما ترحل أعضائي إلى جسدي . يا دموعنا السنوية، لا تلتفتي إلى أعلامِ الغزاةِ المرفرفةِ في الزرائبِ .
لماذا يُغْمِدُ المرجانُ الباكي عَويله في أوردتي ؟ . ضجيجُ ملابس يعاسيب النحل يملأ مُدني وأظافري . كلما نَبَتَ على جِلْد الربيع مِعْولٌ أحسستُ أن عش الفيل يتمزق مثل قلب عاشق . ولكنَّ مُدني واقفةٌ وحَوْلَها ركامٌ أبيضُ ، وحَزانى تائهون في أصوات عمال الإنقاذ الساكتة. حَبَّاتُ الرُّمان الباردة تقاوم ارتفاعَ حرارة أعواد المشانق. أَرْضُنا تخرج من صمتها لتكشف أسماء المجرمين .
لم تهضمْني الأحزانُ المعصورةُ في صوتِ الأقمارِ . أُريد من شَحْمي أن يطردني من عيوني لأرى. وداعاً لأشيائي المحاصَرة التي أَنكرتْ معرفتي . وشكراً لديكٍ يوقظني عند صلاة الفجر ، وشكراً لصهيل مطعونٍ صَلَبَهُ دُخانُ الحافلات على المزهرية . غنَّت في حَيٍّ مُدمَّر نِسْوَةٌ يحتسين حليبهن ثم يُسحَقن . يضعنَ مكياجَ الإبادة على الأقنعة ، ولا يَغْتَسِلْنَ بماءِ عيون الفراشات .
أُستاذاً يرحلُ الغَمامُ من رأسي إلى الشفقِ القريبِ من أكفاني . أَتُراهُ يرجعُ الرَّاحلون مع السككِ الخضراءِ في الظَّلامِ الذي لم يعد يذكرني ؟. غداً أم بعدَ غدٍ ، سآتي ممتطياً دمائي ، وأموتُ على نداءاتِ حجارةِ أرضي. شعيرَ الذِّكْرَى، طارِدْ جلاديكَ ، وأَوْقِف المقامرةَ والمهزلةَ . وصَلبتْ راياتُ الغبارِ بلوطَ الألمِ على كاهلِ الطُّوفان .
مُذَنَّباتُ،وأنتِ تحاولينَ زراعةَ الندى الأَسْوَدِ في صَوْتي اسكني جمجمتي المنفصلةَ عن الدروبِ المشطوبةِ من خرائطِ الحِرابِ. اسكنيها وعِيشي معها لأني خطيبُ الغرباءِ. كأنَّ بؤبؤ عيني غُرْفَةٌ فيها سمومٌ على كرسيٍّ هَزَّازٍ. احملوا عودَ مشنقتي وسيروا إلى الشمسِ مُكَبِّرِينَ. شعوبٌ في قطاراتٍ من ثاني أكسيد الكربون. سنبلةٌ ملفوفةٌ حَوْلَ جرحي الحارقِ الماحي .
لو معي عَرَقي لما أبصرتُ شظايايَ تشع في بيوتِ البطاطا البلاستيكية . لو معي سِحْنتي لَمَا ارتقيتُ على درجات السلالم في الشَّفق البنفسجي . لو معي قصيدتي الأولى لَمَا بَكَتْني الشموسُ وَحَضَنَتْني أقفالُ المحال التجارية . لو معي مسقطُ رأسي لَمَا نَهبت مزهريةُ الجيرانِ لَوْني . لو معي ترنيمةُ النخلاتِ لَمَا انتظرني الباص في صباح مقتلي . لو معي سطوحُ داري لما استهزأتْ بي عذراواتُ الغيابِ . لو معي عِقْدُ أمي الشَّهيدةِ لَمَا أنكرني جرسُ منزلنا في الخليلِ .
هناكَ ، خَلْفَ تابوتِ البحر زِنزانةٌ في الزِّنْزَانةِ . حبيبتي الزنزانة اكرهيني أنتقمْ منكِ . أكتبُ إليكِ هذا اللحمَ من الزنزانة . أعرفُ أن الزنزانةَ تتَّحد في الزَّنازين المجاورة لزنزانتي، ولكنَّ زنزانةَ الفرح مرفوعةٌ في سقف الزنزانة . للزنزانةِ عَظْماتٌ كَشَطَتْها الزنازينُ عندما خرجتُ من الزنزانةِ إلى الزنزانةِ . كرةُ قدمٍ في الزنزانةِ لتلعب الزنازينُ بي على رقعةِ الزنزانة . أَحَبَّت الزنزانةُ أن تكتب ضَجَرَها على زنزانةِ كَفِّي . مغامرةٌ في الزنزانةِ لأننا في الزنازين نشربُ بَوْلَنا ، فالزنزانةُ خاليةٌ من الماءِ والزنازين . وَجدتْ زنزانةٌ وحيدةٌ حُرِّيتها في حبسِ الزنازين في فَخْذِي . إلى اللقاء يا زنزانةَ الخوخِ في موسمِ حصادِ الزنازين في الخريف قبل الماضي. أطرافي زنزانتي. لحمي زنزانتي. نزيفي زنزانة . صورتي زنزانتي. القمحُ حول قصيدتي زنزانةٌ . أخشى أني تعودتُ على الزنازين. وأنتَ أيها الشبلُ الذي يقابل الزنازين في حديقةِ الأسيراتِ ، أُهديكَ زنزانةً في صدري المنحوتِ على أرضيةِ الزنزانة.