سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

02‏/10‏/2019

أغنية للبحيرات الجافة / قصيدة

أغنية للبحيرات الجافة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

     احْضُنْ تضاريسَ الغَيْمِ الأحمرِ / كَي تَعْرِفَ مَلامِحَ الرِّجالِ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ/ لَو أنِّي أَقْدِرُ عَلى تَهْرِيبِ الموانِئِ مِن جِلْدي/ لَوْ أنِّي أهْرُبُ مِن رُموشي / أحْمِلُ وَحْشَاً بَيْنَ أضلاعي لا أستطيعُ قَتْلَهُ / والرُّعودُ كَسَرَتْ ألواحَ صَدْري لِتَدْخُلَ عَوَاصِفُ الكَهْرَمانِ إلى قَلبي /
     أيُّها الشَّجَرُ البِكْرُ/ لا تَرْفَعْ سِلاحَكَ في وَجْهي/ إِنَّ أُمِّي تَنتظِرُ عَوْدَتي بِكِيسِ الْخُبْزِ / أنا سَاعي البَريدِ الذي بَاعَ الرَّسائلَ / لِيَشْتَرِيَ أكْفَاناً لأراملِ القُرى المنبوذةِ / أضَعْتُ خَارِطَةَ لَحْمِ آبائي في طَريقِ المجزرةِ / وَكَانتْ أجفانُ عُمَّالِ النَّظافةِ تَتساقطُ عَلى الْمَكَانِسِ / أرْجُوكِ يَا أُمِّي / لا تَتْرُكِيني للنِّساءِ الْمُتَوَحِّشَاتِ / لَم يَبْقَ في بِطَاقتي الشَّخصيةِ سِوى تاريخِ مِيلادِ العَوَاصِفِ / عَشَاءٌ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ قَبْلَ المجزرةِ / وَيَهْدِمُ الأطفالُ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ ضَاحِكِين / فَلِمَاذا تَكْتُبُ دُستورَ الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ أيُّها البَحْرُ المشْلُولُ ؟ /
     أيْنَ عَصَاكَ أيُّها السَّاحِرُ الأعْمَى ؟ / كُلُّ الْمُشَعْوِذِينَ يُشَكِّلُونَ حُكومةَ الوَحْدةِ الوَطنيةِ / وأنتَ ما زِلْتَ على عَتَبَاتِ البُيوتِ مَعَ العَجائزِ / أبيعُ قِطَطَ الشَّوارعِ لأُسَدِّدَ دُيونَ أبي المقتولِ عَلى أجنحةِ الحمَامِ / أُفَصِّلُ مِن جِلْدِ الزَّوابعِ سَرَاويلَ للبَحْرِ الْمُشَرَّدِ / لَسْتُ أنا الخليفةَ / كَي تَتقاتلَ الجواري على احتكارِ مَشاعري / العِشْقُ مِقْصَلتي / والأمطارُ مِشْنَقَتي / فَكَيْفَ أهْرُبُ مِن جِلْدي / يَا مَن تُبَدِّلِينَ جِلْدَكِ حَسَبَ لَوْنِ التَّنورةِ القَصيرةِ؟/ أركضُ تحت المطرِ بَاكِياً/ لِكَيْلا تَرى الأشجارُ دُموعي/ وأسألُ أشلاءَ الخريفِ / مَن هَذِهِ المرأةُ الْمُتَّشِحَةُ بِثِيَابِ الحِدَادِ ؟ /
     عِشْتُ وَحيداً / وَمِتُّ وَحيداً / وَكَانتْ حَيَاتي رِحْلَةَ اكتشافِ الموْتِ / وَكَانتْ ذِكْرياتي رِحْلَةَ البَحْثِ عَن رُخامِ الأضرحةِ / تَزَوَّجَ الصَّدى أصواتَ بَاعَةِ الذِّكرياتِ / عَلى عَرَبَاتِ الْخُضارِ أمامَ مَحاكمِ التَّفتيشِ / تنامُ بَراميلُ البَارودِ عَلى مَناديلِ الصَّبايا السَّائراتِ في الجِنازةِ العَسكريةِ / وأخْجَلُ مِن أدغالِ رُموشي عَلى بَلاطِ المطاراتِ أو بَلاطِ الزَّنازين / وُلِدْتُ في السَّرابِ / وَكَانت الصَّراصيرُ تُلْقِي الأوامرَ العَسْكَرِيَّةَ عَلى صَحْراءِ الياقوتِ / وَمَوْكِبُ السَّبايا يَغْرَقُ في الرِّمالِ الْمُتَحَرِّكَةِ / وَالزَّبَدُ لَم يُمَارِس الجِنْسَ مَعَ إِسْطَبْلاتِ الدَّمْعِ / ذَهَبْتُ إلى الموْتِ / وَبَقِيَ دَمي عَلى فُرشاةِ الأسنانِ تِذْكَاراً لأحلامِ الطفولةِ / والطاعونُ يَأخذُ دَمَ الحيْضِ تِذْكاراً للصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ / سَقَطَ دَمُ العاشِقينَ في عَصيرِ البُرتقالِ / ورَحَلُوا مِنَ الكافتيريا إلى مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ / فَخُذْ أُغنياتي الحزينةَ تِذْكاراً / كَمَا يَأخذُ سَرَطَانُ الثَّدْيِ صَدْرَ البُحَيرةِ تِذْكاراً /
     أُمِّي تُرْضِعُني كَي يَسْتَلِمَني الموْتُ وَأنا في أَوْجِ عُنفواني / أعيشُ في جَنُوبِ الصَّليلِ / أمُوتُ في شَمالِ الصَّهيلِ / لَن تَجِيءَ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ لِتُعَاتِبَ أهْلَ الكُوفةِ / لَقَدْ جَاءَ الوَسْوَاسُ القَهْرِيُّ يَا جَارتي / فَلا فَائدةَ مِن إِغلاقِ النَّوافِذِ /
     لا تَفْتَحي العَباءةَ أيَّتُها الملِكَةُ / لَقَد مَاتَ الإِسْكَنْدَرُ / تَعَالَيْ إِلى جُثمانِ النِّسْرِينِ كَي تَلْمَحِي البِطَاقةَ الشَّخْصِيَّةَ للأمواجِ / التي سَرَقَتْ مِشْطَ جَدَّتي / أنا كالإِمامِ ابْنِ حَزْمٍ تَرْبِيةُ نِسْوَان / وأيْنَ الرِّجالُ ؟ / زَرَعْنَاهُم في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / تَكْسِرُنا الذِّكرياتُ فَنُعَلِّقُ أصواتَ أُمَّهَاتِنا في بَراويزِ الصَّدى / البَيْتُ صَارَ فَارِغَاً / سَقَطَتْ قُمصانُ النَّوْمِ في صُحونِ المطبخِ / والأحلامُ تَنسكِبُ في الأضرحةِ / الأكفانُ البَيْضَاءُ عَلى الأثاثِ القُرْمُزِيِّ / والأغرابُ يَكتبونَ تاريخَ رُموشِنا / تَخْدَعُنا المرايا في الطريقِ إلى ضَوْءِ المذْبَحةِ / كَم هِيَ الأسرارُ التي دُفِنَتْ مَعَ هَؤُلاءِ الموْتَى ! /
     هَل يَشتاقُ الكَمَانُ إلى أصَابعِ العَازِفِ القَتيلِ ؟ / اتْبَعْ جِنازةَ السِّنديانِ حَتَّى مَسْقَطِ رَأْسِ الغَيْماتِ / فَلْيَكُنْ شَهيقُ الزَّيتونِ مَنْفَايَ الاختياريَّ / وَلْتَكُنْ سُنبلةُ القَلْبِ المكسورِ هِيَ زِنزانتي الانفرادِيَّةَ / سَتَأتي العَواصفُ مِن جُلودِ الأسْرَى / وتَتَوَقَّفُ الْجُثَثُ عَن الزَّواجِ في مَوْسِمِ تَكَاثُرِ البَعُوضِ / وَمَا مَوْتي سِوى مِيلادِ عَصَافِيرِ الأنقاضِ / وأثاثُ غُرفةِ الإِعدامِ هُوَ التاريخُ السِّرِّيُّ للفَرَاشَاتِ /
     اعْزِفي عَلى البيانو في لَيالي الشِّتاءِ / بَيْنَما الجيوشُ تَتقاتلُ عَلى السَّرابِ خَلْفَ نافذةِ الشَّفقِ / أيَّتُها الغيومُ التي تَترُكُ بَصْمَتَهَا عَلى سُعالِ أبي / نَامَتْ قُلوبُ أشجارِنا / وَلَم يَقْرَعْ جَرَسَ مَنْزِلِنا غَيْرُ البَعُوضِ / نَسِيتُ تَوْقِيعَ الذبابِ عَلى لَحْمِ البَنادقِ / قُتِلَ الجنودُ / وَبَقِيَتْ رَسائلُ زَوْجَاتِهِم في الخنادقِ/ وَلَم تَعُدْ بَراميلُ البَارودِ تَذْكُرُ مَناديلَ الأسيراتِ / أفسدَ الانقلابُ العَسْكَرِيُّ لَيْلَةَ مُمَارَسَةِ الجِنْسِ للمَلِكِ وَالملِكَةِ / فاكْسِرْ عُقَدَكَ النَّفسيةَ أيُّها النَّهْرِ / لَن تَجِيءَ البُحَيرةُ كَي تَبكي أمامَ جُثمانِكَ/ ولَن يَجِيءَ البَحْرُ كَي يَبْكِيَ عَلَيَّ/ لا وَقْتَ لِمُضَادَّاتِ الاكتئابِ يَا بَناتِ آوَى/ إِنَّ جَارتي العَمْيَاءَ تَنتظِرُ أن أشْتَرِيَ لَهَا خُبْزَ الأمواجِ / أبيعُ حَوَاجِبي للضِّباعِ لأشْتَرِيَ شَامبو ضِدَّ الذِّكرياتِ / تَحَرَّرْتُ مِن جَاذِبِيَّةِ الأمواتِ / وما زِلْتُ أسألُ مُدُنَ الهزيمةِ / عِندَما تَمُوتُ الجواري أيْنَ سَتَذْهَبُ قُمصانُ النَّوْمِ ؟ / كَم امْرَأةً تَبتسِمُ لِزَوْجِها وَهِيَ تَخُونُهُ ؟ /
     الكَمَانُ الْمَنْسِيُّ تَحْتَ المطَرِ / أُمِّي السَّنابلُ / والموْتُ أنجَبَنِي / لَكِنِّي اليَتيمُ الأبَدِيُّ / وُلِدْتُ في زَمَنِ احتراقِ اليَمامِ بالأُمْنِيَّاتِ / عِندَما كَانَ الملوكُ مُلُوكاً وَالسَّبايا سَبَايا / ارْحَمْني يَا ضَوْءَ القَمَرِ / ما زِلْتُ أحترِقُ في مَداراتِ الكَرَزِ / أنا الاشتعالُ الأخضرُ في خَاتَمِ اليَاقُوتِ /
     يا أنا / مَنِ القَتيلُ فِينا ؟ / وَدَاعَاً أيَّتُها الرِّمالُ الْمُتَحَرِّكَةُ / دَفَنْتُ فِيكِ حُبِّي الدَّامي / فيا أيُّها العُشَّاقُ الخوَنةُ / هَذا البَحْرُ الأعْمَى استعارَ جُثمانَ البَحَّارِ مِن زَوْجَتِهِ / أرْمَلةٌ تَنامُ مَعَ جُثةِ زَوْجِها / والْمُوميَاواتُ تُمارِسُ الجِنسَ تَحْتَ أوراقِ الخريفِ/ ويَتناثرُ عَرَقُ الأشجارِ عَلى مَكاتبِ العَبيدِ /
     أعْرِفُكَ أيُّها المِكياجُ المصْبُوغُ بالخِيَاناتِ الزَّوْجيةِ / وأنتظِرُ مُلوكاً مُهَرِّجِينَ يَأتُونَ مِن بَراميلِ النِّفْطِ / ويَرْقُصُونَ عَلى مَسْرَحِ العَرائسِ / تُذْبَحُ النِّساءُ بَيْنَ خَشَبَةِ المسْرَحِ وخَشَبَةِ الصَّليبِ / وَلَم أستفِدْ شَيئاً مِن عِشْقي الصَّافي / كالبِنْزِينِ الخالي مِنَ الرَّصاصِ / فيا وَطَني القَريبَ مِن تِيجانِ السَّرابِ / أيُّها الكَابُوسُ اللذيذُ / لا وَقْتَ للرُّومانسِيَّةِ كَي نُزَوِّجَ الإِمَاءَ للسَّلاطين / لا وَقْتَ في نَزيفِ الثلوجِ / كَي نَكْتَشِفَ مَلامِحَ غَرْناطةَ في خُدودِ لاعباتِ التِّنسِ الإِسْبَانِيَّاتِ / لا وَقْتَ يَا أُمِّي كَي نَلْمَحَ دِمَاءَ أبي الْمُتَفَرِّقَةَ بَيْنَ القَبائلِ / ستظلُّ الجثامينُ عَلى الحواجزِ العَسكرِيَّةِ / وَلَن يَأتِيَ أحَدٌ لاستلامِها / وسَوْفَ يَضيعُ حُلْمُ الطفولةِ بَيْنَ سَكاكينِ المطبخِ وأُغْنِيَاتِ الرَّحيلِ /
     كُلَّ لَيْلَةٍ / أَسْقِي وِسَادتي بِدُمُوعي / فَتَنمُو السَّنابلُ والذِّكرياتُ والخناجرُ / ويَكْتُبُ السَّجَّانونَ الرَّسائلَ الغرامِيَّةَ في مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ / أعْطُوا الزَّبَدَ فُرْصَةً كَي يَتَشَقَّقَ قِنَاعُ الضَّحيةِ في أُغْنِيَاتِ العَطَشِ / أوْرِدتي مِضَخَّةُ مِيَاهٍ لِحُقُولِ الزَّرْنيخِ / وحارسُ المقبرةِ الْمُتَقَاعِدُ لَم يَجِدْ قَبْراً يَغتصِبُ رُمُوشَهُ ويَقْتُلُ أحلامَهُ / أُرَبِّي أطفالَ البُحَيرةِ بَعْدَ مَقْتَلِهَا في حَادِثِ سَيْرٍ / وأجْمَعُ أجفانَ النَّوارسِ المنثورةَ عَلى حَجَرِ النَّرْدِ / أنتظرُ الليمونَ الذي يَأتي مِن عِظَامِ الأمواتِ / كَي أشْرَبَ عَصيرَ الهزيمةِ / كُونوا هَادِئِينَ كَالعَبيدِ الذي يُقْتَلُونَ في المعركةِ/ كَي يُسَجَّلَ النَّصْرُ بِاسْمِ السَّادةِ/ يَا زَهْرَةَ الخرابِ / يا ألواحَ التَّوابيتِ/ أيَّتُها الوَرْدَةُ الطالعةُ مِن شَوَاهِدِ القُبورِ البُرونزِيَّةِ / ارْقُصي أيَّتها الذبابةُ العَرْجَاءُ بَيْنَ جَثامينِ القَصْدِيرِ / يَخْرُجُ الدُّودُ مِن ثُقوبِ جِلْدي / ويَسيرُ إلى مُسْتَقْبَلِهِ السِّيَاسِيِّ /
     عِندَما تُصبحُ قَارُورةُ العِطْرِ أرشيفَ المجاعاتِ / تَتكاثرُ الطحالبُ في رِعْشَةِ الحِبْرِ / فلا تُشْفِقْ عَلَيَّ أيُّها الإعصارُ / خُذْ مَا تَبَقَّى مِن عِظامي / خُذْ بَقَايا ضَحِكَاتي في الممرَّاتِ الخاليةِ / اغْتَصِبْ قِرْمِيدَ أكواخِ الذاكرةِ / مَاتتْ أُمِّي عَلى جَدَائِلِ الزَّوبعةِ / وَانتحرَ حُبِّي الأوَّلُ في الرِّئةِ الثالثةِ / لَم يَعُدْ للمُسافِرِينَ قِطَارٌ / يَنتظِرُونَهُ في مَمَالِكِ الدَّمْعِ اللزِجِ / فَمَا فَائِدةُ الجلوسِ عَلى كُرْسِيٍّ هَزَّازٍ في سَفينةٍ تَغْرَقُ ؟ / مَا فائدةُ أن يَكُونَ الشَّعْبُ فِئرانَ تَجَارُبَ وأحزانُ الطفولةِ هِيَ المِصْيَدَة ؟ /  
     لا تَنْظُرْ في عُيوني أيُّها المساءُ الحزينُ/ هَذا الرَّمْلُ كُوليرا الذِّكرياتِ التي تُمَزِّقُ أحشاءَ الأطفالِ/ والبَحْرُ يَقْتَفي آثارَ أقدامِ البَجَعِ عَلى أجسادِ الأسْرَى/وَالماءُ يَنتظِرُ مَوْتَ اليَنابيعِ لِيَرِثَهَا / أجلسُ في مَحطةِ القِطَاراتِ / لا أنتظِرُ أحَداً / ولا أحَدٌ يَنتظِرُني /
     أنا الرُّومانسِيُّ في عَصْرِ انتحارِ الرُّومانسِيَّةِ / انهزمَ الفُرسانُ وَلَم يُدَافِعُوا عَن ضَفائرِ الجواري / تَعَالَي أيَّتُها الأمواجُ الرَّصاصيةُ/ سَوْفَ نُواسِي عَائلةَ الزَّبَدِ/ وَنَزرعُ الخِيَامَ للإِوَزِّ اللاجِئِ في أشلائِنا / ذَهَبَتْ دَوْلَةُ البَحْرِ / وَلَم تَجِئْ قَبائلُ الأسماكِ / والأسْرَى يَنتظِرُونَ الأسْرَى /
     في ذَلِكَ الصَّقيعِ الدَّمَوِيِّ / أُمٌّ وَابْنَتُهَا تَتَنَافَسَانِ عَلى احتكارِ جُثةِ رَجُلٍ / أنا انقلابُ الْحُزْنِ عَلى ذَاكرةِ الأعشابِ / وَطَنٌ للدُّموعِ عَاشَ وماتَ في سُعالِ المطرِ/ بِلادٌ للمُسْتَنْقَعَاتِ والضَّفادعِ / والمِشْنَقةُ هِيَ المرأةُ الوَحيدةُ في حَياةِ النَّهْرِ / نِسْوَةٌ مُحَنَّطَاتٌ في ثَعالِبِ المِكْيَاجِ / أبجدِيَّةُ الشَّفقِ تَقْتُلُ لُغةَ الأنقاضِ / وبَيْنَ أصابعي لُغةُ البَحْرِ القَتيلِ / فيا أيُّها الْحُلْمُ الْمَيْتُ / أنتَ القاتِلُ أَم المقتولُ ؟/ تَزَوَّجْتُ الحكومةَ / وَطَلَبْتُ الطلاقَ مِنَ الرَّمْلِ / أمعائي تَقُودُ انقلاباً عَسْكَرِيَّاً ضِدَّ مَعِدَتي / وأنا أنقلِبُ عَلى رُموشي / أفتحُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ بِمِفْتَاحِ بَيْتِنا المهجورِ / أبْحَثُ عَنِ الذِّئبِ في الإنسانِ / لكنَّ الإنسانَ هُوَ الذِّئْبُ / وَسَوْفَ يَبْقَى الفَجْرُ فَارِسَ أحلامِ البُحَيراتِ الجافَّةِ /
     عِندَما يَأتي الخريفُ / يَرْحَلُ الأمواتُ مِن صَنَوْبَرِ المقابرِ إلى لَحْمي / وَيَسْكُنُونَ في مِعْطَفي / فَكَيْفَ أنامُ ؟ / يَا شُموساً تَبكي في الزِّحامِ / حَنجرةُ الرِّياحِ هِيَ بَصْمَةُ الموْتَى عَلى جَسَدِ اليَاقُوتِ / وَمُذْ ماتَ الحوتُ الأزرقُ لَم تَتَعَطَّرْ أسماكُ القِرْشِ/ لَن يَكْسِرَ عُزْلَتي إلا مَلَكُ الموْتِ/ أتزيَّنُ للدِّيدانِ/ أرْتَدِي أجْمَلَ أكفاني / أتعطَّرُ بِدَمْعِ أبي / كَي يَستمتِعَ التُّرابُ وَهُوَ يَأكُلُني حُلْمَاً حُلْمَاً /
     بِلادي / تِلْكَ الجثةُ الْمُحْتَرِقَةُ في أُكسجينِ رِئتي / سَامِحْني أيُّها البَرْقُ / لَم أعُدْ قَادراً عَلى حَمْلِ قَلبي / أمعائي مُلْقَاةٌ عَلى الرَّصيفِ / وأنا أمشي إلى ضَريحي في الليلِ الباردِ / أجفاني مَملكةُ الجرادِ في أقْصَى مَدَى الرِّياحِ / وقَطَرَاتُ المطَرِ مَاتَتْ في شِتَاءِ الرَّصاصِ / لَكِنَّ العَصافيرَ تَنْقُرُ طُحَالَ العَواصفِ في قِمَمِ الجِبَالِ البَعيدةِ / والمِكْياجُ مَخلوطٌ بِدَمِ الحيْضِ تَحْتَ شُموعِ الوَداعِ /
     صَدِّقْني أيُّها الرَّعْدُ/ لا يُمْكِنُ أن تَصْلُبَ المصْلُوبَ/ أنا الغريبُ لَم أجِدْ جُثتي / فَكَيْفَ سَيَجِدُها الغُرباءُ ؟/ أنا عَاطِلٌ عَنِ الوَطَنِ/ لكنَّ النَّهْرَ وَضَعَ اسْتِقَالَتَهُ عَلى مَكْتَبِ البَحْرِ/ انكَسَرَ الْحُلْمُ بَيْنَ قَارُورةِ الحِبْرِ وَقَارُورةِ السُّمِّ/ والأطفالُ يَبْحَثُونَ عَن جُثَثِ أُمَّهَاتِهِم بَيْنَ قَطَرَاتِ المطَرِ وَقَطَرَاتِ الدَّمِ/ 
     أَيَّتُها الإِمَاءُ اللواتي يَغْتَسِلْنَ بالنَّمْلِ / دَمُ الحيْضِ عَلى فُرشاةِ الأسنانِ تِذْكاراً للحَطَبِ / تَنامُ العَناكبُ عَلى قِطَعِ الصَّابون/ وَتَغْسِلُ البَنادقُ بَلاطَ السُّجونِ بِدِمَاءِ البَجَعِ الطريدِ/ تَركضُ الدَّلافينُ عَلى أغصانِ المطَرِ اليابِسِ / حُبُوبٌ مُنَوِّمَةٌ لِفِئرانِ الذِّكرياتِ / كَي تَكْسِرَ الفَريسةُ المِصْيَدَةَ / ضَوْءُ القَمَرِ يَتكسَّرُ في أجفانِ الضَّحايا/ أقولُ لِصَوْتِ الرَّصاصِ إِنَّ الموْتَ يَسيرُ عَلى نوافذِ بَيْتي/ مَاتَ الْمَلِكُ / وَسَقَطَ التَّاجُ عَلى رُقعةِ الشِّطْرَنجِ .