خسرتُ الشركسيات ولم أربح الأرثوذكسيات / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..............
( مَن
يُرِدْ كُلَّ شَيْءٍ يَخْسَرْ كُلَّ شَيْءٍ )
تُولَدُ
زَهرةٌ دَموِيَّةٌ طاهرةٌ بَيْنَ الهِلالِ والصَّليبِ / وَتَرْمي العُقبانُ جَماجمَ
الراهباتِ في زُجاجاتِ الشَّمْبَانيا / وَعِندَما أَمُوتُ سَأَتَحَرَّرُ مِنَ الفَراغِ
العاطفِيِّ / أتزوَّجُ الدِّيدانَ وَأُنْجِبُ التُّرابَ/ لا شَارِعٌ يَحْمِلُ اسْمَ
جُثتي الْمُتَحَلِّلَةِ/ ولا أوْسِمَةٌ تُزَيِّنُ عِظامي القَذِرَةَ/ يَصْطَدِمُ
الجرادُ بِزُجاجِ الكاتِدْرَائِيَّاتِ/ هَذا النَّزيفُ
في أجنحةِ الشَّلالاتِ يَمامةٌ للصَّوْتِ الكِلْسِيِّ الصَّدى الوَحْشِيِّ / أَحْضِرُوا
تابوتَ الفَيَضَانِ في عِيدِ مِيلادِ الزَّبَدِ / لا أَبْحَثُ عَن مَجْدِ الأقنعةِ
/ أَبْحَثُ عَن وَجْهي خَارِجَ المرايا /
الصَّدى مِرْآتِي / والأمواجُ طَلِيقَتِي / ودِمَاءُ
السِّنديانِ عَلى مِشْطِ الذبابةِ / ونزيفُ الرَّاهبةِ العَمْياءِ عَلى فُرشاةِ
أسنانِها / يَنْشُرُ حُزْنُ الفَراشاتِ الغسيلَ عَلى شَجرةِ الضَّبابِ / شَرْكَسِيَّةٌ
تعتني بِحِصَانِها في سَيْبِيريا/ وَتُرَبِّي الفُهودَ في رُموشي الْمُبْتَلَّةِ
بالرَّصاصِ / لَم أَشْرَب الفُودكا مَعَ الرَّاهباتِ في حِصَارِ ستالينغراد / فَازْرَعِي
الْخَنْجَرَ الفُسْفُورِيَّ بَيْنَ فَلْسَفَتِي وَهَلْوَسَتِي / وَكُونِي مِثْلَ رَاهبةٍ
تَنْسَى عُلبةَ الكِبْريتِ في مَطْبَخِ الدَّيْرِ / وَاحْرِقِي سُفُني / لَن أَعُودَ
إلى صَدْرِ أُمِّي / انكَسَرَتْ جَدائلُ أُمِّي بَيْنَ شَهيقي وزَفيري / فَاذْكُرِي
فَصيلةَ دَمي حِينَ تَمْشِي الشَّرْكَسِيَّاتُ في جِنازتي / وَتَقْرَأُ الفَراشاتُ
حِكَايتي / تَتَزَاوَجُ الصُّقورُ عَلى كَتِفِ حَارِسِ مَقْبرتي / وَيَسْتَسْلِمُ
الجنودُ بَيْنَ رَسائلِ الغرامِ والْحُبُوبِ الْمُنَوِّمَةِ / سَقَطَ كُحْلُ
النِّساءِ في الخنادقِ / ويُغَنِّي الأغرابُ للأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ /
فَلا تَكْرَهِي
ذِكْرَياتِ الرَّمْلِ حِينَ يَرْحَلُ البَدَوِيُّ مِنْ بَيْتِ الشَّعْر إِلى الْمَحْفِلِ
الماسُونِيِّ / كُلُّ شَيْءٍ ضَاعَ / وَلَم يَعُدْ هُناكَ شَيْءٌ أبكي عَلَيْهِ / فَابْكِي
عَلَيَّ لِتُصْبِحَ أجفانُ اللبُؤَاتِ مُسْتَنْقَعَاً / وَأَصْطَادَ الضِّفدعةَ الْمُكْتَئِبَةَ
في الليلِ السَّحيقِ / حُزني نَبَاتِيٌّ / وَاكتئابي آكِلُ لُحُومٍ / قَبْرُ الفَراشةِ
غَارِقٌ في طِينِ الشِّتاءِ/ وَقَبْرُهَا في قَلْبي لا يَغْرَقُ/ هَذِهِ المقبرةُ
مَمْلَكتي/ والأضرحةُ جُنودُ الصَّدى الْمُنْتَصِرُونَ / والملوكُ المهزومُونَ يُبَدِّلُونَ
أقنعةَ الإِمَاءِ/ خَسِرْتُ الشَّرْكَسِيَّاتِ خَسِرْتُ الأُرْثُوذُكْسِيَّاتِ / مَا
أصْعَبَ أن تَخْسَرَ مَرَّتَيْنِ في حَرْبٍ وَاحدةٍ / أُوَحِّدُ أمواجَ البَحْرِ ضِدَّ
البَحْرِ / أُوَدِّعُ الغرباءَ الذينَ يَبْنُونَ قُصُورَ الرَّمْلِ بَيْنَ
الكافيارِ والصَّدَمَاتِ العاطفِيَّةِ / تُصْبِحُ عُلَبُ السَّرْدِينِ وَاقِياً ضِدَّ
الرَّصاصِ / وَتُوقِفُ شَرْكَسِيَّةٌ سَيَّارةَ المرسيدسِ أمامَ قَبْري / تَقْرَأُ
الفاتحةَ / وَتَرْحَلُ إلى شَمْسِ الشِّتاءِ .