سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

01‏/10‏/2019

لا تتركيني يا إسطنبول / قصيدة

لا تتركيني يا إسطنبول / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...............

أنا مَكسورٌ لأنِّي لَم أتزوَّجْ شَرْكَسِيَّةً
أنا مُكْتَئِبٌ  لأنِّي  لَم  أتزوَّجْ  تُرْكِيَّةً
أنا  مُنطفِئٌ  لأنِّي  لَم  أتزوَّجْ بُوسنِيَّةً
أنا  مُحْتَرِقٌ  لأنِّي لَم  أتزوَّجْ فَارِسِيَّةً

     لِمَاذا دَمي يَدْهَنُ الأرصفةَ يَا إِسْطَنْبُول ؟ / بَناتُكِ اللواتي يَنْشُرْنَ الغَسيلَ عَلى أعصابِ المطَرِ / هَل يَعْرِفْنَ بُوصَلَةَ جِنازتي ؟ / لماذا أنا فَاشِلٌ في الْحُبِّ يَا إِسْطَنْبُول ؟ / بَنَاتُكِ اللواتي يَقْرَأْنَ الفَاتحةَ أمامَ قَبْري / هَل يَعْرِفْنَ ضَوْءَ القَمَرِ الذي يَغْسِلُ أعشابَ ضَريحي ؟ / لماذا يا وَردةَ الشَّفقِ لَم أتزوَّجْ تُرْكِيَّةً/ لأكتشِفَ سِرَّ امتدادِ حِجَابِها في بَراري رِئَةِ الغابةِ ؟ / كُرَيَاتُ دَمي تَزْحَفُ عَلى دَبابيسِ حِجَابِكِ/ يَا وَرْدةً تَدْخُلُ في البَحْرِ/ وَتَخْرُجُ مِن ألواحِ صَدْري نشيداً للطيورِ الْمُحْتَرِقَةِ بالذِّكرياتِ/
أسيرُ في الصَّحراءِ الفِضِّيةِ حَافياً / أُطَالِبُ بِدَمِ عُثمان / وَأسألُ الرِّياحَ عَن دِمَاءِ الْحُسَيْنِ / أحْمِلُ جُثمانَ الأنهارِ عَلى رُموشي / وَالْمَوْجُ يُوَزِّعُ الدُّموعَ عَلى أجفانِ الرَّاهباتِ /
     يَا أُختي الأرْصِفة / أنا حَزينٌ لأنَّ النَّهْرَ سَجينٌ في مُسْتَشْفَى الأمراضِ العَقْلِيَّةِ / أنا خائفٌ لأنَّهم وَجدوا الشُّطآنَ مَقتولةً في شَقَّتِها / لَوْ أَقْدِرُ أَنْ أُذَوِّبَ نِساءَ الأرضِ في كُوبِ يَانسون / وأشْرَبَهُ كَي تَرتاحَ أعصابي/وتنامَ الغاباتُ عَلى مَساميرِ نعشي/وتُولَدَ البُحَيرةُ في قَفَصِي الصَّدْرِيِّ حُرَّةً/ لا تُصَدِّقْ نَزيفي الخائنَ يا ضَوْءَ القَمَرِ / أنا العاشقُ المقتولُ في صَوْتِ المطَرِ / والمقتولُ العَاشِقُ في أدغالِ الصَّدى / أُحِبُّكِ يَا امْرَأةً تُولَدُ في الشَّفقِ / وَتمشي تَحْتَ جُسُورِ سَراييفو /
     في رِئَةِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أزرعُ رَاياتي / وَأُعْلِنُ انتصاري على الإِسْكَنْدَرِ / وَفي قَلْبِ القُسْطَنْطِينِيَّةِ أَرْمي جَدائلَ الرِّيحِ سَجَّادةً للفَاتِحِ / قَتَلُوا دُودي الفايد / وَصَارُوا بَعْدَهُ رُومَانسِيِّين / دَجَاجَاتي اليَتيمةُ تُسَاقُ إلى حَبْلِ المِشْنقةِ في لَيالي الذُّعْرِ / مَا مَوْقِفُ الدِّيكِ الرُّومِيِّ مِن مَذْبَحتي الْمَوْسِمِيَّةِ ؟ /
     لأَنِّي مِسْكِينٌ تَلْعَبُ النَّيَازِكُ بِعَوَاطِفِي / فيا أيَّتُها الأحزانُ النَّائمةُ عَلى مِشْطي / عُيُونُكِ تُفَّاحةُ القَتْلى / وأَجْفَانُكِ وَرْدَةُ الأمواتِ / حَلُمْتُ أَنِّي أُقْتَلُ في طَريقي إلى صَلاةِ الفَجْرِ / أَقِيسُ حَجْمَ الأدغالِ الضَّوْئِيَّةِ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ بِحَجْمِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / أرْجُوكِ يا مَرايا الخريفِ القُرْمُزِيَّةَ / لا تَحْرِقِيني / إنَّ عُودِي لا يَزالُ أخضرَ / يُنادي عَلَيَّ النَّهْرُ / لأَقُصَّ أظافِرَهُ قَبْلَ لِقاءِ عَشِيقَتِهِ البُحَيرةِ /
     سُلْطَةُ الموتى على مُدُنِ النَّحيبِ/ وَالطيورُ تَنصَهِرُ في ضَوْءِ المِئْذَنةِ الأخضرِ/ كُنْ عَشيقَ الأمطارِ/ كَي تَمْشِيَ السَّنابلُ إلى قَبْرِكَ / صَارَتْ شَوَاهِدُ القُبورِ أرقاماً مَنْسِيَّةً في جَدْوَلِ الضَّرْبِ / أموتُ بِلا عَائلةٍ في هَذا السُّعالِ البُرتقالِيِّ / يَرْثِيني المساءُ في زِنزانتي الانفرادِيَّةِ / وَتَرِثُنِي المقاصِلُ في إسْطَبْلِ البُكاءِ / السِّجْنُ وَحْدَهُ سَيَحْمِلُ اسْمِي بَعْدَ اغتيالي / سَتُصْبِحُ أظافري أرقاماً للزَّنازينِ / التي يُضِيئُها دَمي اللزِجُ /
     يَا دَمِيَ الوَحيدَ/ سَتَهْبِطُ عِندَ الفَجْرِ في إِبْرِيقِ الوُضوءِ / خَشبُ التَّوابيتِ يَصيرُ مَطْبَخَاً للأراملِ/ أخُوضُ حَرْباً أهْلِيَّةً دَاخِلَ جِسْمي / وَكُلُّ بَيْتٍ سَيُصْبِحُ خَالِيَاً / وَيَحْتَلُّ الغبارُ زُجاجاتِ العِطْرِ / لَكِنِّي أُفَتِّشُ عَن قُبورِ عَائلتي في تُفَّاحِ المجازرِ / رَأيتُ الحقائبَ المدرسِيَّةَ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / والصَّحراءُ تُعَلِّمُ الرَّمْلَ كَيْفَ يَقْتُلُ الْحُبَّ في ذَاكرةِ النَّيازكِ / والذبابُ الكلاسيكِيُّ يَعْزِفُ عَلى الْجُثَثِ لَحْنَ الصَّحاري الجليدِيَّةِ / كأنَّني تَزَوَّجْتُ حُكومةَ الزَّبَدِ في عِيدِ انتحارِ الوَطَنِ / اهتزازُ حَبْلِ الغسيلِ بَيْنَ يَدَيْكِ / كاهتزازِ أعصابي أمامَ عَيْنَيْكِ / وَالْمُرَاهِقَاتُ الْمَصْلُوباتُ عَلى الشَّفقِ يُخَبِّئْنَ وُجُوهَ الرِّجالِ في الذِّكرياتِ / صَدِّقْني أيُّها الضَّبابُ / ذَلِكَ الْحُزْنُ في جَبينِ الصَّنوبرِ هُوَ جِلْدي / لَكِنِّي نَسِيتُ أقنعتي في غُرفةِ الإعدامِ /  فَارْتَدَيْتُ سُعالَ البُحَيرةِ / لا قَمَرٌ يَحْضُنُ دُموعي في ليالي الشِّتاءِ ولا شَمْسٌ /
     حِينَ يَنْبُتُ العُشْبُ عَلى جُثَثِ العَرَائِسِ / أُنادي عَلى أُمِّي النَّائمةِ بَيْنَ الزَّيتونِ والطوفانِ / ذَهَبَ العَرُوسانِ إلى الفَجْرِ الكاذبِ بِلا عَوْدَةٍ / انتَهَى عُرْسُ الظِّلالِ / وانكَسَرَتْ أطيافُ البَجَعِ في أشِعَّةِ القَمَرِ / وَبَقِيَ عُمَّالُ النَّظافةِ يُكَنِّسُونَ دِمَاءَ العُشَّاقِ الفَاشِلِين / وَالبَاعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ يَمْسَحُونَ دُمُوعَهُم عَن زُجاجِ السَّياراتِ الفَارهةِ / جُثماني مَفْرُوشٌ في السَّياراتِ العَسكرِيَّةِ / وكانَ ضَريحُ المطَرِ حَجَرَ نَرْدٍ عَلى تَابوتِ النَّهْرِ /
     افْتَحِي نوافذَ نَبْضِكِ للرِّيحِ / ثِقِي بأحزانِ السَّبايا عَلى أغصانِ الفَجْرِ/ يَتَكَسَّرُ قِناعُ الحضَارةِ بَيْنَ عُروقِ الفَيَضَانِ / فَلا تُخْبِري أُمِّي بِمَوْتي / لا أُرِيدُ مِنَ الموْجِ أن يَبْكِيَ عَلى البَحَّارةِ الغَرْقى في دُموعِ نِسَائِهِم / جِرَاحُ المدينةِ تَدْخُلُ في البَحْرِ / ولا تَخْرُجُ /
     لِلعُشَّاقِ الخارِجِينَ مِن عُنفوانِ حَفَّارِ القُبورِ / يُغَنِّي المطَرُ البَنَفْسَجِيُّ / فَكُنْ وَاثِقَاً مِنَ الموْتِ الرَّاكضِ بَيْنَ السَّنابلِ/ أُحِبُّكِ يَا قَاتِلَةَ الأُكسجينِ في رِئتي الأُولَى/ المقتولةُ في الرِّئةِ الثَّانيةِ / فَاصْرُخي زَنابِقَ الغَيْمِ في وَجْهِ البَحْرِ / كُلُّ وَرْدَةٍ عَلى ضَفائرِ التُّرابِ اسْمٌ للثَّوْرَةِ / كُونِي ثَوْرَتي / إنَّ أظافري تُولَدُ في فُوَّهاتِ المدافِعِ / فاخْرُجي مِن فُوَّهةِ الدَّمْعِ / ولا تَجْرَحي كِبْرِيَاءَ البنادقِ في لُعابي /
     تِلْكَ بِلادي / أصابِعُهَا شَرْعِيَّةُ البُرتقالِ في التَّوابيتِ الْمَصْفُوفةِ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / نُرَتِّبُ أحزانَ الأراملِ في مُسْتَوْدَعَاتِ الأسلحةِ الصَّدِئَةِ / وَيُوَزِّعُ البَاعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ الأوسمةَ العَسكرِيَّةَ عَلى الجنودِ المهزومين / سَيَمُوتُ عُمَّالُ النَّظافةِ عَلى صُدورِ زَوْجَاتِهِم / وتَمُوتُ البُحَيرةُ بَيْنَ سَرَطَانِ الثَّدْيِ والرَّسائلِ الغرامِيَّةِ للبَحْرِ/ تَلْمَعُ الأوسمةُ البلاستيكِيَّةُ عَلى صُدورِ النَّخَّاسِين/وَالنُّسُورُ الْمُحَنَّطَةُ في دَمِ الزَّيْتُونِ تَقْرَأُ وَجْهَ الزَّوْبعةِ / وَيُفَتِّشُ ضَوْءُ القَمَرِ في شَرايينِ الإسْبَانِيَّاتِ عَن دِمَاءٍ عَرَبِيَّةٍ / وَمَناديلُ الوَدَاعِ تَحْتَ شَمْسِ قُرْطُبَة / تَتَسَاقَطُ في الْمُومياءِ الأُرْجُوَانِيَّةِ / جِلْدُ الفَرَاشَةِ مُرَصَّعٌ بالإِمَاءِ / فَلا تَحْمِلْ يَا مَطَرَ الْجُرُوحِ جُثَثَ الملِكَاتِ في عَرَبَاتِ الْخُضَارِ / سَتَظَلُّ الجثامينُ المجهولةُ في بَراري الكُوليرا / سَتَأتي الصُّقورُ العاجِزَةُ جِنسِيَّاً مِن ذَاكرةِ الغَسَقِ / ويَنامُ حُزْنُ التِّلالِ عَلى أزْرَارِ قَميصي / ولَيْسَتْ غُربةُ القَلْبِ المكسورِ سِوَى ثِيَابٍ للدُّخَانِ /
     كُلُّ شَرايينِ الكَرَزِ تَموتُ / لا شَيْءَ في خِزَانةِ الخريفِ سِوَى الأكفانِ البَيْضَاءِ وقَميصِ النَّوْمِ الأبيضِ/ دَمي يُلَمِّعُ المِسْمارَ الأخيرَ في نَعْشي/ فَاقْرَأ الأُمْنِيَّةَ الأخيرةَ للمَحكومِ بالإعدامِ أمامَ جُثةِ البَحْرِ العاريةِ / ولا تَخْجَلْ مِنَ البَحْرِ / أنتَ البَحْرُ / فَاجْمَعْ حُطَامَ السُّفنِ في أرشيفِ القَرابينِ / وَحْدَهُ التُّرابُ مَن سَيَرْفَعُ أقواسَ النَّصْرِ عَلى أضْرِحَتِنَا / وكُلُّ مَا فَوْقَ التُّرابِ تُرابٌ /
     نَزيفي يَغْسِلُ الْحُلْمَ الأخيرَ في ذَاكرةِ التَّابُوتِ / فَاصْعَدْ عَلى جُثمانِ الرِّياحِ يَا مَوْجُ / وأعْلِن انتصارَ الغبارِ على الغبارِ / دَخَلَتْ أحزانُ الرَّاهباتِ في البَحْرِ وَلَم تَخْرُجْ / يَعيشُ الليلُ مُرَاهَقَتَهُ الْمُتَأخِّرَةَ في جَدائلِ الأمطارِ/ فَشُكْرَاً للمَوْتِ الذي يُدَافِعُ عَن شَرَفِ الرِّياحِ / شُكْراً للشُّموسِ التي تَحتفِلُ بِاسْتِقْلالِ عُرُوقي عَن أنهارِ الصَّدى / إِنَّ نَهْرَ العِشْقِ هُوَ وَرِيثي الشَّرْعِيُّ / وأنا الْمُشَرَّدُ في الأعاصيرِ الكريستالِيَّةِ / فابْحَثْ عَن شَرعِيَّةِ الأشجارِ في الانقلابِ العَسكريِّ /
     لَوْ أنِّي دَبُّوسٌ في حِجَابِكِ يَا ابْنَةَ السَّلاطِين / أوْرِدتي تَخُونُ رَائحةَ الثلجِ في الليلِ الطويلِ / والبَحْرُ يُعَلِّمُني كَيْفَ أُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحمةِ عَلى الذِّكرياتِ التي لا تَرْحُمُ / عَرَفْتُ الطريقَ الْمُوصِلَ إِلَيَّ / وَالتِّلالُ الذهبيةُ عَرَفَتْ طَريقَ قَلْبي تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ / أفتحُ عُروقي للعَوَاصِفِ الفِضِّيةِ / كَي تَغْرَقَ الشُّموسُ في دِمَائي النُّحاسِيَّةِ / أناشيدي تَتَزَوَّجُ ضَوْءَ القَمَرِ الميْتِ / وَيَحْتَفِلُ بِأعراسِ بَناتِ آوَى النِّفطُ الْمُلْتَصِقُ عَلى رَاياتِ القَبائلِ/ الطحالبُ تَلتصِقُ عَلى أوْعِيَتي الدَّمَوِيَّةِ / فَلا تَسْقُطْ يَا جُرحي في جَدائلِ الإِمَاءِ / عَرَقُ النَّيازكِ هُوَ أرشيفُ الطيورِ الجارحةِ / فَلا تَجْرَحْ جَبينَ الليلِ/ وَكُنْ رُومانسِيَّاً حِينَ تَرْحَلُ الأمواجُ إِلى جَثامينِ السُّنونو/ واحْفَظْ دَرْسَ الْجُغرافيا في المدرسةِ/ كَي تَعْرِفَ تِلالَ وَطَنِكَ المسروقِ/ وتَرْسُمَ خَارطةً لِضَريحِ أُمِّكَ في الغروبِ/ وتُنَقِّبَ عَن أحلامِ الطفولةِ/
     يَا إِسْطَنْبولُ التي تُولَدُ مِن مَمَاتي / كَيْفَ نلتقي خَارِجَ مُسَدَّساتِ الغروبِ ؟ / بَعْدَكِ صَارَ قَلبي دَوْلةً بُوليسِيَّةً / فَارْحَمِي عَاشِقاً يَمُوتُ في طَريقِ الكَرَزِ / وَالقِطَطُ تُحَدِّقُ في سُعَالِهِ الأُرْجُوَانِيِّ / أرْجُوكَ أيُّها النَّزيفُ الفِضِّيُّ / اخْتَصِر الهِضَابَ في كَلامِ الزَّنابقِ / وَلا تَسْمَحْ لِدَمْعِكَ أن يَتْبَعَ ضَفَائِرَ البَدَوِيَّةِ نَحْوَ احْتِضَارِها/ سَتَرْكُضُ الآبارُ إلى عَرْشِ البُكاءِ/ ولا عَرْشَ لِجُرْحِكَ سِوَى جماجمِ الضِّياءِ/
     يَا امْرَأةً يَزْحَفُ الثلجُ الأحمرُ عَلى رُمُوشِها / خُذِيني خَاتَمَاً في إِصْبَعِكِ / أَجْفَانُكِ أجْمَلُ حَقْلِ ألغامٍ / فَلا تَلُومِيني إذا انفَجَرَتْ عُرُوقي عَلى أسْوَارِكِ / يَلْعَبُ الأطفالُ عَلى سُورِ المقبرةِ / ويَلْعَبُ النَّخَّاسُونَ بِنُهُودِ الجواري / اذْكُرْني يَا قَمَرَ الموانِئِ شَجَرَاً ذَاهِبَاً إلى حَتْفِهِ / مَاذا فَعَلْتُ لَكِ حَتَّى تَقْتُلِيني مَرَّتَيْنِ ؟ / احْرُثي جَسَدَ الشَّفَقِ بِدُمُوعي / وَلا تَبْكِي عَلى جَبينٍ تَنَاثَرَ في أسَاوِرِ الغَيْمَاتِ / كُلَّما أحْبَبْتُكِ اقْتَرَبْتُ مِن نَبَضَاتِ حَديقتي/ حَديقتي الجليدِيَّةُ بِلا أراجيحَ ولا أطفال/ أُعِيدُ اكتشافَ أظافري في ضَوْءِ المجرَّاتِ/ أكتشِفُ فِيكِ أُمِّي / يَا قَاتِلَتي التي لا تَرْحَمُ صَهيلَ كُرَيَاتِ دَمي / أنتِ المقتولةُ بِدُمُوعِ عَاشِقِكِ / أحِبِّيني أو اكْرَهِيني/ انثُري مَشَاعِرَكِ عَلى وَجْهي/ هذا جَسَدي حَجَرُ نَرْدٍ/ هَذا بُكائي الأخرسُ رُقعةُ شِطْرَنجَ / فالْعَبي لُعْبَتَكِ الأخيرةَ / لَن أعتَرِضَ عَلى مَوْعِدِ ذَبْحي إذا كانتْ عُيُونُكِ مِقْصَلتي / إِنْ لَم تُصَدِّقي الأدغالَ البلورِيَّةَ في نشيدي / فَصَدِّقي ضَوْءَ أظافري في السَّحَرِ / كَيْفَ أنساكِ وَرُمُوشُكِ خَناجِرُ في صَدْري المكشوفِ لِهِجْرَةِ طُيورِ البَحْرِ ؟ / هَاجِري مِن رِئتي الأُولَى إلى الثانيةِ/ أنا سِجْنُكِ / وأنتِ سَجَّانتي / فَاحْكُمِي عَلَيَّ بالإِعدامِ أو الأشغالِ الشَّاقةِ / أُرِيدُ أن أموتَ بَيْنَ يَدَيْكِ / نَحْنُ مَحْكُومُونَ بالحنينِ والانتظارِ / الحنينِ إلى وَطَنٍ مَات / وَانتظارِ مَلَكِ الموْتِ / اتْرُكي النَّسْرَ الجريحَ للمَوْتِ / سَتَأتي الرِّيَاحُ لِتُكَفِّنَني / لأَنِّي أُحِبُّكِ سَأُدْفَنُ مَرَّتَيْنِ / مَرَّةً في جَبْهَتِكِ / وَمَرَّةً في السَّحَابِ / إِنَّ ضَفَائِرَكِ تَحْرُثُ الشَّفَقَ / فَمَنْ يَحْرُثُ دُمُوعي حِينَ تَرْحَلُ أُمِّي إلى المطرِ وَتَتْرُكُني للنِّساءِ الْمُتَوَحِّشَاتِ ؟/ لَقَد انتصرتِ يا سَيِّدَةَ الأحزانِ عَلى أحزانِ القَمَرِ/ والليلُ يُذَوِّبُ صُداعي في احتضارِ المدينةِ / وَالْحُزْنُ هُوَ مَدينتي البَعيدةُ /  
     عَاشِقَةَ جِنازتي / رَفيقةَ بُكائي / أنا الشَّجَرُ الأعمَى الذي تَرَكْتِني في مُنْتَصَفِ الطريقِ / أحتاجُ عُيُونَكِ لِتُضِيءَ لِي نَبَضَاتي عَلى لَمَعَانِ المقاصلِ / فَلا تَكُوني قَاسِيَةً عَلى أَوْرِدَةِ الغَيْمِ / كُلُّ الطيورِ الذبيحةِ تُهاجِرُ مِن قَلبي إلى قَلْبِكِ/ والزَّوابعُ تَنْحِتُ قَبْري في قَلْبِكِ / سَجَّاني وَحَفَّارُ قَبْري يَتَقَاسَمَانِ رَقْمَ ضَريحي كَالْجُثةِ البَاردةِ / أنا وَسَجَّاني سَجِينَانِ في الذِّكرياتِ والأمطارِ / وأرْمَلَتي تَبْحَثُ عَن ضَريحي في ليالي الخريفِ / اتبَعْنِي أيُّها البَحْرُ / إِنَّني أرَى مَا لا تَرَاهُ / أنا التَّابُوتُ الرَّائي والقُبُورُ الْمَرْئِيَّةُ / أرَى صُراخَ الضَّحايا / لَكِنِّي لا أرَى دَمي في حُفَرِ المجاري/ جُثْمَاني مِن أزهارِ الرَّبيعِ / وَأكفاني مُسْتَوْرَدَةٌ مِنَ الدُّوَلِ البُوليسِيَّةِ / يَصُبُّ نَهْرُ الأحزانِ في دَمي / لَكِنِّي لا أعْرِفُ مَنْبَعَهُ / كُلُّ تَاريخي في حُقولِ القَرابينِ أحزانٌ لا أعْرِفُ مَصْدَرَهَا / أُحِبُّكِ وأهربُ مِنكِ / لأنَّ الموْتَ يَقْفِزُ في عَيْنَيْكِ / تَخْتَبِئُ الْمُسَدَّسَاتُ تَحْتَ جِلْدِ الطوفانِ / وأهْرُبُ مِن جِلْدي / أُوَدِّعُ الشَّوارعَ قَبْلَ أن يَغتالَني الْحُبُّ / قَتَلْنَاكَ أيُّها العِشْقُ ثُمَّ تَقَمَّصْنَاكَ/ ذَبَحْنا البَرَاءَةَ في عُيُونِ نِسائِنا / ثُمَّ بِعْناها في السُّوقِ السَّوْدَاءِ/ الذينَ أحْبَبْنَاهُم قَتَلْنَاهُم/ والذينَ أَحَبُّونا جَرَحْنَاهُم / ضَائِعٌ أنا في سَرَابِ شَراييني / وَلا مَاءَ في صَحْرَاءِ قَلبي/ كَي تَشْرَبَ الدَّلافين/ واكتئابي سَمَكَةُ قِرْشٍ لا يَقْدِرُ الرَّعْدُ أن يَصْطَادَهَا / فَاتْرُكْني أيُّها البَرْقُ أُنقِّبْ عَنِ النِّفْطِ في جَماجمِ السَّبايا / صَوْتُ المطَرِ مَبْحُوحٌ / وَجُثَّةُ البَحْرِ تَعيشُ في زَفيري مُرَاهَقَتَهَا الْمُتَأخِّرَةَ / وأعلامُ القَبائلِ مِنَ الملابِسِ الدَّاخِلِيَّةِ / وأنا الغريبُ / أستأجِرُ قَبري مِن أشِعَّةِ القَمَرِ / وأترُكُ مَكاني للقَادِرِينَ عَلى الدَّفْعِ /
     هُنَاكَ / في أقصَى مُدُنِ البُكاءِ / تَابوتُ امْرَأةٍ مَجْهُولةٍ يَعْزِفُ عَلى البيانو/ وَالتِّيجانُ تُزيِّنُ نُعوشَ قُطَّاعِ الطُّرُقِ/يَا عُشْبَ المجرَّاتِ البلاستيكِيَّ/ أنا ابْنُكَ المقتولُ بَيْنَ الرُّموشِ الزرقاءِ والأمطارِ القَديمةِ/ ولا تَزالُ الدِّيدانُ تَسْبَحُ في عُرُوقي / فاسْأل القَتيلاتِ في أحضانِ الرِّجالِ البَاردةِ/ لماذا تَرْحَلُ الأنهارُ إلى شَرايينِ المطَرِ ؟/ نَامِي أيَّتُها الرِّياحُ الشَّمْسِيَّةُ على جَبْهَةِ القَمَرِ المقتولِ / أيُّها الصَّقيعُ القُرْمُزِيُّ الذي يُغَطِّي نُعُوشَ الصَّبايا الْمُغْتَصَبَاتِ / احْتَرِقْ في بُكاءِ الرَّصيفِ / ولا تَنتظِرْ عِندَ دَمعاتِ الثلجِ البَنَفْسَجِيِّ امْرَأةً تَقْتُلُكَ / وَلا تَسْمَحْ لامْرَأةٍ غَيْرِ أُمِّكَ أن تُلَمِّعَ رُخَامَ احتضارِكَ تَحْتَ المطَرِ /
     أَضَعُ رَأْسي عَلى صَدْرِكِ يَا ابْنَةَ العُثْمَانِيِّين / وأبناؤُنا يَقْفِزُونَ عَلى الأثاثِ قُرْبَ الْمَوْقَدَةِ / والثلجُ يَأكُلُ زُجاجَ النَّوافِذِ / وأموتُ ضَوْءاً / فَيَا سَيِّدي مَلَكَ الموْتِ / أنا القَتيلُ قَبْلَ أن أراكَ / وَالْمَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَتِكَ/ أَحِنُّ إِلى بُحَيْرَةٍ تَعْبُرُ خَلْفَ زُجاجِ القِطَاراتِ / أُقَبِّلُ يَدَيْهَا وَأَدْفِنُ قَلْبي بَيْنَ عَيْنَيْهَا / أتزوَّجُ نفْسي لأرتاحَ مِن رُومانسِيَّةِ كُرَيَاتِ دَمي / أتزوَّجُ بَناتِ أفكاري لأقْطَعَ طَريقَ البَحْرِ عَلى بَناتِ آوَى / أُهَاجِرُ إلى ضَوْءِ عُيُونِ الأنبياءِ / تَارِيخاً مِنَ الأقمارِ المشروخةِ / التِّلالُ أَرْمَلَتي / لَكِنِّي لَم أَعْشَقْ سِوَى جُرْحي / وَالموْتَى الجالِسُونَ بَيْنَ أصابعي سَيَتْرُكُوني كَي أُزَوِّجَ الغُبارَ للغبارِ / وَسَوْفَ أظلُّ بِلا زَواجٍ /
     في تِلْكَ العَتَمَةِ الجارِحَةِ امْرَأةٌ تَتَزَيَّنُ لِقَاتِلِهَا / وأنا أتزَيَّنُ لِحِبَالِ المشانقِ / تَزَوَّجْتُ الصَّحراءَ وأنجبتُ الرَّمْلَ / فَلا تُفتِّشْ عَن أكفاني بَيْنَ مَسَاءِ الذاكرةِ وعُيونِ الأيتامِ/ سَوْفَ يَزُورُني الاحتضارُ بِلا مَوْعِدٍ / وأنا أبيعُ رُموشي للغُرَبَاءِ / كَي أَدْفَعَ أُجْرَةَ حَفَّارِ القُبورِ / أمْشِي في الطريقِ وَحيداً / والدِّيدانُ تَلْعَقُ نَزيفِيَ الأخضرَ .