الحب الضائع بين ظلال السيراميك / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
يَرْكُلُ الأيتامُ جُمْجُمَتي في حَدائقِ
الطاعونِ مِثْلَ كُرَةِ القَدَمِ / وَحيدٌ أنا في زَحْمَةِ أشلائي / حُزني
يَخْلَعُ أنابيبَ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ كأنظمةِ الْحُكْمِ / أنا المقتولُ في
المساءِ الخريفِيِّ الغامضِ/ أركضُ إلى شَاطِئِ الوَهْمِ كَي أَسْأَلَ قَاتِلِي/
ظِلِّي الأوَّلُ هُوَ دَمِي الثاني ؟/ طَيْفُ القَتْلَى يُطَارِدُنِي في أحلامِ
الطفولةِ / أخشابُ سَفينتي الغارقةُ هِيَ صُلْبَانُ الرَّاهباتِ العَمْيَاواتِ /
والذُّعْرُ يَرْكُضُ في أجفانِ الصَّبايا/ والرِّيحُ تُرَتِّبُ التوابيتَ عَلى سَطْحِ
كُوخي / أنا مَقبرةٌ مُتَنَقِّلَةٌ بَيْنَ صَهيلِ الزَّنابقِ / مَشَاعِري مَكْسُورةٌ
كَبَلاطِ الزَّنازين / قَلْبي مَهجورٌ كأعشاشِ النُّسورِ / التي مَاتتْ في رِئَةِ
البَحْرِ / وَقَعْتُ في آبارِ رُوحِي / سَقَطَ قَلْبي في حُفرةِ الدَّمْعِ / أركضُ
إلى احتضاراتِ البُحَيرةِ / أرى الطيورَ الجارحةَ تأكُلُ جَوَارِحِي/ أبكي عَلى شَاطئِ
العَارِ وَحيداً/ وَكَانَ الغُزاةُ يَمْشُونَ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ/ وَكُنْتُ أَجْمَعُ
عِظَامَ الغَرْقى كَطَوَابِعِ البَريدِ/ سَيَكُونُ قَبْري تَحْتَ شَجَرَةِ الصَّنَوْبَرِ
البَاكِيَةِ/ فَلا تَخَفْ مِن هَيْكَلي العَظْمِيِّ/ حِينَ يَعْقِدُ هُدْنةً
بَيْنَ القَبائلِ الْمُنْقَرِضَةِ/ لا بُدَّ مِنَ الْمَحْرَقَةِ كَي يَتَحَرَّرَ
الكَبْشُ مِن نَفْسِهِ / كُلُّنَا رَهَائِنُ في ذَاكرةِ الغَيْمِ / سَتَمُوتُ البُحَيرةُ
فِدْيَةً عَن البَحْرِ / يَغتالُنَا المطَرُ نِيَابَةً عَن الزَّوابعِ / سَوْفَ تَصْعَدُ
جَدائلُ السَّبايا مِن بَخُورِ القَرَابين / وأشلاءُ القَمَرِ تَصْعَدُ مِن شُقوقِ
الليلِ / سِحْرٌ قَديمٌ يَشُدُّنِي إِلى عَيْنَيْكِ يَا قَاتِلَتِي / سِحْرٌ سَمَاوِيٌّ
يَشُدُّني إِلى ضَريحي السَّابِحِ في الغروبِ / نَمْتَلِكُ نَفْسَ قَارُورةِ العِطْرِ
المكسورةِ / نَمْتَلِكُ نَفْسَ فَصيلةِ الدَّمِ الْمَسْمُومِ / نَمْتَلِكُ نَفْسَ
خَارِطَةِ المقبرةِ/ نَمْتَلِكُ نَفْسَ بَصمةِ الموْتِ / وَسَنَمُوتُ مَعَاً / وَنَسْبَحُ
في الشَّفَقِ الغامِضِ إلى الأبَدِ / أنا وقَلْبي وَصَلْنا إلى نُقطةِ اللاعَوْدَةِ
/ وَافْتَرَقْنَا إلى الأبَدِ /
في كُلِّ خَريفٍ / أرى امرأةً تَدُسُّ لِيَ السُّمَّ في عَصيرِ الذِّكرياتِ
/ قَبَّلَتْنِي الشُّموسُ التي تَغِيبُ في مُدُنِ الملاريا/ والحمَامُ الزَّاجِلُ
يَنتحِرُ في الخنادِقِ / وَمَجْدُ الجيوشِ يُكْتَبُ في الوَحْلِ/ الذي سَارَتْ عَلَيْهِ
الرَّاهباتُ الْمُغْتَصَبَاتُ / انتظِرْني أيُّها الوَهْمُ في دِمَاءِ الملوكِ
المخْلُوعِين / أَشْرَبُ عَصيرَ الليْمُونِ مَعَ حَارِسِ قَبْري / لِتَرْتاحَ
أعصابي قَبْلَ الاحتضارِ / أنا والبَحْرُ نَحْرُسُ أشجارَ المقبرةِ / والموْتُ
يَحْرُسُنا/ وَيَجْمَعُ ذِكْرَيَاتِنا كالعُملاتِ النَّادرةِ / كُنتُ أُرَتِّبُ
أثاثَ قَبْري/ وَرَأَيْتُ الدُّودَ يَأكُلُ لَحْمي بالمِلْعَقةِ والسِّكين / قُتِلْتُ
في الرَّبيعِ / لَكِنَّ الحمَامَ الزَّاجِلَ كَفَّنَني في الخريفِ / أَهْرُبُ مِنَ
النِّساءِ اللواتي يَعْشَقْنَ الْحُزْنَ في عُيُوني/ أحزاني هِيَ مُعَادَلَةُ
الرِّياضياتِ بَيْنَ صَوْتِ المطَرِ وَصَوْتِ الرَّصاصِ/ أَقْرَأُ اسْمِي في
صَفحةِ الوَفَيَاتِ/ ثُمَّ أَذْهَبُ إلى مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ /
بَيْنَ الأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ وَطُيُورِ الكُوليرا/ تُولَدُ نَخْلَةٌ عَمْيَاءُ
كأحزاني/ حُزني لا يُفَرِّقُ بَيْنَ حَبْلِ المِشْنقةِ وَحَبْلِ الغسيلِ / سَأَشْنُقُ
نَوَارِسَ البَحْرِ بِحِبَالِي الصَّوتيةِ / وأموتُ على خُدودِ الشاطئِ كالقُصورِ
الرَّمليةِ / التي بَنَاهَا الأيتامُ / وَرَحَلُوا إلى البُكاءِ السَّحيقِ / يَزْرَعُ
الرَّملُ مُغامَرَاتِهِ العاطفِيَّةَ في نُقطةِ اللاعَوْدَةِ / سَوْفَ يَشْرَبُ الْمَوْجُ
القِلاعَ الْمَبْنِيَّةَ مِن عِظَامِ الفُقَراءِ / والصَّدى الماحي يَسْرِقُ صَوْتَ
الرُّبَّانِ الغريقِ/ كُلُّ حِكَاياتِ الْحُبِّ تَمْشي إلى الفَراغِ بَعْدَ
اغتيالِ الشُّموعِ / وكُلُّ شُطآنِ الذِّكرياتِ تَسِيرُ إلى الوَهْمِ بَعْدَ التَّطهيرِ
العِرْقِيِّ /
أيُّها النَّسْرُ المشلولُ / ابْسُطْ جَنَاحَيْكَ عَلى جِيفةِ الحضارةِ /
انْثُرْ أحلامَ طُفُولَتِكَ عَلى أوْتَارِ الكَمَانِ المكسورِ / تُهَرْوِلُ
السَّنابلُ في نَعْشي / الوَطَنُ تُفاحةُ الرَّمادِ / وَالْمَنْفَى رَمَادُ التُّفاحةِ
/ أَمُوتُ في غَابةِ اللازَوَرْدِ مَنبوذاً / لا تاريخٌ وَرائي / ولا حَضارةٌ
أمامي / مَا تَبَقَّى مِن دِماءِ العُشَّاقِ عَلى صُخورِ الشَّاطئِ / أحْرَقَ
الضِّفْدَعُ اليَتيمُ جُثةَ البُحَيرةِ / ورَمادُ الْجُثةِ في عَصيرِ البُرتقالِ
أوْ قَارورةِ الحِبْرِ / يَخْرُجُ مِن احتكاكِ عِظَامي ضَوْءٌ / يُرْشِدُ السُّفُنَ
الضَّالةَ في دِمَاءِ الشَّفقِ / والأراملُ يَحْتَفِلْنَ بِذِكْرَياتِ الغَرْقَى/
والمطَرُ هُوَ المِصْبَاحُ المكسورُ عَلى سُورِ المقبرةِ/ أرَى فِرَاشَ الموْتِ في
لَيْلةِ الدُّخلةِ/ أرَى الموْتَ في كُلِّ زَهْرَةٍ تَتَفَتَّحُ / أَكَلَ الجرادُ
أوْسِمَتِي العَسكرِيَّةَ / وتَبْحَثُ بَناتُ آوَى عَن رَاتِبي التَّقَاعُدِيِّ /
لَكِنَّ عُشْبَ المقبرةِ جَرَّدَنِي مِنْ جِنسِيَّتي / وصَارَتْ جِنْسِيَّتِي نَهْراً
مَحْكُوماً بالإعدامِ / وأنا الْمَنْفِيُّ بَيْنَ طُبُولِ الْحَرْبِ وَمُوسِيقَى
الوَدَاعِ الأخيرِ/ أنا الْمُهَاجِرُ بَيْنَ الرَّايات البَيضاءِ وأُغْنِيَاتِ البَدْوِ
الرُّحَّلِ/ شَبِعْتُ مَوْتاً / وَالْتَقَيْتُ بأصدقائي القَتْلَى في طَريقِ البَحْرِ
قُرْبَ نِقَاطِ التَّفتيشِ / والبَحْرُ خَرَجَ مِنْ جِلْدي وَلَم يَعُدْ /
أيُّها النَّهْرُ المجروحُ عَاطفِيَّاً / جَسَدُكَ مَعَ الكَاهِنَةِ / وَقَلْبُكَ
مَعَ السَّاحِرَةِ / وَلَم تَعْرِف الرَّاهباتُ الطريقَ إلى الأدْيِرَةِ القَديمةِ
تَحْتَ الأمطارِ/ يَا شُطْآنَ الدَّمْعِ/اقْتُلي الْحُبَّ في قَلْبِ البُحَيرةِ كَي
تَرتاحَ/ كُسِرَت التِّيجانُ / وَسَقَطَت الْمَمَالِكُ / والْمَلِكُ المخلوعُ
يَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ الجواري/ اللواتي يَغْتَسِلْنَ بِمَاءِ عُيُونِهِنَّ
في لَيْلةِ الرَّحيلِ / والرَّاهبةُ العَمْياءُ تَهُزُّ ثَدْيَيْهَا في سَراديبِ مَحاكمِ
التَّفتيشِ /
الكِلابُ البُوليسِيَّةُ تَلتهِمُ نُهُودَ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ عِندَ
الحواجِزِ العَسكرِيَّةِ / مَاتَ الْمَلِكُ / وانتَهَتْ لُعبةُ الشِّطْرَنجِ / وَالملِكَةُ
لَم تَسْتَفِدْ مِنَ الأشعارِ الرُّومانسِيَّةِ في مُمَارَسَةِ الجِنْسِ / أنظرُ
إلى المرايا / وَأَسْأَلُ الصَّدى بَعْدَ اغتيالِ الصَّوْتِ / مَن أنا ؟ / أَرْحَلُ
إلى طُفولةِ الزَّوابعِ / الأراجيحُ مُعَلَّقَةٌ عَلى حِبَالِ المشانقِ / يَبْني
الأطفالُ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ / وَيَبْحَثُونَ عَن جُثَثِ آبائِهِم في الزَّنازينِ
الانفرادِيَّةِ / يَلْعَبُ الأيتامُ كُرَةَ القَدَمِ / وَيَبْحَثُونَ عَن جَثامينِ
أُمَّهَاتِهِم في الأمطارِ الْمُضيئةِ / ذَهَبَتْ رُومانسِيَّةُ النِّساءِ إلى فِرَاشِ
الموْتِ / وَبَقِيَتْ حَمَّالاتُ الصَّدْرِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / (( يَا بِنْتُ أَهلوكِ قَد جَعَلُوا جَمَالَكِ سِلْعةً / تُشْرَى وَبَاعَ
بَنُو أبِي أوطاني )) /
أيَّتُها الفَراشةُ العَرْجاءُ التي كُسِرَ كَعْبُ حِذَائِهَا / عَلى
بَلاطِ الزِّنزانةِ أوْ بَلاطِ صَالةِ الرَّقْصِ / لَسْتُ شَاعِرَ البَلاطِ/ أَحِبِّيني
أو اكْرَهِيني/ لا فَرْقَ بَيْنَ الموْتِ والاحتضارِ / كُلُّ
الطيورِ الخارِجَةِ مِنْ قَفَصي الصَّدْري إلى أثاثِ المنافي/ تُعِيدُ هَندسةَ شَوَاهِدِ
القُبورِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ الْمَغْسُولِ بِالعَارِ / الدُّمَى في مَسْرَحِ
العَرَائِسِ مَلِكَاتٌ سَبَايا/ انكَسَرَ الصَّوْتُ في لَيْلِ الشِّتاءِ /
وانكَسَرَ الصَّدى في قِطَارِ الوَداعِ/ ذَلِكَ المقتولُ هُوَ أنا/ لَم أتَبَادَل
القُبُلاتِ مَعَ لاعباتِ التِّنسِ الصِّرْبِيَّاتِ في حِصَارِ سَرَاييفو /
أيُّها
الليلُ المصْلُوبُ عَلى نَخْلَةِ الرَّحيلِ / كُلَّمَا نَظَرْتُ إلى المِرْآةِ رَأَيْتُ
الدَّمْعَ في عُيُونِ أبي / والذبابُ يَختبِئُ في مَزْهَرِيَّةِ الوَدَاعِ /
حَاجِزٌ عَسكرِيٌّ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ / وَالقَرَاصِنَةُ يَرْفَعُونَ الملابِسَ
الدَّاخليةَ النِّسائِيَّةَ أعْلاماً للقَبَائلِ / وَيَرْقَعُونَ أغشيةَ البَكارةِ
للأميراتِ السَّبايا بَعْدَ اغتصابِهِنَّ / وَرَاقصاتُ التَّانغو سَائراتٌ عَلى
خُطَى غِيفارا / والفَتَيَاتُ خَارِجَاتٌ مِنَ الأحزانِ الْمُفَخَّخَةِ /
يَزْرَعْنَ الماريجوانا في جُثَثِ البَحَّارةِ الْمَنْسِيَّةِ عَلى شَاطِئِ
الطحالبِ / والنَّعناعُ يَفْرِضُ عَلى رِئَتي الإقامةَ الْجَبْرِيَّةَ / خَسِرَ المساءُ رُومانسِيَّةَ بَناتِ آوَى / والرَّمْلُ الأخضرُ
يَكْتُبُ رَسائلَ الْحُبِّ للبُحَيراتِ الْمُطَلَّقَةِ / التاريخُ طَحَالِبُ الحضَارةِ
/ وثُلوجُ الرَّحيلِ هِيَ هَنْدَسَةُ شَوَاهِدِ القُبورِ في الْمَنَافي / كَسَرَ
المساءُ رِئَةَ الطائرِ الآلِيِّ / والرِّيحُ هِيَ المسافةُ الفاصلةُ بَيْنَ
بَسَاطيرِ الجنودِ وجُثَثِ الغُرَباءِ / وجُثمانُ الخريفِ هُوَ الحاجِزُ العَسكرِيُّ
/ بَيْنَ دَمي الأحمرِ وإشارةِ الْمُرُورِ الحمراءِ / والإِمَاءُ يُوَدِّعْنَ
أغشيةَ البَكَارةِ في مَحطةِ القِطَاراتِ / قَلْبي يُطْلِقُ الرَّصاصَ الْحَيَّ عَلى
ذِكْرياتي / وَالشُّطآنُ خَانَتْ زَوْجَهَا
البَحْرَ مَعَ عَشِيقِهَا النَّهْرِ /
هل أنا مَدْفُونٌ في مَقبرةِ
العائلةِ ؟ / هَل نَجَا أحَدٌ مِنَ المجزرةِ ؟ / هَل نَجَتْ طُيُورُ البَحْرِ مِنَ
الإِعصارِ ؟ / هَل أنا مِن هُوَاةِ جَمْعِ الطوابعِ النَّادرةِ أَوْ جَمْعِ
النُّعوشِ الْمُزَخْرَفَةِ ؟/ أيُّها الْمُسْتَحِيلُ الزُّمُرُّدِيُّ / افْتَحْ ذِرَاعَيْكَ
لاستقبالِ دُموعِ النِّساءِ/ التي تَرُجُّ وَحْشَةَ الشِّتاءِ / يَحْمِلُ الأطفالُ
جُثَثَ أُمَّهَاتِهِم في الحقائبِ المدرسِيَّةِ / والمقابرُ تَمْتَلِئُ بِرَائِحةِ
الشَّمْسِ في لَيالي البُكاءِ/ وأشِعَّةُ القَمَرِ تُوَازِي شَوَاهِدَ القُبورِ /
رَأيتُ العَناكبَ الْمُضيئةَ تَتَلاعَبُ بِجِيفَتِي الْمُعْتِمَةِ / وَحِينَ يَهْجُمُ
المساءُ / يَسْكُنُ الأمواتُ في الْحُزْنِ الفاصلِ بَيْنَ جِلْدي وَقَميصي / تَرْكُضُ
رِمَالُ البَحْرِ إلى الموْتِ في ليالي الخريفِ / والخيولُ التي تَجُرُّ عَرَبَاتِ
القَتْلَى / نَسِيَتْ حَوَافِرَهَا عَلى الرُّخامِ / وَسُخُونةُ دَمْعي تَصْهَرُ قُيُودي
الجليدِيَّةَ / سَتُزْهِرُ تَوَابِيتُ البَحَّارةِ خَوْخَاً وَصَهيلاً / وَتَظَلُّ
آثارُ الْحُقَنِ في ذِرَاعِ النَّهْرِ / وَتَبْقَى ظِلالُ القَتيلاتِ عَلى بَراويزِ
غُرفتي / ضَفَائِرُ الزَّوبعةِ مَبْلُولةٌ بالسُّمِّ / وأنا طِلاءُ أظافرِ القَاتِلةِ
/ وَالكَاهِنَةُ تُخَبِّئُ شَهْوَتَهَا في المزهرِيَّاتِ الأثرِيَّةِ / أرى
وُجُوهَ القَتْلَى عَلى قَطَرَاتِ المطرِ/ مَاتَ العُشَّاقُ في مَطْعَمِ الأحلامِ
الضَّائعةِ/ وَسَقَطَ البَعُوضُ في عَصيرِ الليْمُونِ / وأنا الغريقُ / لَكِنَّ الْمَوْجَ
يُبَلِّطُ زِنزانتي بالسِّيراميك /
أحزانُ قَلَمِ الرَّصاصِ تَغتصِبُ الحِبْرَ / سَأَصِيرُ خَريطةً في يَدِ سَائحةٍ تَخَافُ الوُصُولَ / كُلُّنا
نَمْشي ولا نَصِلُ / والطريقُ إلى البَحْرِ أجْمَلُ مِنَ البَحْرِ / ولا طَريقَ
إلا البَحْرُ / قَلْبي أجْمَلُ مَقبرة / وكُلُّ الأشياءِ حَوْلي تَغتالُني/ كُوبُ
الشَّايِ مُحَلَّى بالجثامينِ الطازَجةِ/ استراحةُ الملِكَاتِ بَعْدَ الجِمَاعِ/ والجِرْذانُ
تَتَجَوَّلُ في شَهيقِ الفَراشةِ / لا تَكْرَهْنِي أيُّها الكَرَزُ الصَّاعِدُ مِنْ
فِرَاشِ الموْتِ / أنا خَائِنٌ / قَلْبي مَعَ البُحَيرةِ / وَجَسَدي مَعَ
التِّلالِ / أحزانُ الطفولةِ في قَاعِ البَحْرِ / وَمَرَاكِبُ الصَّيْدِ تَعُودُ
في المساءِ فَارِغَةً / تَعَالَ إِلَيَّ أيُّها النِّسيانُ الفُسْفُورِيُّ / كَي
أنسَى الأمواتَ الذينَ يَسْكُنُونَ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / كَي أنسَى طَرِيقَ
الدُّموعِ تَحْتَ قَمَرِ الذِّكرياتِ / الذي لا يُضِيءُ إِلا فَوْقَ المقابرِ /
فامْشِ في طَريقِ أشْلائِكَ / لا طَرِيقَ إِلا طَريقُكَ / تاريخٌ يُولَدُ في
الدُّموعِ بِلا شُمُوع /
سَيِّدَتِي / أَكْمِلِي
المِشْوَارَ بِدُونِي / يَشتعِلُ المطرُ كَعُودِ الثِّقابِ مَرَّةً وَاحدةً / ثُمَّ
يَنطفِئُ إلى الأبَدِ/ نَلْعِبُ بِكُرَيَاتِ دَمِنَا في الوَقْتِ الضَّائعِ /
وَلَم يَمْنَحْنَا البَحْرُ فُرصةً للتَّعويضِ أو الثَّأرِ / فَاتْرُكِيني أغَرْقْ
في نَهْرِ الأحزانِ / دَرَسْتُ الْجُغرافيا في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / لَكِنِّي
لَم أعْرِفْ مَنْبَعَ نَهْرِ الأحزانِ /
جَسَدُ البُحَيرةِ
كالغِرْبَالِ مِن أثَرِ الرَّصاصِ / تَصْعَدُ حَبَّاتُ الكَرَزِ مِن شُقوقِ رِئتي
/ والأمطارُ مَثقوبةٌ كالبَنادقِ الآلِيَّةِ / سَلِّمِينِي لِذَاكِرَةٍ غَامضةٍ بِلا
ذِكْرَياتٍ / سَيَكُونُ ثَلْجُ عَيْنَيْكِ الدَّامي هُوَ الكَاهِنَ والقُرْبَانَ /
أنا لَسْتُ لَكِ / أنا للمَوْتِ الوَهَّاجِ /
يَا إِلَهي / قَلْبي مُنْكَسِرٌ
/ فَلا تَتْرُكْهُ للهَدْمِ / سَأَظَلُّ سِرَّاً غَامِضَاً كالْمَوْتِ في عُيُونِ الفَرَاشَاتِ
/ كَالْحُزْنِ في عُيُونِ الشَّرْكَسِيَّاتِ / سَأَظَلُّ مَوْتاً غَامِضاً بَيْنَ
حِصَارِ بَيْرُوتَ وَحِصَارِ سَرَاييفو / يُذَوِّبُ الرَّعْدُ جَثَثَ العُشَّاقِ
الْمُتَعَفِّنَةَ في عَصيرِ البُرتقالِ الطازَجِ / فَيَا عَشيقةَ الْمَلِكِ الْمَخْلُوعِ
/ سَيَفْرُشُ الوَحْلُ السَّجَّادَ الأحمرَ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ / وَيَصْنَعُ الكَمَانَ
مِن خُيُوطِ العَنْكَبُوتِ / يُصْبِحُ السَّجينُ سَجَّاناً في سِجْنٍ يُطِلُّ عَلى
البَحْرِ الأخيرِ / فَلا تَكْرَهْ نافذةَ السِّجْنِ التي تُطِلُّ عَلى أشلاءِ
النَّوارسِ / سَتُصْبِحُ الفَريسةُ صَيَّاداً / فَلا تَكْرَهْ غَابةَ الكَهْرَمانِ
تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / سَتُصْبِحُ الضَّحِيَّةُ جَلاداً / فَلا تَغْسِلْ مَرَاحِيضَ
الفَنادقِ الرَّخيصةِ بِصَابُونِ الغُرَبَاءِ وشَامبو الذِّكرياتِ / سَاعَةُ الحائِطِ
في زِنزانتي بلا عَقَارِبَ / أَكَلَتْ عَقَارِبُ الصَّحراءِ عَقَارِبَ السَّاعةِ /
وَمَاتتْ لَيْلَى / وَالذِّئبُ يَحْرُسُ قَبْرَهَا .