وحدي مع العوانس / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
أيَّتُها السَّجينةُ التي لا يَحْتَفِلُ
بِعِيدِ مِيلادِها غَيْرُ السَّجَّانين / تَقُودُ الذِّئبةُ جَمْعِيَّاتِ حُقوقِ
المرأةِ في النَّهارِ / ثُمَّ يَغْتَصِبُهَا زَوْجُهَا في الليلِ / تُبَاعُ
النِّساءُ في الْمَزَادِ العَلَنِيِّ / سَامِحْني يَا أبي/ قَد صَارَتْ طُفولتي
غَدَاءَ عَمَلٍ للقَرَاصِنَةِ عَلى شُطْآنِ الملاريا/ قِطَطُ الشَّوارعِ تَشْهَدُ
عَلى دُموعي / وأنا الشَّاهِدُ عَلى مَوْتِ الفُقَراءِ في حَافلاتِ النَّقْلِ
العَام /
في صَوْتِ المطَرِ / اختَفَى صَوْتُ النِّساءِ
الْمُغْتَصَبَاتِ تَحْتَ المطَرِ / سَأصيرُ رُومَانسِيَّاً عِندَمَا يَتَسَاوَى
سِعْرُ الْمَرْأةِ مَعَ سِعْرِ بِرْميلِ النِّفْطِ / تَرَكْتُ قَلْبي في القِطَاراتِ
/ وَنَزَلْتُ في المحطةِ الخطأ / أدْفِنُ أخطاءَ الشَّجَرِ في خَطَايَا سِكَكِ
الحديدِ / فَاتْبَعْ ضَوْءَ جُثماني نَحْوَ التِّلالِ /
يُرَتِّبُ النَّخَّاسُونَ أشْلاءَ الضَّحايا
كَرَبطاتِ العُنُقِ/ بَعْدَ قَطْعِ أعناقِ الحمَامِ بالْمَقَاصِلِ/ انتَهَى عُرْسُ
التَّوابيتِ/ وَتَفَرَّقَ دَمُ السُّنونو بَيْنَ قَبَائِلِ الكَسْتَنَاءِ/ أيْتَامٌ
في حَديقةِ المطَرِ الجريحِ / والأُرْجُوحةُ خَاليةٌ إِلا مِنَ الصَّدى / أهْرُبُ
مِنَ الْحُبِّ / فَيَبْحَثُ عَنِّي الْحُبُّ / وأنا أبْحَثُ عَن جُثَثِ عَائِلتي
في المرفأ الذي قَصَفَتْهُ الطائراتُ / أنا السَّاهِرُ في أزِقَّةِ الطاعونِ / وَالحشَرَاتُ
تَسْكَرُ بِدُمُوعي /
كُلُّنَا مُسَافِرُونَ / نَتْرُكُ مَقاعِدَنا الخشَبِيَّةَ في مَحطةِ القِطَاراتِ
لِلْبَقِّ والأُمْنِيَّاتِ الجريحةِ / نُخَزِّنُ في حَقائبِ السَّفَرِ قُبُورَ
أُمَّهَاتِنا / وَنُصَادِقُ الغَرِيباتِ في طَريقِ المجزرةِ / وَالليلُ يَسألُ
ضَوْءَ الزَّنازين / أيْنَ سَيَذْهَبُ الْمُهَرِّجُ بَعْدَ إِغلاقِ السِّيركِ ؟ / كَانت
الثِّيرانُ تَجُرُّ العَرَبَاتِ التي تَحْمِلُ النُّعوشَ المجهولةَ إِلى الغَيْمَاتِ
/ بُيُوتُنا زَنَازِين / آباؤُنا أسْرَى/ طُرُقَاتُنَا مُعَسْكَرَاتُ اعْتِقَالٍ /
وأبراجُ الحمَامِ هِيَ أبراجُ الْمُرَاقَبَةِ / نَحْنُ الأحلامُ المقتولةُ / لا تاريخٌ لِخُدُودِنا / وَلا جُغرافيا لِحَوَاجِبِ
أشجارِنا / نَعِيشُ في عُلَبِ السَّرْدِينِ كأعْوَادِ الكِبْريتِ المنبوذةِ/ وَنَمُوتُ
في عُلَبِ الكِبْريتِ كالسَّمَكِ الْمُطَارَدِ / نَسِينا وُجُوهَ أُمَّهَاتِنا في
زَحْمةِ البَراويزِ/ وَلَن يَتَذَكَّرَ وُجُوهَنا غَيْرُ الرَّصاصِ الْحَيِّ / يَا
أخِي السَّجَّان / كِلانا سَجِينٌ في مَملكةِ الجرادِ / أصْنَعُ مِن جِيَفِ
النُّسورِ رَايَاتٍ للدُّوَلِ الْمُتَسَوِّلَةِ/ وَالحمَامُ الزَّاجِلُ يُغَطِّي تَابُوتَ
الذاكرةِ/ فَاشْكُر النَّخَّاسِينَ الذين يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الإِمَاءِ والضَّفادعِ
/ تأتي وُجوهُ النِّساءِ المسْحُوقاتِ
في ثَلْجِ المدينةِ الحزينةِ / نِسَاءٌ دَامِعَاتٌ وَرَاءَ سَتَائِرِ الصَّفيحِ
الفُسْفُورِيِّ / أحلامُ الطفولةِ في أكواخِ الصَّفيحِ / وَفَتْرَةُ اكتئابِ
الحقولِ كَفَتْرَةِ الحيْضِ للأشجارِ / أيْنَ سَتَذْهَبُ نَظَّارتي الشَّمْسِيَّةُ
بَعْدَ مَوْتي في ضَوْءِ القَمَرِ ؟ / لَم تَعُدْ دِمَائي سِوى بِيتزا في مَطْعَمٍ
مَنْسِيٍّ / أُصَادِقُ الأرَقَ / وأَخُونُ الاكتئابَ / لَكِنِّي تَاريخٌ مُوجَزٌ
للعُقَدِ النَّفْسِيَّةِ .