الكتابة في ساعة الاحتضار / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..............
البَقُّ يَأكُلُ
أخشابَ نَعْشي / فَكَيْفَ أَمُوتُ ؟ / سَقَطَتْ شَمْسي تَحْتَ شَمْسِ المقابرِ /
فما نَفْعُ نَظَّارتي الشَّمسيةِ ؟ / زَرَعَ الرَّعْدُ في جَسَدي نِقَاطَ التَّفتيشِ
/ فَكُنْ يَا سَجَّاني نَاعِماً لِيَفْرَحَ الشَّجَرُ بَيْنَ قُضبانِ زِنزانتي / فَتِّشْ
عَن عُقَدي النَّفسيةِ تَحْتَ المطرِ / وَحيدةٌ أنتِ يَا أشلائي كَعُلبةِ مِكياجٍ
لِرَاهبةٍ عَمْيَاءَ / تَزُورُني امرأةٌ غامضةٌ في سِجْني الواضحِ / زُرْنِي أيُّها
الإعصارُ بَعْدَ اغتيالي / إِنَّ قَبْري مُضَاءٌ بِضَفائرِ أُمِّي / جُثْمَاني وَردةٌ
تُقَدِّمُهَا الأمواجُ هَدِيَّةً لِقَاتِلَتِي / لا تَكْرَهِيني أيَّتُها الطاعنةُ
في الذِّكرياتِ / المطعونةُ بِسَيْفِ العِشْقِ / لا تَخُونِينِي أيَّتُها الحشَرةُ
المكسورةُ كالْمَزْهَرِيَّاتِ / لَن أَكْسِرَ صَلِيبَكِ / إِنَّ سَرَطَانَ الثَّدْيِ
سَيَكْسِرُ الصَّليبَ /
رَكْعَتَانِ قَبْلَ القَتْلِ / والانتحارُ
التَّدريجِيُّ لليَاسَمِين / وَالتَّاجُ المكسورُ / وَالقَتْلُ تَحْتَ شَمْسِ
الخريفِ/ رُبَّمَا يَغتالُني الْحُزْنُ في يَوْمٍ مُشْمِسٍ مُنَاسِبٍ للرِّحلاتِ
المدرسِيَّةِ / يَا ذِكْرَياتي الجارحةَ المجروحةَ / تَزَوَّجِي غَيْرِي بَعْدَ مَقْتَلِي
/ اغْسِلِي ثِيَابَ الحِدَادِ بِعَصيرِ البُرتقالِ / اجْمَعِي شَظايا الكُحْلِ في
غَاباتِ الشِّتاءِ / وَانْثُرِي العِطْرَ عَلى أجنحةِ النَّوارسِ بَعْدَ ذَبْحِهَا
/ يُفَتِّشُ اليَمَامُ ثِيَابَ الجنودِ القَتْلَى / سَاعي البَريدِ عَلى فِرَاشِ
الموْتِ / والرَّسائلُ ضَائعةٌ في الْهُدْنةِ بَيْنَ الفِئرانِ والمِصْيَدةِ /
لَن تَصِلَ رَسائلُ
الجنودِ إلى زَوْجَاتِهِم / فَابْحَثْ يَا ضَوْءَ الزَّيتونِ بَيْنَ أزهارِ الضَّبابِ
/ عَنْ مَوْتٍ لا قِيَامَةَ بَعْدَهُ / وَاعْشَقْ دُمُوعي قَبْلَ مَوْتِي / وَكُنْ
مَوْتي كَي أعيشَ طَيْفاً في بَراري الرَّحيلِ / خَزِّنْ بَعْدَ مَوْتي العَشَاءَ
عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ في أرشيفِ اليَتَامَى / الْهِضَابُ أرْمَلةُ الإعصارِ /
بُكاءُ النَّهْرِ هُوَ طَيْفٌ قَديمٌ لِفَراشةٍ تَحُطُّ عَلى كَتِفِ فَتَاةٍ مُغْتَصَبَةٍ
/ جَفَّت الدِّماءُ عَلى سَيْفِ الذِّكرياتِ / وأرملةُ البَحْرِ تَخِيطُ رَاياتِ
القَبائلِ / والعناكبُ تَقْضِي وَقْتَ فَرَاغِهَا في تَرْقِيعِ أغشيةِ البَكَارةِ
/
وَرَّثَنِي أبي حَبْلَ مِشْنَقَتِهِ
وَغَابَ / الْجُثَثُ في عَرَبَاتِ القِطَارِ / الذي يَدْخُلُ في ضَوْءِ الرَّحيلِ
ولا يَخْرُجُ / وَأُمِّي تُخَبِّئُ دُمُوعَهَا في مَزْهَرِيَّةِ بَيْتِنَا
المهجورِ / والأرصفةُ تَأخُذُ إِجَازةً مِن دَمي / لِتَدْرُسَ دَوْرَ الْمُومِسَاتِ
في الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / وَجَمَاجِمُ الكَهْرَمَانِ عَلى مَلاقِطِ الغسيلِ /
خَسِرْنا الأندلسَ في لُعبة قِمَارٍ / وَبِعْنَا دُمُوعَ شُيوخِ القَبائلِ /
وصَارَتْ أَعْلامُ القَراصنةِ مَلابِسَ دَاخِلِيَّةً للرَّاهباتِ في مَحاكمِ
التَّفتيشِ/ أنا وذِكْرَياتي افْتَرَقْنَا في مُنْتَصَفِ الطريقِ / أَزُورُ أطلالَ
قَلْبي في لَيْلِ الشِّتاءِ الحزينِ/ فَيَا أيَّتُها البُحَيرةُ النُّحَاسِيَّةُ /
التي لا يَمْشِي في جِنَازَتِهَا غَيْرُ الْمُخْبِرِينَ / سَقَطَت الرُّومانسِيَّةُ/
سَقَطَت الوَحْدَةُ الوَطَنِيَّةُ / وحُدُودُ مَمْلَكتي حَيْثُ يَصِلُ دَمِي الْمُعَلَّبُ
/ لَكِنِّي الْمَلِكُ المخلوعُ .