أثاث مستورد لمقبرة محلية / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
أعيشُ تَحْتَ الأرضِ /
وَلَن أرى الشَّمْسَ إِلا في جِنازةِ أبي / أنا كُلُّ أحزانِ العَالَمِ إِلا
أحزاني / سَيَذْبَحُنِي القَمَرُ في مَسَاءٍ خَريفِيٍّ/ والرِّجالُ يَنتظِرُونَ لَيْلَ
الشِّتاءِ الطويلَ كَي يُرَكِّزُوا في الجِمَاعِ / أَمْشِي إلى قَبْري في لَيْلةٍ
ماطرةٍ / دَمُ الحيْضِ يَختلِطُ بأحمرِ الشِّفاهِ / وأحلامُ الطفولةِ تَسْرِقُ قَطَرَاتِ
المطرِ / والقَنَّاصُ يُحَدِّقُ في عُيونِ الأطفالِ /
أخبارُ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ في ليالي الشِّتاءِ الحزينِ / جِيَفُ الكِلابِ
البُوليسِيَّةِ عَلى الحواجِزِ العَسكريةِ / والْخُلَفَاءُ يَجْمَعُونَ نُهُودَ
السَّبايا المقطوعةَ كالعُملاتِ النَّادرةِ/ فَتاةٌ تُعَلِّقُ صُورةَ مُغْتَصِبِهَا
في غُرفةِ نَوْمِهَا / والإعصارُ لا يَنامُ / والرَّمادُ يَزُفُّ النِّساءَ إلى خَشَبَةِ
الْمَذْبَحِ / ذِكْرَياتي سَيْفَانِ في غِمْدٍ وَاحدٍ / والطحالبُ تُزَيِّنُ أَوْعِيَتي
الدَّمويةَ / وابنةُ حَفَّارِ القُبورِ تَحْفَظُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / لِتَجِدَ
العَلاقةَ بَيْنَ تَكاليفِ حَفْرِ القَبْرِ والْمَصْرُوفِ الْمَدْرَسِيِّ / والأيتامُ
يَقْضُونَ العُطلةَ الصَّيفيةَ في تحنيطِ الموتى / سَتَنْبُتُ جُثَثُ الرَّاهباتِ
في حَديقةِ الدَّيْرِ لَيْمُوناً وَصَدَمَاتٍ عَاطِفِيَّةً / لا تَكْرَهِيني يَا طُفولةَ
السَّنابلِ/ لا تَخُونِيني يا أحلامَ الطفولةِ/ كُلُّنَا سَبَايا ننتظِرُ دَوْرَنا
في طَابُورِ الاغتصابِ/ لَسْتُ الْحُلْمَ/ أنا الكابوسُ الذي يُطَارِدُ العُشَّاقَ
/ كُلَّمَا ارْتَفَعَتْ أسعارُ النِّفْطِ في ذَاكرة الموْتِ / ارْتَفَعَتْ أسعارُ
السَّبايا في مَوْتِ الذاكرةِ /
ذِكْرَياتي / يَا أيَّتُها المقبرةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ في الصَّدى البَعيدِ
/ مَاتَ الصَّدى / ولا أَسْمَعُ إِلا صُرَاخَ الرَّاهباتِ الْمُغْتَصَبَاتِ في
الأدْيِرَةِ الباردةِ/ تُولَدُ أشجارُ المقابرِ في ثُقوبِ رِئَتي/وَلا يَزالُ هَمْسُ
شَوَاهِدِ القُبورِ يَرِنُّ في أظافري المكسورةِ / وَأَعْرِفُ أنَّ الغُروبَ يُخَبِّئُ
الْخَنْجَرَ المسمومَ بَيْنَ أجنحةِ الحمَامِ /
يَا أيُّها المحكومُ بالإِعدامِ / احْفَظْ جَدْوَلَ
الضَّرْبِ / كَي تَبْدَأَ العَدَّ التَّنَازُلِيَّ / كُلُّنَا مَحْكُومُونَ
بالإعدامِ / وِلادَتُنَا هِيَ بَدْءُ العَدِّ التَّنَازُلِيِّ / يَا أيَّتُها
المشنوقةُ بِحَبْلِ الغسيلِ / أَحْرَقَ ضَوْءُ القَمَرِ قُمصانَ النَّوْمِ / وَسَقَطَتْ
ثِيَابُ الحِدَادِ عَلى سَطْحِ الدَّارِ / مَاذا يَستفيدُ القَتْلَى مِنَ النَّوْمِ
؟ / مَاذا تَستفيدُ القَتيلاتُ مِنَ الأرَقِ ؟/ القَطيعُ يَسيرُ نَحْوَ حَافَّةِ
الْجَبَلِ / والرَّاعي يَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ الذِّئبِ/ أُوَزِّعُ الحواجزَ
العَسكريَّةَ على أطفالِ الشَّوارعِ / والزَّوابعُ تَنْثُرُ الأوسمةَ العَسكريَّةَ
على أجسادِ الرَّاقصاتِ / وَطَنٌ للعَسْكَرِ والْمُخَابَرَاتِ والرَّاقصاتِ/ وعَسْكَرَةُ
رِمَالِ البَحْرِ / جَاءَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ / فَكَيْفَ يَشُقُّ الصَّليبُ طَرِيقَهُ
بَيْنَ الثَّدْيَيْنِ ؟ / جَسَدي سِجْني / فَكَيْفَ أَهْرُبُ مِنِّي ؟ .