نجمة القوقاز / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
الزَّنابقُ تَسْكُنُ
في عَرَقِي / وَتُشْبِهُ حَبْلَ مِشْنَقتي / سَيَأْكُلُ الغَسَقُ بَنَادِقَ الجنودِ
العَاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ / لَكِنِّي أَحْفِرُ اسْمَ أُمِّي عَلى بُنْدُقِيَّتي
الزُّجاجِيَّةِ/ فَلا تُصَدِّقْ دَمْعَ الرِّياحِ في الغُروبِ / وصَدِّقْ بَريقَ
الأحزانِ في عُيونِ الشَّرْكَسِيَّاتِ / هَذِهِ البُحَيْراتُ تَكْتَحِلُ بالجِرْذانِ
/ وُلِدَ الصَّنوبرُ في حُفْرتي / وأنامُ في حُفرتي إلى الأبَدِ / فَاعْشَقْنِي أيُّها
الزَّبَدُ القُرْمُزِيُّ حَتَّى النِّهايةِ / أنا الغريقُ في كُلِّ بُحُورِ
الشِّعْرِ / وقَصيدتي هِيَ شَاطِئُ الوَداعِ في الليلةِ الغامضةِ البَاردةِ / أنا
البَحَّارُ الذي لَم يَعُدْ إلى حِضْنِ البُحَيرةِ / وجُثتي مُلْقَاةٌ عَلى
شَاطِئِ القَبائلِ الْمُنْقَرِضَةِ /
لَمْ يَحْضُرْ جِنازةَ الأمواجِ غَيْرُ السَّحَابِ / عَرَقٌ يَابِسٌ في ثِيَابِ
المجرَّاتِ / وَالشَّركسياتُ في أعالي الجِبَالِ / يُطْعِمْنَ ضَوْءَ القَمَرِ جُرُوحَ
الزَّعْتَرِ / سَتأكُلُ البُرُوقُ الطائراتِ الوَرَقِيَّةَ / فَمَا نَفْعُ البُكاءِ
يَا أطفالَ القَمَرِ البَاكِي عَلى أطلالِ غروزني ؟ /
تَدْخُلُ الأساطيرُ في أجفاني / تَخْرُجُ الضَّفادعُ مِن سُعالي /
والأمطارُ تَجْرَحُ خُدُودَ البَحْرِ الرَّصَاصِيَّةَ/ مَاتَ المساءُ مُتَأثِّراً
بِجِرَاحِهِ/ فَلَم يَعُدْ لِقِصَصِ الْحُبِّ مَعْنَى / وأنا أطيافُ الموْتِ بَيْنَ
الشُّموعِ والدُّموعِ /
بَيْنَ نَباتاتِ الزِّينةِ سَقَطَ تاريخُ القَمْحِ / وَالعَنَاكِبُ تَمشي إِلى
سَمَاءٍ بلا قَمَرٍ / أنا عَشِيقُ المقاصِلِ الأبَدِيُّ / أَلْوِي ذِراعَ
النَّهْرِ / وأعْمِدَةُ الكَهْرَبَاءِ تَرْكُضُ في زَنجبيلِ الجِرَاحِ الحجَرِيَّةِ
/ والصَّبايا مَصْلُوباتٌ عَلى ملاقِطِ الغسيلِ / سَوْفَ تَبِيضُ الزَّوابعُ عَلى
شَارِبِي / أنا الطريدُ والطريدةُ/ أحْرُسُ رَمْلَ البَحْرِ مِن ذِكرياتِ أراملِ
البَحَّارةِ الغَرْقَى/ وأحْرُسُ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ مِن بَيْضِ السَّلاحِفِ
/
أُسَلِّمُ مَعِدَتي للطُّرُقَاتِ هَارِبَاً مِن رُكَامِ جُفوني / دَاخِلاً
في تَاريخِ الأقمارِ / الذي لا تَقْدِرُ أهدابي عَلى حَمْلِهِ/ اسْمُ جُثماني
ثَقيلٌ / وَحْدَهَا شَوارعُ المطَرِ تَحْمِلُهُ في المرافئِ المهجورةِ / أنامُ عَلى
أجنحةِ الذبابِ الْمُحَنَّطِ في دَمِ الملوكِ المخلوعين / وأخافُ أن تَطْرُقَ
الغُيومُ بَابَ رِئتي / والرُّعودُ تَفْتَحُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ لِتَخْرُجَ
عَصافيرُ الثَّوْرَةِ / رَائِحَةُ الْمُلُوخِيَّةِ في حَنجرةِ الفَيَضَانِ / وأنا
الطِّفْلُ الْمُدَلَّلُ لِحَبْلِ المِشْنَقَةِ /
تَتَكَسَّرُ قَارورةُ العِطْرِ بَيْنَ غُروزني وسَراييفو / وَنَجْمَةُ
القُوقازِ تَهْرُبُ مِن شَرايينِ النَّيازكِ / أهْرُبُ مِن نفْسي فَتَقْبِضُ عَلَيَّ
المرايا فَتَكْسِرُني / فَاهْرُبْ يَا جُرْحِي مِن شَهيقي / يُرَوِّضُ البُكاءُ
سَنابلَ الذاكرةِ/ مَاتت الحرْبُ/ مَاتَ السَّلامُ/ وَالْمُحَارِبَاتُ يُخَبِّئْنَ
حَليبَ الأبقارِ في بَراميلِ البَارودِ.