وُلد الشاعر الفرنسي
لويس أراغون ( 1897 _ 1982 ) في باريس
. أمضى طفولته تحت رعاية والدته التي انفصلت عن والده وهو رضيع ، لينموَ وهو
يُشاهدها منصرفة إلى قصص العشق التي كانت تعيشها بشغف كبير .
وفي مطلع ثلاثينيات
القرن الماضي، انتصر للشيوعية، وزار الاتحاد السوفييتي مُعَبِّرًا عن إعجابه
بتجربته الاشتراكية، ومادحًا الدور التاريخي لستالين ، غاضًّا الطرف عن ملاحقته
للمثقفين والمعارضين ، وعن قتله للكثيرين منهم، أو إرسالهم إلى معسكرات سيبيريا
الرهيبة . وقد ظَلَّ أراغون وفيًّا للشيوعية حتى نهاية حياته .
كا أراغون عضوًا في أكاديمية غونكور .
ويُعتبَر من رُوَّاد النقد الأدبي والفني الواقعي. وقف بقوة إلى جانب شعوب فيتنام
والجزائر ، كما وقف إلى جانب مصر أثناء العدوان الاستعماري .
اشترك في تأسيس مجلة الآداب الفرنسية ،
ويُعَدُّ مُؤسِّس اللجنة الوطنية للكتاب، وهي الجبهة الثقافية في فرنسا . تزعَّم
المدرسة السريالية في الشعر والأدب خلال الفترة ( 1920_1930).
تَحَوَّلَ عن السريالية بعد التقائة بزوجته
إلزا تريوليه ، واعتناقه الفلسفة الاشتراكية ، ثم انضمامه إلى العمل الحزبي في عام
1932 .
كان أراغون خلال الفترة ( 1932 _ 1939 ) من
أقوى المناضلين ضد الفاشية والحرب. وقد أدار الحركة الثقافية والأدبية النقدية في
فرنسا بوصفه رئيس تحرير الآداب الفرنسية ، ومدير دار الناشرين الفرنسيين المتحدين
، ونائب رئيس اللجنة الوطنية للكتاب .
يُعتبَر أراغون من أهم الشعراء الفرنسيين
وأبرزهم على الإطلاق ، وخاض معارك عديدة شعرية وثقافية وفكرية وسياسية وغيرها
.
اشْتُهِر أراغون بقصائد الحب الرائعة التي
خصَّصها لزوجته الروسية إلزا، والتي ضمَّها ديوانه الكبير " عيون إلزا "
، والذي يظهر فيه شغفه بالشعر العربي الوجداني ، وبالحضارة العربية الإسلامية
المتجسِّدة بالخصوص في جانبها الأندلسي المتميِّز بالرِّقة واللطافة وحب الحياة .
عُيِّنَ
أراغون في الثلاثينيات من القرن الماضي، أي خلال فترة صعود النازية في ألمانيا،
والفاشية في إيطاليا، رئيسًا للاتحاد العالمي للكُتَّاب الثوريين خلال المؤتمر
الذي انعقد في موسكو نهاية عام 1930 .
وقد قبل بهذا المنصب ، لأنه كان يُريد
الحصول على الاعتراف للحركة السريالية بأنها القوة الثورية الحقيقية الوحيدة ،
والتي كانت هذه الحركة تطمح إلى الحصول عليه منذ سنوات عديدة .
ارتبط اسم أراغون باسم زوجته " إلزا
" التي هام بها عشقًا ، وأحبها بجنون ، وكتب عنها عِدَّة مجموعات شعرية :
نشيد إلى إلزا ( 1941 ) . عيون إلزا ( 1942 ) . إلزا ( 1959) . مجنون إلزا ( 1963
) . وهي لَم تكن حبيبة فَحَسْب ، بَل كانت أيضًا زوجته ومعشوقته ، التي ألهمته
كتابة أجمل القصائد وأعذبها وأرقها .
التقى
أراغون إلزا تريوليه في عام 1928 في مقهى في مونبارناس، وتزوَّجا في عام 1939
وبقيا معًا 42 سنة . وإلزا هي كاتبة من أصل روسي تنحدر من عائلة شاعر الثورة
الروسية ماياكوفسكي . وهي أول امرأة تفوز بجائزة غونكور الأدبية الرفيعة من فرنسا
عام 1945 .
يقول أراغون : (( إلزا
التي شاركتني الحياة والمستقبل . شاركتني الآلام والعذاب . إلزا التي شاركتني كُل
ما في الحياة من نبضات . كانت هي مستقبلي . وكانت هي شِعري . وكانت هي حروف
المعرفة والمستقبل في حياتي )) .
كما قدَّمت إلزا كل
جهدها لمساعدة زوجها أراغون للاستمرار في عمله وإنتاجه الإبداعي، حيث كانت تصنع
المجوهرات والحلي للصالونات الباريسية . وفي نفس الوقت ، كانت حريصة على الكتابة
والنشر باللغة الروسية .
وفي عام 1951 ، قرَّر
الزوجان أن يتركا الحياة الباريسية الصاخبة . واشترى أراغون منزل " لي مولان " الواقع على وادي "
ريمارد " ، وأهداه إلى زوجته ليكون لها منزلاً في فرنسا بعد أن غادرت موطنها
الأصلي ( روسيا ) كتكريم لها، وللتخفيف
عن حياة الغربة التي كانت تعيشها، ولهذا المنزل تاريخ طويل يمتد إلى القرون
الوسطى، وكان يُشكِّل حتى قيام الثورة الفرنسية جزءًا من ملكية الأمير روهان
روشفور .