وُلدت الروائية
الأمريكية مارغريت ميتشل( 1900 _ 1949) بمدينة أتلانتا بالولايات
المتحدة الأمريكية.
كانت والدتها
من أصول أيرلندية كاثوليكية ، ووالدها
رَجل قانون من أصول
أسكتلندية . وكانت العائلة تضمُّ العديد من الجنود السابقين
الذين قاتلوا في الحرب الأهلية . وكانت ميتشل في طفولتها منبهرة بقصص الحرب التي كان
يَقُصُّها عليها أقرباؤها ، وقد ترعرعت بين أقارب عايشوا بصورة مباشرة أحداث الحرب الأهلية
الأمريكية ( 1861 _
1865). صادفت ميتشل مشاكل في المدرسة في
المرحلة الابتدائية، بسبب كُرهها لمادة الرياضيات التي وجدتها
مادة مُعقدة ، وجعلتها تكره الذهاب إلى المدرسة، وكانت والدتها تُجبرها وتقودها
إلى المدرسة رغمًا عنها . تَمَّت خطوبتها على أحد شباب مدينتها، وقد التحق بالجيش
الأمريكي في الحرب
العالمية الأولى ، ولقي مصرعه في
إحدى المعارك في فرنسا عام 1918 .
بعد عام من مقتل خطيبها تُوُفِّيَت والدتها أثناء وباء الإنفلونزا عام 1919،
وأصبحت ميتشل ربَّة البيت ، والمسؤولة عن رعاية والدها .
بلغت ميتشل بروايتها الوحيدة " ذهب مع
الريح " ( 1936 ) شهرةً لَم تصل إليها كاتبة روائية أخرى من قبلها، وقد بدأت
حياتها العملية في عام 1921 كصحفية في جريدة أتلانتا .
في عام 1922 ، كان هناك رَجلان في حياة ميتشل
يتنافسان على كَسْب وُدِّها، أحدهما كان لاعب كرة
قدم سابق وصاحب مشاكل
عديدة مع القانون واسمه بيرين أبشو. والثاني كان صحفيًّا مُتَّزِنًا واسمه جون
مارش. اختارت ميتشل صاحب السوابق أبشو، ولكن أبشو لَم يكن من النوع الملتزم ، وكان
ينتقل من وظيفة إلى أخرى، ولَم يكن له مصدر دخل ثابت .
اضْطُرَّت ميتشل إلى الاعتماد على نفسها.ومن
المفارقات في حياتها أن الرَّجل الثاني جون مارش الصحفي الذي رفضته ميتشل في
السابق وفَّر لها عملاً في صحيفته براتب 25 دولارًا في الأسبوع .
انتهى زواج ميتشل من أبشو بالطلاق عام 1924 . وفي عام 1925 تزوَّجت من مارش
واعتزلت الصحافة.بعد زواج فاشل، بدأت بالاعتماد على نفسها من خلال الكتابة لصحيفة محلية
في أتلانتا ، واعتزلت العمل في
مجال الصحافة في منتصف العشرينيات ، وتفرَّغت لكتابة روايتها المشهورة " ذهب
مع الريح ". رفضت ميتشل عروضًا عديدة ومُغرية لكتابة جزء ثانٍ من تلك الرواية ، ولكن في عام 1980 قام
أحفادها بإعطاء الرخصة للكاتبة ألكساندرا ريبلي بأن تكتب الجزء الثاني من الرواية،وتم
طبعها عام 1991 ، وتم تحويلها إلى سلسلة تلفزيونية ولكن الكتاب
والعمل التفزيوني لَم يلقيا نجاحًا وتجاوبًا من القُرَّاء والمشاهدين.
أُصِيبت ميتشل بمرض جعلها تلزم
البيت في معظم الأوقات، فأخذت تُسرِّي عن نفْسها بتنفيذ مشروع روائي ضخم يُصوِّر
أحداث الحرب الأهلية بين ولايات الشمال والجنوب . وقد استدعى ذلك منها قراءة
مستفيضة جدًّا في المراجع التاريخية والاجتماعية، ووجدت في ذلك الجو العاصف من
الوقائع والعواطف مهربًا من حياة الركود والملل وآلام المرض وأوجاعه .
قضت ميتشل الفترة (1930_ 1936) في كتابة فصول
الرواية، وكانت تُتابع الشخصيات وتكتب الأحداث على غير نظام متسلسل،فتكتب فصلاً ثم
فصلاً آخر،ثم تعود فتُعدِّل في الفصول، لتحافظ على التسلسل في النهاية . ولَم تكن
تحلم بنشر هذا العمل الضخم، ولكن الرواية ما إن نُشِرت حتى اعْتُبِرت حدثًا أدبيًّا مهمًّا،وبِيع
منها أكثر من مليون نسخة في ستة أشهر. ومُنِحت جوائز عِدَّة أدبية ، ومنها جائزة بوليتزر عام 1937 . وتَمَّ إخراجها للسينما بفيلم يحمل
نفس اسم الرواية " ذهب مع الريح " . وحقَّق الفيلم أعلى
ربح في تاريخ هوليوود ،
وأحرز الرقم القياسي بفوزه بالكثير من الجوائز، وتُرجِمت الرواية إلى معظم لغات العالَم . واعتبرها الأمريكيون أشهر
رواية في أدبهم في القرن
العشرين في وقتها.
وحَظِيَت بإعجاب جميع الأمم لطابعها الإنساني. في الحرب
العالمية الثانية تطوَّعت
ميتشل للعمل مع منظمة
الصليب الأحمر الأمريكية،
وركَّزت نشاطها في إيصال الإمدادات الغذائية والطبية لبلدة
فيموتييه في فرنسا ، وحصلت
نتيجة لجهودها على لقب المواطنة الفخرية لتلك البلدة الفرنسية في عام 1949 .
وفي 16 أغسطس 1949 ، تعرَّضت ميتشل لحادث سيارة عندما كانت
تعبر الشارع ، وتُوُفِّيَت في المستشفى بعد خمسة أيام متأثرة بإصابتها . قِيل إن
سائق السيارة كان في حالة سُكْر، وأُدِين بالقتل غير العمد، وتلقى حُكْمًا بالسجن
لأربعين عامًا مع الأعمال الشاقة . ذكر السائق أن ميتشل عبرت الشارع دون أن تلتفت
إلى السيارات العابرة .