وُلد الكاتب الأمريكي
الساخر مارك توين ( 1835_ 1910) في قرية تُسمَّى " فلوريدا " بولاية
ميسوري. اسمه الحقيقي " صمويل لانغهورن كليمنس " .
في سنة 1848 التحق توين بالعمل كصبي بمطبعة
، ثم بدأ في سنة 1851 العمل في صف الحروف بالإنجليزية . وبدأ يكتب المقالات ،
والخواطر الساخرة لجريدة هانيبال ، التي كان يملكها شقيقه أوريون . وفي الثامنة
عشرة من عمره ، تركَ الجريدة ، وعمل في الطباعة في مدينة نيويورك. وبدأ في تعليم
نفسه بنفسه في المكتبات
العامة في الفترة
المسائية ، مُكتشفًا منهلاً للمعرفة أوسع من ذلك الذي كان سيجده إذا كان قد التحق
بمدرسة تقليدية .
في إحدى رحلات توين في نهر المسيسيبي إلى نيو أورليانز ، أوحى
له هوراس بيكسبي ، قائد السفينة
البخارية بالعمل كقائد
سفينة بخارية، وهو عمل كان يُدِرُّ على صاحبه دَخلاً مُجزيًا . ونظرًا لأن هذه
المهنة كانت تتطلب معرفة وافية بكل تفاصيل النهر التي تتغير باستمرار، فقد استغرق
توين عامين في دراسة ألفَي ميل (3200 كيلو مترًا ) من نهر المسيسيبي بتعمق ، قبل
أن يحصل على ترخيص بالعمل كقائد سفينة بخارية سنة 1859 .
وأثناء تدريبه، استطاع توين إقناع شقيقه
الأصغر هنري بالعمل معه، وقد لقي هنري مصرعه في 21 يونيو 1858 إثر انفجار السفينة
البخارية "بنسلفانيا" التي كان يعمل عليها. ويقول توين في سيرته الذاتية
إنه رأى في أثناء نومه تفاصيل مصرع أخيه قبل شهر من وقوعه ، وهو ما دفعه إلى دراسة الباراسيكولوجيا
(عِلم ما وراء النفس)، وكان من أوائل أعضاء جمعية الدراسات الروحانية.
وقد حمل توين إحساسه بالذنب
والمسؤولية عن مصرع أخيه طوال حياته. وظلَّ يعمل في النهر كملاح نهري حتى اندلعت الحرب الأهلية
الأمريكية سنة1861وتوقفت
الملاحة في نهر المسيسيبي.
حَقَّق توين أول نجاحاته الأدبية عندما نشر
قصته الطويلة "الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس
" في جريدة "نيويورك ساترداي برس " في 18 نوفمبر 1865، وهي القصة
التي لفتت الأنظار إلى مارك توين.وفي العام التالي، سافر توين إلى جزر ساندويتش ( هاواي الحالية
) للعمل مُراسلاً لجريدة "ساكرامنتو يونيون"، وقد حظيت القصص التي كتبها
عن تلك الرحلات بشعبية كبيرة . وفي سنة 1867 ، سافرَ توين
إلى البحر المتوسط بتمويل من
إحدى الصحف المحلية، وأثناء رحلته إلى أوروبا والشرق الأوسط كتب توين مجموعة من
رسائل السفر التي حظيت بانتشار كبير وجمعت فيما بعد في كتاب "الأبرياء في
الخارج" سنة 1869 ، وفي هذه الرحلة
تعرَّف توين إلى تشارلز لانغدون شقيق زوجته المستقبلية .
يقول توين إنه عندما
أراه تشارلز لانغدون صورة شقيقته أوليفيا ، أحَبَّها من أول نظرة . وقد التقى توين
وأوليفيا سنة 1868 ، وأعلنا خطبتهما في العام التالي، ثم تزوَّجا في فبراير 1870.
كانت أوليفيا تنتمي إلى عائلة ثرية ولكنها
متحررة ، وقد أتاحت له التعرف إلى بعض أفراد النخبة المفكرة، ومنهم معارضو
العبودية ، والاشتراكيون ، واللادينيون،
وناشطات حقوق المرأة ، وناشطو المساواة الاجتماعية .
كان
توين مُغرَمًا بالعِلم والبحث العلمي، وقد تصادق مع العالِم " نيكولا تسلا " ، وكان يقضي
الكثير من الوقت في معمل تسلا
. وقد حصل توين نفسه على ثلاث براءات اختراع . وفي سنة 1909 ، قام توماس إديسون بزيارة توين
في منزله ، وقام بتصويره سينمائِيًّا .
في سنة 1896 ، أصيب توين باكتئاب
شديد إثر وفاة ابنته سوزي بالالتهاب
السحائي، وقد عمَّق أحزانه وفاة زوجته أوليفيا سنة 1904 ،وكذلك
الوفاة المفاجئة لصديقه هنري روجرز في 20 مايو 1909 .
وفي سنة 1906 ،بدأ
توين ينشر سيرته الذاتية في جريدة " نورث أمريكان ريفيو " ، وفي سنة
1907 ، منحته جامعة أكسفورد درجة
الدكتوراة الفخرية في الآداب .
وقد ذُكِر أن توين قال
ذات يوم : (( لقد جِئتُ إلى هذا العالَم مع مُذنَّب
هالي سنة 1835 ، وها هو قادم ثانيةً
العام القادم، وأنا أتوقع أن أذهب معه )). وقد صدقت نبوءته ، إذ تُوُفِّيَ توين
بأزمة قلبية في ريدنغ بولاية كونيكتيكت في الثاني من
أبريل 1910 ، بعد يوم واحد فقط من اقتراب المذنَّب من الأرض ، فرثاه الرئيس
الأمريكي وليام هوارد
تافت، وشُيِّعَت جنازته من إحدى الكنائس التابعة للطائفة
المشيخية في نيويورك ،
ثُمَّ دُفِن في مدافن أسرة زوجته في مقبرة وودلون بمدينة إلميرا في نيويورك .
نُقِلت عنه الكثير من الأقوال المأثورة والساخرة ، وكان صديقًا للعديد من الرؤساء
والفنانين ورجال الصناعة وأفراد الأسر المالكة الأوروبية ، ووُصِف بعد وفاته بأنه
" أعظم الساخرين الأمريكيين في عصره " . كما لَقَّبه وليام فوكنر بـ " أب الأدب
الأمريكي " .