سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

30‏/09‏/2019

يوميات امرأة تكره زوجها / قصيدة

يوميات امرأة تكره زوجها / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     انتحرَ قَميصُ النَّوْمِ / وانتصرَ قَميصُ الأرَقِ / دِمَاءٌ عَرَبِيَّةٌ تَتفجَّرُ في خُدودِ شَمْسِ قُرْطُبَة / أُحِبُّ البَحْرَ لأنسَى البُحَيرةَ في شَهيقي / وَالنَّخَّاسُ يَفْحَصُ أجسادَ الجواري/ اللواتي يَفْتَخِرْنَ بِحَجْمِ نُهُودِهِنَّ / بَيْتٌ مُحَاصَرٌ بالذِّكرياتِ والثلوجِ إنَّهُ قَلبي المكسورُ / وَأنا أرْعَى الأغنامَ في قَاعِ البَحْرِ / هَذِهِ مِقْصَلَةُ الموْجِ / أحْبَبْتُهَا قَبْلَ أن أعْرِفَ الْحُبَّ / وَفَتَحْتُ قَفَصي الصَّدْرِيَّ لأسْمَاكِ القِرْشِ /
     قَلْبي مِثْلُ البَحْرِ / كِلاهُما يَموتُ في غَابَةِ الكَهْرَمانِ / ويُولَدُ في أشلاءِ المساءِ السَّحيقِ / نَامِي أيَّتُها الأمطارُ الشَّمعيةُ في نشيدِ المقاصلِ / وَحْدي مَعَ الزَّبَدِ الْمُعَلَّبِ / والليلُ عَلى رُموشي جَالِسٌ / إنَّ ذِئبةَ الصَّدى مِثْلُ مَامَا الفاتيكانِ / كِلْتَاهُما عانِسٌ / فلا تَحْزَني أيَّتُها البُحَيرةُ العَانِسُ إذا انتحرَ البَحْرُ / اكْتَشَفْنا في جِنازةِ الموْجِ رَاهِبَةً شَاذَّةً جِنسِيَّاً / خُذوا الشَّاطِئَ أسِيرَ حَرْبٍ / لأنَّني سَبِيَّةٌ في حِصَارِ اليَاسَمين / والأميراتُ السَّبايا يَغْسِلْنَ قُيُودَهُنَّ بِدَمِ الحيْضِ / تاريخي الأرَقُ / شُموسٌ تنتحِرُ بَعْدَ الوِلادةِ / والبَعُوضُ يَنامُ في أجفانِ المطرِ / ورَسائلُ أراملِ البَحَّارةِ في حَناجرِ الأسماكِ /
     يا أُمِّي المقتولةَ في الشَّفقِ / أيْنَ الطريقُ إلى ذِكرياتِ البُوسنِيَّاتِ ؟ / لا أرى أمامي غَيْرَ لاعباتِ التِّنسِ الصِّرْبِيَّاتِ / سَأَحْرِمُ الزَّوابعَ مِن مِيرَاثِها في جَسَدِ الموْجِ / احْتَفَلَت العَوَانِسُ بِالعَوَانِسِ / أيْنَ العَشاءُ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ يا سَاعي البَريدِ ؟ / لَم تَصِل الرَّسائلُ / والرَّاعي يُرْشِدُ الأغنامَ إلى جِنازتي السِّيَاحِيَّةِ / اعْشَقْني يَا فِرَاشَ الموْتِ / سَأتحرَّرُ من الموْتِ حِينَ أَمُوتُ / سَأتحرَّرُ مِن عَذابِ الانتظارِ / أُطْلِقُ النارَ على الماءِ / وأَقْتُلُ اكتئابي بِمُسَدَّسِ أبي / وأذبحُ ذِكرياتي بِسَكاكينِ المطبخِ / والرِّيحُ مَصْلُوبةٌ عَلى سَتائرِ غُرفةِ النَّوْمِ بِلا مَوْتٍ / يَمْسَحُ الذبابُ نوافِذَ جِلْدي في خَليجِ الدَّمْعِ / والمطرُ يَغْسِلُ صُحونَ المطبخِ في قِلاعِ دَمي /
     كُلَّما رَأيتُ طِفْلَةً / رَأيتُ الفِئرانَ تَأكلُ تَجاعيدَ وَجْهِهَا / في خَريفِ الذِّكرياتِ / كُلَّما رَأيتُ عَرُوساً / عَرَفْتُ أنَّها سَتُصْبِحُ مِمْسَحَةً لِحِذَاءِ زَوْجِها / تَصيرُ أخشابُ المطابخِ أخشاباً للنُّعوشِ / والبَقُّ مَلِكٌ عَلى عَرْشِ الانطفاءِ /
     لا تَكْرَهِيني أيَّتُها الرَّاهبةُ العَمْياءُ/ أكَلَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ صَدْرَكِ/ أكَلَ البَقُّ صَلِيبَكِ / وَالبُحَيرةُ السَّجينةُ تُمَارِسُ الجِنسَ مَعَ البَحْرِ / وأنا السَّجينُ أُضَاجِعُ حِيطانَ الزِّنزانةِ / مَا جَدْوَى الرُّومانسيةِ بَعْدَ ضَياعِ الأندلسِ ؟ / يَسْتَخْدِمُ البَرْقُ الْمَخْزُونَ الإِستراتيجِيَّ للذِّكرياتِ / وَأحزانُ الصَّبايا في مَساءِ العُنُوسَةِ / تَرُشُّ في حَنجرةِ الرِّيحِ السُّمَّ / لِمَاذا أَحْبَبْتَني أيُّها الغُبارُ الفَحْلُ ؟ / أنا الملِكَةُ المخلوعةُ في مَمَالِكِ الكُوليرا/ وسَرَطَانُ الثَّدْيِ يَلتهِمُ صَدْرَ الأمطارِ / نُعَلِّقُ أحزانَ نِسَائِنا في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ كَسَاعَةِ الحائطِ/ فَهَل تَتَخَيَّلُ أحاسيسَ الصَّراصيرِ/ تَحْتَ أقدامِ العُشَّاقِ في حَدائقِ الثلجِ السَّاخِنِ ؟ / هَل تَعْرِفُ ذِكرياتِ الدَّجاجِ / قَبْلَ ذَبْحِهِ في مَطَاعمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ ؟ /
     أَمُوتُ عَطَشَاً/ أُحِيلَ النَّهْرُ إلى التَّقَاعُدِ/ وماتت الطحالبُ عَلى حِيطانِ آبارِ الذاكرةِ/ واستقالت الينابيعُ مِن وَظيفةِ البُكاءِ/ أهْرُبُ مِن مَعركةِ الْحُبِّ / أرْسُمُ نَهْراً وأغْرَقُ فِيهِ/ كُرَيَاتُ دَمي البَيضاءُ تَرْفَعُ الرَّايةَ البَيْضَاءَ / أسْبَحُ في جُثمانِ الغَيْمِ بِلا قَبيلةٍ ولا رَايةٍ / يَتَحَوَّلُ الضَّحايا إلى أرقامٍ عَلى رُخامِ الأضرحةِ / فَكُوني يَا أسماكَ القِرْشِ نَاعِمَةً / وَارْحمي دُموعَ الأراملِ / حِينَ تَأكُلِينَ أجسادَ البَحَّارَةِ الرُّومانسِيِّين /
     كَيْفَ أنامُ وَالبَجَعُ يَسْكُبُ الذِّكرياتِ عِلى وِسادتي ؟/ كَيْفَ أنامُ ومَلامِحُ الأمواتِ عَلى زُجاجِ نافذتي ؟ / كَيْفَ أموتُ والْجَوَّافَةُ تَنْمُو عَلى فِرَاشِ الموْتِ ؟/ أنا مَزرعةُ العُقَدِ النَّفْسِيَّةِ/ هَذا انتحاري جَوَازُ سَفَرٍ للسَّنابلِ / أُحَرِّرُ أبجديةَ الفَحْمِ مِن حُروفِ اليتامى / وعُمَّالُ المناجمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / عَاشُوا تَحْتَ الأرضِ / وماتوا تَحْتَ الأرضِ /
     يَحْلِبُ رَمْلُ البَحْرِ أثداءَ النِّساءِ/كَمَا يَحْلِبُ الإِعصارُ أثداءَ الأبقارِ/ أُهَرْوِلُ في أدغالِ اليَاقوتِ/ كَي تَشْرَبَ أجفانُ المساءِ ذِكرياتِ النَّوارِسِ / والْحُزْنُ يَعْصِرُ أشلائي الفِضِّيةَ / أقضي شَهْرَ العَسَلِ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / وأرْمَلَتي ذَهَبَتْ مَعَ زَوْجِهَا الجديدِ إلى مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / المساءُ أرشيفُ العُشَّاقِ العاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ / والجنودُ يَهْرُبُونَ مِن حُفَرِ المجاري إلى أحضانِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ / والجيوشُ تَسْقُطُ في مَساميرِ النُّعوشِ / فَاصْنَعْ عَرْشَكَ مِن أخشابِ المطبخِ أو أخشابِ التَّوابيتِ / وَكُن مَلِكَاً فَاشِلاً بَيْنَ مِصْيَدةِ الأرَقِ وفِئرانِ التَّجارُبِ / وامْسَحْ دُمُوعَكَ بِنَفْسِكَ / لَن يَأتِيَ البَحْرُ كَي يَمْسَحَ دُمُوعَكَ / أنا وزَوْجي لَم نَتَّفِقْ إِلا عَلى مُضَادِّ الاكتئابِ وقَارُورةِ السُّمِّ /
     يَا امْرَأةً تَسْكُبُ حَلِيبَها في الْمُسْتَنْقَعَاتِ / صَارَت الضَّفادعُ مِثْلي بِلا وَطَنٍ ولا مَنفَى / فَاقْرَأْ مَرسُومَ الإعدامِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / يَا تاريخَ العَصافيرِ المشنوقةِ / خُذ الملِكَةَ فِكتوريا / وَاتْرُكْ ذِكرياتِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ في شَوارعِ لَنْدَنَ الخلفِيَّةِ / أحزاني رَصاصةٌ تَطْبُخُها النُّسورُ في المجرَّاتِ/ ولا مَكَانَ في دَمي سِوى الفَرَاغِ / أنامُ في أزِقَّةِ الجليدِ/ لأنَّ النَّيازكَ تنامُ في سَريري / وَالنَّهْرُ الأعزبُ يَبحثُ عَن وَظيفةٍ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / الشَّاطئُ العاجِزُ جِنسِيَّاً تَزَوَّجَ الرِّياحَ البِكْرَ / فَحَزِنَت الصَّحراءُ الْمُطَلَّقَةُ / أشربُ الهيدروجِينَ في الماءِ / وأتركُ الأُكسجينَ لِحِبْرِ المشانقِ / أَلُمُّ شَمْلَ الأمواتِ في ثُقوبِ جِلْدي /
     أنا الفَراشةُ الوَحيدةُ التي تُسَجِّلُ الذِّكرياتِ بِاسْمِ غَاباتِ الدَّمْعِ/ نَبَضَاتُ قَلبي تَضْرِبُ ألواحَ صَدْري كالإعصارِ فلا أنامُ / وسُعالي يَغتصِبُ حَقْلَ الشُّموعِ / فيا سُنبلةَ الليلِ الحزينِ / إنَّ نَبَضَاتِ حَبْلِ المِشْنقةِ تَزدادُ/ كُلَّما مَرَّتْ أُنوثةُ السَّنابلِ عَلى سَكاكينِ المطبخِ / والنَّهْرُ يَحْلِقُ شَعْرَهُ قَبْلَ زَواجِهِ مِن دِمائي / وَالشُّموسُ الفِضِّيةُ تُهاجِرُ إلى مَساميرِ النُّعوشِ الْمُغَطَّاةِ بالنَّعْنَاعِ / الأظافرُ تُفَّاحةٌ يَشْوِيها الصَّدى عَلى شَمعةِ الوَدَاعِ/ هَذِهِ دِمَاؤُنا يَا أُمِّي/ عَشاءٌ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ بَيْنَ السَّجينِ والسَّجَّانةِ/ بُرتقالٌ يَفْرِضُ قَانونَ الطوارئِ عَلى الليْمُونِ / والنِّساءُ في سُوقِ النِّخاسةِ / الأثداءُ مِنَ البلاستيك / والْمُؤَخِّرَاتُ مِنَ الأسْمَنْتِ الْمُسَلَّحِ /  
     في حَنجرةِ الموْجِ تَبْني العناكبُ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ / أنا والنَّهْرُ نُمارِسُ الرِّياضةَ في ليالي الخريفِ / نَركضُ إلى أدغالِ الْجُثَثِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / ونَمشي إلى قُبورِ آبائِنا عِندَ حَافَّةِ الجبَلِ / البُحَيرةُ أجْمَلُ العَوانسِ في سُوبر ماركت الرَّقيقِ الأبيضِ / وَالنَّخَّاسُ قَد تَقَاعَدَ / والْمُهَرِّجُ أغلقَ السِّيركَ بالشَّمْعِ الأحمرِ / والتحقَ بالخِدمةِ العَسكرِيَّةِ /
     أُوَزِّعُ ذِكرياتِ الرَّعْدِ الطازَجةَ عَلى جَثامينِ الأراملِ في المجرَّاتِ / هَذا البَحْرُ طِفْلٌ يَتيمٌ يَبْحَثُ عَن أُمِّهِ في جِنازةِ النَّهْرِ / وبِلادي دُوَيْلَةٌ لَقيطةٌ اختَرَعَهَا الغُزاةُ والطغاةُ / وَطَنٌ يَبيعُ العَوانسَ في الْمَزَادِ العَلَنِيِّ / وحُلْمي أن أجِدَ نفْسي بَيْنَ نُعوشي / أبحثُ عَن الذِّئبِ في الإنسانِ / وَهَذِهِ الرِّمالُ مُدْمِنَةٌ عَلى حُبوبِ مَنْعِ الحمْلِ/ وَكَانت الفِئرانُ أذْكَى مِنَ المِصْيَدةِ / وكانَ الْمَلِكُ أغبَى مِنَ العَرْشِ/
     يُخَزِّنُ الشِّتاءُ جُثَثَ الجنودِ في عُلَبِ السَّرْدين / وَعُلَبُ السَّرْدينِ هِيَ التَّوابيتُ المعدنِيَّةُ للذبابِ/ الذي يَحُومُ حَوْلَ جُثمانِ الفَراشةِ / قَلبي مَسْقَطُ رَأْسِ الرِّياحِ / وأنا بِلا وَطَنٍ ولا مَنفَى / تَتَحَوَّلُ رَاعيةُ الغَنَمِ إلى رَاقصةِ باليه/رَمَيْتُ بُكاءَ الغاباتِ الْمُضيئةِ في شَاحناتِ نَقْلِ أكفانِ الجنودِ/ أنا حارسُ مَرْمَى ناجحٌ في فَريقِ الأمواتِ / أحزاني جُمْجُمةٌ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنِ / وَحَديدُ السُّجونِ يَتَغَزَّلُ بالشُّطآنِ بَعْدَ انتحارِها في أجفانِ البَحْرِ / وَسَاعَةُ الحائطِ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ /
     يَا وَطَناً يُولَدُ مِن شُموعِ جِنازةِ الطيورِ الجارحةِ / إنَّ السَّلاحِفَ تَدْفِنُ بُيُوضَها في قَارُورةِ الحِبْرِ/ يَدخلُ البَحْرُ مِن نافذةِ المقبرةِ / ويَخْرُجُ مِن قَفَصي الصَّدْرِيِّ / وبَناتُ آوَى وَاقِفاتٌ عَلى بَابِ قَلْبي/ لماذا لَم أكْتَشِف الْحُبَّ في دُموعِ اليَمامِ ؟ / أنا خَائِفٌ يَا أُمِّي مِن كُرَيَاتِ دَمي / اصْهَري أزرارَ قَميصي في دَمِ أبي / الذي تَفَرَّقَ بَيْنَ القَبائلِ / اصْهَري ذِكرياتِ اليتامى في قُماشِ أكفاني الْمُسْتَوْرَدِ/ يَمشي النَّمْلُ الرُّومانسِيُّ في جِنازةِ الجرادِ / فيا أيَّتُها القاتلةُ في خَريفِ الذُّعْرِ / المقتولةُ تَحْتَ سُيوفِ القَبائلِ / اسْمَحي للبَحْرِ أن يَكْرَهَكِ / اسْمَحي للنَّهْرِ أن يُخَطِّطَ لاغتيالِ ذِكرياتِ العاشِقين /
     أُفَكِّرُ في أحزانِ المطرِ بِعَقْلِيَّةِ ضَابِطِ الْمُخَابَرَاتِ / وأُعَانِقُ خَريفَ الشُّطآنِ بِعَقْلِيَّةِ رَاقِصَةِ الباليه / أيْنَ قَبري في هَذِهِ المدينةِ الخاليةِ إلا مِنَ الطاعون ؟ / النِّسْوةُ الْمُسْتَحِمَّاتُ بِحِبَالِ المشانقِ نَسِينَ حِبَالَ الغسيلِ / والزَّوابعُ تَشربُ الشَّايَ مَعَ الإِوَزِّ الميْتِ / احتفالاً بِعِيدِ مِيلادِ حَفَّارِ القُبورِ / مُشَادَّةٌ كَلامِيَّةٌ بَيْني وبَيْنَ رِياحِ الخمَاسِين / وَالأحزانُ امْرَأةٌ مُغْتَصَبَةٌ لا تَرى أبْعَدَ مِن مُغْتَصِبِهَا/ لَسْتُ يُونُسَ لِيَقْذِفَني الْحُوتُ / أنا سَمكةُ القِرْشِ الْمُحَنَّطَةُ في دُموعِ النِّساءِ الشَّمْعِيَّةِ / أنا المرفأُ المهجورُ في دَمْعِ الغاباتِ الزُّمُرُّدِيَّةِ / فَكُنْ وَطَنَ الأحلامِ الضَّائعةِ / كَي تَغْسِلَ الرَّمْلَ الأزرقَ عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ /
     جَسَدي فُرْشَاةُ أسنانٍ للحُوتِ الأزرقِ / وأطيافُ الصَّنوبرِ تُلاحِقُني في مَقبرتي / أوْرَثَنَا آباؤُنا دُستورَ الثَّأْرِ / وتَفَرَّقَ دَمُهُم بَيْنَ القَبائلِ تَحْتَ رَاياتِ القَراصنةِ/ وماتت الفِرْقةُ الموسيقِيَّةُ بَيْنَ خَشَبَةِ المسْرَحِ وطُبولِ الحرْبِ/ انكسرَ طَيْفُ المساءِ في أجفانِ أُمِّي/والنَّاجُونَ مِنَ المذْبَحةِ يَشْعُرُونَ بالذَّنْبِ/
     سَيَنمو النَّعناعُ بَيْنَ الْجُثَثِ المجهولةِ الْهُوِيَّة / الجثامينُ الْمُضيئةُ تَختبِئُ وَراءَ النَّظاراتِ السَّوْداءِ / وأبي لا يَزالُ يَضْرِبُ أُمِّي / فيا أيَّتُها الذبابةُ التي تَبْحَثُ عَن شَرَفِهَا في حُطامِ السُّفُنِ / وتُدَافِعُ عَن شَرَفِ الغُبارِ / مَنْسِيَّةٌ أنتِ في زَوايا المطبخِ كَفِئرانِ السَّفينةِ / أصنعُ مِن أخشابِ تَابُوتي سَفينةً للحُلْمِ الغامضِ / وكُلُّ سُفُني غَارِقَةٌ / صُحونُ المطبخِ أضرحةٌ / وسَكاكينُ المطبخِ رَاياتٌ مُلَوَّنةٌ للقَبائلِ / والملاعِقُ حِبَالُ مَشَانِقَ مُضيئةٌ / وسَرَطَانُ الثَّدْيِ يَزْحَفُ عَلى السِّيرامِيكِ /
     يَسْجُنُ الشَّلالُ صَوْتَ الضَّحايا في المزهرِيَّاتِ/ سَيَأكلُ البَقُّ البَرَاوِيزَ الخشَبِيَّةَ / فَكَيْفَ أتذكَّرُ صُورةَ أُمِّي في طُفولةِ المساءِ ؟ / سَيَأكلُ البَقُّ أخشابَ النُّعوشِ / فَكَيْفَ سَيَمُوتُ أبي في شَيْخُوخةِ اللازَوَرْدِ ؟ /
     العَوَانِسُ الخائفاتُ وَراءَ النَّوافذِ الرَّمادِيَّةِ / التي تُطِلُّ عَلى جُثمانِ المساءِ وأشِعَّةِ القَمَرِ / يَنْبُتُ الوَرْدُ البلاستيكِيُّ في القَصديرِ / والأزهارُ الصِّناعِيَّةُ هِيَ صُورةُ أشلائنا في مَرايا المطَرِ / فَيَا أيُّها الوَطَنُ الذي يَرْكُضُ في جِنازتي/ كالأمطارِ المذبوحةِ في عُلَبِ السَّرْدين/ اسْتَرِحْ في رِئتي الصَّحْرَاوِيَّةِ/ خُذْ كُوباً مِن دَمي الأخضرِ / وَتَذَكَّرْ أُمِّي حِينَ تَخيطُ أكفاني بِمُسَدَّسِ أبي في الشتاءِ الطويلِ / وتُصْبِحُ أعشابُ المدافِنِ إِبْرَةً للبُحَيرةِ الأرْمَلةِ في المساءِ المكسورِ /
     السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدي مَلَكَ الموْتِ/ أنْهَيْتَ حُلْمِي الرُّومانسِيَّ/ وأيْقَظْتَنِي مِن نَوْمي الطويلِ / الشَّمْسُ تَطْبُخُ الفَاصُولياءَ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / وأرْوِي عَطَشِي بالعَطَشِ / رَمَيْتُ كُرَيَاتِ دَمي في غِرْبَالِ الحضارةِ/ ولا حَضارةَ إلا أشلاءُ الفُقَراءِ/ فيا ضَوْءَ القَمَرِ / اعْشَقْني وأنتَ تَفْتَحُ بَيْنَ التَّوابيتِ طَريقاً للصَّدى / أيَّتُها الرِّمالُ المتحرِّكةُ / خُذي مَجْدَكِ في تَلْميعِ جُثتي بأوسمةِ الجيوشِ المهزومةِ / 
     سَأُطْلِقُ سَرَاحَ الشَّوارعِ المحبوسةِ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / فيا أيَّتُها الطيورُ الجارحةُ التي تَنامُ تَحْتَ أظافري/ مَزِّقي أكفاني/وَلْتَكُنْ آبارُ قَريتي أكفاناً جَديدةً لِي/وَلْتَكُنْ قُلوبُ الشَّركسِيَّاتِ أضرحةً لِي/ صُراخُ الضَّحايا يَخيطُ عَلَمَ بِلادي الْمُنَكَّسَ / وَرُموشُ البُحَيراتِ طَريقٌ صَحراوِيٌّ للشَّاحناتِ / التي تَنْقُلُ التَّوابيتَ الْمُزَخْرَفَةِ / مِتُّ جَائعاً في وَطَني المنبوذِ / والأزهارُ الصِّناعِيَّةُ بَاهِظَةُ الثَّمَنِ بَقِيَتْ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / كَانَ ثَمَنُ الأزهارِ سَيُنْقِذُني مِنَ الموْتِ جُوعاً في بِلادي / بِلادِ الملوكِ اللصوصِ /
     خُدودُ الأيتامِ استراحةٌ عَلى طَريقِ البَحْرِ/ والحواجزُ العَسكريةُ تَنتشرُ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / وصَفَّاراتُ الإنذارِ تَفْصِلُ النَّهْرَ عَن أجفانِهِ / أرْفَعُ مَعنوِيَّاتِ الحطَبِ بَعْدَ فَشَلِهِ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وذَلِكَ دَمي الثَّلْجِيُّ وَطَنٌ بِلا مَطَرٍ وَلا صَحْراء / أغْرَقُ في دَمْعِ الخريفِ / لأنَّ دَمَ القِطَطِ يَدْهَنُ يُخُوتَ الملوكِ /
     في الدَّيْرِ البَعيدِ/ خَلْفَ الغاباتِ الْمُحْتَرِقَةِ بِذِكرياتِ المطَرِ / رَاهِبةٌ عَمياءُ مَاتتْ بِسَرَطَانِ الثَّدْيِ/ والعَناكِبُ نَسَجَتْ بُيُوتَها في حَناجرِ بَناتِ الليلِ / ماتَ النَّهارُ قُرْبَ العَرَبَاتِ العَسكرِيَّةِ / والمطرُ الأزرقُ يَدْخُلُ في جُثمانِ النَّهْرِ / هَذِهِ عِظامي كُحْلٌ لِبَناتِ آوَى في غَاباتِ الرَّايةِ البَيضاءِ / هَيْكلي العَظْمِيُّ أسْمَنْتٌ مُسَلَّحٌ بأحزانِ الكَهْرمانِ / والأسْفَلْتُ يَلعبُ النَّرْدَ في شَراييني / كَمَا يَلعبُ الرَّمْلُ القِمَارَ في المقابرِ الجماعِيَّةِ /
     أيُّها الوَطَنُ المذبوحُ بَيْنَ أبراجِ الْمُرَاقَبَةِ وأبراجِ الحمَامِ / قَتَلْتُ نفْسي ثُمَّ مَشَيْتُ في جِنَازَتِها أمامَ عَدَسَاتِ التَّصويرِ / تَتَقَمَّصُ الفِئْرانُ الكريستالِيَّةُ ذَاكرةَ اليَمامِ / والطوفانُ نَائمٌ وَراءَ التَّلِّ / المشاعرُ البلاستيكِيَّةُ لِبَناتِ القَراصنةِ / وأراملُ البَحَّارةِ يَنتظِرْنَ استلامَ الجثامينِ في المِيناءِ / ومَناديلُ الوَداعِ تَتَزَوَّجُ الرَّصيفَ البَاردَ / فيا أيَّتُها الشُّموسُ التي تَخْرُجُ مِن جُرُوحِ البَحْرِ / سَيَنْزِفُ البَحْرُ حتَّى الموْتِ / يُولَدُ شَجَرُ المقابرِ في قُلوبِ البَناتِ / ويَموتُ في جُلودِ بَناتِ آوَى / عِظَامي هِيَ الغابةُ الْمُلَوَّثةُ بالصَّهيلِ المغْشُوشِ / وعِندَما أموتُ / تَكتمِلُ أُسطورتي الغامضةُ /
     عَلِّمْني أيُّها التَّابوتُ الزُّجاجِيُّ فَلسفةَ العَارِ / لأكْتَشِفَ قَبْرَ الفَراشةِ في حَوَاجِبِ المطرِ / يا أخي السَّجَّان/ عَلِّمْني تاريخَ شُموسِ الأسْمَنْتِ / كَي ألْمِسَ خُطُوَاتِ السُّنونو عَلى بَلاطِ الزِّنزانةِ البَاردِ/ دَعْنا نَتَقَاسَمْ مَاءَ الذِّكرياتِ بَعْدَما جَفَّ مَاءُ البِئرِ / تَرمي نِساءُ القَبيلةِ جَدَائِلَهُنَّ في البِئرِ / أشربُ هَيْدُروجينَ العاصفةِ / وتَشْرَبُ أُكسجينَ الرِّمالِ / دَعْنا نَتَقَاسَم الغنائمَ بَعْدَ هُروبِ الجنودِ مِنَ المعركةِ/ لَم تَعُد الزِّنزانةُ تَتَّسِعُ لأحزانِ السَّجينِ وذِكرياتِ السَّجَّانِ/ فَخُذ الفَرَحَ وَاتْرُكْ لِيَ الْحُزْنَ/ خُذْ مَكاني في ثلاجةِ الموتى/ واتْرُكْ جُثتي في شَوارعِ الصَّقيعِ/ سَتَخرجُ الطحالبُ مِن ثُقوبِ جِلْدي / وأركضُ في غَابَةِ النِّساءِ الْمُتَوَحِّشَاتِ مُسَلَّحَاً بِدَمِ البَعُوضِ / أنا المسافرُ في مَرافئِ شَراييني/ الْمُهاجِرُ في لَمَعَانِ السَّنابلِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / وأنا الوَطَنِيُّ في المنفَى/ المنفيُّ في الوَطَنِ / أنا الوَطَنُ والمنفَى مَعَاً / يُرْشِدُني مَوْتُ الزَّنابقِ إلى حَياتي / وأوْرِدتي تُضِيءُ للغُبارِ طَريقَهُ نَحْوَ ألواحِ صَدْري / أَقُودُ قَطيعَ الفَرَاشاتِ إلى قَبْرِ أُمِّي / كَم أنا وَحيدٌ أيُّها الْحُزْنُ النائمُ في عُلَبِ السَّرْدينِ الحجَرِيَّةِ / مَاتت أرملةُ الفَيَضَانِ / وَبَقِيَ الغسيلُ عَلى الحبْلِ /
     يا وَطَني المشنوقَ بَيْنَ حِبَالِ الغسيلِ وحِبَالي الصَّوْتِيَّةِ / بِلادي امْرَأةٌ بَاعَتْ غِشَاءَ بَكَارَتِهَا في السُّوقِ السَّوْداءِ / فَخُذْ أيُّها الشَّجَرُ مَجْدَ شَوَاهِدِ القُبورِ / وَاتْرُك العُشْبَ يَشْرَبُ الشَّايَ مَعَ زَوْجةِ حَفَّارِ القُبورِ / أبْحَثُ عَن صُورةِ أُمِّي في دُموعِ الفَرَاشَاتِ / دِمَاءُ أرْمَلةُ الطوفانِ هِيَ بَراويزُ الذاكرةِ المنسِيَّةِ / فيا أيُّها الدُّودُ / كُن رُومانسِيَّاً حِينَ تَأكُلُني /
     أُعْطِي مَشَاعِرَ رَاقِصَاتِ البَاليه لِخَفْرِ السَّواحلِ / وأُعْطي أحزانَ الرَّاهباتِ لِضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ / قَضَيْنا حَيَاتَنَا في الْمَصَاعِدِ الْمُعَطَّلَةِ في نَاطِحَاتِ السَّرابِ / وكانَ النَّعناعُ اليَتيمُ يُولَدُ في نَزيفِنا / الأسْمَنْتُ في أقفاصِنا الصَّدْرِيَّةِ/ وَنَحْنُ نَعيشُ في الأقفاصِ/ والجرادُ يُحَلِّلُ مَشَاعِرَ ضَابِطِ الْمُخَابَرَاتِ الذي اكتشفَ خِيانةَ زَوْجَتِهِ /
     مَا لَوْنُ الوَرْدَةِ النَّائمةِ في حَنجرةِ السَّمَكةِ / أيُّها البَحْرُ المقتولُ في أمعائي البلاستيكِيَّةِ ؟ / طِفْلةٌ تَموتُ على أغصانِ ثَلْجٍ أزرقَ/ يُولَدُ في أشلائِنا/ ويَمُوتُ في الكُوليرا/ كَانَ الحمَامُ يَطيرُ بِلا أجنحةٍ/ وَكُنتُ أَطِيرُ بِلا ذِكرياتٍ / ضَاعَ سَريري وأنا نائمٌ عَلَيْهِ / فَلا تَلُمْني يَا صَابُونَ غُرَفِ الفَنادقِ / إنَّ دَمي أسْفَلْتُ الحنينِ إلى اللاشَيْءِ/فَهَل يَعْرِفُ الأعمَى لَوْنَ قَميصِ النَّوْمِ لِزَوْجَتِهِ؟/ لا تَجْرَح الجريحةَ/ وَلا تَقْتُل القَتيلةَ / وَلا تَخُن امْرَأةً خَانَتْها سَنابلُ المقبرةِ /
     أرجوكَ أيُّها الوَهْمُ اللذيذُ/ لا تَحْرِقْني بالذِّكرياتِ / أجفانُ الصَّبايا مَزرعةٌ للمارِيجوانا / وعُشْبُ المدافِنِ يَنمو في حِكَاياتِ الغُرباءِ / يا عَشيقتي الأحزان / كَيْفَ تَعَلَّمْنا الخِيَانةَ في مَمالكِ السُّلِّ ؟ / أتجوَّلُ في صَحاري الشَّفقِ الجليدِيَّةِ / بَاحثاً عَن دَمِ البُحَيرةِ المهدورِ / وشَرَفِ الرِّمالِ الْمُتَحَرِّكةِ / ضَوْءُ القَمَرِ يُنَقِّي حِبْرَ المشانقِ مِن أشجارِ المدافِنِ/ وَقَلْبي كالبِطِّيخةِ لا تُعْرَفُ حَلاوَتُهُ إِلا إِذا غُرِسَتْ فِيهِ السِّكِّين / اعتزَلَ الشَّاطِئُ الحياةَ السِّياسِيَّةَ حِدَادَاً عَلى مَقْتَلِ البَحْرِ / والفُقَراءُ يَحْمِلُونَ عَلى ظُهُورِهِم جُثمانَ البَحْرِ/ ويَبْحَثُونَ في سِلالِ القُمامةِ عَن الْخُبْزِ وجَمَاجِمِ آبائِهِم / نَعْجَةٌ تُسَاقُ إلى ثَلاجةِ الموتى/ التي نَسِيَ الأطفالُ فِيها الشُّوكولاتةَ وماتوا / ونُهودُ الرَّاهباتِ مَفروشةٌ عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ/ والناسُ يَرْقُصُونَ في عُرْسِ ابْنِ الخليفةِ / جَسَدُ النَّهْرِ مَدْفُونٌ في جُثمانِ زَوْجَتِهِ / وَقَلْبي مُشَرَّدٌ في أزِقَّةِ المرفأ/ ورَاعي الغَنَمِ صَارَ عَازِفَ بيانو/ وَتَحَوَّلَتْ رَاقِصَةُ البَاليه إلى ضَابِطَةِ مُخَابَرَاتٍ/  
     في ذَلِكَ الكُوخِ المحروقِ بِذِكرياتِ الأراملِ / قِيثارةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ عَلى الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ / والرِّيحُ تَعْزِفُ عَلى البيانو المهجورِ في مَملكةِ الجثامين / يَا ضَوْءَاً يَصْعَدُ فَوْقَ حَطَبِ الذِّكرياتِ الأخضرِ / جُرحي أوَّلُ حِكَاياتِ الخريفِ/ وآخِرُ طَريقِ المِلْحِ في دَمْعِ اليَتامى / فَقِفْ أيُّها الوَهْمُ في مُنْتَصَفِ عُروقي / كَي يَلْتَقِمَ الرَّمْلُ ثَدْيَ الصَّحراءِ /      
     الليلُ مَحْرَقَةُ العُشَّاقِ / والموْجُ يَتَدَرَّبُ عَلى زِراعةِ الجوَّافةِ تَحْتَ أظافري / وَالثلجُ يَرْمي عَلى رُقعةِ الشِّطْرَنجِ جَمَاجِمَ الملوكِ / والقِطَطُ العَمْياءُ تَنامُ عَلى الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ الْمُغَلَّفِ بالأكفانِ الْمُسْتَعْمَلَةِ / قُرْبَ مَوْقَدةِ الشِّتاءِ وذَاكرةِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ/ والملِكاتُ السَّبايا يَغْسِلْنَ الصُّحونَ في سُفُنِ القَراصنةِ / 
     يَا أيُّها النَّسْرُ الذي يُضَاجِعُ جُثةَ البُحَيرةِ / مَتَى تَشْرَبُ الرِّيحُ الشَّتَوِيَّةُ حَليبَ البُحَيرةِ المخلوطَ بالسِّيانيدِ ؟/ أضعتُ عُمُري في الأرَقِ/ وَحْدَها مُضَادَّاتُ الاكتئابِ تَنامُ في سَريرِ الأعاصيرِ/ فيا أيَّتها اللبُؤةُ الْمُحَاصَرَةُ بَيْنَ الْحُبُوبِ الْمُنَوِّمَةِ وحُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ / تِلالُ أشلائي سِيركُ الثعالبِ / وحَقائبُ الملِكَاتِ مِن جُلُودِ البَشَرِ / أرى كَلْباً بُوليسِيَّاً يَأكلُ جُثمانَ الشَّاطئِ / لكنَّ تابوتي يَنْثُرُهُ الذبابُ في صُحونِ المطبخِ /
     أيَّتُها العَوَانِسُ الْمُحَنَّطاتُ في جِرْذَانِ المِكياجِ / إِنَّ المساءَ يُزَيِّنُ جُثتي بالأوسمةِ العَسكرِيَّةِ / أُفَصِّلُ مِن قُضبانِ سِجْني قَميصاً لِسَجَّاني / وألواحُ صَدْري هِيَ نُعُوشٌ للمَطَرِ الآتي مِن جُثةِ أُمِّي / نَقتسِمُ حِبَالَ الغسيلِ مَعَ القَراصنةِ / كَي تَتَّسِعَ الجِنازةُ لِكُلِّ طُيورِ البَحْرِ / أُزَيِّنُ تَابوتَ البَحْرِ بالوُرودِ الحمْرَاءِ / فأنسَى شَكْلَ دَمي الأخضرِ /
     يَا أُمَّنَا التي تَلِدُنا وَتَئِدُنا / أَحْمِلُ نَخلةَ الدِّيناميتِ عَلى ظَهْري / والأبقارُ النَّحيلةُ تَجُرُّ جَثامينَ الجنودِ المجهولين / أيْنَ الطريقُ إلى بُرتقالةِ المذْبَحةِ ؟ / الرَّصيفُ امْرَأةٌ مَسْحُوقةٌ في أحضانِ زَوْجٍ تَكْرَهُهُ / والتِّلالُ الغريبةُ اكْتَشَفَت الْحُبَّ بَعْدَ وَفَاةِ قَلْبِها / شَجَرَةٌ يَغْتَصِبُها الطوفانُ تُطِلُّ عَلى ضَريحي / فيا أيَّتُها الزِّنزانةُ الانفرادِيَّةُ / الذِّكرياتُ وَحيدةٌ مِثْلُكِ / يَا أُختي السَّجَّانة / أنا أُعَاني مِنَ الفَراغِ العَاطفِيِّ مِثْلُكِ / وَقَميصُ النَّوْمِ مَنْسِيٌّ عَلى فِرَاشِ الموْتِ/ بَلاطُ الزَّنازينِ في شَهيقي / وَبَلاطُ صَالَةِ الرَّقْصِ في زَفيري / وأنا الْمُهَاجِرُ مِن رِئتي / وَبَيْنَ الرِّئَتَيْنِ سِكَّةُ حَديدٍ / لكنَّ القِطَارَ لا يَأتي /
     تِلْكَ العُيونُ الخائفةُ وَراءَ نوافذِ الشِّتاءِ / الأجسادُ الْمُتْعَبَةُ بَيْنَ شُرُفَاتِ الخريفِ وأسْمَنْتِ الذِّكرياتِ / وَدِمَاءُ كِلابِ الحِرَاسَةِ هِيَ شَرايينُ الرِّياحِ / وَخُدُودُ الصَّبايا رَصيفٌ جَديدٌ لِمِيناءِ الوَداعِ / وشَوارعُ الغَثَيَانِ تَفْصِلُ بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمي /
     الشَّجرةُ الوَحيدةُ في المقابرِ الجماعِيَّةِ هِيَ شَاهِدُ قَبْرٍ للنَّهْرِ الجريحِ / والفَراشةُ الوَحيدةُ في مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ هِيَ تُفَّاحةُ الذِّكرياتِ/ يَحْمِلُ الأطفالُ جُثَثَ آبائِهِم / وَيَرْكُضُونَ نَحْوَ مَناديلِ الوَدَاعِ التي تَغْرَقُ في البَحْرِ / نَرْسُمُ صُوَرَ أُمَّهَاتِنا بَيْنَ الْخَنَاجِرِ والْحَنَاجِرِ / عُودِي أخضرُ لَكِنِّي أحترِقُ / سُدُودُ بِلادي خَالِيةٌ إِلا مِن دِمائي وَحَليبِ السَّنابلِ / فيا أيَّتها الغُيومُ الخضراءُ التي تُولَدُ في دِمَاءِ الشَّفَقِ / وتَموتُ في عَرَقِ قَوْسِ قُزَحَ / لا تَقْتُلي النَّهْرَ السَّائِرَ في جِنازتي /
     خُذي احتضاري يا سَنَابِلَ بِلادي تِذْكاراً للحُبِّ الضَّائعِ / واتْرُكي الكَرَزَ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / كُونوا رُومانسِيِّينَ عِندَما تَخُونُوني / حَتَّى تُولَدَ الذِّكرياتُ في أسنانِ المطرِ / قَناديلُ الموْتِ مُعَلَّقَةٌ في سَقْفِ حَلْقي / والنَّهْرُ لا يَقْدِرُ أن يَنامَ في أحضاني بِلا حُبُوبٍ مُنَوِّمَةٍ /
     يا شُطآنَ اليَاقُوتِ / اكْرَهِيني / إنَّ قَلْبي ماتَ / لا تَذْهَبْ يَا شَجَرَ الأمطارِ إِلى مَنَامِي / كَسَرَ الشَّفَقُ رُموشي / أنا الرَّسُولُ والرِّسَالَةُ بَعْدَ انتحارِ سَاعِي البَريدِ / مَاتَ عُشْبُ المقابرِ بالسُّمِّ / والليلُ يُشَرِّحُ جُثمانَ الصَّحراءِ / مَاتَ رَمْلُ البَحْرِ بَعْدَ جُرْعَةٍ زَائدةٍ مِنَ الذِّكرياتِ / ويُنَقِّبُ الغُزاةُ في نُهُودِ نِسَائِهِم عَنِ النِّفْطِ /
     وُلِدْتُ في مُدُنِ الموْتِ / والموْتُ سَوْفَ يَمُوتُ / ذَلِكَ الرَّصيفُ عَلَيْهِ دُموعُ الرَّاهباتِ المنثورةُ في رَصاصِ الحِكَاياتِ / كَأرقامِ الضَّحايا / كَأرقامِ الزَّنازين / كَأرقامِ السَّبايا / كَأرقامِ السَّيَّاراتِ الدُّبْلُومَاسِيَّةِ / كَأرقامِ الأوسمةِ العَسْكَرِيَّةِ للجنودِ الهارِبِين /
     يَا تَابُوتَ الأمطارِ تَحْتَ السُّيوفِ الصَّدِئَةِ / ابْتَعِدْ عَن صُراخِ الغاباتِ في أوْرِدتي / اغْسِلْني أيُّها المساءُ بالانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ/ كَي أنقَلِبَ عَلى قَلبي / وأحْكُمَ دَوْلَةَ شَراييني بالذِّكرياتِ والدُّموعِ / ارْحَمِيني يا أنقاضَ جِلْدي/ كَي أبْحَثَ عَمَّن يُكَفِّنُني بِجُلُودِ النُّسورِ العَاجِزَةِ جِنسِيَّاً / يَحْمِلُ الخريفُ عَلى رُمُوشِهِ نَزيفَ الأدغالِ الشَّمْعِيَّةِ / وَدِمَاءُ الملوكِ تُعَبِّدُ الطريقَ إلى الذِّكرياتِ الْمُوحِشَةِ والمرافِئِ الْمُتَوَحِّشَةِ / لَسْتُ خَائناً / لَكِنِّي لَن أُصَافِحَ النَّهْرَ / لأنَّ يَدَيْهِ مُلَطَّخَتَانِ بِدَمِ البَحْرِ / 
     أيُّها النَّسْرُ الجريحُ / اذْهَبْ مَعَ زَوْجَتِكَ إلى حَفْلَةِ الرَّقْصِ / وَاتْرُك الرَّاعي للوَسْوَاسِ القَهْرِيِّ / سَتَنْزِفُ الأغنامُ حَنِيناً حتَّى الموْتِ / وأنا أَمُوتُ بَيْنَ مَشَانِقِ الكَرَزِ / لِي سِيَادةُ صَحاري القِرْمِيدِ عَلى ذِكْرَياتِ الإِوَزِّ / يُخْبِرُني قَوْسُ قُزَحَ أنَّهُ يُحِبُّني / لَكِنَّهُ يُحِبُّ مِشْنقتي أكثرَ / يُخْبِرُني الصَّقيعُ أنَّهُ يَعْشَقُ زِنزانتي الانفرادِيَّةَ / يُحِبُّونني وأكْرَهُ نفْسي / يَبْحَثُونَ عَنِّي وأهْرُبُ مِن نفْسي / يُريدُونني حَيَّاً كَي يُحَنِّطُوا ذِكرياتي / وأُريدُ رَمْلَ البَحْرِ مَيْتاً / كَي أُزَوِّجَ البُحَيرةَ لِخَفْرِ السَّواحِلِ / أسْمَعُ حِجَارةَ النَّيازكِ تُنادِيني / مِزَاجُ قَاتِلي مُتَعَكِّرٌ / والأطفالُ يَحْفَظُونَ أرقامَ الضَّحايا في حِصَّةِ الرِّياضِيَّاتِ /
     يُخَطِّطُ المساءُ لاغتيالي في الفَجْرِ الكاذبِ / أكفاني مُسْتَوْرَدَةٌ / لَكِنِّي أدْعَمُ الصِّناعةَ الوَطنيةَ / فيا أيَّتُها الجرادةُ / إنَّ رَبطةَ العُنُقِ لِزَوْجِكِ هِيَ حَبْلُ مِشْنَقَتِكِ / أنتِ رُومانسِيَّةٌ / لَكِنَّ مَلَكَ الموْتِ سَيُنْهِي رُومانسِيَّةَ السَّرابِ / ولا حَقيقةَ إلا الموْت /
     أطْعَمْتُ للعَاصِفةِ ظِلالَ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ / أحتاجُ نَهْراً يَكْسِرُ عُقَدي النَّفسِيَّةَ بالمِطْرَقةِ / أنشأتُ عَائلةً مِن رِمَالِ البَحْرِ/ يَكْرَهُني عِشْقُ السَّنابلِ / والوَحْلُ يُمارِسُ الجِنسَ معَ أسماكِ الغروبِ/ يَنكسِرُ الألَمُ كأدغالِ الحِبْرِ في آخِرِ الشِّتاءِ / والرِّيحُ تُدَافِعُ عَن بُكاءِ القَمَرِ / نَزيفي سُوبر ماركت للضِّباعِ / ودَمْعي مُرَصَّعٌ بأوسمةِ القَادَةِ المهزومين / يُحِبُّونني في الليلُ / ويَغتالونني في الصَّباحِ / والبُحَيرةُ لا تُريدُ أن تُحِبَّ ولا تُحَبَّ / أحالَ المسَاءُ قَلبي عَلى التَّقَاعُدِ / وَالذِّكرياتُ تَخُوضُ في كَبِدي حَرْباً أهْلِيَّةً / نَبَشْتُ قَبْرَ البُحَيرةِ / شَرَّحْتُ جُثةَ البَحْرِ / والنِّساءُ يَنْشُرْنَ عَلى حَبْلِ الغسيلِ جَمَاجِمَ الصُّقورِ العاجِزةِ جِنسِيَّاً /
     في ذَلِكَ الكُوخِ الْمُحْتَرِقِ جَرادةٌ تَتَعَلَّمُ سِبَاحَةَ الفَرَاشةِ / أُصَافِحُ الأشجارَ السَّائِرَةَ في جِنازتي / لا أُحِبُّ أن أرى أحَداً/ ولا أُحِبُّ أن يَرَاني أحَدٌ/اكْتَشَفْتُ تَابوتَ الليْمُونِ بَيْنَ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ والْحُبُوبِ الْمُنَوِّمَةِ / فَاسْألْ ذَلِكَ الجنون / لِمَاذا تَمُوتُ البُحَيراتُ في السُّجونِ ؟ /
     يَتَزَيَّنُ النَّهْرُ للصَّدى / وأرْمَلَتُهُ تَتَزَيَّنُ لِحَفَّارِ القُبورِ / يا شَاطِئاً يُولَدُ في جُفوني / ويَموتُ في دُموعي / كَيْفَ أُصَادِقُ ضَبَابَ الموانِئِ / وَقَد كَسَرَ الخريفُ أظافرَ البَحْرِ ؟/ خَانتني المزهرِيَّاتُ في الحِكَاياتِ / وبَيْنَ أصابعي تَنهمِرُ نُعوشُ الفَراشاتِ / يَتَقَلَّبُ الليلُ في فِرَاشِهِ / وتَتقلَّبُ الصَّحاري في فِرَاشي / والخريفُ مُصَابٌ بالأرَقِ الشَّتَوِيِّ / وَداعاً يا ضَوْءَ الشِّتاءِ الغامِضَ / أحزاني خَالِيةٌ مِنَ الكولسترول / أُنَقِّبُ في دِمَاءِ المجرَّاتِ عَن عَرَقِ النَّيازكِ / فَيَا حُزْنَ الأدغالِ في أغاني الأسْرَى / أيُّها القاتلُ المأجورُ في أعصابِ الموْجِ/ يَكتبُ البَجَعُ عَلى شَوَاهِدِ قُبورِ الغَيْمِ دَرْسَ الرِّياضِيَّاتِ / أضحكُ وأنا أُسَاقُ إلى المِشْنقةِ / أسماكُ القِرْشِ في حَنْجَرتي / ورَمْلُ البَحْرِ هُوَ مَتْحَفُ البَحَّارةِ الغَرْقَى /
     أحتفِلُ مَعَ سَجَّاني بِعِيدِ مِيلادي / ويَحتفِلُ المساءُ مَعَ زِنزانتي الانفرادِيَّةِ بِعِيدِ الاستقلالِ / استقلالِ دِمَاءِ الضَّحايا عَن قَوْسِ قُزَحَ / فَيَا أيَّتُها اليَتيماتُ تَحْتَ الرَّاياتِ الْمُنَكَّسَةِ / لا أُريدُ أطفالاً أُوَرِّثُهم عُقَدي النَّفْسِيَّةَ / وَيُوَرِّثُوني عِشْقَ الطرقاتِ الخائنةِ / لا مَجْدَ لِي بَعْدَ انتحارِ البَحْرِ سِوى الزَّبَدِ / سَأضَعُ جُثماني في حَقيبةِ السَّفَرِ وأرْحَلُ / سَأضَعُ جُثَثَ الأطفالِ في حَقائِبِهِم المدرسِيَّةِ / وأُعَلِّمُهُم جَدْوَلَ الضَّرْبِ كَي يَحْسِبُوا الْجُثَثَ المجهولةَ الْهُوِيَّة/أُحِبُّ الصَّحراءَ كَي أخْدَعَ السَّرابَ/ وأنا السَّرابُ/أُحِبُّ مِن أجْلِ الذِّكرياتِ لا الْحُبِّ/والرِّيحُ تُشَاهِدُ دَمي الأخضرَ في الشَّايِ الأخضرِ/
     لَم تَتْرُك الذاكرةُ للذِّكرياتِ غَيْرَ بُرتقالٍ / يُولَدُ في التَّوابيتِ العَسكرِيَّةِ / دَخَلْتُ في وَحشةِ اليَاسَمين/وأشلاءُ اليَتامى دَخَلَتْ في دُموعِ البُرتقالِ مَلِكَاً مَخلُوعاً/ أزرعُ أظافري في الغَيْمِ وأخْلَعُهَا/ وألواحُ صَدْري كُوخٌ مَهجورٌ / وَكُرَيَاتُ دَمي بَراميلُ بَارُودٍ مَغْشُوشٍ /
     أتبَرَّعُ للبُحَيرةِ بِقَلْبي / فاعْشَقِي رَجُلاً غَيْري أيَّتُها الذبابةُ الْمُحَنَّطَةُ في الكَهْرمانِ / صُراخُ الليلِ الذي يَغْرَقُ في البُحَيراتِ / يُمَزِّقُ مَمَالِكَ الصَّدى / خَرَجْتُ مِنَ الاكتئابِ / وَدَخَلْتُ في الوَسْوَاسِ القَهْرِيِّ / فَمَا فَائِدَةُ انتظارِ الرُّومانسِيَّةِ وَمَلَكُ الموْتِ لا يَنتظِرُ أحَداً ؟ / هَل يَقْدِرُ المحكومُ بالإِعدامِ أن يُفَكِّرَ في أُنوثةِ ابنةِ الجِيرانِ ؟ / هَل تَقْدِرُ المحكومةُ بالإِعدامِ أن تُخَطِّطَ لِخِيَانةِ زَوْجِها ؟ /
     صَارَتْ جَمَاجِمُ الضَّحايا هَدايا تِذْكَارِيَّةً / قَلِيلٌ مِنَ الْحُبِّ / كَثيرٌ مِن حُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ / أنا مَتْحَفُ أعشابِ المدافِنِ / أنا مَملكةُ الصَّدى / والصَّوْتُ يَغْسِلُ مَساميرَ نَعْشي / قَلْبي حَجَرُ نَرْدٍ تَتقاتَلُ عَلَيْهِ الصَّدَماتُ العاطفِيَّةُ / وأنا المنبوذُ / أبحثُ عَن مَجْدٍ زَائلٍ /
     في كُلِّ المنافي / أحْمِلُ جُمْجُمتي في حَقيبةِ السَّفَرِ / أنا أُحِبُّ لأتَعَذَّبَ / أستمتِعُ بالعَذابِ في مَرَافئِ اللازَوَرْدِ / تَعَوَّدَ جِلْدُ الموانِئِ عَلى الأرَقِ/ ولا يَقْدِرُ أن يَعيشَ بِدُونِهِ/ سَامِحِي حُقولَ البَارودِ أيَّتُها الْحُبُوبُ الْمُنَوِّمَةُ/ نَثَرَ الغَسَقُ رُموشَ الفَتَيَاتِ عَلى نِصَالِ المقاصلِ / التي يُلَمِّعُهَا عَرَقُ النَّوارسِ/ مَشغولٌ أنا بِتَرْتِيبِ أشلائي في مَعِدَةِ الأمواجِ / والعَواصفُ مَشغولةٌ بِتَرْتِيبِ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ عَلى رُقعةِ الشِّطْرَنجِ / ونَبَضَاتُ قَلبي تُزْعِجُ قِطَطَ الشَّوارعِ /   
     في أمْعَاءِ الشَّفَقِ / سَقَطَتْ الأقنعةُ عَن وَجْهِ البُرتقالِ / وصَارَ التُّفاحُ يَنمو عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ / مَاتتْ أطيافُنا في مَجزرةِ الْحُلْمِ / والنَّعناعُ يَنْبُتُ في مَجَازِرِنا بَعْدَ غِيَابِنا / وأبجدِيَّةُ المطرِ تَغتصِبُ قَارورةَ الحِبْرِ / وَالحشَرَاتُ البلاستيكِيَّةُ تَأكلُ جُثمانَ الرِّياحِ / وُجوهُ النِّساءِ الرَّاحِلاتِ عَلى نَوافِذِ القِطَاراتِ/وجَسَدي أُغْنِيَةٌ للمَوْتَى السَّائرينَ عَلى قَميصِ الأمطارِ/ أحْمِلُ قَلْباً قَاتِلاً بَيْنَ ضُلوعي / وَشَراييني طَوَابِعُ بَريدٍ تِذْكَارِيَّةٌ في قَاعِ الْمُسْتَنْقَعِ / مَشَيْنا إلى جُثمانِ البُحَيرةِ في لَيْلَةِ الانقلابِ العَسكريِّ / وَالذِّكرياتُ تُرَوِّضُ سُعالي في شِتاء الْمُدُنِ البَاكِيَةِ /  لا أقْدِرُ أن أنامَ/ لأنَّ الدَّلافِينَ تَسْبَحُ دِمَاءِ النَّيازكِ / ودُودةُ القَزِّ تُصَمِّمُ مِشْنقتي تَحْتَ المطَرِ الوَرْدِيِّ / مَاتَ الوَطَنُ في الأغاني الوَطَنِيَّةِ / لا أثِقُ بِحُرَّاسي الشَّخْصِيِّينَ / لأنَّ الموْتَ هُوَ حَارِسي الشَّخْصِيُّ / لا تَسْهَرْ عَلى رَاحتي يا سَجَّاني / رُومانسِيَّةُ البَحْرِ وَسَّعْتُها بِجُرُوحي / ذَهَبَت المرأةُ الغامضةُ إلى الانتحارِ / وَبَقِيَ حَبْلُ الغسيلِ عَلى سَطْحِ الدُّموعِ الخضراءِ / يَتيمٌ أنا / لَكِنَّ الموْتَ أبي الرُّوحِيُّ / وَحْدي في المعركةِ / أتسلَّحُ بِذِكرياتِ الطفولةِ وجَدائلِ أُمِّي وعُكَّازةِ أبي/ خَانني جِلْدي / وَهَرَبَتْ جُيوشُ الفَرَاغِ مِن
حَرْبِ الصَّوْتِ والصَّدى / فَاتْرُكُوني أحْتَفِلْ وَحيداً بِعِيدِ استقلالِ الضَّبابِ عَن أشلائي /
     أيَّتُها الشَّمْسُ الْمُزَيَّفَةُ / أحضانُ زَوْجِكِ مَقبرةٌ لَكِ / فاحْفَظِي رَقْمَ ضَريحِكِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ التي تُضِيءُ مُسْتَنْقَعَاتِ الْحُلْمِ / قَدَري أن أموتَ آلافَ المرَّاتِ في صَحْرَاءٍ بِلا شَمْسٍ / جَسَدي هُوَ القَاتِلُ/ وقَلْبي هُوَ الضَّحِيَّةُ/ وثُقوبُ جِلْدي هِيَ خَشَبَةُ المسْرَحِ / فَاعْتَقِلْني أيُّها النَّهْرُ / نَحْنُ شَريكانِ في زِنزانةٍ وَاحدةٍ / نَذهبُ إلى الانطفاءِ مَعَاً / ونُولَدُ في أشلاءِ الفَيَضَانِ مَعَاً / 
     أنا الوَصِيُّ عَلى عَرْشِ الأنقاضِ / لا تَاجَ إِلا حُفْرَتي / وتِيجانُ الملوكِ تَتَسَاقَطُ في حُفَرِ المجاري / كُن أيُّها العِشْقُ شَوْكَةً في حَلْقِ الأمواجِ / كَي أَخُونَ رُموشي مَعَ ظِلالِ القَتيلاتِ / سَيأتي الانتحارُ في عَرَبَاتِ الأطفالِ / والغُبارُ يُرَتِّبُ الحقائبَ المدرسِيَّةَ الفارغةَ في العَرَبَاتِ العَسكرِيَّةِ / أحْمِلُ في شَراييني نَهْرَاً مُتَوَحِّشَاً / فَافْتَرِسْني أو لا تَفْتَرِسْني / سَيَأْتي الموْتُ مِن كُلِّ الجِهَاتِ / وَالرِّيحُ تَسْكُبُ حَليبَ النِّساءِ في قَارُورةِ الحِبْرِ في المساءِ الرَّهيبِ / وَرَاياتُ القَبائلِ مَنقوعةٌ في بَراميلِ النِّفْطِ /
     القَتْلُ مُتعةُ الثلوجِ عَلى قِرْمِيدِ كُوخي / والعُشَّاقُ يُرَاقِبُونَ غَابةَ الكَهْرَمانِ أثناءَ احتراقِها بالذِّكرياتِ وطُفولةِ بَناتِ آوَى / الجسَدُ الغاطِسُ في فِرَاشِ الموْتِ / وَلَن يَقْدِرَ الوِيسكي عَلى إزالةِ سَكَرَاتِ الموْتِ / خُذْني يا ضَوْءَ القَمَرِ خَاتَمَاً في إصْبَعِكَ / هَذا مَوْسِمُ تَزَاوُجِ الأعاصيرِ في جَدائلِ بَنَاتِ أفكاري / وَشَوَاهِدُ القُبورِ مُعَلَّقَةٌ كالمصابيحِ في سَقْفِ حَلْقي/ فَكَيْفَ أعترِفُ بِحُبِّي أمامَ تِلالِ المساءِ ؟ / كَيْفَ تَعترِفُ الرَّاهباتُ بِحُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ أمامَ خَشَبَةِ المذْبَحِ ؟ /
     أُحِبُّكِ أيَّتُها العانِسُ الآتِيَةُ مِن غَاباتِ الدَّمْعِ / الذاهبةُ إلى فُحولةِ حَبْلِ مِشْنقتي / دِمَاءٌ مَلَكِيَّةٌ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / وخُدودُ البُحَيرةِ بَلاطٌ مَنْسِيٌّ في زِنزانةِ الخريفِ / وطُيورُ البَحْرِ تَصْقُلُ شَوَاهِدَ القُبورِ / وَجِلْدي رُخامٌ صَقَلَتْهُ الطيورُ الجارِحَةُ / حَضَنْتُ جُثةَ الغَيْمِ / وَكَانت رِمَالُ البَحْرِ تَنامُ عَلى فِرَاشِ الموْتِ/ أنا الموْتُ القَادِمُ مِن شَرايينِ اللوْزِ/ يَمُوتُ الجنودُ في مَعركةِ الوَهْمِ مِن أجْلِ الرَّاتِبِ الشَّهْرِيِّ / وَجَيْشُ السَّبايا يُقَاتِلُ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ بَعْدَ دَفْنِ الرِّجالِ / والْمُهَرِّجُ مِثْلُ حَفَّارِ القُبورِ / كِلاهُما يَنتظِرُ الرَّاتِبَ الشَّهْرِيَّ / والعَواصفُ تَحْرُسُ الصَّدى بَعْدَ اغتيالِ الصَّوْتِ / والطغاةُ لا يَتَقَاعَدُون / وَأميراتُ الحيْضِ لا يَعْرِفْنَ سِنَّ اليَأْسِ /
     خَلْفَ ضَوْءِ جِنازةِ النَّوَارِسِ / تَسيرُ الرَّاهباتُ اللواتي يَصْلُبْنَ الصَّليبَ على الصَّليبِ / وَالذِّئابُ البلاستيكِيَّةُ تَحْمِلُ عَلى ظُهُورِهَا جِنازةَ الرَّاهباتِ الغارقاتِ في دَمِ الحيْضِ/ أَحتاجُ إلى شمسٍ تُولَدُ مِن عِظامي / وتموتُ في أحضانِ الموْجِ / وتُفَكِّكُ عُقدي النَّفْسِيَّةَ بِحَبْلِ مِشْنقتي الرُّومانسِيَّةِ .