يوميات امرأة تكره زوجها / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...........
انتحرَ قَميصُ النَّوْمِ / وانتصرَ قَميصُ
الأرَقِ / دِمَاءٌ عَرَبِيَّةٌ تَتفجَّرُ في خُدودِ شَمْسِ قُرْطُبَة / أُحِبُّ
البَحْرَ لأنسَى البُحَيرةَ في شَهيقي / وَالنَّخَّاسُ يَفْحَصُ أجسادَ الجواري/
اللواتي يَفْتَخِرْنَ بِحَجْمِ نُهُودِهِنَّ / بَيْتٌ مُحَاصَرٌ بالذِّكرياتِ
والثلوجِ إنَّهُ قَلبي المكسورُ / وَأنا أرْعَى الأغنامَ في قَاعِ البَحْرِ / هَذِهِ
مِقْصَلَةُ الموْجِ / أحْبَبْتُهَا قَبْلَ أن أعْرِفَ الْحُبَّ / وَفَتَحْتُ قَفَصي
الصَّدْرِيَّ لأسْمَاكِ القِرْشِ /
قَلْبي مِثْلُ البَحْرِ / كِلاهُما يَموتُ
في غَابَةِ الكَهْرَمانِ / ويُولَدُ في أشلاءِ المساءِ السَّحيقِ / نَامِي
أيَّتُها الأمطارُ الشَّمعيةُ في نشيدِ المقاصلِ / وَحْدي مَعَ الزَّبَدِ الْمُعَلَّبِ
/ والليلُ عَلى رُموشي جَالِسٌ / إنَّ ذِئبةَ الصَّدى مِثْلُ مَامَا الفاتيكانِ /
كِلْتَاهُما عانِسٌ / فلا تَحْزَني أيَّتُها البُحَيرةُ العَانِسُ إذا انتحرَ
البَحْرُ / اكْتَشَفْنا في جِنازةِ الموْجِ رَاهِبَةً شَاذَّةً جِنسِيَّاً / خُذوا
الشَّاطِئَ أسِيرَ حَرْبٍ / لأنَّني سَبِيَّةٌ في حِصَارِ اليَاسَمين / والأميراتُ
السَّبايا يَغْسِلْنَ قُيُودَهُنَّ بِدَمِ الحيْضِ / تاريخي الأرَقُ / شُموسٌ تنتحِرُ
بَعْدَ الوِلادةِ / والبَعُوضُ يَنامُ في أجفانِ المطرِ / ورَسائلُ أراملِ
البَحَّارةِ في حَناجرِ الأسماكِ /
يا أُمِّي المقتولةَ في الشَّفقِ / أيْنَ
الطريقُ إلى ذِكرياتِ البُوسنِيَّاتِ ؟ / لا أرى أمامي غَيْرَ لاعباتِ التِّنسِ
الصِّرْبِيَّاتِ / سَأَحْرِمُ الزَّوابعَ مِن مِيرَاثِها في جَسَدِ الموْجِ / احْتَفَلَت
العَوَانِسُ بِالعَوَانِسِ / أيْنَ العَشاءُ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ يا سَاعي
البَريدِ ؟ / لَم تَصِل الرَّسائلُ / والرَّاعي يُرْشِدُ الأغنامَ إلى جِنازتي
السِّيَاحِيَّةِ / اعْشَقْني يَا فِرَاشَ الموْتِ / سَأتحرَّرُ من الموْتِ حِينَ
أَمُوتُ / سَأتحرَّرُ مِن عَذابِ الانتظارِ / أُطْلِقُ النارَ على الماءِ / وأَقْتُلُ
اكتئابي بِمُسَدَّسِ أبي / وأذبحُ ذِكرياتي بِسَكاكينِ المطبخِ / والرِّيحُ
مَصْلُوبةٌ عَلى سَتائرِ غُرفةِ النَّوْمِ بِلا مَوْتٍ / يَمْسَحُ الذبابُ نوافِذَ
جِلْدي في خَليجِ الدَّمْعِ / والمطرُ يَغْسِلُ صُحونَ المطبخِ في قِلاعِ دَمي /
كُلَّما رَأيتُ طِفْلَةً / رَأيتُ الفِئرانَ
تَأكلُ تَجاعيدَ وَجْهِهَا / في خَريفِ الذِّكرياتِ / كُلَّما رَأيتُ عَرُوساً /
عَرَفْتُ أنَّها سَتُصْبِحُ مِمْسَحَةً لِحِذَاءِ زَوْجِها / تَصيرُ أخشابُ
المطابخِ أخشاباً للنُّعوشِ / والبَقُّ مَلِكٌ عَلى عَرْشِ الانطفاءِ /
لا
تَكْرَهِيني أيَّتُها الرَّاهبةُ العَمْياءُ/ أكَلَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ صَدْرَكِ/
أكَلَ البَقُّ صَلِيبَكِ / وَالبُحَيرةُ السَّجينةُ تُمَارِسُ الجِنسَ مَعَ
البَحْرِ / وأنا السَّجينُ أُضَاجِعُ حِيطانَ الزِّنزانةِ / مَا جَدْوَى الرُّومانسيةِ
بَعْدَ ضَياعِ الأندلسِ ؟ / يَسْتَخْدِمُ البَرْقُ الْمَخْزُونَ الإِستراتيجِيَّ
للذِّكرياتِ / وَأحزانُ الصَّبايا في مَساءِ العُنُوسَةِ / تَرُشُّ في حَنجرةِ الرِّيحِ
السُّمَّ / لِمَاذا أَحْبَبْتَني أيُّها الغُبارُ الفَحْلُ ؟ / أنا الملِكَةُ
المخلوعةُ في مَمَالِكِ الكُوليرا/ وسَرَطَانُ الثَّدْيِ يَلتهِمُ صَدْرَ الأمطارِ
/ نُعَلِّقُ أحزانَ نِسَائِنا في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ كَسَاعَةِ الحائطِ/ فَهَل
تَتَخَيَّلُ أحاسيسَ الصَّراصيرِ/ تَحْتَ أقدامِ العُشَّاقِ في حَدائقِ الثلجِ السَّاخِنِ
؟ / هَل تَعْرِفُ ذِكرياتِ الدَّجاجِ / قَبْلَ ذَبْحِهِ في مَطَاعمِ الوَجَبَاتِ
السَّريعةِ ؟ /
أَمُوتُ عَطَشَاً/ أُحِيلَ النَّهْرُ إلى
التَّقَاعُدِ/ وماتت الطحالبُ عَلى حِيطانِ آبارِ الذاكرةِ/ واستقالت الينابيعُ
مِن وَظيفةِ البُكاءِ/ أهْرُبُ مِن مَعركةِ الْحُبِّ / أرْسُمُ نَهْراً وأغْرَقُ
فِيهِ/ كُرَيَاتُ دَمي البَيضاءُ تَرْفَعُ الرَّايةَ البَيْضَاءَ / أسْبَحُ في
جُثمانِ الغَيْمِ بِلا قَبيلةٍ ولا رَايةٍ / يَتَحَوَّلُ الضَّحايا إلى أرقامٍ عَلى
رُخامِ الأضرحةِ / فَكُوني يَا أسماكَ القِرْشِ نَاعِمَةً / وَارْحمي دُموعَ
الأراملِ / حِينَ تَأكُلِينَ أجسادَ البَحَّارَةِ الرُّومانسِيِّين /
كَيْفَ أنامُ وَالبَجَعُ يَسْكُبُ الذِّكرياتِ
عِلى وِسادتي ؟/ كَيْفَ أنامُ ومَلامِحُ الأمواتِ عَلى زُجاجِ نافذتي ؟ / كَيْفَ
أموتُ والْجَوَّافَةُ تَنْمُو عَلى فِرَاشِ الموْتِ ؟/ أنا مَزرعةُ العُقَدِ
النَّفْسِيَّةِ/ هَذا انتحاري جَوَازُ سَفَرٍ للسَّنابلِ / أُحَرِّرُ أبجديةَ الفَحْمِ
مِن حُروفِ اليتامى / وعُمَّالُ المناجمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / عَاشُوا
تَحْتَ الأرضِ / وماتوا تَحْتَ الأرضِ /
يَحْلِبُ رَمْلُ البَحْرِ أثداءَ
النِّساءِ/كَمَا يَحْلِبُ الإِعصارُ أثداءَ الأبقارِ/ أُهَرْوِلُ في أدغالِ
اليَاقوتِ/ كَي تَشْرَبَ أجفانُ المساءِ ذِكرياتِ النَّوارِسِ / والْحُزْنُ
يَعْصِرُ أشلائي الفِضِّيةَ / أقضي شَهْرَ العَسَلِ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ
/ وأرْمَلَتي ذَهَبَتْ مَعَ زَوْجِهَا الجديدِ إلى مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ
السَّريعةِ / المساءُ أرشيفُ العُشَّاقِ العاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ / والجنودُ
يَهْرُبُونَ مِن حُفَرِ المجاري إلى أحضانِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ / والجيوشُ
تَسْقُطُ في مَساميرِ النُّعوشِ / فَاصْنَعْ عَرْشَكَ مِن أخشابِ المطبخِ أو
أخشابِ التَّوابيتِ / وَكُن مَلِكَاً فَاشِلاً بَيْنَ مِصْيَدةِ الأرَقِ وفِئرانِ
التَّجارُبِ / وامْسَحْ دُمُوعَكَ بِنَفْسِكَ / لَن يَأتِيَ البَحْرُ كَي يَمْسَحَ
دُمُوعَكَ / أنا وزَوْجي لَم نَتَّفِقْ إِلا عَلى مُضَادِّ الاكتئابِ وقَارُورةِ
السُّمِّ /
يَا امْرَأةً تَسْكُبُ حَلِيبَها في الْمُسْتَنْقَعَاتِ
/ صَارَت الضَّفادعُ مِثْلي بِلا وَطَنٍ ولا مَنفَى / فَاقْرَأْ مَرسُومَ الإعدامِ
تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / يَا تاريخَ العَصافيرِ المشنوقةِ / خُذ الملِكَةَ فِكتوريا
/ وَاتْرُكْ ذِكرياتِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ في شَوارعِ لَنْدَنَ الخلفِيَّةِ
/ أحزاني رَصاصةٌ تَطْبُخُها النُّسورُ في المجرَّاتِ/ ولا مَكَانَ في دَمي سِوى
الفَرَاغِ / أنامُ في أزِقَّةِ الجليدِ/ لأنَّ النَّيازكَ تنامُ في سَريري / وَالنَّهْرُ
الأعزبُ يَبحثُ عَن وَظيفةٍ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / الشَّاطئُ العاجِزُ
جِنسِيَّاً تَزَوَّجَ الرِّياحَ البِكْرَ / فَحَزِنَت الصَّحراءُ الْمُطَلَّقَةُ /
أشربُ الهيدروجِينَ في الماءِ / وأتركُ الأُكسجينَ لِحِبْرِ المشانقِ / أَلُمُّ
شَمْلَ الأمواتِ في ثُقوبِ جِلْدي /
أنا الفَراشةُ الوَحيدةُ التي تُسَجِّلُ
الذِّكرياتِ بِاسْمِ غَاباتِ الدَّمْعِ/ نَبَضَاتُ قَلبي تَضْرِبُ ألواحَ صَدْري
كالإعصارِ فلا أنامُ / وسُعالي يَغتصِبُ حَقْلَ الشُّموعِ / فيا سُنبلةَ الليلِ
الحزينِ / إنَّ نَبَضَاتِ حَبْلِ المِشْنقةِ تَزدادُ/ كُلَّما مَرَّتْ أُنوثةُ
السَّنابلِ عَلى سَكاكينِ المطبخِ / والنَّهْرُ يَحْلِقُ شَعْرَهُ قَبْلَ زَواجِهِ
مِن دِمائي / وَالشُّموسُ الفِضِّيةُ تُهاجِرُ إلى مَساميرِ النُّعوشِ الْمُغَطَّاةِ
بالنَّعْنَاعِ / الأظافرُ تُفَّاحةٌ يَشْوِيها الصَّدى عَلى شَمعةِ الوَدَاعِ/ هَذِهِ
دِمَاؤُنا يَا أُمِّي/ عَشاءٌ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ بَيْنَ السَّجينِ والسَّجَّانةِ/
بُرتقالٌ يَفْرِضُ قَانونَ الطوارئِ عَلى الليْمُونِ / والنِّساءُ في سُوقِ
النِّخاسةِ / الأثداءُ مِنَ البلاستيك / والْمُؤَخِّرَاتُ مِنَ الأسْمَنْتِ
الْمُسَلَّحِ /
في حَنجرةِ الموْجِ تَبْني العناكبُ
القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ / أنا والنَّهْرُ نُمارِسُ الرِّياضةَ في ليالي الخريفِ /
نَركضُ إلى أدغالِ الْجُثَثِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ / ونَمشي إلى قُبورِ آبائِنا
عِندَ حَافَّةِ الجبَلِ / البُحَيرةُ أجْمَلُ العَوانسِ في سُوبر ماركت الرَّقيقِ
الأبيضِ / وَالنَّخَّاسُ قَد تَقَاعَدَ / والْمُهَرِّجُ أغلقَ السِّيركَ
بالشَّمْعِ الأحمرِ / والتحقَ بالخِدمةِ العَسكرِيَّةِ /
أُوَزِّعُ ذِكرياتِ الرَّعْدِ الطازَجةَ
عَلى جَثامينِ الأراملِ في المجرَّاتِ / هَذا البَحْرُ طِفْلٌ يَتيمٌ يَبْحَثُ عَن
أُمِّهِ في جِنازةِ النَّهْرِ / وبِلادي دُوَيْلَةٌ لَقيطةٌ اختَرَعَهَا الغُزاةُ
والطغاةُ / وَطَنٌ يَبيعُ العَوانسَ في الْمَزَادِ العَلَنِيِّ / وحُلْمي أن أجِدَ
نفْسي بَيْنَ نُعوشي / أبحثُ عَن الذِّئبِ في الإنسانِ / وَهَذِهِ الرِّمالُ
مُدْمِنَةٌ عَلى حُبوبِ مَنْعِ الحمْلِ/ وَكَانت الفِئرانُ أذْكَى مِنَ المِصْيَدةِ
/ وكانَ الْمَلِكُ أغبَى مِنَ العَرْشِ/
يُخَزِّنُ الشِّتاءُ جُثَثَ الجنودِ في عُلَبِ
السَّرْدين / وَعُلَبُ السَّرْدينِ هِيَ التَّوابيتُ المعدنِيَّةُ للذبابِ/ الذي
يَحُومُ حَوْلَ جُثمانِ الفَراشةِ / قَلبي مَسْقَطُ رَأْسِ الرِّياحِ / وأنا بِلا
وَطَنٍ ولا مَنفَى / تَتَحَوَّلُ رَاعيةُ الغَنَمِ إلى رَاقصةِ باليه/رَمَيْتُ بُكاءَ
الغاباتِ الْمُضيئةِ في شَاحناتِ نَقْلِ أكفانِ الجنودِ/ أنا حارسُ مَرْمَى ناجحٌ
في فَريقِ الأمواتِ / أحزاني جُمْجُمةٌ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنِ / وَحَديدُ السُّجونِ
يَتَغَزَّلُ بالشُّطآنِ بَعْدَ انتحارِها في أجفانِ البَحْرِ / وَسَاعَةُ الحائطِ
في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ /
يَا وَطَناً يُولَدُ مِن شُموعِ جِنازةِ
الطيورِ الجارحةِ / إنَّ السَّلاحِفَ تَدْفِنُ بُيُوضَها في قَارُورةِ الحِبْرِ/
يَدخلُ البَحْرُ مِن نافذةِ المقبرةِ / ويَخْرُجُ مِن قَفَصي الصَّدْرِيِّ /
وبَناتُ آوَى وَاقِفاتٌ عَلى بَابِ قَلْبي/ لماذا لَم أكْتَشِف الْحُبَّ في دُموعِ
اليَمامِ ؟ / أنا خَائِفٌ يَا أُمِّي مِن كُرَيَاتِ دَمي / اصْهَري أزرارَ قَميصي
في دَمِ أبي / الذي تَفَرَّقَ بَيْنَ القَبائلِ / اصْهَري ذِكرياتِ اليتامى في
قُماشِ أكفاني الْمُسْتَوْرَدِ/ يَمشي النَّمْلُ الرُّومانسِيُّ في جِنازةِ
الجرادِ / فيا أيَّتُها القاتلةُ في خَريفِ الذُّعْرِ / المقتولةُ تَحْتَ سُيوفِ
القَبائلِ / اسْمَحي للبَحْرِ أن يَكْرَهَكِ / اسْمَحي للنَّهْرِ أن يُخَطِّطَ
لاغتيالِ ذِكرياتِ العاشِقين /
أُفَكِّرُ في أحزانِ المطرِ بِعَقْلِيَّةِ
ضَابِطِ الْمُخَابَرَاتِ / وأُعَانِقُ خَريفَ الشُّطآنِ بِعَقْلِيَّةِ رَاقِصَةِ
الباليه / أيْنَ قَبري في هَذِهِ المدينةِ الخاليةِ إلا مِنَ الطاعون ؟ / النِّسْوةُ
الْمُسْتَحِمَّاتُ بِحِبَالِ المشانقِ نَسِينَ حِبَالَ الغسيلِ / والزَّوابعُ
تَشربُ الشَّايَ مَعَ الإِوَزِّ الميْتِ / احتفالاً بِعِيدِ مِيلادِ حَفَّارِ القُبورِ
/ مُشَادَّةٌ كَلامِيَّةٌ بَيْني وبَيْنَ رِياحِ الخمَاسِين / وَالأحزانُ امْرَأةٌ
مُغْتَصَبَةٌ لا تَرى أبْعَدَ مِن مُغْتَصِبِهَا/ لَسْتُ يُونُسَ لِيَقْذِفَني الْحُوتُ
/ أنا سَمكةُ القِرْشِ الْمُحَنَّطَةُ في دُموعِ النِّساءِ الشَّمْعِيَّةِ / أنا
المرفأُ المهجورُ في دَمْعِ الغاباتِ الزُّمُرُّدِيَّةِ / فَكُنْ وَطَنَ الأحلامِ
الضَّائعةِ / كَي تَغْسِلَ الرَّمْلَ الأزرقَ عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ /
جَسَدي فُرْشَاةُ أسنانٍ للحُوتِ الأزرقِ /
وأطيافُ الصَّنوبرِ تُلاحِقُني في مَقبرتي / أوْرَثَنَا آباؤُنا دُستورَ الثَّأْرِ
/ وتَفَرَّقَ دَمُهُم بَيْنَ القَبائلِ تَحْتَ رَاياتِ القَراصنةِ/ وماتت
الفِرْقةُ الموسيقِيَّةُ بَيْنَ خَشَبَةِ المسْرَحِ وطُبولِ الحرْبِ/ انكسرَ
طَيْفُ المساءِ في أجفانِ أُمِّي/والنَّاجُونَ مِنَ المذْبَحةِ يَشْعُرُونَ
بالذَّنْبِ/
سَيَنمو النَّعناعُ بَيْنَ الْجُثَثِ
المجهولةِ الْهُوِيَّة / الجثامينُ الْمُضيئةُ تَختبِئُ وَراءَ النَّظاراتِ
السَّوْداءِ / وأبي لا يَزالُ يَضْرِبُ أُمِّي / فيا أيَّتُها الذبابةُ التي
تَبْحَثُ عَن شَرَفِهَا في حُطامِ السُّفُنِ / وتُدَافِعُ عَن شَرَفِ الغُبارِ /
مَنْسِيَّةٌ أنتِ في زَوايا المطبخِ كَفِئرانِ السَّفينةِ / أصنعُ مِن أخشابِ
تَابُوتي سَفينةً للحُلْمِ الغامضِ / وكُلُّ سُفُني غَارِقَةٌ / صُحونُ المطبخِ
أضرحةٌ / وسَكاكينُ المطبخِ رَاياتٌ مُلَوَّنةٌ للقَبائلِ / والملاعِقُ حِبَالُ
مَشَانِقَ مُضيئةٌ / وسَرَطَانُ الثَّدْيِ يَزْحَفُ عَلى السِّيرامِيكِ /
يَسْجُنُ الشَّلالُ صَوْتَ الضَّحايا في
المزهرِيَّاتِ/ سَيَأكلُ البَقُّ البَرَاوِيزَ الخشَبِيَّةَ / فَكَيْفَ أتذكَّرُ
صُورةَ أُمِّي في طُفولةِ المساءِ ؟ / سَيَأكلُ البَقُّ أخشابَ النُّعوشِ /
فَكَيْفَ سَيَمُوتُ أبي في شَيْخُوخةِ اللازَوَرْدِ ؟ /
العَوَانِسُ الخائفاتُ وَراءَ النَّوافذِ
الرَّمادِيَّةِ / التي تُطِلُّ عَلى جُثمانِ المساءِ وأشِعَّةِ القَمَرِ /
يَنْبُتُ الوَرْدُ البلاستيكِيُّ في القَصديرِ / والأزهارُ الصِّناعِيَّةُ هِيَ
صُورةُ أشلائنا في مَرايا المطَرِ / فَيَا أيُّها الوَطَنُ الذي يَرْكُضُ في جِنازتي/
كالأمطارِ المذبوحةِ في عُلَبِ السَّرْدين/ اسْتَرِحْ في رِئتي الصَّحْرَاوِيَّةِ/
خُذْ كُوباً مِن دَمي الأخضرِ / وَتَذَكَّرْ أُمِّي حِينَ تَخيطُ أكفاني
بِمُسَدَّسِ أبي في الشتاءِ الطويلِ / وتُصْبِحُ أعشابُ المدافِنِ إِبْرَةً
للبُحَيرةِ الأرْمَلةِ في المساءِ المكسورِ /
السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدي مَلَكَ
الموْتِ/ أنْهَيْتَ حُلْمِي الرُّومانسِيَّ/ وأيْقَظْتَنِي مِن نَوْمي الطويلِ /
الشَّمْسُ تَطْبُخُ الفَاصُولياءَ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / وأرْوِي عَطَشِي
بالعَطَشِ / رَمَيْتُ كُرَيَاتِ دَمي في غِرْبَالِ الحضارةِ/ ولا حَضارةَ إلا
أشلاءُ الفُقَراءِ/ فيا ضَوْءَ القَمَرِ / اعْشَقْني وأنتَ تَفْتَحُ بَيْنَ
التَّوابيتِ طَريقاً للصَّدى / أيَّتُها الرِّمالُ المتحرِّكةُ / خُذي مَجْدَكِ في
تَلْميعِ جُثتي بأوسمةِ الجيوشِ المهزومةِ /
سَأُطْلِقُ سَرَاحَ الشَّوارعِ المحبوسةِ في
قَفَصي الصَّدْرِيِّ / فيا أيَّتُها الطيورُ الجارحةُ التي تَنامُ تَحْتَ أظافري/
مَزِّقي أكفاني/وَلْتَكُنْ آبارُ قَريتي أكفاناً جَديدةً لِي/وَلْتَكُنْ قُلوبُ
الشَّركسِيَّاتِ أضرحةً لِي/ صُراخُ الضَّحايا يَخيطُ عَلَمَ بِلادي الْمُنَكَّسَ
/ وَرُموشُ البُحَيراتِ طَريقٌ صَحراوِيٌّ للشَّاحناتِ / التي تَنْقُلُ
التَّوابيتَ الْمُزَخْرَفَةِ / مِتُّ جَائعاً في وَطَني المنبوذِ / والأزهارُ
الصِّناعِيَّةُ بَاهِظَةُ الثَّمَنِ بَقِيَتْ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / كَانَ ثَمَنُ
الأزهارِ سَيُنْقِذُني مِنَ الموْتِ جُوعاً في بِلادي / بِلادِ الملوكِ اللصوصِ /
خُدودُ الأيتامِ استراحةٌ عَلى طَريقِ
البَحْرِ/ والحواجزُ العَسكريةُ تَنتشرُ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / وصَفَّاراتُ
الإنذارِ تَفْصِلُ النَّهْرَ عَن أجفانِهِ / أرْفَعُ مَعنوِيَّاتِ الحطَبِ بَعْدَ
فَشَلِهِ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وذَلِكَ دَمي الثَّلْجِيُّ وَطَنٌ بِلا مَطَرٍ وَلا
صَحْراء / أغْرَقُ في دَمْعِ الخريفِ / لأنَّ دَمَ القِطَطِ يَدْهَنُ يُخُوتَ
الملوكِ /
في الدَّيْرِ البَعيدِ/ خَلْفَ الغاباتِ الْمُحْتَرِقَةِ
بِذِكرياتِ المطَرِ / رَاهِبةٌ عَمياءُ مَاتتْ بِسَرَطَانِ الثَّدْيِ/ والعَناكِبُ
نَسَجَتْ بُيُوتَها في حَناجرِ بَناتِ الليلِ / ماتَ النَّهارُ قُرْبَ العَرَبَاتِ
العَسكرِيَّةِ / والمطرُ الأزرقُ يَدْخُلُ في جُثمانِ النَّهْرِ / هَذِهِ عِظامي
كُحْلٌ لِبَناتِ آوَى في غَاباتِ الرَّايةِ البَيضاءِ / هَيْكلي العَظْمِيُّ أسْمَنْتٌ
مُسَلَّحٌ بأحزانِ الكَهْرمانِ / والأسْفَلْتُ يَلعبُ النَّرْدَ في شَراييني /
كَمَا يَلعبُ الرَّمْلُ القِمَارَ في المقابرِ الجماعِيَّةِ /
أيُّها الوَطَنُ المذبوحُ بَيْنَ أبراجِ
الْمُرَاقَبَةِ وأبراجِ الحمَامِ / قَتَلْتُ نفْسي ثُمَّ مَشَيْتُ في جِنَازَتِها
أمامَ عَدَسَاتِ التَّصويرِ / تَتَقَمَّصُ الفِئْرانُ الكريستالِيَّةُ ذَاكرةَ
اليَمامِ / والطوفانُ نَائمٌ وَراءَ التَّلِّ / المشاعرُ البلاستيكِيَّةُ لِبَناتِ
القَراصنةِ / وأراملُ البَحَّارةِ يَنتظِرْنَ استلامَ الجثامينِ في المِيناءِ /
ومَناديلُ الوَداعِ تَتَزَوَّجُ الرَّصيفَ البَاردَ / فيا أيَّتُها الشُّموسُ التي
تَخْرُجُ مِن جُرُوحِ البَحْرِ / سَيَنْزِفُ البَحْرُ حتَّى الموْتِ / يُولَدُ
شَجَرُ المقابرِ في قُلوبِ البَناتِ / ويَموتُ في جُلودِ بَناتِ آوَى / عِظَامي هِيَ
الغابةُ الْمُلَوَّثةُ بالصَّهيلِ المغْشُوشِ / وعِندَما أموتُ / تَكتمِلُ
أُسطورتي الغامضةُ /
عَلِّمْني أيُّها التَّابوتُ الزُّجاجِيُّ
فَلسفةَ العَارِ / لأكْتَشِفَ قَبْرَ الفَراشةِ في حَوَاجِبِ المطرِ / يا أخي
السَّجَّان/ عَلِّمْني تاريخَ شُموسِ الأسْمَنْتِ / كَي ألْمِسَ خُطُوَاتِ السُّنونو
عَلى بَلاطِ الزِّنزانةِ البَاردِ/ دَعْنا نَتَقَاسَمْ مَاءَ الذِّكرياتِ بَعْدَما
جَفَّ مَاءُ البِئرِ / تَرمي نِساءُ القَبيلةِ جَدَائِلَهُنَّ في البِئرِ / أشربُ
هَيْدُروجينَ العاصفةِ / وتَشْرَبُ أُكسجينَ الرِّمالِ / دَعْنا نَتَقَاسَم
الغنائمَ بَعْدَ هُروبِ الجنودِ مِنَ المعركةِ/ لَم تَعُد الزِّنزانةُ تَتَّسِعُ
لأحزانِ السَّجينِ وذِكرياتِ السَّجَّانِ/ فَخُذ الفَرَحَ وَاتْرُكْ لِيَ الْحُزْنَ/
خُذْ مَكاني في ثلاجةِ الموتى/ واتْرُكْ جُثتي في شَوارعِ الصَّقيعِ/ سَتَخرجُ
الطحالبُ مِن ثُقوبِ جِلْدي / وأركضُ في غَابَةِ النِّساءِ الْمُتَوَحِّشَاتِ
مُسَلَّحَاً بِدَمِ البَعُوضِ / أنا المسافرُ في مَرافئِ شَراييني/ الْمُهاجِرُ في
لَمَعَانِ السَّنابلِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ / وأنا الوَطَنِيُّ في المنفَى/
المنفيُّ في الوَطَنِ / أنا الوَطَنُ والمنفَى مَعَاً / يُرْشِدُني مَوْتُ
الزَّنابقِ إلى حَياتي / وأوْرِدتي تُضِيءُ للغُبارِ طَريقَهُ نَحْوَ ألواحِ
صَدْري / أَقُودُ قَطيعَ الفَرَاشاتِ إلى قَبْرِ أُمِّي / كَم أنا وَحيدٌ أيُّها
الْحُزْنُ النائمُ في عُلَبِ السَّرْدينِ الحجَرِيَّةِ / مَاتت أرملةُ الفَيَضَانِ
/ وَبَقِيَ الغسيلُ عَلى الحبْلِ /
يا وَطَني المشنوقَ بَيْنَ حِبَالِ الغسيلِ
وحِبَالي الصَّوْتِيَّةِ / بِلادي امْرَأةٌ بَاعَتْ غِشَاءَ بَكَارَتِهَا في السُّوقِ
السَّوْداءِ / فَخُذْ أيُّها الشَّجَرُ مَجْدَ شَوَاهِدِ القُبورِ / وَاتْرُك
العُشْبَ يَشْرَبُ الشَّايَ مَعَ زَوْجةِ حَفَّارِ القُبورِ / أبْحَثُ عَن صُورةِ
أُمِّي في دُموعِ الفَرَاشَاتِ / دِمَاءُ أرْمَلةُ الطوفانِ هِيَ بَراويزُ الذاكرةِ
المنسِيَّةِ / فيا أيُّها الدُّودُ / كُن رُومانسِيَّاً حِينَ تَأكُلُني /
أُعْطِي مَشَاعِرَ رَاقِصَاتِ البَاليه
لِخَفْرِ السَّواحلِ / وأُعْطي أحزانَ الرَّاهباتِ لِضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ /
قَضَيْنا حَيَاتَنَا في الْمَصَاعِدِ الْمُعَطَّلَةِ في نَاطِحَاتِ السَّرابِ /
وكانَ النَّعناعُ اليَتيمُ يُولَدُ في نَزيفِنا / الأسْمَنْتُ في أقفاصِنا
الصَّدْرِيَّةِ/ وَنَحْنُ نَعيشُ في الأقفاصِ/ والجرادُ يُحَلِّلُ مَشَاعِرَ
ضَابِطِ الْمُخَابَرَاتِ الذي اكتشفَ خِيانةَ زَوْجَتِهِ /
مَا لَوْنُ الوَرْدَةِ النَّائمةِ في حَنجرةِ
السَّمَكةِ / أيُّها البَحْرُ المقتولُ في أمعائي البلاستيكِيَّةِ ؟ / طِفْلةٌ تَموتُ
على أغصانِ ثَلْجٍ أزرقَ/ يُولَدُ في أشلائِنا/ ويَمُوتُ في الكُوليرا/ كَانَ
الحمَامُ يَطيرُ بِلا أجنحةٍ/ وَكُنتُ أَطِيرُ بِلا ذِكرياتٍ / ضَاعَ سَريري وأنا
نائمٌ عَلَيْهِ / فَلا تَلُمْني يَا صَابُونَ غُرَفِ الفَنادقِ / إنَّ دَمي
أسْفَلْتُ الحنينِ إلى اللاشَيْءِ/فَهَل يَعْرِفُ الأعمَى لَوْنَ قَميصِ النَّوْمِ
لِزَوْجَتِهِ؟/ لا تَجْرَح الجريحةَ/ وَلا تَقْتُل القَتيلةَ / وَلا تَخُن امْرَأةً
خَانَتْها سَنابلُ المقبرةِ /
أرجوكَ أيُّها الوَهْمُ اللذيذُ/ لا تَحْرِقْني
بالذِّكرياتِ / أجفانُ الصَّبايا مَزرعةٌ للمارِيجوانا / وعُشْبُ المدافِنِ يَنمو
في حِكَاياتِ الغُرباءِ / يا عَشيقتي الأحزان / كَيْفَ تَعَلَّمْنا الخِيَانةَ في
مَمالكِ السُّلِّ ؟ / أتجوَّلُ في صَحاري الشَّفقِ الجليدِيَّةِ / بَاحثاً عَن
دَمِ البُحَيرةِ المهدورِ / وشَرَفِ الرِّمالِ الْمُتَحَرِّكةِ / ضَوْءُ القَمَرِ
يُنَقِّي حِبْرَ المشانقِ مِن أشجارِ المدافِنِ/ وَقَلْبي كالبِطِّيخةِ لا
تُعْرَفُ حَلاوَتُهُ إِلا إِذا غُرِسَتْ فِيهِ السِّكِّين / اعتزَلَ الشَّاطِئُ
الحياةَ السِّياسِيَّةَ حِدَادَاً عَلى مَقْتَلِ البَحْرِ / والفُقَراءُ
يَحْمِلُونَ عَلى ظُهُورِهِم جُثمانَ البَحْرِ/ ويَبْحَثُونَ في سِلالِ القُمامةِ
عَن الْخُبْزِ وجَمَاجِمِ آبائِهِم / نَعْجَةٌ تُسَاقُ إلى ثَلاجةِ الموتى/ التي
نَسِيَ الأطفالُ فِيها الشُّوكولاتةَ وماتوا / ونُهودُ الرَّاهباتِ مَفروشةٌ عَلى
خَشَبَةِ المذْبَحِ/ والناسُ يَرْقُصُونَ في عُرْسِ ابْنِ الخليفةِ / جَسَدُ
النَّهْرِ مَدْفُونٌ في جُثمانِ زَوْجَتِهِ / وَقَلْبي مُشَرَّدٌ في أزِقَّةِ
المرفأ/ ورَاعي الغَنَمِ صَارَ عَازِفَ بيانو/ وَتَحَوَّلَتْ رَاقِصَةُ البَاليه
إلى ضَابِطَةِ مُخَابَرَاتٍ/
في ذَلِكَ الكُوخِ المحروقِ بِذِكرياتِ
الأراملِ / قِيثارةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ عَلى الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ / والرِّيحُ
تَعْزِفُ عَلى البيانو المهجورِ في مَملكةِ الجثامين / يَا ضَوْءَاً يَصْعَدُ فَوْقَ
حَطَبِ الذِّكرياتِ الأخضرِ / جُرحي أوَّلُ حِكَاياتِ الخريفِ/ وآخِرُ طَريقِ
المِلْحِ في دَمْعِ اليَتامى / فَقِفْ أيُّها الوَهْمُ في مُنْتَصَفِ عُروقي / كَي
يَلْتَقِمَ الرَّمْلُ ثَدْيَ الصَّحراءِ /
الليلُ مَحْرَقَةُ العُشَّاقِ / والموْجُ يَتَدَرَّبُ
عَلى زِراعةِ الجوَّافةِ تَحْتَ أظافري / وَالثلجُ يَرْمي عَلى رُقعةِ
الشِّطْرَنجِ جَمَاجِمَ الملوكِ / والقِطَطُ العَمْياءُ تَنامُ عَلى الأثاثِ
الْمُسْتَعْمَلِ الْمُغَلَّفِ بالأكفانِ الْمُسْتَعْمَلَةِ / قُرْبَ مَوْقَدةِ
الشِّتاءِ وذَاكرةِ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ/ والملِكاتُ السَّبايا يَغْسِلْنَ الصُّحونَ
في سُفُنِ القَراصنةِ /
يَا أيُّها النَّسْرُ الذي يُضَاجِعُ جُثةَ
البُحَيرةِ / مَتَى تَشْرَبُ الرِّيحُ الشَّتَوِيَّةُ حَليبَ البُحَيرةِ المخلوطَ
بالسِّيانيدِ ؟/ أضعتُ عُمُري في الأرَقِ/ وَحْدَها مُضَادَّاتُ الاكتئابِ تَنامُ
في سَريرِ الأعاصيرِ/ فيا أيَّتها اللبُؤةُ الْمُحَاصَرَةُ بَيْنَ الْحُبُوبِ
الْمُنَوِّمَةِ وحُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ / تِلالُ أشلائي سِيركُ الثعالبِ /
وحَقائبُ الملِكَاتِ مِن جُلُودِ البَشَرِ / أرى كَلْباً بُوليسِيَّاً يَأكلُ
جُثمانَ الشَّاطئِ / لكنَّ تابوتي يَنْثُرُهُ الذبابُ في صُحونِ المطبخِ /
أيَّتُها العَوَانِسُ الْمُحَنَّطاتُ في جِرْذَانِ المِكياجِ / إِنَّ
المساءَ يُزَيِّنُ جُثتي بالأوسمةِ العَسكرِيَّةِ / أُفَصِّلُ مِن قُضبانِ سِجْني
قَميصاً لِسَجَّاني / وألواحُ صَدْري هِيَ نُعُوشٌ للمَطَرِ الآتي مِن جُثةِ
أُمِّي / نَقتسِمُ حِبَالَ الغسيلِ مَعَ القَراصنةِ / كَي تَتَّسِعَ الجِنازةُ
لِكُلِّ طُيورِ البَحْرِ / أُزَيِّنُ تَابوتَ البَحْرِ بالوُرودِ الحمْرَاءِ /
فأنسَى شَكْلَ دَمي الأخضرِ /
يَا أُمَّنَا التي
تَلِدُنا وَتَئِدُنا / أَحْمِلُ نَخلةَ الدِّيناميتِ عَلى ظَهْري / والأبقارُ
النَّحيلةُ تَجُرُّ جَثامينَ الجنودِ المجهولين / أيْنَ الطريقُ إلى بُرتقالةِ
المذْبَحةِ ؟ / الرَّصيفُ امْرَأةٌ مَسْحُوقةٌ في أحضانِ زَوْجٍ تَكْرَهُهُ /
والتِّلالُ الغريبةُ اكْتَشَفَت الْحُبَّ بَعْدَ وَفَاةِ قَلْبِها / شَجَرَةٌ يَغْتَصِبُها
الطوفانُ تُطِلُّ عَلى ضَريحي / فيا أيَّتُها الزِّنزانةُ الانفرادِيَّةُ /
الذِّكرياتُ وَحيدةٌ مِثْلُكِ / يَا أُختي السَّجَّانة / أنا أُعَاني مِنَ الفَراغِ
العَاطفِيِّ مِثْلُكِ / وَقَميصُ النَّوْمِ مَنْسِيٌّ عَلى فِرَاشِ الموْتِ/
بَلاطُ الزَّنازينِ في شَهيقي / وَبَلاطُ صَالَةِ الرَّقْصِ في زَفيري / وأنا
الْمُهَاجِرُ مِن رِئتي / وَبَيْنَ الرِّئَتَيْنِ سِكَّةُ حَديدٍ / لكنَّ
القِطَارَ لا يَأتي /
تِلْكَ العُيونُ الخائفةُ وَراءَ نوافذِ
الشِّتاءِ / الأجسادُ الْمُتْعَبَةُ بَيْنَ شُرُفَاتِ الخريفِ وأسْمَنْتِ
الذِّكرياتِ / وَدِمَاءُ كِلابِ الحِرَاسَةِ هِيَ شَرايينُ الرِّياحِ / وَخُدُودُ
الصَّبايا رَصيفٌ جَديدٌ لِمِيناءِ الوَداعِ / وشَوارعُ الغَثَيَانِ تَفْصِلُ
بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمي /
الشَّجرةُ الوَحيدةُ في المقابرِ
الجماعِيَّةِ هِيَ شَاهِدُ قَبْرٍ للنَّهْرِ الجريحِ / والفَراشةُ الوَحيدةُ في
مُعَسْكَرَاتِ الاعتقالِ هِيَ تُفَّاحةُ الذِّكرياتِ/ يَحْمِلُ الأطفالُ جُثَثَ
آبائِهِم / وَيَرْكُضُونَ نَحْوَ مَناديلِ الوَدَاعِ التي تَغْرَقُ في البَحْرِ /
نَرْسُمُ صُوَرَ أُمَّهَاتِنا بَيْنَ الْخَنَاجِرِ والْحَنَاجِرِ / عُودِي أخضرُ
لَكِنِّي أحترِقُ / سُدُودُ بِلادي خَالِيةٌ إِلا مِن دِمائي وَحَليبِ السَّنابلِ
/ فيا أيَّتها الغُيومُ الخضراءُ التي تُولَدُ في دِمَاءِ الشَّفَقِ / وتَموتُ في
عَرَقِ قَوْسِ قُزَحَ / لا تَقْتُلي النَّهْرَ السَّائِرَ في جِنازتي /
خُذي احتضاري يا سَنَابِلَ بِلادي تِذْكاراً
للحُبِّ الضَّائعِ / واتْرُكي الكَرَزَ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / كُونوا
رُومانسِيِّينَ عِندَما تَخُونُوني / حَتَّى تُولَدَ الذِّكرياتُ في أسنانِ المطرِ
/ قَناديلُ الموْتِ مُعَلَّقَةٌ في سَقْفِ حَلْقي / والنَّهْرُ لا يَقْدِرُ أن
يَنامَ في أحضاني بِلا حُبُوبٍ مُنَوِّمَةٍ /
يا شُطآنَ اليَاقُوتِ / اكْرَهِيني / إنَّ
قَلْبي ماتَ / لا تَذْهَبْ يَا شَجَرَ الأمطارِ إِلى مَنَامِي / كَسَرَ الشَّفَقُ
رُموشي / أنا الرَّسُولُ والرِّسَالَةُ بَعْدَ انتحارِ سَاعِي البَريدِ / مَاتَ
عُشْبُ المقابرِ بالسُّمِّ / والليلُ يُشَرِّحُ جُثمانَ الصَّحراءِ / مَاتَ رَمْلُ
البَحْرِ بَعْدَ جُرْعَةٍ زَائدةٍ مِنَ الذِّكرياتِ / ويُنَقِّبُ الغُزاةُ في
نُهُودِ نِسَائِهِم عَنِ النِّفْطِ /
وُلِدْتُ
في مُدُنِ الموْتِ / والموْتُ سَوْفَ يَمُوتُ / ذَلِكَ الرَّصيفُ عَلَيْهِ دُموعُ
الرَّاهباتِ المنثورةُ في رَصاصِ الحِكَاياتِ / كَأرقامِ الضَّحايا / كَأرقامِ الزَّنازين
/ كَأرقامِ السَّبايا / كَأرقامِ السَّيَّاراتِ الدُّبْلُومَاسِيَّةِ / كَأرقامِ
الأوسمةِ العَسْكَرِيَّةِ للجنودِ الهارِبِين /
يَا تَابُوتَ الأمطارِ تَحْتَ السُّيوفِ
الصَّدِئَةِ / ابْتَعِدْ عَن صُراخِ الغاباتِ في أوْرِدتي / اغْسِلْني أيُّها
المساءُ بالانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ/ كَي أنقَلِبَ عَلى قَلبي / وأحْكُمَ دَوْلَةَ
شَراييني بالذِّكرياتِ والدُّموعِ / ارْحَمِيني يا أنقاضَ جِلْدي/ كَي أبْحَثَ
عَمَّن يُكَفِّنُني بِجُلُودِ النُّسورِ العَاجِزَةِ جِنسِيَّاً / يَحْمِلُ
الخريفُ عَلى رُمُوشِهِ نَزيفَ الأدغالِ الشَّمْعِيَّةِ / وَدِمَاءُ الملوكِ
تُعَبِّدُ الطريقَ إلى الذِّكرياتِ الْمُوحِشَةِ والمرافِئِ الْمُتَوَحِّشَةِ /
لَسْتُ خَائناً / لَكِنِّي لَن أُصَافِحَ النَّهْرَ / لأنَّ يَدَيْهِ
مُلَطَّخَتَانِ بِدَمِ البَحْرِ /
أيُّها النَّسْرُ الجريحُ / اذْهَبْ مَعَ زَوْجَتِكَ
إلى حَفْلَةِ الرَّقْصِ / وَاتْرُك الرَّاعي للوَسْوَاسِ القَهْرِيِّ / سَتَنْزِفُ
الأغنامُ حَنِيناً حتَّى الموْتِ / وأنا أَمُوتُ بَيْنَ مَشَانِقِ الكَرَزِ / لِي
سِيَادةُ صَحاري القِرْمِيدِ عَلى ذِكْرَياتِ الإِوَزِّ / يُخْبِرُني قَوْسُ
قُزَحَ أنَّهُ يُحِبُّني / لَكِنَّهُ يُحِبُّ مِشْنقتي أكثرَ / يُخْبِرُني
الصَّقيعُ أنَّهُ يَعْشَقُ زِنزانتي الانفرادِيَّةَ / يُحِبُّونني وأكْرَهُ نفْسي
/ يَبْحَثُونَ عَنِّي وأهْرُبُ مِن نفْسي / يُريدُونني حَيَّاً كَي يُحَنِّطُوا
ذِكرياتي / وأُريدُ رَمْلَ البَحْرِ مَيْتاً / كَي أُزَوِّجَ البُحَيرةَ لِخَفْرِ
السَّواحِلِ / أسْمَعُ حِجَارةَ النَّيازكِ تُنادِيني / مِزَاجُ قَاتِلي
مُتَعَكِّرٌ / والأطفالُ يَحْفَظُونَ أرقامَ الضَّحايا في حِصَّةِ الرِّياضِيَّاتِ
/
يُخَطِّطُ المساءُ لاغتيالي في الفَجْرِ
الكاذبِ / أكفاني مُسْتَوْرَدَةٌ / لَكِنِّي أدْعَمُ الصِّناعةَ الوَطنيةَ / فيا
أيَّتُها الجرادةُ / إنَّ رَبطةَ العُنُقِ لِزَوْجِكِ هِيَ حَبْلُ مِشْنَقَتِكِ /
أنتِ رُومانسِيَّةٌ / لَكِنَّ مَلَكَ الموْتِ سَيُنْهِي رُومانسِيَّةَ السَّرابِ /
ولا حَقيقةَ إلا الموْت /
أطْعَمْتُ للعَاصِفةِ ظِلالَ الكِلابِ
البُوليسِيَّةِ / أحتاجُ نَهْراً يَكْسِرُ عُقَدي النَّفسِيَّةَ بالمِطْرَقةِ /
أنشأتُ عَائلةً مِن رِمَالِ البَحْرِ/ يَكْرَهُني عِشْقُ السَّنابلِ / والوَحْلُ
يُمارِسُ الجِنسَ معَ أسماكِ الغروبِ/ يَنكسِرُ الألَمُ كأدغالِ الحِبْرِ في آخِرِ
الشِّتاءِ / والرِّيحُ تُدَافِعُ عَن بُكاءِ القَمَرِ / نَزيفي سُوبر ماركت
للضِّباعِ / ودَمْعي مُرَصَّعٌ بأوسمةِ القَادَةِ المهزومين / يُحِبُّونني في
الليلُ / ويَغتالونني في الصَّباحِ / والبُحَيرةُ لا تُريدُ أن تُحِبَّ ولا
تُحَبَّ / أحالَ المسَاءُ قَلبي عَلى التَّقَاعُدِ / وَالذِّكرياتُ تَخُوضُ في كَبِدي
حَرْباً أهْلِيَّةً / نَبَشْتُ قَبْرَ البُحَيرةِ / شَرَّحْتُ جُثةَ البَحْرِ /
والنِّساءُ يَنْشُرْنَ عَلى حَبْلِ الغسيلِ جَمَاجِمَ الصُّقورِ العاجِزةِ
جِنسِيَّاً /
في ذَلِكَ الكُوخِ الْمُحْتَرِقِ جَرادةٌ تَتَعَلَّمُ
سِبَاحَةَ الفَرَاشةِ / أُصَافِحُ الأشجارَ السَّائِرَةَ في جِنازتي / لا أُحِبُّ
أن أرى أحَداً/ ولا أُحِبُّ أن يَرَاني أحَدٌ/اكْتَشَفْتُ تَابوتَ الليْمُونِ
بَيْنَ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ والْحُبُوبِ الْمُنَوِّمَةِ / فَاسْألْ ذَلِكَ
الجنون / لِمَاذا تَمُوتُ البُحَيراتُ في السُّجونِ ؟ /
يَتَزَيَّنُ النَّهْرُ للصَّدى /
وأرْمَلَتُهُ تَتَزَيَّنُ لِحَفَّارِ القُبورِ / يا شَاطِئاً يُولَدُ في جُفوني /
ويَموتُ في دُموعي / كَيْفَ أُصَادِقُ ضَبَابَ الموانِئِ / وَقَد كَسَرَ الخريفُ
أظافرَ البَحْرِ ؟/ خَانتني
المزهرِيَّاتُ في الحِكَاياتِ / وبَيْنَ أصابعي تَنهمِرُ نُعوشُ الفَراشاتِ / يَتَقَلَّبُ
الليلُ في فِرَاشِهِ / وتَتقلَّبُ الصَّحاري في فِرَاشي / والخريفُ مُصَابٌ
بالأرَقِ الشَّتَوِيِّ / وَداعاً يا ضَوْءَ الشِّتاءِ الغامِضَ / أحزاني خَالِيةٌ مِنَ
الكولسترول / أُنَقِّبُ في دِمَاءِ المجرَّاتِ عَن عَرَقِ النَّيازكِ / فَيَا
حُزْنَ الأدغالِ في أغاني الأسْرَى / أيُّها القاتلُ المأجورُ في أعصابِ الموْجِ/
يَكتبُ البَجَعُ عَلى شَوَاهِدِ قُبورِ الغَيْمِ دَرْسَ الرِّياضِيَّاتِ / أضحكُ
وأنا أُسَاقُ إلى المِشْنقةِ / أسماكُ القِرْشِ في حَنْجَرتي / ورَمْلُ البَحْرِ
هُوَ مَتْحَفُ البَحَّارةِ الغَرْقَى /
أحتفِلُ مَعَ سَجَّاني بِعِيدِ مِيلادي /
ويَحتفِلُ المساءُ مَعَ زِنزانتي الانفرادِيَّةِ بِعِيدِ الاستقلالِ / استقلالِ
دِمَاءِ الضَّحايا عَن قَوْسِ قُزَحَ / فَيَا أيَّتُها اليَتيماتُ تَحْتَ الرَّاياتِ
الْمُنَكَّسَةِ / لا أُريدُ أطفالاً أُوَرِّثُهم عُقَدي النَّفْسِيَّةَ / وَيُوَرِّثُوني
عِشْقَ الطرقاتِ الخائنةِ / لا مَجْدَ لِي بَعْدَ انتحارِ البَحْرِ سِوى الزَّبَدِ
/ سَأضَعُ جُثماني في حَقيبةِ السَّفَرِ وأرْحَلُ / سَأضَعُ جُثَثَ الأطفالِ في
حَقائِبِهِم المدرسِيَّةِ / وأُعَلِّمُهُم جَدْوَلَ الضَّرْبِ كَي يَحْسِبُوا
الْجُثَثَ المجهولةَ الْهُوِيَّة/أُحِبُّ الصَّحراءَ كَي أخْدَعَ السَّرابَ/ وأنا
السَّرابُ/أُحِبُّ مِن أجْلِ الذِّكرياتِ لا الْحُبِّ/والرِّيحُ تُشَاهِدُ دَمي
الأخضرَ في الشَّايِ الأخضرِ/
لَم تَتْرُك الذاكرةُ للذِّكرياتِ غَيْرَ
بُرتقالٍ / يُولَدُ في التَّوابيتِ العَسكرِيَّةِ / دَخَلْتُ في وَحشةِ
اليَاسَمين/وأشلاءُ اليَتامى دَخَلَتْ في دُموعِ البُرتقالِ مَلِكَاً مَخلُوعاً/
أزرعُ أظافري في الغَيْمِ وأخْلَعُهَا/ وألواحُ صَدْري كُوخٌ مَهجورٌ / وَكُرَيَاتُ
دَمي بَراميلُ بَارُودٍ مَغْشُوشٍ /
أتبَرَّعُ
للبُحَيرةِ بِقَلْبي / فاعْشَقِي رَجُلاً غَيْري أيَّتُها الذبابةُ الْمُحَنَّطَةُ
في الكَهْرمانِ / صُراخُ الليلِ الذي يَغْرَقُ في البُحَيراتِ / يُمَزِّقُ
مَمَالِكَ الصَّدى / خَرَجْتُ مِنَ الاكتئابِ / وَدَخَلْتُ في الوَسْوَاسِ
القَهْرِيِّ / فَمَا فَائِدَةُ انتظارِ الرُّومانسِيَّةِ وَمَلَكُ الموْتِ لا يَنتظِرُ
أحَداً ؟ / هَل يَقْدِرُ المحكومُ بالإِعدامِ أن يُفَكِّرَ في أُنوثةِ ابنةِ الجِيرانِ
؟ / هَل تَقْدِرُ المحكومةُ بالإِعدامِ أن تُخَطِّطَ لِخِيَانةِ زَوْجِها ؟ /
صَارَتْ جَمَاجِمُ الضَّحايا هَدايا تِذْكَارِيَّةً
/ قَلِيلٌ مِنَ الْحُبِّ / كَثيرٌ مِن حُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ / أنا مَتْحَفُ
أعشابِ المدافِنِ / أنا مَملكةُ الصَّدى / والصَّوْتُ يَغْسِلُ مَساميرَ نَعْشي / قَلْبي
حَجَرُ نَرْدٍ تَتقاتَلُ عَلَيْهِ الصَّدَماتُ العاطفِيَّةُ / وأنا المنبوذُ /
أبحثُ عَن مَجْدٍ زَائلٍ /
في كُلِّ المنافي / أحْمِلُ جُمْجُمتي في
حَقيبةِ السَّفَرِ / أنا أُحِبُّ لأتَعَذَّبَ / أستمتِعُ بالعَذابِ في مَرَافئِ
اللازَوَرْدِ / تَعَوَّدَ جِلْدُ الموانِئِ عَلى الأرَقِ/ ولا يَقْدِرُ أن يَعيشَ
بِدُونِهِ/ سَامِحِي حُقولَ البَارودِ أيَّتُها الْحُبُوبُ الْمُنَوِّمَةُ/ نَثَرَ
الغَسَقُ رُموشَ الفَتَيَاتِ عَلى نِصَالِ المقاصلِ / التي يُلَمِّعُهَا عَرَقُ
النَّوارسِ/ مَشغولٌ أنا بِتَرْتِيبِ أشلائي في مَعِدَةِ الأمواجِ / والعَواصفُ
مَشغولةٌ بِتَرْتِيبِ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ عَلى رُقعةِ الشِّطْرَنجِ /
ونَبَضَاتُ قَلبي تُزْعِجُ قِطَطَ الشَّوارعِ /
في أمْعَاءِ الشَّفَقِ / سَقَطَتْ الأقنعةُ
عَن وَجْهِ البُرتقالِ / وصَارَ التُّفاحُ يَنمو عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ / مَاتتْ
أطيافُنا في مَجزرةِ الْحُلْمِ / والنَّعناعُ يَنْبُتُ في مَجَازِرِنا بَعْدَ
غِيَابِنا / وأبجدِيَّةُ المطرِ تَغتصِبُ قَارورةَ الحِبْرِ / وَالحشَرَاتُ
البلاستيكِيَّةُ تَأكلُ جُثمانَ الرِّياحِ / وُجوهُ النِّساءِ الرَّاحِلاتِ عَلى
نَوافِذِ القِطَاراتِ/وجَسَدي أُغْنِيَةٌ للمَوْتَى السَّائرينَ عَلى قَميصِ
الأمطارِ/ أحْمِلُ قَلْباً قَاتِلاً بَيْنَ ضُلوعي / وَشَراييني طَوَابِعُ بَريدٍ
تِذْكَارِيَّةٌ في قَاعِ الْمُسْتَنْقَعِ / مَشَيْنا إلى جُثمانِ البُحَيرةِ في
لَيْلَةِ الانقلابِ العَسكريِّ / وَالذِّكرياتُ تُرَوِّضُ سُعالي في شِتاء الْمُدُنِ
البَاكِيَةِ / لا أقْدِرُ أن أنامَ/ لأنَّ
الدَّلافِينَ تَسْبَحُ دِمَاءِ النَّيازكِ / ودُودةُ القَزِّ تُصَمِّمُ مِشْنقتي
تَحْتَ المطَرِ الوَرْدِيِّ / مَاتَ الوَطَنُ في الأغاني الوَطَنِيَّةِ / لا أثِقُ
بِحُرَّاسي الشَّخْصِيِّينَ / لأنَّ الموْتَ هُوَ حَارِسي الشَّخْصِيُّ / لا
تَسْهَرْ عَلى رَاحتي يا سَجَّاني / رُومانسِيَّةُ البَحْرِ وَسَّعْتُها بِجُرُوحي
/ ذَهَبَت المرأةُ الغامضةُ إلى الانتحارِ / وَبَقِيَ حَبْلُ الغسيلِ عَلى سَطْحِ
الدُّموعِ الخضراءِ / يَتيمٌ أنا / لَكِنَّ الموْتَ أبي الرُّوحِيُّ / وَحْدي في
المعركةِ / أتسلَّحُ بِذِكرياتِ الطفولةِ وجَدائلِ أُمِّي وعُكَّازةِ أبي/ خَانني
جِلْدي / وَهَرَبَتْ جُيوشُ الفَرَاغِ مِن
حَرْبِ الصَّوْتِ والصَّدى
/ فَاتْرُكُوني أحْتَفِلْ وَحيداً بِعِيدِ استقلالِ الضَّبابِ عَن أشلائي /
أيَّتُها الشَّمْسُ الْمُزَيَّفَةُ / أحضانُ
زَوْجِكِ مَقبرةٌ لَكِ / فاحْفَظِي رَقْمَ ضَريحِكِ تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ التي
تُضِيءُ مُسْتَنْقَعَاتِ الْحُلْمِ / قَدَري أن أموتَ آلافَ المرَّاتِ في صَحْرَاءٍ
بِلا شَمْسٍ / جَسَدي هُوَ القَاتِلُ/ وقَلْبي هُوَ الضَّحِيَّةُ/ وثُقوبُ جِلْدي
هِيَ خَشَبَةُ المسْرَحِ / فَاعْتَقِلْني أيُّها النَّهْرُ / نَحْنُ شَريكانِ في
زِنزانةٍ وَاحدةٍ / نَذهبُ إلى الانطفاءِ مَعَاً / ونُولَدُ في أشلاءِ الفَيَضَانِ
مَعَاً /
أنا الوَصِيُّ عَلى عَرْشِ الأنقاضِ / لا
تَاجَ إِلا حُفْرَتي / وتِيجانُ الملوكِ تَتَسَاقَطُ في حُفَرِ المجاري / كُن
أيُّها العِشْقُ شَوْكَةً في حَلْقِ الأمواجِ / كَي أَخُونَ رُموشي مَعَ ظِلالِ
القَتيلاتِ / سَيأتي الانتحارُ في عَرَبَاتِ الأطفالِ / والغُبارُ يُرَتِّبُ
الحقائبَ المدرسِيَّةَ الفارغةَ في العَرَبَاتِ العَسكرِيَّةِ / أحْمِلُ في
شَراييني نَهْرَاً مُتَوَحِّشَاً / فَافْتَرِسْني أو لا تَفْتَرِسْني / سَيَأْتي
الموْتُ مِن كُلِّ الجِهَاتِ / وَالرِّيحُ تَسْكُبُ حَليبَ النِّساءِ في قَارُورةِ
الحِبْرِ في المساءِ الرَّهيبِ / وَرَاياتُ القَبائلِ مَنقوعةٌ في بَراميلِ
النِّفْطِ /
القَتْلُ مُتعةُ الثلوجِ عَلى قِرْمِيدِ
كُوخي / والعُشَّاقُ يُرَاقِبُونَ غَابةَ الكَهْرَمانِ أثناءَ احتراقِها
بالذِّكرياتِ وطُفولةِ بَناتِ آوَى / الجسَدُ الغاطِسُ في فِرَاشِ الموْتِ / وَلَن
يَقْدِرَ الوِيسكي عَلى إزالةِ سَكَرَاتِ الموْتِ /
خُذْني يا ضَوْءَ القَمَرِ خَاتَمَاً في إصْبَعِكَ / هَذا مَوْسِمُ تَزَاوُجِ
الأعاصيرِ في جَدائلِ بَنَاتِ أفكاري / وَشَوَاهِدُ القُبورِ مُعَلَّقَةٌ
كالمصابيحِ في سَقْفِ حَلْقي/ فَكَيْفَ أعترِفُ بِحُبِّي أمامَ تِلالِ المساءِ ؟ /
كَيْفَ تَعترِفُ الرَّاهباتُ بِحُبُوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ أمامَ خَشَبَةِ المذْبَحِ
؟ /
أُحِبُّكِ أيَّتُها العانِسُ الآتِيَةُ مِن
غَاباتِ الدَّمْعِ / الذاهبةُ إلى فُحولةِ حَبْلِ مِشْنقتي / دِمَاءٌ مَلَكِيَّةٌ
في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / وخُدودُ البُحَيرةِ بَلاطٌ مَنْسِيٌّ في
زِنزانةِ الخريفِ / وطُيورُ البَحْرِ تَصْقُلُ شَوَاهِدَ القُبورِ / وَجِلْدي
رُخامٌ صَقَلَتْهُ الطيورُ الجارِحَةُ / حَضَنْتُ جُثةَ الغَيْمِ / وَكَانت رِمَالُ
البَحْرِ تَنامُ عَلى فِرَاشِ الموْتِ/ أنا الموْتُ القَادِمُ مِن شَرايينِ اللوْزِ/
يَمُوتُ الجنودُ في مَعركةِ الوَهْمِ مِن أجْلِ الرَّاتِبِ الشَّهْرِيِّ /
وَجَيْشُ السَّبايا يُقَاتِلُ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ بَعْدَ دَفْنِ الرِّجالِ
/ والْمُهَرِّجُ مِثْلُ حَفَّارِ القُبورِ / كِلاهُما يَنتظِرُ الرَّاتِبَ
الشَّهْرِيَّ / والعَواصفُ تَحْرُسُ الصَّدى بَعْدَ اغتيالِ الصَّوْتِ / والطغاةُ
لا يَتَقَاعَدُون / وَأميراتُ الحيْضِ لا يَعْرِفْنَ سِنَّ اليَأْسِ /
خَلْفَ ضَوْءِ جِنازةِ النَّوَارِسِ / تَسيرُ
الرَّاهباتُ اللواتي يَصْلُبْنَ الصَّليبَ على الصَّليبِ / وَالذِّئابُ البلاستيكِيَّةُ
تَحْمِلُ عَلى ظُهُورِهَا جِنازةَ الرَّاهباتِ الغارقاتِ في دَمِ الحيْضِ/ أَحتاجُ
إلى شمسٍ تُولَدُ مِن عِظامي / وتموتُ في أحضانِ الموْجِ / وتُفَكِّكُ عُقدي النَّفْسِيَّةَ
بِحَبْلِ مِشْنقتي الرُّومانسِيَّةِ .